مصر تبدأ خطة لـ{تحسين الصورة البصرية} للمدن عبر الطلاء الموحد

تقسيم البلاد إلى 7 أقاليم لونية... البيج للقاهرة والأبيض للإسكندرية

متابعون يأملون بسرعة تنفيذ الخطة للحد من عشوائية ألوان العقارات (تصوير: عبد الفتاح فرج)
متابعون يأملون بسرعة تنفيذ الخطة للحد من عشوائية ألوان العقارات (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

مصر تبدأ خطة لـ{تحسين الصورة البصرية} للمدن عبر الطلاء الموحد

متابعون يأملون بسرعة تنفيذ الخطة للحد من عشوائية ألوان العقارات (تصوير: عبد الفتاح فرج)
متابعون يأملون بسرعة تنفيذ الخطة للحد من عشوائية ألوان العقارات (تصوير: عبد الفتاح فرج)

على مدار السنوات الماضية عانت مصر من عشوائية البناء التي نشرت القبح، سواء في شكل وتصميم المباني أو في ألوانها، وبالتزامن مع مشروع قومي للقضاء على العشوائيات، بدأت مصر تنفيذ خطة لتحسين الصورة البصرية للمدن المصرية، عبر توحيد ألوان طلاء واجهات المباني. ويأتي إعلان هذه الخطة تنفيذاً لتكليفات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أخيراً بطلاء جميع واجهات المباني المبنية بالطوب الأحمر، وفور إعلان تكليفات الرئيس بدأت وزارة التنمية المحلية والجهاز القومي للتنسيق الحضاري، عقد اجتماعات، وتشكيل لجنة فنية من المتخصصين لتحديد الألوان المناسبة لكل محافظة.
المهندس محمد أبو سعدة، رئيس الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، أكد في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «تم الانتهاء من وضع الخريطة اللونية لمحافظات الجمهورية، بعد تقسيمها إلى 7 أقاليم لونية»، مشيراً إلى أن «اللجنة بدأت بدرجات البيج في القاهرة، الذي يتحول إلى الأبيض المائل للزرقة في المحافظات الساحلية، بينما اعتُمدت الألوان الترابية في الصعيد»، وقال: «حرصنا على أن يكون استخدام اللون بمختلف درجاته، لمنح فرصة للمعماريين للإبداع في الواجهات».
الدكتور أشرف رضا، أستاذ ووكيل كلية الفنون الجميلة، أوضح لـ«الشرق الأوسط»، أن القطاعات السبعة للجمهورية هي: القاهرة الكبرى التي ستعتمد اللون البيج بدرجاته، والإسكندرية باللون الأبيض المائل للزرقة، وقطاع الدلتا باللون البيج المائل إلى الأخضر، وقطاع شمال سيناء، وقطاع جنوب سيناء باللون الرملي المصفر، بجانب قطاع أسيوط».
ووصف مبادرة الطلاء الموحد بأنها «مبادرة رائعة، وإن كانت متأخرة، لكننا نحتاج إليها بشدة»، مؤكداً أنه «تمت مراعاة اختيار ألوان طبيعية تناسب البيئة وتقاوم العوامل الجوية».
وتأتي تكليفات الرئيس بطلاء واجهات المباني تنفيذاً لقانون البناء الموحد رقم 119 لسنة 2008، حيث ينص قانون البناء الموحد في المادة 84 على أنه: «يراعى عند إصدار ترخيص البناء الالتزام باستكمال واجهات المبنى، ومراعاة عدم تنافر لون أو ألوان واجهات المبنى مع ألوان الواجهات المحيطة، بما يحقق الإحساس بالجمال للحفاظ على الطابع المعماري والعمراني للمنطقة، وإيجاد الحلول المناسبة لمنع تشويه الواجهات الرئيسية للمباني بالتركيبات الصناعية، أو أعمال الكهرباء مثل أجهزة التكييف والهوائيات الأرضية والفضائية ومواسير الصرف والتغذية»، بينما تنص المادة 85 من نفس القانون على ضرورة «تطبيق أسس ومعايير وأدلة التنسيق الحضاري التي يضعها الجهاز عند إصدار التراخيص في المدن والأحياء والتجمعات العمرانية الجديدة سواء التي تقيمها الدولة أو القطاع الخاص، ويشمل ذلك الأرصفة ومسارات المشاة، وغير ذلك مما هو مذكور في أدلة التنسيق الحضاري».
ووفقاً لتصريحات مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، فإن «تكليفات الطلاء الموحد، جاءت في أعقاب زيارة الرئيس المصري للمتحف الكبير في منطقة الرماية، ومشاهدته كمّ المباني العشوائية بالطوب الأحمر على الطريق الدائري، والتي ستكون أول شيء تقع عليه عين زوار المتحف».
وقال أبو سعدة إن «المشروع سيبدأ بالعقارات المبنية بالطوب الأحمر خصوصاً على المحاور الرئيسية، تنفيذاً لتوجيهات الرئيس، من ثم يتم الانتقال إلى الطرق الفرعية، وفي المرحلة الثالثة من المشروع سيتم التعامل مع المباني غير المتجانسة مع الفراغ العمراني»، مؤكداً أن «المباني الأثرية، والمباني ذات الطراز المعماري المتميز لن تخضع لقانون الطلاء الموحد، وستحتفظ بألوانها الحالية».
وأضاف أبو سعدة أن «القرى السياحية في بعض المدن الساحلية على شاطئ البحر الأحمر، والتي تضمّن ترخيصها نصاً على لون محدد، لن تكون مطالبة بتغيير ألوانها لتتماشى مع الخطة الجديدة»، مشيراً إلى أن «معظم ألوان هذه القرى قريب أو هو نفس اللون المخصص لكل إقليم».
وأكد رضا أن «أهم نقطة في المشروع هي المباني المطلة على الطريق الدائري، المحور الرئيس للمتحف المصري الكبير»، موضحاً أن «المشروع يبدأ بالعقارات المبنية بالطوب الأحمر، أما العقارات التي أنهت طلاء واجهاتها بالفعل، فلن تكون مطالبة بتغيير اللون إلا عند التجديد، وستحتفظ المباني ذات الواجهات الحجرية أو الخشبية أو الرخامية بشكلها، لأن ألوانها تتماشى مع المجموعات اللونية المختارة».
وتتولى وزارة التنمية المحلية والمحافظات تنفيذ المخطط والتنسيق مع الأهالي لطلاء المباني، وبدأت محافظة القاهرة بالفعل طلاء المباني في المحاور الرئيسية القريبة من مطار القاهرة الدولي.
وقال الدكتور خالد قاسم، مساعد وزير التنمية المحلية، والمتحدث باسم الوزارة، في تصريحات صحافية إن «مجلس المحافظين سيضع خطة لتنفيذ تكليفات الرئيس وتطبيقها على مراحل»، محذراً بأنه «سيتم التعامل مع المخالفين بحزم وفقاً للقانون».
من جانبه قال إبراهيم صابر، نائب محافظ القاهرة، لـ«الشرق الأوسط»، إن «المحافظة بدأت العمل في محور جوزيف تيتو، المقابل للمطار باعتباره أول صورة يراها مَن يزور مصر»، مشيراً إلى أنه «تم طلاء 35 عقاراً باللون البيج، وسيتم طلاء 156 أخرى بامتداد شارع النصر».
وأضاف أن «العمل يتم بالتنسيق مع الأهالي، وسكان هذه المناطق، حيث تم توجيههم إلى مقاول، وهم يتولون التعامل معه لطلاء واجهات منازلهم، وتحمّل التكاليف الناتجة عن ذلك»، مؤكداً أنه «لم تحدث أي اعتراضات من جانب الأهالي»، مشيراً إلى أن «العمل امتد إلى مناطق أخرى في مصر الجديدة، والأماكن التراثية، وحي المرج، والطريق الدائري».
وأوضح أبو سعدة أن «اللجنة المشكّلة من أساتذة الفنون الجميلة والديكور والعمارة والتصميم، والتي وضعت المسطرة اللونية للأقاليم المصرية، ليست مسؤولة عن التنفيذ، لكنها على استعداد لتقديم أي دعم فني خلال التنفيذ على الأرض».
وهذه ليست المرة الأولى التي تسعى فيها مصر لوضع تصور لوني لعقاراتها، أو تحسين الصورة البصرية للمدن المصرية، خصوصاً المدن السياحية، التي تتضمن آثاراً ومباني ذات طراز معماري متميز، وربما كان هذا هو هدف الجهاز القومي للتنسيق الحضاري، منذ إنشائه عام 2004، حيث كان أول مشروع نفّذه في ذلك الوقت هو طلاء واجهات المباني في البر الغربي بالأقصر.
الدكتور سمير غريب، رئيس الجهاز القومي للتنسيق الحضاري الأسبق، والذي تولى مسؤولية الجهاز منذ عام 2004 حتى 2014، قال لـ«الشرق الأوسط»، إنه «فور إنشاء الجهاز بدأنا مشروعاً في البر الغربي بالأقصر، لطلاء واجهات المباني المطلة على الكوبري الذي تم إنشاؤه لربط البر الغربي بالبر الشرقي، وراعينا في اختيار الألوان المناخ وظروف المنطقة، فكان طلاء المباني باللون الطوبي ودرجات الأصفر».
لكن المشروع لم يكتمل أو ينتقل إلى مدن أخرى، حتى إن هذه البداية «ساء حالها»، وفقاً لغريب، الذي أكد أن «التنسيق الحضاري ثقافة وسلوك مواطن، وإذا لم يتم التعامل مع هذا السلوك، فسيقضي هذا على أي مشروع جيد»، مطالباً بأن «يكون التنسيق الحضاري مشروعاً قومياً وثقافياً يتعامل مع ثقافة وسلوك الناس، قبل فرض نمط عمراني أو لون معين على المدن والمباني».
وحول اللون الموحد قال غريب: «فكرة اللون الواحد جيدة لكن لا بد من اعتماد درجات مختلفة للون، فالجمال يكمن في الاختلاف ولكن بتناسق»، مشيراً إلى فكرة كان قد اقترحها الدكتور عادل ياسين، خلال فترة عمله بجهاز التنسيق الحضاري، وهي أن «يتم طلاء المباني في المدن الساحلية بألوان مختلفة، لمنحها نوعاً من التميز، على غرار القرى الساحلية في إيطاليا»، وتابع: «هذه الفكرة تصلح للمدن الساحلية، لكنها لا تصلح في المناطق الزراعية والمباني الموجودة على الطريق الدائري مثلاً».
وأوضح أن «طلاء العقارات المبنية بالطوب الأحمر يدخل في عمل التنسيق الحضاري، لوضع صورة حضارية للعمران، لكن لا بد من وضع دراسة قبل بدء التنفيذ لمعرفة ظروف وثقافة أصحاب هذه المباني»، وقال: «معظم هذه المباني عشوائية، دون ترخيص، وبعضها تم بناؤه بالتعدي على الأراضي الزراعية، فهي مبانٍ ليس لها وضع قانوني».
وأضاف غريب: «لا بد من حل المشكلة بالكامل، فالقضية أخطر من مجرد لون ومنظر حضاري»، لكنه في الوقت نفسه أكد أن «معالجة مشكلة البناء العشوائي تستغرق وقتاً طويلاً، لذلك من الممكن أن تتم بالتوازي مع محاولات تحسين الصورة»، موضحاً أن «مشكلة البناء العشوائي ناتجة عن تراكمات طويلة منذ عهد الرئيس الراحل أنور السادات، وللأسف لم يتم التعامل معها في حينها فتفاقمت، لتنتشر العشوائيات بجوار أي طريق جديد دون مراعاة لفكرة حرم الطريق».
ومبادرة الطلاء الموحد ليست النهاية، حيث قال أبو سعدة إن «مشروع الطلاء الموحد هو الخطوة الأولى من خطة متكاملة لتحسين الصورة البصرية للمدن المصرية، والتي تتضمن وضع تصور للإعلانات في الفراغات العامة، وشكل للأسواق الدائمة والمؤقتة، ولافتات المحلات، وكيفية التعامل مع الميادين والتماثيل الموضوعة بها، ومسارات المشاة، وحركة ذوي الاحتياجات الخاصة، والحدائق التراثية... وهي رؤية شاملة ومشروع قومي يعكف الجهاز القومي للتنسيق الحضاري على تصميمه».


مقالات ذات صلة

«ستيك» منصة تتيح للأفراد من مختلف أنحاء العالم الاستثمار في العقارات السعودية

عالم الاعمال خالد الحديثي الرئيس التنفيذي لشركة «وصف» ورامي طبارة الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي المشارك في «ستيك» ومنار محمصاني الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي المشارك في المنصة ويزيد الضويان المدير التنفيذي للعمليات بـ«الراجحي السابعة» وهنوف بنت سعيد المدير العام للمنصة بالسعودية

«ستيك» منصة تتيح للأفراد من مختلف أنحاء العالم الاستثمار في العقارات السعودية

أعلنت «ستيك» للاستثمار العقاري في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إطلاقها منصتها الرسمية بالسعودية

الاقتصاد «دار غلوبال» أعلنت إطلاق مشروعين في العاصمة السعودية الرياض بالشراكة مع منظمة ترمب (الشرق الأوسط)

«دار غلوبال» العقارية و«منظمة ترمب» تطلقان مشروعين جديدين في الرياض

أعلنت شركة «دار غلوبال» إطلاق مشروعين في العاصمة السعودية الرياض، بالشراكة مع «منظمة ترمب».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد منازل سكنية في جنوب لندن (رويترز)

أسعار المنازل البريطانية تشهد ارتفاعاً كبيراً في نوفمبر

شهدت أسعار المنازل في المملكة المتحدة ارتفاعاً كبيراً في نوفمبر (تشرين الثاني)، متجاوزة التوقعات؛ مما يعزّز من مؤشرات انتعاش سوق العقارات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
خاص تصدرت «سينومي سنترز» أعلى شركات القطاع ربحيةً المدرجة في «تداول» خلال الربع الثالث (أ.ب)

خاص ما أسباب تراجع أرباح الشركات العقارية في السعودية بالربع الثالث؟

أرجع خبراء ومختصون عقاريون تراجع أرباح الشركات العقارية المُدرجة في السوق المالية السعودية، خلال الربع الثالث من العام الحالي، إلى تركيز شركات القطاع على النمو.

محمد المطيري (الرياض)
عالم الاعمال «جي إف إتش» تطلق «OUTLIVE» لتقديم حلول عقارية مبتكرة بمجالات الصحة والرفاهية

«جي إف إتش» تطلق «OUTLIVE» لتقديم حلول عقارية مبتكرة بمجالات الصحة والرفاهية

مجموعة «جي إف إتش» المالية تعلن إطلاق «أوت لايف» (OUTLIVE)، وهي شركة عقارية مبتكرة تهدف إلى وضع معايير جديدة  للصحة والرفاهية في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا.


تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
TT

تأثيرات «كورونا» تظهر على العقارات المصرية

سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس
سوق العقارات المصرية تأثرت بالمخاوف من انشار الفيروس

بعد الانتشار المتزايد لفيروس «كورونا المستجد» في معظم أنحاء العالم، يحذّر خبراء الاقتصاد من التداعيات السلبية التي يشهدها الاقتصاد العالمي خصوصاً بعد الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الدول ومن بينها إغلاق الحدود وتعليق الرحلات الجوية والبحرية، وهو ما امتد بدوره إلى قطاع العقارات في مصر، حيث تشهد السوق العقارية في البلاد حالياً تراجعاً في نسب المبيعات، بالإضافة إلى إلغاء فعاليات ومؤتمرات تسويقية عقارية.
ويؤكد مستثمرون عقاريون مصريون من بينهم المهندس ممدوح بدر الدين، رئيس مجلس إدارة شعبة الاستثمار العقاري بالاتحاد العام للغرف التجارية، أن «القطاعات الاقتصادية تشهد تباطؤاً وجموداً حاداً في الآونة الأخيرة، وهذا سيكون له تبعاته على سوق العقار»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «أتوقع أن تخرج مصر من الأزمة سريعاً، وبأقل الخسائر نتيجة للإجراءات الاحترازية التي اتخذتها أخيراً للحد من انتشار المرض».
وشهدت سوق مبيعات العقارات في مصر «تراجعاً نسبياً منذ بداية أزمة كورونا»، وفق الخبير والمسوق العقاري محمود سامي، الذي قدّر «نسبة التراجع في مستويات البيع والشراء، بنسبة تتراوح من 20 إلى 30%، في بداية الأزمة، لتصل إلى 50% مع نهاية الأسبوع الماضي، مع اتخاذ مصر وعدد من الدول العربية إجراءات احترازية جريئة للحد من انتشار المرض».
ورغم أن مؤشرات الطلب على شراء العقارات التي تقاس وفق حجم الطلب على المواقع الإلكترونية المخصصة لبيع وشراء العقارات، لم تعكس هذا التراجع في شهر فبراير (شباط) الماضي، وفقاً لمؤشر موقع «عقار ماب» المتخصص في السوق العقارية، بعدما سجل ثبات مستوى الطلب على العقارات في شهري يناير (كانون الثاني) وفبراير الماضيين، لكن المؤشر أوضح أنه «كان هناك تزايد في الطلب في النصف الأول من شهر فبراير، إلا أن هذا التزايد تراجع في الأسبوعين الأخيرين ليستقر المؤشر عند نفس معدل الشهر السابق»، ولا توجد إحصائيات واضحة عن شهر مارس (آذار) الجاري، والذي تفاقمت فيه أزمة «كورونا».
وعكس ما يؤكده المسوق العقاري محمود سامي، من وجود تراجع في نسب مبيعات العقارات في مصر، يقول الدكتور ماجد عبد العظيم، أستاذ الاقتصاد والخبير العقاري، أن «السوق العقارية في مصر لم تتأثر حتى الآن بأزمة (كورونا)»، وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «لا يوجد ارتباط بين فيروس (كورونا) والعقارات، فمن يريد شراء شقة سيفعل ذلك»، مشيراً إلى أن «السوق العقارية المصرية تعاني من حالة ركود بدأت منذ نحو أربعة أشهر، وتظهر ملامحها في العروض التسويقية التي تقدمها شركات العقارات، ومن بينها زيادة عمولة المسوقين العقاريين، والإعلان عن تسهيلات في السداد تصل إلى عشر سنوات من دون مقدم، والدفعة الأولى بعد التسلم»، لافتاً إلى أن «حالة الركود هذه سببها الرئيسي زيادة المعروض، وارتفاع الأسعار بشكل مبالغ فيه».
ورغم أن العاملين في التسويق العقاري لا ينكرون وجود حالة ركود في السوق، فإنهم يرون أن المسألة تزايدت مع الخوف من انتشار «كورونا»، حتى حدث «انكماش في السوق العقارية»، على حد تعبير سامي الذي أوضح أن «شركات التسويق العقاري تأقلمت مع حالة الركود، ونفّذت عمليات إعادة هيكلة وتقليص لعدد الموظفين والمقرات»، مضيفاً: «ما نشهده الآن مختلف، فهناك حالة شلل لم نشهدها من قبل إلا مع ثورتي 30 يونيو (حزيران) 2013، و25 يناير 2011. وإن كان ما نشهده حالياً أكثر حدة، فهناك إلغاء لحجوزات ومواعيد معاينات للوحدات العقارية، وتأجيل لقرارات الشراء بشكل عام حتى انتهاء الأزمة واتضاح الرؤية».
ولا يقتصر تأثير انتشار «كورونا» على حركة البيع والشراء في قطاع العقارات، بل من المتوقع أن «ينعكس التأثير على اقتصاد الشركات العقارية واستثماراتها» حسب بدر الدين، الذي أشار إلى أن «قطاع النفط تأثر بصورة كبيرة خصوصاً بعد إصرار منظمة (أوبك) على عدم تقليل إنتاجها، ليهبط سعر البرميل إلى أقل من 30 دولاراً، ما سبب خسائر للمستثمرين والصناديق العالمية، وترتبت على ذلك انخفاضات في أسعار مواد البناء وبالتالي فإن أي مستثمر لديه مخزون من هذه السلع، سيحقق خسائر بلا شك».
وتماشياً مع قرارات الحكومة المصرية إلغاء التجمعات، تم تأجيل مؤتمر ومعرض «سيتي سكيب مصر للتسويق العقاري»، الذي يعده الخبراء أحد أكبر معارض التسويق العقاري في مصر، والذي كان من المقرر عقده في منتصف الشهر الجاري، لتكتفي الشركات العقارية بالعروض التسويقية التي تقدمها وتعلن عنها إلكترونياً أو تلفزيونياً.
والتأجيل يحمي شركات العقارات من خسائر متوقعة، نظراً لصعوبة حضور العملاء، مما سيؤثر بشكل سلبي على صورة القطاع العقاري، حسب بدر الدين.
ويخشى العاملون في السوق العقارية من استمرار الأزمة فترة طويلة، وهو ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة في القطاع، قد تضطر الشركات إلى عمليات إعادة هيكلة وتخفيض عمالة -على حد تعبير سامي- الذي قال إن «الشركات تأقلمت مع انخفاض المبيعات خلال الشهور الماضية، لكن لو استمر الوضع الحالي لمدة شهر، فالمسألة ستكون صعبة وقد تؤدي إلى إغلاق شركات وتسريح موظفين، حيث ستحتاج كل شركة إلى تخفيض نفقاتها بنسبة 40% على الأقل».
ورغم تأكيدات عبد العظيم أنه لا يوجد تأثير لأزمة «كورونا» على السوق العقارية حتى الآن، فإنه يقول: «إذا تفاقمت أزمة (كورونا) فستكون لها تأثيرات على جوانب الحياة كافة، ومنها العقارات»، وهو ما يؤكده بدر الدين بقوله إن «العالم كله سيشهد تراجعاً في معدلات النمو الاقتصادي».