الأزياء الراقية لربيع وصيف 2019... موسم يحتفل فيه المصممون بالاختلاف

بين غياب كارل لاغرفيلد ومشاركة 45 عارضة سمراء

منظر لفيلا «شانيل»
منظر لفيلا «شانيل»
TT

الأزياء الراقية لربيع وصيف 2019... موسم يحتفل فيه المصممون بالاختلاف

منظر لفيلا «شانيل»
منظر لفيلا «شانيل»

إذا كنت من الذين يرون الكأس نصف ممتلئ فإن الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة الأميركية، والمخاوف من عواقب الـ«بريكست» والخروج دون اتفاق، كانت لها تأثيرات إيجابية على الموضة إذا كان ما تابعناه في الأسبوع الماضي هو المعيار. فاللافت خلال أسبوع الأزياء الراقية بباريس لربيع وصيف 2019 أن الكل كان يشعر بأنه ليس هناك مجال للتهاون. كانت المنافسة على أشدها بين بيوت الأزياء العالمية والمصممين لتقديم الجديد والفريد. فقد أدركوا أن الأسواق، التي كانت إلى عهد قريب، واعدة شجعتهم على التوسع فيها، تعرف حاليا تباطؤا وتقلصا، الأمر الذي يعني شيئا واحدا وهو أن البقاء سيكون للأقوى والمتميز فقط، وهذا ما كان ملموسا فيما تم اقتراحه. فبعد مواسم باردة لعب فيها أغلبهم على المضمون، استجمعوا كل طاقاتهم الإبداعية وقدموا أزياء لم تكن متعة للعين فحسب بل قابلة لتكون استثمارا على المدى البعيد. من عرض ستيفان رولان، الذي يمكن القول بأنه كان من أفضل ما قدمه منذ سنوات إلى عرض «أليكسي مابيل» الذي أكد فيه نُضجا فنيا، مرورا بالكبار من أمثال «ديور»، «شانيل» و«فالنتينو» وطبعا إيلي صعب و«رالف أند روسو» وغيرهم، يمكن القول بأن الطبق كان متوازنا وصحيا. صحيح أنهم لعبوا على المضمون، من ناحية تقديمهم لما يروق لامرأة عصرية، إلا أنهم أيضا جددوا أنفسهم وأعادوا لنا حلم أيام زمان، كل بلغته وأدواته الخاصة مع بعض الرسائل المبطنة تحت عشرات الأمتار من الأقمشة والتطريزات التي سهرت على تنفيذها الأنامل الناعمة لآلاف الساعات. بيير باولو بيكيولي، مصمم دار «فالنتينو» الذي كان نجم الأسبوع بلا منازع لخص الأمر بقوله بأن «الهوت كوتير تعني الحلم والفانتازيا، هي أيضا التعبير عن الفردية، وهذا يعني التنوع... إنها ليست رسالة سياسية تكتبها على «تي_شيرت» وليست ملابس «سبور» أو مستقاة من ثقافة الشارع... إنها كيف تتعامل مع العالم ومن أي زاوية تنظر إلى الأمور». من هذا المنظور كانت هناك الكثير من الرسائل، ربما تكون سياسية أو اجتماعية، لكنها لم تكن مكتوبة بالبنط العريض باستثناء الثنائي «فكتور أند رولف» اللذين قدما مجموعة كتبا عليها رسائل طريفة. أما الباقون فاكتفوا بالإيحاءات المبطنة، بمن فيهم ماريا غراتزيا تشيوري، مصممة «ديور» التي عودتنا على رسائلها النسوية المكتوبة إما على «تي_شيرتات» أو على إكسسوارات. ما تستنجه من هذه العروض أن أغلب المصممين توصلوا إلى أن الأولوية يجب أن تكون لتصاميم تخدم المرأة من دون أن ينسوا تلك الرؤية الفنية التي كانت ولا تزال جزءا لا يتجزأ في أزياء الـ«هوت كوتير» تحديدا. فلا بأس أن يستلهموا من فنون العمارة أو الرسم والنحت وما شابه، ما دامت لا تعيق الحركة وتتيح استعمالها بمرونة. فالمرأة تريدها فريدة من نوعها حتى تتألق فيها لكنها في الوقت ذاته تريدها مريحة.
وبما أننا في زمن أصبحت تتحكم فيه وسائل التواصل الاجتماعي، شاء البعض أم أبى، فإن العروض أصبحت تتطلب الكثير من البهارات حتى يحضر عنصر الإبهار وتأتي الصورة مثيرة. فالأزياء، مهما كان جمالها، تحتاج إلى خلفية مناسبة. أمر باتت بيوت الأزياء تعرفه وتُلبيه، بدليل أن العديد من العروض أصبحت تقام في معالم أثرية أو متاحف تتغير معالمها بديكورات تُجسد رؤية المصمم، كما كان الحال في متحف «لورودان» المقر شبه الرسمي لعروض دار «ديور» منذ سنوات. كانت القاعة المنصوبة في حديقته الشاسعة تبدو كالمعتاد مجرد قاعة ضخمة، لكن ما إن تدخلها حتى تُداهمك رائحة الخشب ومنظر الأعمدة في كل مكان. بعد أن تتعود العين على ظلمة المكان، نفهم أننا على موعد مع سيرك «ديور». لا نستغرب هذا الاختيار بقدر ما نتحمس له، لأنه يُذكرنا بأن السيد كريستيان ديور كان يحب الذهاب إلى السيرك في فصل الشتاء، وهو ما التقطته كاميرا ريتشارد أفيدون، في عام 1955 في صورة تحمل عنوان «دوفيما مع الفيلة». في نفس العام، أي 1955. عرض التلفزيون البريطاني، وبمناسبة عرض أقامته الدار في فندق «سافوي» بلندن، تقريراً مصوراً يحمل عنوان «سيرك ديور». لهذا ليس غريبا أن تكون هذه النقطة هي التي انطلقت منها المصممة ماريا غراتسيا تشيوري هذا الموسم، مبررة ذلك بقولها بأن أكثر ما شدها في ثقافة السيرك أنه يحتضن الاختلاف بكل أشكاله وألوانه «هناك مساواة لا تتحكم فيها معايير الجمال ولا تُلقي بالا للجنس أو العمر أو الأصل... هناك تركيز فقط على المهارة والتقنية».
وهذا ما جسدته في مجموعة متنوعة تتقفى تاريخ السيرك إلى حد ما، مثل مجموعة بتطريزات تبدو وكأنها وشوم تغطي الجسد، قالت بأنها استلهمتها من بشرة المرأة لتُذكرنا بسيرك الحقبة الفيكتورية. أما ألوان البودرة التي تتماهى وتمتزج ضمن لوحة ألوان لا متناهية فكانت ترمز إلى التهالك والغبار الذي يغطّي ملابس المسارح، بينما يرمز الأبيض والأسود بالبهلوانات والمروّضين والفرسان. بيد أن التفصيل والتفاصيل الراقية كانت أبعد ما تكون عن التهريج، بما في ذلك البنطلونات المشدودة عند الكاحل أو الركبة، التي قد لا تناسب كل النساء، لكن المصممة نجحت في طرحها من خلال إطلالة أنيقة بعد أن نسقتها مع قمصان بيضاء شفافة ذات ياقات عالية أو زينتها بشرائط. كانت هناك أيضا «كورسيهات» من الجلد، وكنزات وقمصان مقلّمة وفساتين سهرة طويلة من التول بتطريزات وخطوط أنثوية تستحضر مرونة راقصات الباليه. كعادتها تلاعبت المصممة أيضا على الذكوري والأنثوي من خلال مزجها الخامات والتصاميم المتناقضة مع بعض. التول والأورغنزا مثلا مع الجلد، والفساتين المنسابة مع كورسيهات تشد الخصر لتحدده وتخفف من نعومة الفستان.
كان مهما بالنسبة لماريا غراتزيا أن تأتي «كل إطلالة بشخصية مختلفة، تماما مثل شخصيات السيرك... شجاعة، مرحة، سعيدة وحزينة» حسب قولها، مضيفة: «السيرك عالم قائم بذاته. إنه يمر من مدينة إلى أخرى، وفي كل مرة يرتجل وتتغير بعض تفاصيله، مثل الموضة».
لكن لا بد من الإشارة إلى أن المصممة التي التحقت بدار «ديور» في عام 2016 كأول امرأة منذ تأسيسها، لم تنس أنها دخلتها وهي تحمل راية حركة نسوية جريئة عبرت عنها من خلال تعاونها الدائم مع كاتبات وموسيقيات ومخرجات ومصورات وفارسات. لم يختلف الأمر هذه المرة أيضا، حيث استعانت بفرقة سيرك «لامامبر» البريطانية المكونة كاملة من نساء.

شانيل
كان غياب المصمم كارل لاغرفيلد لافتا في عرض «شانيل». السبب أنه كان متعبا. ورغم أن لا أحد لامه على هذا الغياب، فهو في عُمر يحتاج فيه إلى أخذ الأمور ببساطة كما أن الطقس كان مُثلجا في ذلك اليوم، إلا أن غيابه فتح الباب للكثير من التأويلات. فقد كانت هذه المرة الأولى التي يتغيب فيها منذ التحاقه بالدار في عام 1983.
لكن رغم غيابه لم تغب لمساته السحرية في تشكيلة عرضها في «لوغران باليه». كالعادة كان الديكور مبهرا يتحدى الطقس والواقع. فبينما كان الثلج يتساقط على قبة المتحف في الخارج، كانت الصورة بالداخل مختلفة بفضل الإضاءة الاصطناعية التي أعطت الانطباع بأننا في يوم مشمس من أيام الصيف وبأننا في فيلا تقع على ربوة عالية، بسلالم تؤدي إلى حديقة غناء يتوسطها مسبح. على جوانبها تم زرع أشجار النخيل والميموزا والليمون وممشى مغطى بالحصى. فيلا شانيل كما تمت تسميتها في بطاقة الدعوة ليست مكانا خياليا. فهي مستوحاة من «لافيجي» وهي فيلا في مونت كارلو كان المصمم يقضي فيها إجازاته الصيفية في الثمانينات.
لم تعكس الأزياء أجواء الصيف بالكامل. فقد كانت تبدو سميكة من بعيد يمكن أن تناسب كل المواسم، عاد فيها المصمم إلى القرن الـ18 وهي حقبة يعشقها ويعود إليها في الكثير من الأحيان. وعلى ما يبدو فإن الفكرة انبثقت بعد زيارة إلى معرض يقام حاليا في متحف بمنطقة «لوماريه» في الجادة الـ4 بعنوان «أقمشة مترفة: تجار ميرسر باريس القرن الـ18». يركز المعرض على التجار الفرنسيين الذين كانوا يستوردون الأقمشة والأشرطة الحريرية والإطارات الذهبية وما شابه من منتجات كان التجار يجلبونها للطبقات المخملية في ذلك العهد، من بينهم مدام بومبادور التي كانت معروفة بأناقتها وحبها للترف والورود. كان حبها هذا يمتد للأدوات المنزلية، بحيث لا بد أن نذكر أن الفضل في فتح مصنع البورسلين الفرنسي في ليموج يعود إليها، بعد أن أعجبت بمنتجات الشركة الألمانية مايسن وطلبت أن يكون لفرنسا شيء مماثل.
بدوره جند كارل لاغرفيلد كل الورشات التي تنضوي تحت أجنحة «شانيل» لصنع أزهار وورود من الريش أو الدانتيل، أو لتلوين الخرز باليد، وغيرها من التفاصيل التي زينت الأورغنزا والموسلين والدانتيل والحرير وطبعا التويد، في تصاميم تتميز بطبقات وطيات تستحضر فن الأوريغامي. افتتح العرض بمجموعة من تايورات التويد بتنورات تغطي نصف الساق، أتبعها بمجموعة من جاكيتات «البوليرو» سرعان ما اختفت لتحل محلها جاكيتات مفصلة تستقي خطوطها من جاكيت الدار الأيقوني، إلى جانب فساتين من الدانتيل تميل إلى الاستدارة بعض الشيء، بحيث تبدو وكأنها سلة مليئة بالأزهار. كان الانطباع رائعا يُرسل قشعريرة في الجسم أحيانا، تحار إن كانت بسبب البرد القارس في ذلك اليوم أم بسبب تأثير الإطلالات المتتالية. لكن هذا لا يعني أن كل الأحجام والأشكال كانت موفقة، فبعضها كان غريبا إلى حد القول بأن البعض قد يراه «دقة قديمة» لولا سحر اسم «شانيل» المتمثل في رموزه الأيقونية مثل الجاكيت الكلاسيكي والتويد. القطع المفصلة، مثلا، ركزت على الأكتاف المحددة في الجاكيتات وعلى التفصيل المحسوب في التنورات المستقيمة حتى الركبة لتتفتح من تحت بشكل أو بآخر، مثل تنورة مستقيمة تتفرع من تحت على شكل بليسيهات، أو فستان بسيط تظهر على جوانبه كشاكش من الريش أو طية تُلف عند الركبة نحو الخصر لتخلق طبقتين تُغلفان تطريزات جيدة أنيقة. كان هناك تلاعب بالأحجام لكن بنسبة أقل بكثير من عروض جيامباتستا فالي، «فالنتينو» أو أليكسي مابيل مثلا.
في نهاية العرض وبعد ظهور عروس «شانيل» التي استعاضت عن الفستان التقليدي بملابس بحر، تهادت العارضات من دون كارل لاغرفيلد. بدا الأمر غريبا وكأنه نهاية حقبة، لأنه تعود أن يحيي الحضور في نهاية كل عرض. في المقابل أرسلت الدار مكانه فيرجينا فييار، رئيسة مشغله ويده اليمنى التي بدأت تظهر معه في العروض السابقة، فيما اعتبره البعض تمهيدا لتسليمها المشغل بعده.

رالف أند روسو
في عرض «رالف أند روسو» لم تختلف الصورة كثيرا عما تم تقديمه طوال الأسبوع. كانت هناك رغبة في نيل الرضا بكل الأشكال والوسائل. كانت فرقة موسيقية مكسيكية في استقبال الحضور، وهو ما فسرته المصممة تامارا رالف فيما بعد على أنه كان تماشيا مع ملهمة هذه التشكيلة، ماريا فيلكس، أشهر ممثلة ومغنية مكسيكية في أربعينات وخمسينات القرن الماضي. كانت نجمة عاطفية وتتمتع بكاريزما عالية حسب قولها «كانت أيضا أنيقة رغم أنها لم تأخذ الموضة محمل الجد، وهذا ما أردته في هذه التشكيلة: أن تكون مرحة تعكس الجمال الأميركي اللاتيني». ما إن بدأ العرض حتى توارت صورة الفرقة الموسيقية عن الأذهان، ومعها تبدد الخوف من أن تكون التشكيلة فولكلورية. كانت أول إطلالة على شكل تايور ببنطلون مفصل على الجسم من صوف الكريب مزين بالكريستال وخيوط الذهب. العنصر المكسيكي الوحيد فيها كان القبعة الواسعة التي غطت رأس العارضة، وكان واضحا أن الهدف منها هو خلق بعض الدراما لا أقل ولا أكثر. توالت الإطلالات، التي تؤكد أن الدار وبعد أن رسخت مكانتها بين الكبار لا تريد أن تتنازل عن هذه المكانة مهما كان. فقد وجدت المصممة وصفة ناجحة لا تحيد عنها، وتتمثل في تقديم طبق متنوع يضمن لها مخاطبة كل نساء العالم، بغض النظر عن ثقافتهن. المهم أن تكون لهن الإمكانيات العالية والرغبة في التألق. مكمن قوة الدار أيضا هي أن المصممة تأخذ من كل بستان زهرة، بمعنى أنها تدرس ما تريده المرأة من الموضة، فتطرحه لها بلمسات جمالية راقية. جرعة الأناقة والثقة هذا الموسم زادت وتجسدت في استعمالها السخي للريش الذي زين مجموعة من قفاطين الشيفون الخفيفة، ولكريات صغيرة تدلت من فساتين كوكتيل من الدانتيل. الأسود كان قليلا مقارنة بالألوان الفاتحة، أما الجرأة، أو بالأحرى الشقاوة، فتمثلت في فستان سهرة باللون الأبيض طرزت عليه باقة من الموز وكأنها تذكرنا بجُرأة ملهمتها، ماريا فيلكس. كان واضحا أن تامارا حرصت أن لا تقع في مطب الفولكلور لهذا ركزت على التصاميم الهوليوودية بخطوطها الكلاسيكية بينما اكتفت بالسفر بنا إلى المكسيك من خلال بعض التفاصيل والألوان الزاهية وقبعات السومبريرو.

أليكسي مابيل
في نفس اليوم المثلج، قدم أليكسي مابيل تشكيلة كل ما فيها يقول بأنه بلغ مرحلة النضج. العنوان الذي اختاره لتشكيلته كان «دفقة قوس قزح» نظرا لألوانها الزاهية التي امتدت أيضا إلى الماكياج. خلف الكواليس قال المصمم بأنه تخيل فتاة تحاول أن تشم باقة من الورد، الأمر الذي انعكس على أطواق الورد في تسريحات الشعر وألوان الماكياج المتفتحة بألوان الورود. وأضاف: «إنه قوس قزح بكل المقاييس... يجسد حرية الألوان وحرية التعبير في الوقت ذاته». كان لكل لون، من الفيروزي والمرجاني إلى الوردي والأخضر وغيرها شخصيته التي يستمدها من عُمق درجته. فالأزرق الغامق مثل صبغ جاكيت مُفصل لامرأة ناضجة أو سيدة أعمال شابة بينما الفوشيا طبع فساتين أكثر حيوية وديناميكية. لكن الألوان لم تكن وحدها مركز الجذب والاهتمام، فالخطوط والأحجام كانت تضاهيها أهمية، مثل فستان بلون زهر الأقحوان بحزام معقود على شكل فيونكة، وآخر بلون الفاونيا تظهر منه كشاكش من التول على شكل قفص وآخر ينسدل من الظهر إلى الأرض بسخاء وتظهر من جوانبه فيونكات أنيقة يعتبرها البعض لصيقة بأسلوبه. إضافة إلى تركيزه على الأحجام والألوان انتبه أيضا إلى التفاصيل لا سيما في الأكمام المبتكرة، والتي يبدو أنها ستلعب دورا مهما في الموسم المقبل. في آخر العرض أرسل المصمم ثلاثة فساتين باللون الأبيض أنكر أن يكون قصده منها التودد للعرائس. فهي برأيه فساتين لكل المناسبات وإن كان غرضه منه أن تُلفت الانتباه في أي مناسبة حسب قوله مؤكدا أن هدفه هو أن يجعل المرأة لافتة للأنظار لكن في الوقت ذاته أن يمنحها الثقة.

ستيفان رولان
ستيفان رولان أكد أنه فهم أخيرا أن الجانب التسويقي، بمعنى التجاري، في أهمية الفني وبالتالي لا يمكن التمرد عليه. شغفه بالفن، وتحديدا فن العمارة جعله في السابق يُركز على الإبداع والابتكار أولا وأخيرا متناسيا أن الزمن لم يعد هو الزمن، وأن الراحل إيف سان لوران تقاعد لهذا السبب تحديدا لأنه فهم أنه لن يتمكن من تغيير وضع لم يُعجبه. لحسن الحظ أن ستيفان رولان لم يُحبط بقدر ما فهم الدرس وعمل على تحقيق المعادلة الصعبة بين رؤية ما يتوق له وما يتطلبه السوق. الدليل أنه قدم تشكيلة يمكن القول بأنها من أجمل ما قدمه منذ سنوات. عاد فيها حسب قوله إلى بداية القرن العشرين، الحقبة التي شهدت الكثير من التغيرات الاجتماعية والاقتصادية، مثل تحرير المرأة، إضافة إلى طفرة فنية أثمرت على فن الآرت ديكو. كل هذا ترجمه من خلال أزياء لم يتخل فيها عن الفنية في الخطوط والتفاصيل لكنه طعمها بمرونة وانسيابية تجعلها قابلة لكل المناسبات ولكل نساء العالم. ومع ذلك لم يخف المصمم تحسره على بعض التغيرات التي تدفع البعض للمجاراة ملقيا اللوم على وسائل التواصل الاجتماعي «لم تعد هناك حرية تفكير كما كان عليه الأمر سابقا. في المقابل هناك تبعية لا تُصدق، وما علينا سوى مراقبة الناس في الشارع لنتأكد أننا نتبع بعضنا البعض... نتبع توجهات الموضة، المدونات والأنفلوونسرز عوض أن يكون لكل واحد منا أسلوبه الخاص بعيدا عن إملاءات الغير».
بدأ عرضه بإطلالة بالأبيض، عصرية تضج بالأناقة تتكون من قميص شفاف يزين الريش حواشي أكمامه مع بنطلون واسع ومعطف طويل وعمامة قال المصمم بأنها تلقي تحية للراقصة إيسادورا دانكان. اللمسة الشرقية ظهرت في فستان طويل بفتحة أمامية مزينة بسيلكيون بلوني الذهب والبرونز وتطريزات بألوان المرجان والورد وفي الإيشاربات التي زينت رؤوس معظم العارضات.
مثل الأغلبية هذا الموسم، تلاعب ستيفان بالأحجام، وإن كانت أكثر توازنا وانسدالا من غيره. بيد أنه لم يتخل عن الدراما تماما، فقد ظهرت في فستان من الحرير بأكمام شفافة منفوخة بشكل كبير وياقة مزينة بالكريستال بطبعات يتماوج فيها البني مع الأصفر والأبيض، قال المصمم بأنه استلهمها من لوحة للمعماري الصيني، سونغ دونغ، الذي يعمل معه حاليا على مشروع يدور حول إصدار منتجات عضوية. إضافة إلى خفة التشكيلة ومرونتها، كانت التشكيلة تعبق بروح باريسية أكد فيها المصمم قدرته على مزج الألوان مع بعض. بيد أنه حرص أن لا تكون صارخة بالتناقضات، بحيث اكتفى بمزج لونين مع بعض باستثناء استعماله ألوانا أكثر في التطريزات.

جون بول غوتييه
أما بالنسبة لجون بول غوتييه، فإنه ومنذ أن تخلى عن خط الأزياء الجاهزة وهو يصب كل طاقته وشقاوته المعروفة على خط الـ«هوت كوتير» وبالنتيجة يُتحفنا بالغريب والعجيب. في عرضه لربيع وصيف 2019 تراجعت التصاميم والألوان المستوحاة من عالم البحارة التي أصبحت لصيقة بأسلوبه ولم تختف فكرتها. فعوض أن يُسهب في الخطوط المقلمة وألوان الأبيض والأزرق وما شابه من أمور أخذنا في رحلة بحرية مر بها على عدة بلدان دافئة قبل أن يحط الرحال في اليابان. قدم فساتين بكل الأشكال، إلى جانب جاكيتات درامية عند الأكتاف، وطبعا الكثير من القطع المستوحاة من فتيات الغيشا. الكورسيه الذي اشتهر به كان أيضا حاضرا إلى جانب حزام الأوبي العريض، لكن أكثر ما أثار الانتباه هي الأكمام التي كانت فيها بعض المبالغة المسرحية، وهو ما يمكن اعتباره طبيعيا بحكم أن غوتييه هو مصمم ملابس المسرحية الموسيقية الراقصة «فاشن فريك شو» التي تعرض حاليا في «لي فولي بيرجير» بباريس، وتعرف نجاحا كبيرا استدعى تمديد مدة العرض إلى شهر أبريل (نيسان) المقبل.
فمع كل إطلالة تقريبا، كانت تظهر شخصية مختلفة. مرة على شكل عارضة في ملابس راقصة كانكان، ومرة على شكل حورية بحر في فستان أزرق من التول بصدر مشدود وكأنه في قفص ومرة على شكل فتاة غيشا، وهكذا. وتجدر الإشارة إلى أنه استعان بعارضات يشاركن أيضا في المسرحية، مثل ديتا فون تيز وآنا كليفلاند التي أنهت العرض بفستان، من المفترض أن يكون فستان زفاف، مصنوع بالكامل من الورق. قدمته وهي تقوم بحركات راقصة تؤكد أن المصمم الشقي لا يزال يستمتع بالموضة من دون أن يأخذها بجدية. بيد أنه بتوجهه إلى اليابان والصين، فإنه يبرهن أنه لا يتجاهل أن هذه الأزياء للبيع وليست للمسرح، لا سيما أن التشكيلة بكل تقنياتها ورغم غرابتها ستروق للذائقة اليابانية بشكل كبير. فهو لم يستنسخ ثقافتهم بشكل حرفي بل أخذ منها مجرد عناصر تتماشى مع الأسلوب الباريسي الذي تتوق له الآسيويات ممن أصبح لهن دور كبير في إنعاش خط الـ«هوت كوتير».

فالنتينو
اختتم أسبوع الهوت كوتير لربيع وصيف 2019 بالدموع وشهقات الإعجاب. كان ذلك في عرض «فالنتينو»، الذي لم تتمالك فيه المغنية سيلين ديون نفسها، وبكت أمام الكل عندما بدأ العرض على نغمات أغنية سبق وغنتها لزوجها الراحل رينيه. أما شهقات الإعجاب فقد صدرت من كل الحضور، لأن مصممها بيكيولي أخذنا إلى أقصى مراحل الجمال والفنية. بعد العرض عانقته سيلين ديور قائلة «شكرا من القلب، لقد أعدت للمرأة الجمال»، وكانت على حق. فقد حملت تشكيلته الحضور إلى عالم من الخيال بألوانها الزاهية وأحجامها الضخمة وتطريزاتها السخية. لم تصدم العين أو تصيبها بالتخمة لأن نصف هذه التطريزات كان في البطانة أساسا أو يختفي تحت ستارة من القماش. لكن عرضه لم يكن عن الأزياء وحدها. كان أيضا رسالة راقية عن التنوع واحتضان الآخر، باستعانته بـ45 عارضة سوداء وسمراء، وهو عدد غير مسبوق خصوصا إذا أخذنا بعين الاعتبار أن تشكيلته ضمت 65 قطعة، أي أن نسبة العارضات الشقراوات كانت أقل بكثير.
بعد العرض صرح بيكيولي بأنه استلهم الفكرة من صورة التقطها مصور الموضة المعروف سيسل بيتون في عام 1948 وتظهر فيها تسع عارضات، في أزياء فخمة للمصمم الراحل تشارلز جيمس. كل ما في الصورة كان يعبق بالجمال والفخامة، لكن لم تكن من بينهن ولا عارضة سوداء أو سمراء، الأمر الذي أثار انتباهه وحفيظته على حد سواء، وجعله يُصحح الأمر بصورة تواكب العصر من حيث ثقافتها وخطوطها. كانت هناك بالطبع أزياء للنهار لكن بما أن نسبة 70 في المائة الـ«هوت كوتير» تكون عن أزياء المساء والسهرة، فإنه لم يُقصر في هذا الجانب، وقدم مجموعة قد تكون متنوعة من حيث الألوان والتطريزات، لكنها تتقاسم الفخامة في كل جزئية منها.
ورغم أن بيكيولي صرح بأن أكثر ما يحبه في «الهوت كوتير» خفتها وتفردها وما تتيحه من فرصة لاختبار أفكار فنية جديدة، إلا أن ما لم يقله بلسانه وعبر عنه بالكشاكش والورود والدانتيل، أن تحت غطاء الفنية والحرفية، يسكن مصمم رومانسي يحترم الأنوثة ولا يبخل عليها بشيء. قدم مثلا فستانا احتاج إلى 236 مترا من القماش ليصوغ منه ورودا طرزها عليه، وآخر إلى 63 مترا ـ بينما استغرق تطريز فستان، بورود مصنوعة من الدانتيل، إلى 700 ساعة من العمل، وفستان بكشاكش ظهرت به العارضة كايا غيربر، من الأورغنزا والدانتيل إلى 1.050 ساعة. تفسيره كان «أن هذا ما تعنيه الهوت كوتير. كل ما في الأمر أنه عليك أن تنظر إليها من زاوية مختلفة» حتى تُبرز قدرات المصمم وفي الوقت ذاته تُبرر أسعارها التي تتعدى مئات الآلاف.

لقطات
الثمانينات
لا تزال هذه الحقبة مؤثرة في الموضة. ظهرت في عدة عروض على شكل أكتاف محددة وواضحة كما الحال في عروض «بالمان» وألكسندر فوتييه، كما ظهرت في البريق والجمع بين عدة إكسسوارات في إطلالة واحدة، والتسريحات المنفوخة.

إكسسوارات الشعر
طوق الشعر، الإيشاربات والقبعات رافقت تايورات مفصلة للنهار كما الفساتين الفخمة للسهرة والمساء. في عرض ستيفان رولان أخذت روحاً شرقية، وفي عرض أليكسي مابيل أخذت أسلوباً بوهيمياً يأخذنا إلى الستينات والسبعينات، حقبة الهيبيز.
- التايور المفصل كان حاضراً في عدة عروض. الفرق بينه في الماضي وهذا الموسم أن التفاصيل تغيرت فيما يخص الأكتاف والتنورات التي اكتسبت حيوية أكبر من خلال التفاصيل مثل البليسيهات أو الريش. في عرض «شانيل» مثلاً تأثرت باستدارة فساتين القرن 18.

النظارات الشمسية
كانت إكسسواراً مهماً في كثير من العروض، مثل عروض إيلي صعب وألكسندر فوتييه وغيرهما.
لم تكن عادية للحماية من أشعة الشمس فقط بل بأشكال مبالغ في أحجامها وألوانها أحياناً، كأنها تخاطب فتيات «إنستغرام»، بتصاميمها المستقبلية حيناً أو «فينتاج» حيناً آخر. في بعض الأحيان وصلت إلى مرحلة كاريكاتورية.

الماكياج
- إذا كانت التصاميم تتسم ببعض المبالغة فإن الماكياج كان على العكس، يميل إلى الطبيعي والطبيعة بألوان الورد.
لكن لا ينطبق هذا الأمر على كل العروض، فبعضها تفنن في تزيين العيون مثلما الحال في عرض «فالنتينو» التي ظهرت فيها العروض برموش طويلة من الريش وبتلات ورد في محيطها.
أما بالنسبة للتسريحات فكانت بسيطة ومرتبة، وفي حالات أخرى منفوخة تستحضر حقبة الثمانينات.



الرياض تشهد عناق النجوم ببريق الترتر واللؤلؤ

سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)
سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)
TT

الرياض تشهد عناق النجوم ببريق الترتر واللؤلؤ

سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)
سيلين ديون وإيلي صعب وعلاقة عمرها 25 عاماً (رويترز)

بعد عام تقريباً من التحضيرات، حلت ليلة 13 نوفمبر (تشرين الثاني). ليلة وعد إيلي صعب أن تكون استثنائية ووفى بالوعد. كانت ليلة التقى فيها الإبداع بكل وفنونه، وتنافس فيها بريق النجوم من أمثال مونيكا بيلوتشي، وسيلين ديون، وجينفر لوبيز، وهالي بيري ويسرا، وغيرهن مع لمعان الترتر والخرز واللؤلؤ. 300 قطعة مطرزة أو مرصعة بالأحجار، يبدو أن المصمم تعمد اختيارها ليرسل رسالة إلى عالم الموضة أن ما بدأه منذ 45 عاماً وكان صادماً لهم، أصبح مدرسة ومنهجاً يقلدونه لينالوا رضا النساء في الشرق الأوسط.

من عرض إيلي صعب في الرياض (رويترز)

لقاء الموضة بالموسيقى

كان من المتوقع أن تكون ليلة خاصة بالموضة، فهذه أولاً وأخيراً ليلة خاصة بإيلي صعب، لكنها تعدت ذلك بكثير، أبهجت الأرواح وغذَّت الحواس وأشبعت الفضول، حيث تخللتها عروض فنية ووصلات موسيقية راقصة لسيلين ديون، وجينفر لوبيز، ونانسي عجرم، وعمرو دياب وكاميلا كابيلو. غنت لوبيز ورقصت وكأنها شابة في العشرينات، ثم نانسي عجرم وعمرو دياب، واختتمت سيلين ديون الفعالية بثلاث أغنيات من أشهر أغانيها وهي تتفاعل مع الحضور بحماس. لم تقف وعكتها الصحية التي لا تزال آثارها ظاهرة عليها مبرراً لعدم المشاركة في الاحتفال بمصمم تُكنّ له كل الحب والاحترام. فإيلي صعب صديق قبل أن يكون مصمم أزياء تتعامل معه، كما قالت. يؤكد إيلي الأمر في لقاء جانبي، قائلاً: «إنها علاقة عمرها 25 عاماً».

وهذا ما جعل الحفل أشبه بأغنية حب.

هالي بيري وهي تلبس فستان الأوسكار الأيقوني نفسه الذي ارتدته عام 2002 (خاص)

هالي بيري التي ظهرت في أول العرض بالفستان الأيقوني الذي ظهرت به في عام 2002 وهي تتسلم جائزة الأوسكار بوصفها أول ممثلة سمراء، دمعت عيناها قبل العرض، وهي تعترف بأن هذه أول مرة لها في الرياض وأول مرة تقابل فيها المصمم، رغم أنها تتعامل معه منذ عقود. وأضافت أنه لم يكن من الممكن ألا تحضر المناسبة؛ نظراً للعلاقة التي تربطهما ببعض ولو عن بُعد.

يؤكد إيلي عمق هذه العلاقة الإنسانية قائلاً: «علاقتي بهالي بيري لم تبدأ في عام 2002، بل في عام 1994، حين كانت ممثلة صاعدة لا يعرفها المصممون». وأضاف ضاحكاً: «لا أنكر أن ظهورها بذلك الفستان شكَّل نقلة مهمة في مسيرتي. ويمكنني القول إنه كان فستاناً جلب الحظ لنا نحن الاثنين. فيما يخصني، فإن ظهورها به وسَّع قاعدة جمهوري لتشمل الإنسان العادي؛ إذ إنها أدخلتني ثقافة الشارع بعد أن كنت معروفاً بين النخبة أكثر». غني عن القول أن كل النجمات المشاركات من سيلين وجينفر لوبيز إلى نانسي عجرم من زبوناته المخلصات. 80 في المائة من الأزياء التي كانت تظهر بها سيلين ديون مثلاً في حفلات لاس فيغاس من تصميمه.

عرض مطرَّز بالحب والترتر

بدأ عرض الأزياء بدخول هالي بيري وهي تلبس فستان الأوسكار الأيقوني نفسه. لم يتغير تأثيره. لا يزال أنيقاً ومبتكراً وكأنه من الموسم الحالي. تلته مجموعة تقدر بـ300 قطعة، أكثر من 70 في المائة منها جديدة لخريف وشتاء 2025 ونسبة أخرى من الأرشيف، لكنها كلها كانت تلمع تطريزاً وترصيعاً إما بالترتر والخرز أو اللؤلؤ. فالتطريز لغة أتقنها جيداً وباعها للعالم. استهجنها المصممون في البداية، وهو ما كان يمكن أن يُحبط أي مصمم صاعد يحلم بأن يحفر لنفسه مكانة بين الكبار، إلا أنه ظل صامداً ومتحدياً. هذا التحدي كان واضحاً في اختياراته لليلته «1001 موسم من إيلي صعب» أيضاً بالنظر إلى كمية البريق فيها.

ساهمت في تنسيق العرض كارين روتفيلد، رئيسة تحرير مجلة «فوغ» النسخة الفرنسية سابقاً، والمعروفة بنظرتها الفنية الجريئة. كان واضحاً أنها تُقدّر أهمية ما كان مطلوباً منها. فهذه احتفالية يجب أن تعكس نجاحات مسيرة عمرها 45 عاماً لمصمم وضع صناعة الموضة العربية على الخريطة العالمية. اختير لها عنوان «1001 موسم من إيلي صعب» لتستعرض قوة المصمم الإبداعية والسردية. قال إنه استوحى تفاصيلها من عالم ألف ليلة وليلة. لكن حرص أن تكون اندماجاً بين التراث العربي والابتكار العصري. فكل تصميم كانت له قصة أو يسجل لمرحلة كان لها أثر على مسيرته، وبالتالي فإن تقسيم العرض إلى مجموعات متنوعة لم يكن لمجرد إعطاء كل نجمة مساحة للغناء والأداء. كل واحدة منهم عبَّرت عن امرأة تصورها إيلي في مرحلة من المراحل.

جينفر لوبيز أضفت الشباب والحيوية على العرض (خاص)

جينفر لوبيز التي ظهرت بمجموعة من أزيائه وهي ترقص وتقفز وكأنها شابة في العشرينات، كانت تمثل اهتمامه بمنح المرأة حرية الحركة، بينما كانت نانسي عجرم بفستانها الكلاسيكي المرصع بالكامل، تعبّر عن جذور المصمم اللبناني وفهمه لذوق المرأة العربية ككل، ورغبتها في أزياء مبهرة.

أما المغنية كاميلا كابيلو فجسدت شابة في مقتبل العمر ونجح في استقطابها بتقديمه أزياء مطعَّمة ببعض الجرأة تعكس ذوق بنات جيلها من دون أن تخرج عن النص الذي كتبه لوالدتها. كانت سيلين ديون، مسك الختام، وجسَّدت الأيقونة التي تمثل جانبه الإبداعي وتلك الأزياء التي لا تعترف بزمان أو مكان.

حب للرياض

بعد انتهاء العرض، وركض الضيوف إلى الكواليس لتقديم التحية والتبريكات، تتوقع أن يبدو منهكاً، لكنه كان عكس ذلك تماماً. يوزع الابتسامات على الجميع، يكرر لكل من يسأله أن أكثر ما أسعده، إلى جانب ما شعر به من حب الحضور والنجوم له، أنه أثبت للعالم «أن المنطقة العربية قادرة على التميز والإبداع، وأن ما تم تقديمه كان في المستوى الذي نحلم به جميعاً ونستحقه».

وأضاف: «أنا ممتن لهذه الفرصة التي أتاحت لي أن أبرهن للعالم أن منطقتنا خصبة ومعطاءة، وفي الوقت ذاته أن أعبّر عن حبي للرياض. فأنا لم أنس أبداً فضل زبونات السعودية عليّ عندما كنت مصمماً مبتدئاً لا يعرفني أحد. كان إمكانهن التعامل مع أي مصمم عالمي، لكن ثقتهن في كانت دافعاً قوياً لاستمراري».

سيلين ديون أداء مبهر وأناقة متألقة (خاص)

أسأله إن كان يخطر بباله وهو في البدايات، في عام 1982، أن يصبح هو نفسه أيقونة وقدوة، أو يحلم بأنه سيدخل كتب الموضة بوصفه أول مصمم من المنطقة يضع صناعة الموضة العربية على خريطة الموضة العالمية؟ لا يجيب بالكلام، لكن نظرة السعادة التي كانت تزغرد في عيونه كانت أبلغ من أي جواب، وعندما أقول له إنه مصمم محظوظ بالنظر إلى حب الناس له، يضحك ويقول من دون تردد نعم أشعر فعلاً أني محظوظ.