مجلس أعلى لمكافحة الفساد في العراق

بالتزامن مع احتلاله المرتبة الـ168 عالمياً في مؤشر «الشفافية الدولية»

TT

مجلس أعلى لمكافحة الفساد في العراق

أصدر رئيس مجلس الوزراء العراقي، عادل عبد المهدي، أمراً بتشكيل المجلس الأعلى لمكافحة الفساد في العراق، بالتزامن مع حلول العراق في المرتبة السادسة عربياً والـ168 على مستوى العالم في مؤشر مدركات الفساد، الصادر عن منظمة «الشفافية الدولية».
ويرى عبد المهدي أن تأسيس مجلس مكافحة الفساد يأتي «تنفيذاً للبرنامج الحكومي الذي أعلناه، وإدراكاً منا لخطورة الفساد وتأثيره المدمر على العباد والبلاد، وامتثالاً لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وتعزيزاً لإجراءات مكافحة الفساد».
وطالب الجهات المعنية بـ«الإسراع في إكمال المنظومة القانونية لمكافحة الفساد، ودعوة مجلس النواب ومجلس الدولة لأخذ أدوارهما ومسؤولياتهما في هذا الشأن، من خلال استكمال الإجراءات لإصدار القوانين المقتضية، إلى جانب المطالبة بالالتزام الصارم بإفصاح المسؤولين المكلفين عن ممتلكاتهم، خلال مدة لا تتجاوز أسبوعاً واحداً». وشدد على ضرورة «التزام الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة بوضع برامج وخطط عمل لمدة 90 يوماً، لأبرز الأولويات للمشروعات الخدمية والإعمار، وتتولى الأجهزة الرقابية مهمة المتابعة والرصد».
واستناداً إلى نص الأمر الديواني الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، فإن المجلس يتألف من عضوين من مجلس القضاء الأعلى، ورئيسي ديوان الرقابة المالية الاتحادي وهيئة النزاهة، إضافة إلى ممثل عن مكاتب المفتشين العموميين، ومكتب رئيس الوزراء. ويشير الأمر إلى أن للمجلس 8 مهام، من بينها «إعداد استراتيجية وطنية لمكافحة الفساد ومتابعة تنفيذها، والإشراف على استكمال الأطر القانونية، وإعادة المنظومة التشريعية، وسد الثغرات التي ينفذ منها الفساد»، إضافة إلى «توحيد وتنسيق جهود مكافحة الفساد ودعمها».
وعن جدوى تشكيل مجلس مكافحة الفساد، ومدى تعارض عمله مع القوانين والمؤسسات الرقابية القائمة، يقول الرئيس السابق لهيئة النزاهة، القاضي رحيم العكيلي لـ«الشرق الأوسط»، إن «المجلس الأعلى لمكافحة الفساد هو صيغة تنسيقية غاية في الفاعلية، إذا تم التعاطي معه بإرادة سياسية مخلصة وجادة، ولا يتعارض مع القانون والدستور؛ بل يعزز أحكام النصوص الدستورية والقانونية وينفذ مراميها».
ورأى أن المجلس سيكون «الأساس والمرتكز لتقديم رئيس الوزراء دعمه للجهات الرقابية، ويقوي جانبها ويعضد إجراءاتها، وهو أداة لاتخاذ قرارات عليا تتفق عليها الجهات التنفيذية والرقابية، وتنفذها بالتعاون فيما بينها». وأشار إلى أن «اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، توجب على الدول إيجاد قنوات للتنسيق والدعم والتعاون بين الجهات التنفيذية والرقابية والقضائية فيها، وهذا ما يحققه المجلس الأعلى لمكافحة الفساد».
ولفت إلى أن «تجارب مكافحة الفساد الناجحة حول العالم حققها قادة سياسيون، حينما دعموا الجهات الرقابية، وتبنوا من جانبهم سياسات تنفيذية تعزز الشفافية، وترفع الغطاء عن كبار الفاسدين، وتقف بوجه محاولات الحماية السياسية لهم».
وأكد القيادي في «تحالف البناء» النائب علي الصجري، دعمه لتوجهات رئيس الوزراء في جهوده لمحاربة الفساد؛ لكنه تخوف من أن «يسلب» المجلس الأعلى لمكافحة الفساد الدور الرقابي للبرلمان. وقال الصجري في بيان، أمس، إنه «لا يمكن أن تكون الحكومة هي من تراقب أداءها وأداء وزاراتها والمؤسسات الأخرى»، مشدداً على ضرورة وجود «تنسيق عالٍ مع المؤسسة الرقابية الأولى الممثلة بالبرلمان، وأن يكون لها الدور الأساسي لمكافحة الفساد، بمساعدة ومساندة رئيس الوزراء، لبدء مرحلة جديدة يلمسها المواطن في مفاصل الدولة كافة».
وكشف عن عزمه التحرك «لإلغاء مكاتب المفتشين العموميين في جميع الوزارات والدوائر الحكومية؛ لأن غالبيتها مكاتب لتمرير صفقات الفساد وابتزاز الآخرين لكسب المال، والمتاجرة باسم الرقابة والنزاهة»، مؤكداً أن مشروع القانون لإلغاء مكاتب المفتشين «أصبح جاهزاً لدى لجنة النزاهة، وسيتم تقديمه مع استئناف جلسات مجلس النواب العراقي للفصل التشريعي الثاني».



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.