شد حبال في ربع الساعة الأخير قبل تشكيل الحكومة اللبنانية

خلافات بين «سنّة 8 آذار»... وإعادة نظر في توزيع الحقائب

TT

شد حبال في ربع الساعة الأخير قبل تشكيل الحكومة اللبنانية

يستمر شد الحبال بين الأطراف السياسية في ربع الساعة الأخيرة في مسعى من كل طرف لتحصيل أكبر مكسب ممكن من الحصص الوزارية، مع تأكيد الجميع أن إعلان تأليف الحكومة بات قريباً، وذلك بعد تذليل الجزء الأكبر من عقدة تمثيل «سنة 8 آذار».
وبات التركيز في هذه المرحلة على إعادة توزيع بعض الحقائب نتيجة مطالبة وزير الخارجية جبران باسيل بوزارة البيئة، وهو الأمر الذي يستدعي خلط الأوراق الوزارية، فيما برز خلاف حاد في صفوف «اللقاء التشاوري» حول اسم الوزير الذي سيمثلهم، وذلك بعدما سرّبت إليهم معلومات أن اتفاقاً حصل بين باسيل والنائب السابق عبد الرحيم مراد على توزير ابن الأخير، بحسب ما كشفت مصادر في 8 آذار لـ«الشرق الأوسط».
ونقل النواب عن رئيس البرلمان نبيه بري أمس قوله: «إن الاتصالات الجارية في شأن تشكيل الحكومة تتركز على نقطتين: الأولى حول كيفية تمثيل اللقاء التشاوري وليس على مبدأ التمثيل الذي تم الاتفاق عليه. أما النقطة الثانية فتتعلق ببعض اللمسات على بعض الحقائب وتبقى نقطة صغيرة تتعلق بأن ممثل اللقاء التشاوري الذي هو من حصة رئيس الجمهورية يمثل اللقاء، وإشكالية حول ما إذا كان يحضر اجتماع (كتلة لبنان القوي) أو اللقاء التشاوري».
وهذا الأمر أكّده كذلك عضو «التشاوري» النائب قاسم هاشم، الذي أقرّ في تصريح لـ«الشرق الأوسط» بالتباين بين أعضاء اللقاء، مشيراً إلى أن المباحثات الأخيرة تتركز حول «تموضع ممثل اللقاء في الشكل والمضمون».
من جهتها، حسمت مصادر في 8 آذار، مطلعة على المشاورات أن العقدة تتجه إلى الحل، في موازاة حث أعضاء «اللقاء التشاوري» على توحيد موقفهم، وأوضحت لـ«الشرق الأوسط» أن الوزير الذي سيمثل «التشاوري» سيكون ضمن حصة الرئيس عون على ألا يكون عضواً في كتلة «لبنان القوي» بل في «اللقاء التشاوري»، وإذا حصل خلاف بين عون واللقاء واستدعى الأمر تصويتاً يعود لمرجعيته الأساسية المتمثلة بـ«التشاوري»، وبالتالي إذا سلك هذا الحل طريقه تكون النتيجة عدم حصول أي طرف على «الثلث المعطل» في حكومة ثلاثينية.
ولفتت المصادر إلى أن أعضاء «اللقاء التشاوري» أعربوا في اجتماعهم أول من أمس مع «حزب الله» عن عتبهم على الحزب لدفعهم في البداية إلى رفع سقف المطالب ومن ثم عاد وحثّهم على القبول بأن يمثلهم وزير من خارج صفوفهم، حتى وصلوا اليوم إلى مرحلة ينقسمون فيها بين من يؤيد عثمان مجذوب، وبين من يدعم حسن مراد، ابن النائب عبد الرحيم مراد.
وتوضح المصادر أنه في حين يرفض الحريري توزير مراد، خصمه الأساسي في منطقة البقاع، حاول باسيل استبعاد مجذوب، مستشار النائب فيصل كرامي العضو في كتلة خصمه اللدود رئيس «تيار المردة»، الوزير السابق سليمان فرنجية، وكشف عن اتفاق بينه وبين النائب عبد الرحيم مراد الذي وعد بأن يكون ابنه وزيرا من حصة «لبنان القوي» وهو الأمر الذي اكتشفه لاحقاً أعضاء «التشاوري»، وأدى إلى خلافات حادة في صفوفهم. من هنا ترجح المعلومات أن كفة الميزان ستعود لتتجه إلى الاتفاق على مجذوب، بعد دخول أطراف عدّة على الخط للتوصل إلى حل.
وفيما يتعلق بتوزيع الحقائب، يبذل الحريري جهوده لحسم الموضوع، بإعطاء باسيل وزارة البيئة التي كانت وفق التوزيع الأخير من حصة الرئيس نبيه بري، وهو ما أدى إلى البحث عن حقيبة بديلة لبري. وخلافاً للمعلومات المتداولة، تؤكد المصادر أن الحريري لم يطلب من النائب السابق وليد جنبلاط التنازل عن «وزارة الصناعة» لصالح بري، الذي أكد بدوره أكد أنه لا يقبل أن يكون الحل على حساب جنبلاط. من هنا، يتم العمل الآن، وفق المصادر، على إجراء بعض التعديلات في التوزيع، بحيث يعطى بري وزارة السياحة ويحصل الأرمن على وزارة الإعلام.
وتكاد تجمع الأطراف المعنية بالتأليف التي تتكثف اتصالاتها ولقاءاتها في الساعات الأخيرة، على أن هذه الخلافات المتبقية قابلة للحل، وتتصرّف على أن الحكومة ستبصر النور قبل يوم السبت المقبل.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.