البرلمان التونسي يجدد أعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات

TT

البرلمان التونسي يجدد أعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات

عقد البرلمان التونسي، أمس، جلسة عامة خصصت لتجديد ثلث أعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، وانتخاب رئيس جديد للهيئة، خلفا لمحمد المنصري التليلي المستقيل منذ شهر يوليو (تموز) الماضي.
وسيطر التوتر على نقاشات البرلمان بسبب اختلاف رؤساء الكتل البرلمانية حول أسماء المرشحين. لكن تم في النهاية التوافق على ترشح حسناء بن سليمان عن فئة القضاة الإداريين، وسفيان العبيدي عن فئة المالية العمومية، وبلقاسم العياشي عن المنظومات والسلامة المعلوماتية، وهي الاختصاصات الثلاثة المعنية بعملية التجديد.
وخلال الجلسة الانتخابية حصل المرشحون الثلاثة على أصوات أكثر من ثلثي أعضاء البرلمان؛ إذ تمكن العياشي والعبيدي من الحصول على 152 صوتا، فيما تمكنت حسناء بن سليمان من الحصول على 155 صوتا. إلا إن مصادر برلمانية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الخلاف حول انتخاب رئيس للهيئة أولا، أو تجديد ثلث الأعضاء في مرحلة أولية، لا يزال مطروحا بين الأحزاب السياسية الممثلة في البرلمان، خصوصا «حركة النهضة» و«حزب النداء»، مبرزة في هذا السياق أن أطرافا سياسية تفضل عدم اكتمال نصاب التصويت لفائدة المرشحين بهدف تجديد ثلث الأعضاء، والمرور بدل ذلك إلى انتخاب رئيس للهيئة، للاطمئنان على الشخص الذي سيشرف على تسيير الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة.
وقال فيصل التبيني، رئيس حزب الفلاحين (حزب معارض)، إن التوصل إلى حل لمشكلة هيئة الانتخابات يمثل لحظة تاريخية. لكن توافق رؤساء الكتل البرلمانية حول من سيفوز من المرشحين يقلل من مصداقية العملية برمتها، ويضع الانتخابات المقبلة على المحك، باعتبار أن هذه العملية تشبه «مسرحية»؛ على حد قوله.
في السياق ذاته، أشار عبد العزيز القطي، النائب عن «حزب النداء»، إلى وجود خرق للنظام الداخلي للبرلمان خلال الجلسة العامة، وأكد أنه «يمكن الطعن في عملية التصويت بحكم الاختلالات القانونية التي شابت عملية الاقتراع»، على حد تعبيره.
في المقابل، عدّ سالم الأبيض، القيادي في «حركة الشعب (حزب قومي)»، أن التشكيك في عملية انتخاب أعضاء جدد لهيئة الانتخابات، أو التوافق حول صيغة الترشيحات لرئاسة هيئة الانتخابات؛ «يمثل دعوة إلى عدم المشاركة في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة»، مؤكدا أهمية التوافق السياسي في تجاوز أزمة هيئة الانتخابات.
أما عامر العريض، النائب عن «حركة النهضة»، فقد أوضح أن التوافقات السياسية التي سبقت عملية الاقتراع «كانت مهمة لتلافي التعطيل على مستوى تركيبة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات»، وعدّ هذه الخطوة ركنا أساسيا في استمرار التجربة الديمقراطية الانتخابية في تونس.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.