تونس: نقابات العمال تدعو لإضراب جديد في الوظيفة العمومية

السلطات تنفي «ضغوطات خارجية» وراء طلب رفع التجميد عن أملاك صهر بن علي

TT

تونس: نقابات العمال تدعو لإضراب جديد في الوظيفة العمومية

دعا الاتحاد العام التونسي للشغل، أمس، هياكله إلى الاستعداد لتنظيم إضراب عام في الوظيفة العمومية والقطاع العام، هو الثالث خلال أشهر قليلة، وذلك على خلفية أزمة الزيادات في الأجور مع الحكومة، حسبما أوردته وكالة الأنباء الألمانية أمس.
وكان الاتحاد قد حدد في وقت سابق يومي 20 و21 من فبراير (شباط) المقبل موعد الإضراب العام الثالث، بعد إضرابي 22 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، و17 يناير (كانون الثاني) الجاري، في ظل الفشل المستمر لمفاوضات الزيادة في أجور الوظيفة العمومية والقطاع العام.
وقال أمين عام الاتحاد نور الدين الطبوبي، عقب اجتماع المكتب التنفيذي للمنظمة النقابية، إن «الاتحاد لا يريد الإضراب من أجل الإضراب. لكن إذا اضطر إلى تنفيذ إضرابه القادم فهو مستعد لذلك في الجهات والقطاعات».
وتابع الطبوبي موضحا أن نجاح إضراب 17 يناير «يكشف العمق الشعبي للاتحاد العام التونسي للشغل، الذي يدافع عن السيادة الوطنية، وعن حق الشغالين في قطاع الوظيفة العمومية في الزيادات في الأجور، على غرار بقية القطاعات، كما يدافع عن العائلات المعوزة، وعن مطالب كل الفئات الشعبية».
وفيما قال الاتحاد إن مقترحات الحكومة لا تلبي الحد الأدنى من مطالب وتطلعات العمال والموظفين، في ظل الارتفاع الكبير للأسعار ونسبة التضخم، قال رئيس الحكومة يوسف الشاهد قبل إضراب 17 يناير إن «الزيادات يجب أن تكون في حدود ما يسمح به الوضع الاقتصادي، ووضعية المالية العمومية، أو أنها ستؤدي إلى مزيد من الاقتراض والتداين».
من جهة ثانية، نفت وزارة أملاك الدولة التونسية أمس «وجود ضغوطات خارجية» وراء طلب رفع قرار التجميد عن أملاك رجل الأعمال مروان المبروك، صهر الرئيس السابق زين العابدين بن علي.
وقالت الوزارة في بيان لها أمس إن التعاطي مع ملف رجل الأعمال التونسي محمد مروان المبروك: «تم في إطار مؤسساتي بحت كغيره من الملفات المتعلقة بالأملاك المجمدة في الخارج، مع مراعاة المصلحة الوطنية، واحترام تام للنصوص القانونية الجاري بها العمل».
وصدر أول من أمس قرار عن الاتحاد الأوروبي، يقضي برفع التجميد عن أملاك مروان المبروك، ضمن مراجعتها السنوية لإجراءات الحظر، التي تشمل أملاك العشرات من المقربين من النظام السابق في تونس.
ومروان المبروك، هو زوج نسرين بن علي، ابنة الرئيس الأسبق من طليقته الأولى، وهو يعتبر من أبرز المستثمرين في قطاع مبيعات التجزئة في تونس، كما تدير شركة «الكرامة القابضة» أصوله منذ ثورة 2011. بما في ذلك شركة «إينفستك» التي تملك أسهما في شركة «أورانج» مشغل الاتصالات.
في المقابل، تحدثت منظمة «أنا يقظ» التونسية، الناشطة في مجال مكافحة الفساد خلال مؤتمر صحافي، مساء أول من أمس، عن وجود خروقات وضغوطات وراء قرار رفع التجميد عن ممتلكات المبروك، المقرب من الرئيس السابق. وقالت إن قرار رفع التجميد تقف وراءه ضغوطات فرنسية، بهدف تسهيل عملية شراء 16 في المائة من رأس مال شركة أورانج تونس لمصلحة شركة أورانج فرنسا.
كما أشارت المنظمة إلى وجود معلومات بشأن سعي الحكومة الفرنسية والرئيس الفرنسي ماكرون، شخصيا، للتأثير على رئيس الحكومة يوسف الشاهد حتى يبادر بطلب رفع التجميد المفروض من الاتحاد الأوروبي على ممتلكات المبروك، وإتمام عملية الشراء.
والهدف من هذه الخطوة بحسب المنظمة، هو تفادي حظر القانون الفرنسي، الذي يمنع التعاقد مع أطراف مدرجين بالقائمة السوداء للاتحاد الأوروبي.
وردا على معطيات المنظمة، قالت الوزارة أمس إن «هناك مغالطة وتشكيكا في مؤسسات الدولة». وجاء في بيان لها أنه «لم تقع ممارسة أي ضغوطات على الحكومة، أو الدولة التونسية من قبل دول أجنبية، قصد حذف اسم محمد مروان المبروك من القائمة، ولا مجال للتشكيك في السيادة الوطنية في اتخاذ القرارات». كما أعلنت الوزارة تمسك الدولة بحقها في جميع القضايا المرفوعة ضد رجل الأعمال مروان مبروك.
لكن منظمة «أنا يقظ» ردت بالقول بأن قضية «رفع التجميد على المدعو مروان المبروك
تجاوزت المصالح الشخصية والحسابات السياسية الضيقة، لتصبح تهديدا للسيادة الوطنية، وخدمة لمصالح فرنسا على حساب تونس».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».