عباس يقبل استقالة الحمد الله ويبدأ مشاورات لحكومة جديدة

«فتح» تقول إنها لن تطارد الفصائل... و«حماس» تهاجم الحكومتين: تخدمان أجندة عباس

الرئيس الفلسطيني محمود عباس استقبل أمس وزير الخارجية الإيطالي إنزو موافرو الذي يقوم بزيارة لإسرائيل والأراضي الفلسطينية (إ.ب.أ)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس استقبل أمس وزير الخارجية الإيطالي إنزو موافرو الذي يقوم بزيارة لإسرائيل والأراضي الفلسطينية (إ.ب.أ)
TT

عباس يقبل استقالة الحمد الله ويبدأ مشاورات لحكومة جديدة

الرئيس الفلسطيني محمود عباس استقبل أمس وزير الخارجية الإيطالي إنزو موافرو الذي يقوم بزيارة لإسرائيل والأراضي الفلسطينية (إ.ب.أ)
الرئيس الفلسطيني محمود عباس استقبل أمس وزير الخارجية الإيطالي إنزو موافرو الذي يقوم بزيارة لإسرائيل والأراضي الفلسطينية (إ.ب.أ)

وافق الرئيس الفلسطيني محمود عباس على استقالة حكومة رامي الحمد الله، أمس، وكلّفها بتسيير الأعمال حتى تشكيل الحكومة الجديدة.
وجاءت موافقة عباس بعد ساعات قليلة من تسلمه قرار الاستقالة. وقال الرئيس الفلسطيني إنه سيبدأ فوراً المشاورات لتشكيل حكومة سياسية من فصائل منظمة التحرير الفلسطينية، بهدف الإعداد لانتخابات تشريعية جديدة.
وكان رئيس الحكومة الفلسطينية رامي الحمد الله، قد وضع استقالة حكومته أمام الرئيس محمود عباس، بعد يومين من توصية اللجنة المركزية لحركة فتح بتشكيل حكومة وحدة وطنية من فصائل منظمة التحرير.
وقال الحمد الله إن حكومته وضعت استقالتها تحت تصرف الرئيس ولكنها مستمرة في تحمل جميع مسؤولياتها وأداء مهامها حتى تشكيل حكومة جديدة. وتمنى الحمد الله نجاح المشاورات لتشكيل حكومة جديدة بأسرع وقت ممكن.
وأضاف: «نجاح أي حكومة في إنجاز المهام التي تُكلف بها، يستدعي ثقة المواطن بحكومته، ويستدعي جهداً وطنياً ودعماً صادقاً من القوى والفصائل وجميع مكونات المجتمع الفلسطيني، حتى تتمكن من تجاوز الصعاب ومواجهة التحديات بإرادة وطنية صلبة، وإنجاز تطلعات شعبنا وطموحاته بإنهاء الانقسام، وتحقيق المصالحة الوطنية، وترسيخ بناء مؤسسات دولة فلسطين، وإنجاز حقوقنا الوطنية المشروعة في إنهاء الاحتلال ونيل استقلالنا الوطني وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة على حدود عام 1967 في الضفة الغربية وقطاع غزة وعاصمتها القدس».
ولم تنجح حكومة الحمد الله في تحقيق أهم ما شُكِّلت لأجله، وهو إنهاء الانقسام وتوحيد المؤسسات وسط خلافات طاحنة مع حركة حماس التي ساهمت في تشكيلها كذلك. وترأس الحمد الله الذي جاء من خلفية أكاديمية ولم يكن له باع في العمل السياسي، الحكومة الفلسطينية عام 2013 خلفاً لسلام فيّاض، وتم تكليفه مجدداً في عام 2014 بتشكيل حكومة الوفاق الفلسطينية بعد اتفاق بين حركتي فتح وحماس على إنهاء الانقسام.
وشكر مسؤولون كبار في حركة فتح، الحمد الله، على فترة رئاسته للحكومة، في إشارة إلى أنه لن يعود رئيساً للحكومة القادمة كما رجّح البعض، وقالوا إن حكومته لم يعد لها مبرر للبقاء بسبب تعثر المصالحة ومواقف حركة حماس.
وكانت اللجنة المركزية لحركة فتح قد أوصت بعد اجتماع ترأسه عباس، الأحد، بتشكيل حكومة فصائلية سياسية من فصائل منظمة التحرير وشخصيات مستقلة، وعلى أثر التوصية وضعت الحكومة نفسها تحت تصرف الرئيس، لكن يبدو أنه طلب منها الاستقالة كذلك.
وإذا قبل عباس الاستقالة، وهو الأمر المرجح، فستبقى الحكومة مسيِّرة للأعمال حتى تشكيل حكومة جديدة.
ويُفترض أن تكون مشاورات تشكيل الحكومة قد انطلقت مع تعقيدات لها علاقة بانضمام الجبهتين الشعبية والديمقراطية إلى هذه الحكومة، ولم يتضح موقف العديد من فصائل المنظمة حتى الآن.
وشكلت «المركزية» لجنة من أعضائها: روحي فتوح، وعزام الأحمد، وحسين الشيخ، وماجد الفتياني (بصفته أمين سر المجلس الثوري)، وتوفيق الطيراوي، للبدء بحوار ومشاورات مع فصائل منظمة التحرير للاتفاق على الحكومة الجديدة. وستحاول «فتح» الوصول إلى اتفاق شامل مع الفصائل على أسماء رئيس الحكومة والوزراء الباقين وحصة كل فصيل.
وقرار حركة فتح إنهاء الحكومة الحالية جاء في سياق الاستعدادات لإجراء انتخابات نيابية في الأراضي الفلسطينية بعد حل المجلس التشريعي الذي كان معطَّلاً لنحو 11 عاماً.
وتعزز حركة فتح عبر هذه الخطوات المتلاحقة، السيطرة أكثر على مفاصل السلطة، بما في ذلك رئاسة الوزراء والحقائب السيادية في مرحلة دقيقة وحساسة تشتمل على التجهيز لانتقال سلس في السلطة الفلسطينية.
وقال عضو اللجنة المركزية في حركة فتح، عزام الأحمد، وهو عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير كذلك، إن أحد الأهداف الرئيسية للحكومة المقبلة هو فك الارتباط مع «حماس» التي أدارت ظهرها للمصالحة، مضيفاً أن «تشكيل الحكومة الجديدة يمثل رداً على فشل (حماس) في تحمل مسؤوليتها الوطنية وتسليم قطاع غزة للسلطة الفلسطينية الشرعية». وتابع: «(حماس) ساعدت في تشكيل الحكومة الأخيرة. لكنها أرادت من ذلك إدارة الانقسام ثم حوّلتها إلى جزء من المشكلة، هذه المرة لن تشارك في تشكيلها ولن تكون جزءاً منها».
وأكد الأحمد أن حركته لن «تركض» وراء الفصائل التي لا تريد الانضمام إلى الحكومة. كما أكد أنه لم يتم الاتفاق على أسماء بعد، لكن حركة فتح تتجه إلى اختيار عضو «المركزية» محمد اشتيه، رئيساً للحكومة. واشتيه هو وزير سابق كذلك ومفاوض ويقود مؤسسة اقتصادية مهمة.
ومن بين المرشحين الآخرين وزير الشؤون المدنية حسين الشيخ، وأمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات، ومحمد مصطفى رئيس صندوق الاستثمار الذي كان كذلك مرشحاً قبل الحمد الله. ويفترض أن تقدم «فتح» مرشحيها والوزارات التي ستسيطر عليها، على أن تقدم الفصائل مرشحيها والوزارات التي تريدها، يُضاف إليهم مستقلون محتملون. وهاجمت حركة حماس أمس مجدداً، الحكومة المزمع تشكيلها كما هاجمت حكومة الحمد الله الحالية.
وقال المتحدث باسم حركة حماس فوزي برهوم، إن «حكومة الحمد الله كان لها الدور الكبير في ترسيخ وتعزيز الانقسام وتعطيل مصالح شعبنا».
وأضاف: «استقالة حكومة الحمد الله تأتي في إطار تبادل الأدوار مع حركة فتح ورئيسها محمود عباس من أجل ترك المجال لتشكيل حكومة انفصالية جديدة تخدم أجندة أبو مازن وحركة فتح».
وتابع: «إن شعبنا بحاجة إلى حكومة وحدة وطنية ومجلس وطني توحيدي وإجراء انتخابات عامة رئاسية وتشريعية ومجلس وطني». وإجراء انتخابات عامة هو مطلب حركة حماس كي تشارك في أي انتخابات محتملة، لكن حركة فتح تريد الآن إجراء انتخابات برلمانية فقط وترفض فتح الباب أمام انضمام حركة حماس لمنظمة التحرير قبل إنهاء الانقسام الحالي وخشية انتقاله إلى المنظمة كذلك.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.