رئيس موريتانيا يختار «رجل ثقته» لخلافته في الحكم

المعارضة تعترض على ترشيح غزواني باعتباره {استمراراً للنظام}

TT

رئيس موريتانيا يختار «رجل ثقته» لخلافته في الحكم

أصبح من المؤكد أن الرئيس الموريتاني المنتهية ولايته محمد ولد عبد العزيز سيدعم صديقه ورجل ثقته محمد ولد الغزواني مرشحاً للانتخابات الرئاسية، التي ستشهدها موريتانيا منتصف العام الحالي، وذلك حسبما أعلن عنه ولد عبد العزيز نفسه خلال لقاءات جمعته بسياسيين وبرلمانيين في القصر الرئاسي بنواكشوط.
وبدأت هذه اللقاءات أول من أمس (الاثنين)، وستستمر طيلة الأيام المقبلة، وفق مصادر شبه رسمية. وتعد هذه الاجتماعات التي تجري في القصر الرئاسي بداية الإعلان الرسمي عن ترشيح محمد ولد الغزواني للانتخابات الرئاسية، خاصة بعد أن تبعها مباشرة تأكيد سيدي محمد ولد محم، الوزير الناطق باسم الحكومة، أن ولد الغزواني هو «الخيار الأفضل» في الانتخابات المقبلة؛ حيث كتب ولد محم أمس في تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» أن «اختيار معالي الوزير محمد ولد الشيخ الغزواني ليكون مرشحنا في الانتخابات الرئاسية المقبلة، يشكل أفضل خيار لاستمرارية هذا المشروع الوطني الرائد».
وبحسب مصادر رسمية تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن الرئيس الموريتاني طلب من عدد من السياسيين والبرلمانيين والوجهاء الاجتماعيين أن يبذلوا جهودهم من أجل نجاح ولد الغزواني في الانتخابات المقبلة، وقال إنه يدعمه بشدة.
وحسب عدد من المراقبين، فإن اختيار ولد الغزواني من طرف ولد عبد العزيز ليخلفه في الحكم كان متوقعاً من طرف جل الموريتانيين، على اعتبار أن العلاقة بين الرجلين قوية وتمتد لعقود طويلة؛ حيث تخرج الرجلان معاً من الأكاديمية الملكية العسكرية بمكناس في المغرب، وتقلبا في عدد من المناصب والمهام العسكرية، وكلف كل واحد منهما بمهمة المرافق العسكري للرئيس معاوية ولد سيد أحمد الطايع. لكن نجمهما برز أكثر في أعقاب المحاولة الانقلابية الفاشلة عام 2004 التي لعبا دوراً محورياً في إفشالها، ليتم تعيين ولد الغزواني رئيساً للمكتب الثاني في قيادة الأركان (مكتب استخباراتي مهم جداً)، بينما تم تعيين ولد عبد العزيز ليتولى قيادة كتيبة الحرس الرئاسي، وهي كتيبة جيدة التسليح وتتمركز قوتها في نواكشوط. وبعد ذلك استغل الرجلان مواقعهما المهمة ليقودا معاً الانقلاب العسكري، الذي أطاح بنظام الرئيس معاوية ولد سيد أحمد الطايع عام 2005، كما عادا ليقودا انقلاباً ثانياً عام 2008، أطاح بالرئيس المدني المنتخب سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله، الذي رشحاه ووقفا خلفه حتى نجح في انتخابات 2007. ولكن الأمور لم تسر وفق ما خططا له حين فقدا السيطرة على ولد الشيخ عبد الله، الذي أصدر بياناً أقالهما فيه من منصبيهما، وهي الإقالة التي رد عليها الرجلان بتنحية الرئيس، وحكم البلاد مباشرة ومن دون وسيط.
هذه الأحداث المتعاقبة جعلت الشراكة بين الرجلين مبنية على الثقة المطلقة، وقد تأكدت هذه الثقة عندما أصيب ولد عبد العزيز بطلق ناري عام 2012. فغادر البلاد للعلاج في فرنسا، وكنتيجة لذلك أمسك ولد الغزواني بالحكم، وأدار البلاد لمدة 45 يوماً، تجاهل فيها كل من نصحوه بالانقلاب وإعلان نفسه رئيساً للبلاد، وظل وفياً لصديقه الموجود على فراش المرض، حتى عاد من فرنسا وسلمه مقاليد الحكم.
وخلال السنوات العشر الأخيرة التي حكم فيها ولد عبد العزيز موريتانيا، كان ولد الغزواني يتولى قيادة أركان الجيوش، وساهم بشكل كبير في إصلاح المؤسسة العسكرية، وتحسين ظروف الضباط والجنود، وهو ما جعله يحظى باحترام وثقة المؤسسة العسكرية، كما أنه يعد الرجل الأبرز في الحرب التي خاضتها موريتانيا ضد الإرهاب، وخاصة إبان المواجهات المباشرة مع تنظيم «القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، التي تلقى فيها التنظيم ضربات موجعة على يد الجيش الموريتاني بين عامي 2010 و2011.
وعندما استفاد ولد الغزواني من حقه في التقاعد نهاية العام الماضي، اختاره ولد عبد العزيز على الفور وزيراً للدفاع في الحكومة التي عينها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي بعد الانتخابات التشريعية، في خطوة اعتبرت تمهيداً لترشحه للانتخابات الرئاسية، بعد أن ظهر للموريتانيين في البدلة الرسمية والزي المدني، بعد عقود من ارتداء البزة العسكرية.
وكل هذه العوامل تجعل من الرجل، حسب عدد من الملاحظين، المرشح الأبرز في الانتخابات الرئاسية المقبلة، رغم تحفظ المعارضة على ترشيحه، باعتباره استمراراً لحكم ولد عبد العزيز الذي تتهمه بالفساد، وإدخال البلاد في أزمات اقتصادية واجتماعية خطيرة.
في غضون ذلك، تحاول المعارضة تقديم «مرشح موحد» يكون قادراً على مواجهة مرشح النظام القوي، وقد شكلت المعارضة لجنة الأسبوع الماضي وكلفتها بمهمة اختيار هذا المرشح. ومن جانبه ما يزال ولد الغزواني يلتزم الصمت حيال ترشحه، فيما قالت مصادر مقربة منه لـ«الشرق الأوسط» إن إعلان الترشح ما يزال «سابقاً لأوانه»، مشيرة إلى أن ولد الغزواني يحمل حقيبة وزارة الدفاع في الحكومة، ولن يتحدث بخصوص ترشحه لأنه ما زال عضواً في الحكومة، بينما تقول مصادر أخرى إن تعديلاً حكومياً سيجري ليخرج بموجبه من الحكومة، وبالتالي يتحرر من ضرورات التحفظ.
وستجري الانتخابات الرئاسية في الشهر السابع من العام الحالي، وهي الانتخابات الحاسمة في تاريخ موريتانيا، إذ إنها أول انتخابات رئاسية لن يشارك فيها الرئيس المنتهية ولايته بحكم الدستور.



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.