رئيسة وزراء بريطانيا قد تعود من بروكسل «خاوية اليدين»

دول التكتل ترفض إعادة التفاوض مع لندن

ميشال بارنييه (يمين) وجان كلود يونكر يصران على أن يبقى الاتفاق بدون تعديل (رويترز)
ميشال بارنييه (يمين) وجان كلود يونكر يصران على أن يبقى الاتفاق بدون تعديل (رويترز)
TT

رئيسة وزراء بريطانيا قد تعود من بروكسل «خاوية اليدين»

ميشال بارنييه (يمين) وجان كلود يونكر يصران على أن يبقى الاتفاق بدون تعديل (رويترز)
ميشال بارنييه (يمين) وجان كلود يونكر يصران على أن يبقى الاتفاق بدون تعديل (رويترز)

المواقف الأوروبية التي صدرت حتى الآن أظهرت وحدة الصف والتمسك بالاتفاق الذي جرى التوقيع عليه في نوفمبر (تشرين الثاني) مع لندن حول تنظيم انسحاب بريطانيا من عضوية الاتحاد الأوروبي. على هامش نقاش داخل البرلمان الأوروبي في بروكسل حول قرار البرلمان البريطاني تكليف رئيسة الحكومة تيريزا ماي بالعودة للتفاوض مع بروكسل لتعديل بعض بنود الاتفاق، إلا أن معظم المراقبين يقولون إنها لن تحصل على شيء وستعود إلى برلمانها «خاوية اليدين». وقال ميشال بارنييه، كبير المفاوضين الأوروبيين: «ما أستطيع تأكيده الآن هو أن مؤسسات الاتحاد الأوروبي متحدة، وتتمسك بالاتفاق الذي جرى التوصل إليه من قبل مع بريطانيا».
من جانبه، قال غي فيرهوفستاد، ممثل البرلمان الأوروبي في المفاوضات مع بريطانيا: «رسالتنا ستكون واضحة، وتتكون من جزأين، الأول أن الوقت قد حان لكي يتقدم البريطانيون بمقترح حول رؤيتهم للعلاقات المستقبلية، وأن يتجاوزوا الخلافات الحزبية، ويكون لهم موقف واضح ونهائي. والجزء الثاني هو أننا لن ندمر أسواقنا الداخلية، لأنها مهمة للاقتصاد والشركات الأوروبية، وفي نفس الوقت لن نتخلى عن أصدقائنا في شرق أوروبا».
وقد طلب مشرعون بريطانيون من رئيسة الوزراء إعادة فتح معاهدة الخروج من الاتحاد الأوروبي، من أجل إدخال تعديلات على ترتيب مثير للجدل يتعلق بالحدود الآيرلندية. وبعد أسبوعين من رفض البرلمان للاتفاق الذي طرحته ماي للخروج من الاتحاد الأوروبي بأغلبية ساحقة، أيّد الثلاثاء اقتراحاً يقضي بعودة ماي إلى بروكسل بتفويض أقوى سعياً لتعديلات يرجح بدرجة أكبر أن تلقى تأييده. وفي الوقت ذاته كان هناك رفض لاقتراح يفتح للبرلمان سبيلاً لمنع الخروج من الاتحاد خروجاً فوضوياً دون اتفاق، وذلك من خلال دفع ماي لأن تطلب من بروكسل تأجيل الخروج، إن لم تستطع التوصل لاتفاق من خلال البرلمان. ومع بقاء شهرين فقط على الموعد المقرر لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي كما يقتضي القانون، يحث المستثمرون والحلفاء الحكومة على التوصل لاتفاق يتيح الخروج من الاتحاد خروجاً منظماً.
وبعد أسبوعين من رفض اتفاقها في أكبر هزيمة برلمانية في تاريخ بريطانيا الحديث، قالت ماي: «الليلة أوضحت أغلبية من الأعضاء الشرفاء أنها ستؤيد اتفاقاً بعد إدخال تعديلات على الترتيب الخاص بالحدود الآيرلندية». وأضافت: «من الواضح الآن أن هناك طريقاً يمكن أن يُؤمن أغلبية كبيرة وراسخة في المجلس تتيح الخروج من الاتحاد الأوروبي باتفاق». وقالت إنها ستسعى إلى «تغييرات ملزمة قانوناً». إلا أن بروكسل قالت مراراً إنها لا تريد إعادة فتح معاهدة وقّعها زعماء الاتحاد الأوروبي السبع والعشرون الآخرون.
وعقب التصويت البرلماني مباشرة، قال متحدث باسم رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك إن الترتيب الخاص بآيرلندا جزء من اتفاق الانسحاب، وليس مطروحاً للتفاوض، وهو موقف رددته أيضاً الحكومة الآيرلندية. وقالت وزيرة الشؤون الأوروبية في آيرلندا هيلين مكنتي: «هذا اتفاق جرى التفاوض عليه مع المملكة المتحدة، من خلال المملكة المتحدة، ووقعت عليه المملكة المتحدة ورئيسة الوزراء، ومع هذا يبدو الآن هذا المساء أن هناك نكوصاً وتراجعاً عن الالتزامات التي قُدمت». وقال مكتب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إنه لن تكون هناك إعادة تفاوض، وطالب باقتراح بريطاني «ذي مصداقية».
وبالتزامن، أعلن الاتحاد الأوروبي عزمه الاستمرار في دعم البرنامج الحالي الذي يعزز السلام والمصالحة بين شطري جزيرة آيرلندا، وذلك بغض النظر عن السيناريوهات الممكنة لشكل خروج بريطانيا. وحسب كثير من المراقبين، تعمل المؤسسات الأوروبية على تسريع تحضيراتها تحسباً لانسحاب بريطانيا دون اتفاق. وجدّد التكتل موقفه رفض إعادة التفاوض حول الاتفاق الموقع، بما في ذلك النقطة المخصصة لتفادي حدود فعلية بين شطري آيرلندا، وبالتالي لن تكون مهمة رئيسة الحكومة البريطانية سهلة إذا أرادت الحضور إلى بروكسل.
وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، قال ديفيد هليبورن، مدير مؤسسة شومان لخطط مستقبل المشروع الأوروبي، التي تتخذ من بروكسل مقراً لها: «ما تريده رئيسة الوزراء البريطانية والبرلمان البريطاني هو تحطيم القواعد والقوانين الأوروبية، وهذا الأمر لا يمكن أن يحدث، ولن توافق عليه الدول الـ27 الأخرى، وأنا شخصياً لا أثق في شيء يطلق عليه (الخطة ب) أو البديلة، لقد حصلت ماي على فرص سابقة للتشاور والتفاوض، ولم تحقق النجاح المطلوب».
وشدد رئيس الاتحاد الأوروبي دونالد توسك على أن «الاتفاق الموجود حالياً على الطاولة يعتبر أفضل وسيلة لتأمين انسحاب منظم لبريطانيا من الاتحاد». وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد أكد بدوره في تصريحات سابقة على عدم إمكانية إعادة التفاوض بشأن اتفاق «بريكست». وناقش البرلمان الأوروبي تطورات قضية «بريكست» مع رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر بعد ظهر أمس.
لكن يبدو أن الاتحاد الأوروبي منفتح بشأن علاقاته المستقبلية مع بريطانيا، شريطة ملاحظة تطور مهم في المواقف في لندن. وقد دعم سفراء الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي اقتراحاً يحدد لائحة قواعد تضمن استمرار برامج التعاون عبر الحدود بين آيرلندا الشمالية، وهي جزء من المملكة المتحدة، وبين جمهورية آيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي. وذلك في حال انسحاب بريطانيا من دون اتفاق. وتقوم المؤسسات الأوروبية بنشر لوائح تنظيمية واقتراحات في مجالات متعددة، مثل الصيد والنقل والطاقة، من أجل التحضير لانسحاب بريطاني دون التوصل إلى اتفاق. ومن المقرر أن تصبح بريطانيا دولة جارة للاتحاد بحلول 29 مارس (آذار) 2019، سواء تم التوصل إلى اتفاق أم لا.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.