تقرير دولي: مقارنة السياسات التعليمية مفيدة لكن توجد حساسيات

دعا لزيادة التكنولوجيا الحديثة في التدريس

غلاف التقرير السنوي للتعليم العالمي
غلاف التقرير السنوي للتعليم العالمي
TT

تقرير دولي: مقارنة السياسات التعليمية مفيدة لكن توجد حساسيات

غلاف التقرير السنوي للتعليم العالمي
غلاف التقرير السنوي للتعليم العالمي

يظل التقرير السنوي للتعليم (World Yearbook of Education)، الذي يصدر منذ عام 1964 ليركز كل عام على موضوع عالمي تعليمي، ذا أهمية كبرى بالنسبة للخبراء والدارسين على حد سواء. وقبل أربعة أعوام كان موضوعه هو التعليم في الدول العربية، بينما كان قبل ثلاثة أعوام يركز على دور المناهج التعليمية.
موضوع هذا التقرير، الذي صدر مؤخرا، هو الاستفادة من التكنولوجيا، ليس فقط لمساعدة الذين يتخذون القرارات التعليمية، ولكن أيضا لاتخاذ هذه القرارات. بمعنى آخر، صارت التكنولوجيا، هي نفسها، التعليم. وتوجد مجالات كثيرة للتعاون بين دول العالم في هذا الموضوع. لكن، كما يقول التقرير، فإن التنسيق بين الدول في المجال التعليمي توجد فيه حساسيات، بسبب عوامل وطنية وثقافية.
يبدأ التقرير بالإشارة إلى التطورات الأخيرة في مجال التعليم:
أولا: التوسعات التكنولوجية الأخيرة لحفظ المعلومات، وتوزيعها.
ثانيا: زيادة المقارنات التعليمية، لتكون عالمية، بعد أن كانت إقليمية أو محلية.
ثالثا: قدم نظرية «أحسن تعليم».
رابعا: مجيء نظرية «تحديث التعليم».
وقال التقرير إن هذا التطور الجديد يشمل الدول المتطورة (والتي تتطور). وصار خبراء التعليم في الدول الغربية (ويتوقع أن يسير على خطاهم خبراء التعليم في دول العالم الثالث) يقارنون مناهجهم، وبرامجهم، وسياساتهم، بدول مثل: فنلندا، وكوريا الجنوبية، وسنغافورة.
وتساعد على هذه المقارنات منظمات عالمية، مثل اليونيسكو (منظمة الأمم المتحدة التعليمية والعلمية والثقافية)، و«أوسيد» (المنظمة الأوروبية للثقافة والتنمية). وصارت هذه الجهات تستخدم علماء وخبراء لدراسة هذه المقارنات، ثم توزيعها على الدول الأعضاء فيها. وصار هؤلاء يركزون على العلاقة بين المعرفة، والمعلومة، والدليل.
وحسب التقرير، ليس جديدا التركيز على المعلومات الإلكترونية، التي تطورت بالطبع كثيرا خلال السنوات القليلة الماضية، لكن «يظل دور المعلومات الإلكترونية في أنظمة التعليم قليلا جدا، خصوصا في مجالات مثل الأبحاث والنشر».
لهذا، يهدف التقرير إلى زيادة العلاقة بين الاثنين: نظام التعليم والمعلومات الإلكترونية. ويهدف إلى تشجيع تعاون عالمي، ليس في مجال المناهج فحسب، لكن في مجال تشجيع دور التكنولوجيا.
ويشير التقرير إلى تاريخ «وورلد ييروك أوف إديوكيشن» (الكتاب السنوي العالمي) كانعكاس لهذه التطورات الجديدة. وفي أول تقرير عام 1964 كان التركيز على المناهج الإنجليزية «في سنوات ما بعد نهاية الإمبراطورية البريطانية». في ذلك الوقت «كانت الدول الأنغلوفونية (الناطقة باللغة الإنجليزية) في مركز الصدارة في العالم».. لكن، خلال السنوات التالية، زاد اهتمام التقرير السنوي بمواضيع مثل: تطور التعليم في دول العالم الثالث، والتعليم فوق الجامعي في أوروبا، والنزاع الإنجليزي اللاتيني في المناهج الأميركية.
وبالنسبة إلى موضوع المقارنة والتنسيق بين أنظمة تعليمية عالمية، يقول هذا التقرير الأخير إن من بين الأهداف الأتي:
أولا: دراسة تأثير العولمة على المناهج التعليمية في مختلف الدول.
ثانيا: عدم التدخل في التفاصيل المحلية لمنهج كل دولة.
ثالثا: نظريا، وضع منهج عالمي تعليمي موحد، لكن دون التركيز على هذا الموضوع.
لهذا، يقول التقرير إن الهدف الجديد هو مقارنة الأنظمة التعليمية الوطنية معا، دون العمل على دمجها، أو نقلها، ناهيك بتوحيدها.
في نفس الوقت، الهدف الجديد هو وجود تصور عالمي للسياسات والمناهج التعليمية لتستفيد منه كل دولة، دون فرض ذلك على أي دولة. و«التركيز على التعاون بين مناهج مختلف الدول، مع وضع اعتبار لإمكانية إدخال التصورات العالمية في التصورات المحلية».
ولا ينكر التقرير أن هذه ليست فقط أهدافا جديدة، ولكنها أيضا أهداف ليس سهلا تحقيقها. ولأكثر من «سبب حساس» كما يشير، وهي:
أولا: خوف كل دولة من التعدي على سياستها في وضع مناهجها.
ثانيا: وجود عوامل دينية وثقافية معينة تؤثر على هذه السياسات.
ثالثا: افتراضا، لا يريد أحد أن يكون هناك «نظام تعليمي عالمي واحد».
قد يمكن تحقيق أنظمة عالمية موحدة في مجالات مثل: قوانين الشرطة أو قوانين المرور، أو المقاييس والموازين. لكن ليس في موضوع أساسي وهام مثل التعليم. وطبعا، يمكن مقارنة أنظمة مختلف الدول في هذه المجالات، وإمكانية استفادة دول من تجارب دول أخرى. لكن، كيف تقلد دولة دولة أخرى في منهج أو مقرر عن الدين مثلا؟
حتى في الدول الأوروبية، يقول التقرير، يمكن المقارنة والتعاون في السياسات التعليمية العامة، لكن، ليس في كل المقررات. وذلك «بسبب قوة العوامل الوطنية، والتي تعكس التطور التاريخي للتعليم في كل دولة».
حتى لو نفذت المقارنات (واستغلت في هذا العصر التكنولوجي المتطور) في الدول الغربية، سيكون شبه مستحيل إدماج دول كثيرة في العالم الثالث فيها. وذلك لأنه، حتى في أوروبا، تظل السياسات التعليمية خليطا من عوامل وطنية وعوامل حضارية. مثل التركيز على الوحدة الوطنية في جانب، مقابل التركيز على الحرية الفردية في الجانب الآخر.
فما بال دمج هذه في دول العالم الثالث؟
وأخيرا، يقول التقرير: «تعرقل العولمة بناء الدولة الحديثة. تزيل العلاقات والمقارنات والتنسيقات في الدول الرأسمالية المتقدمة الحواجز بين كثير من هذه الدول. لكنها، في نفس الوقت، تقلل أهمية الدولة الحديثة فيها».. ولا بد أن الموضوع أكثر تعقيدا بالنسبة لدول العالم الثالث.



20 مليون طالب أجنبي في جامعات أميركا... أغلبهم من الصين والهند

20 مليون طالب أجنبي في جامعات أميركا... أغلبهم من الصين والهند
TT

20 مليون طالب أجنبي في جامعات أميركا... أغلبهم من الصين والهند

20 مليون طالب أجنبي في جامعات أميركا... أغلبهم من الصين والهند

ارتفع عدد الطلاب الأجانب بالتعليم العالي في الولايات المتحدة الأميركية العام الماضي بنسبة 3.4 في المائة؛ أي نحو مليون طالب، وبزيادة تصل إلى 35 ألف طالب عن عام 2016، والذين جاءوا إلى الولايات المتحدة الأميركية على تأشيرات الطلاب غير المهاجرين.
وحسب تقرير مؤسسة «الأبواب المفتوحة (أوبن دورز)» الذي نشر في آخر 2017، فإن الزيادة في عدد الطلاب تأتي للمرة السابعة، وإن عدد الطلاب الأجانب الذين يدرسون في كليات وجامعات أميركا ارتفع بنسبة 85 في المائة منذ 10 سنوات.
تم نشر تقرير «الأبواب المفتوحة» عن التبادل التعليمي الدولي، من قبل معهد التعليم الدولي الذي يعد من أهم منظمات التبادل الثقافي الرائدة في الولايات المتحدة. وقد «أجرى معهد التعليم الدولي إحصاءات سنوية عن الجامعات حول الطلاب الدوليين في الولايات المتحدة منذ عام 1919، وبدعم من مكتب الشؤون التعليمية والثقافية بوزارة الخارجية منذ أوائل السبعينات. ويستند التعداد إلى استطلاع شمل نحو 3 آلاف من المؤسسات التعليمية المرموقة في الولايات المتحدة».
وحسب التقرير المفصل، فإن هذا العدد من الطلاب الأجانب لا يشكل إلا 5 في المائة من عدد الطلاب الذين يدرسون في قطاع التعليم العالي بالكليات والجامعات الأميركية، حيث يصل مجمل العدد حسب التقرير إلى 20 مليون طالب؛ أي بارتفاع بنسبة تتراوح بين 3 و4 في المائة عن عام 2007. ويعود سبب الارتفاع إلى ازدياد عدد الطلاب الأجانب وتراجع عدد الطلاب الأميركيين في البلاد منذ أن سجل عدد الطلاب الأميركيين أعلى معدل في عامي 2012 و2013.
وحول أصول الطلاب الأجانب الذين يدرسون في الولايات المتحدة الأميركية، فقد ذكر التقرير أنه للسنة الثالثة على التوالي كان أكبر نمو في عدد الطلاب من الهند، وعلى مستوى الدراسات العليا في المقام الأول وعلى مستوى التدريب العملي الاختياري (أوبت). ومع هذا، لا تزال الصين أكبر دولة من ناحية إرسال الطلاب الأجانب، حيث يبلغ عدد الطلاب في الولايات المتحدة نحو ضعف عدد الطلاب الهنود. لكن ما يؤكد عليه التقرير هو النمو في عدد الطلاب الآتين من الهند.
ومن هنا أيضا فقد وجد التقرير أن 50 في المائة من إجمالي الطلاب الدوليين في الولايات المتحدة من دولتي الصين والهند.
ووصلت نسبة التراجع لدى الطلاب السعوديين في الولايات المتحدة إلى 14.2 في المائة، ويعود ذلك، حسب التقرير، إلى حد كبير للتغييرات في برنامج المنح الدراسية للحكومة السعودية الذي يقترب الآن من عامه الرابع عشر.
التراجع الملحوظ في عدد الطلاب الأجانب في الولايات المتحدة، كان من اليابان والمملكة المتحدة وتركيا، وبنسبة أقل من اثنين في المائة لكل من هذه الدول. وإضافة إلى كوريا الجنوبية، فقد انخفض عدد طلاب هونغ كونغ بنسبة 4.7 في المائة. وكانت أكبر نسبة انخفاض بين الطلاب الأجانب من البرازيل، حيث وصلت نسبة الانخفاض إلى 32.4 في المائة. ويعود ذلك أيضا إلى نهاية البرامج الحكومية البرازيلية التي تساعد الطلاب الذين يدرسون في الخارج، خصوصا في الولايات المتحدة.
وحول أسباب التراجع في عدد طلاب هذه الدول بشكل عام، يقول تقرير «أوبن دورز» إنه من المرجح أن تشمل عوامل التراجع مزيجا من العوامل الاقتصادية العالمية والمحلية في هذه الدول؛ «وفي بعض الحالات توسع فرص التعليم العالي في داخل هذه الدول وتراجع عدد السكان».
ويكشف التقرير الأخير أن 25 من أفضل الجامعات الأميركية و10 ولايات أميركية يستقبلون أكبر عدد من الطلاب الأجانب السنة الماضية. وكان على رأس المستقبلين كما هو متوقع ولاية كاليفورنيا، تبعتها ولاية نيويورك، وولاية تكساس في المرتبة الثالثة، وماساتشوستس في المرتبة الرابعة.
ويتضح من التقرير أن 22.4 من مجمل الطلاب الأجانب الذين جاءوا إلى الولايات المتحدة الأميركية، جاءوا إلى الجامعات الـ25 الأولى في ترتيب الجامعات التي استقبلت الطلاب الأجانب.
وعلى الصعيد الاقتصادي، وحسب غرفة التجارة الأميركية، فإن لارتفاع عدد الطلاب الأجانب في الولايات المتحدة، نتائج إيجابية على الصعيد الاقتصادي؛ إذ ارتفع ما يقدمه هؤلاء الطلاب إلى الاقتصاد الأميركي من 35 مليار دولار إلى 39 مليار دولار العام الماضي. ويبدو أن سبب الارتفاع يعود إلى أن ثلثي الطلاب الأجانب في الولايات المتحدة يتلقون تمويلهم من الخارج، أي من حكوماتهم وعائلاتهم وحساباتهم الشخصية. ولا تتوقف منفعة الطلاب الأجانب على الاقتصاد؛ بل تتعداه إلى المنافع العلمية والبحثية والتقنية.
وحول الطلاب الأميركيين في الخارج، يقول التقرير إنه رغم التراجع الطفيف في السنوات القليلة الماضية، فإن عدد هؤلاء الطلاب تضاعف 3 مرات خلال عقدين. ووصلت نسبة الارتفاع إلى 46 في المائة خلال العقد الماضي. كما أن عدد هؤلاء الطلاب في الخارج وصل إلى 325.339 ألف طالب لعامي 2015 و2016.
ويبدو أن معظم الطلاب الأميركيين يرغبون بدراسة العلوم والهندسة والرياضيات في الخارج وتصل نسبة هؤلاء الطلاب إلى 25.2 في المائة من إجمالي عدد الطلاب. وبعد ذلك يفضل 20.9 في المائة من هؤلاء الطلاب دراسة إدارة الأعمال والعلوم الاجتماعية.
ولا تزال الدول الأوروبية المحطة الرئيسية للطلاب الأميركيين في الخارج، وقد ارتفع عدد هؤلاء الطلاب بنسبة 3.5 في المائة عامي 2015 و2016. وتأتي على رأس لائحة الدول المفضلة للطلاب الأميركيين بريطانيا، تليها إيطاليا وإسبانيا وفرنسا وألمانيا التي احتلت المركز الخامس بدلا من الصين العامين الماضيين. كما ارتفع عدد الطلاب الأميركيين في الفترة نفسها في كل من اليابان وكوريا الجنوبية وجنوب أفريقيا والدنمارك وتشيكيا ونيوزيلندا وكوبا وهولندا. ولاحظ التقرير أيضا ارتفاعا في عدد الطلاب الأميركيين الذين يذهبون إلى دول الكاريبي ودول أميركا اللاتينية للدراسة الجامعية.
ووصلت نسبة الارتفاع في هذه الدول إلى 5.6 في المائة، ووصل عدد الطلاب الأميركيين الذين يدرسون في دول الكاريبي ودول أميركا اللاتينية إلى 53.105 ألف طالب.
لكن أهم نسب الارتفاع على عدد الطلاب الأميركيين في الخارج كما جاء في التقرير، كانت في اليابان التي سجلت نسبة ارتفاع قدرها 18 في المائة، وكوريا الجنوبية بنسبة 3 في المائة.
ورغم هذه الارتفاعات في كثير من الدول، خصوصا الدول الأوروبية، فإن هناك تراجعات في عدد الطلاب الأميركيين الذين يدرسون في بعض البلدان كما يشير التقرير الأخير، ومن هذه الدول كما يبدو الصين التي تراجع عدد الطلاب الأميركيين فيها بنسبة 8.6 في المائة، أما نسبة التراجع في فرنسا فقد وصلت إلى 5.4 في المائة، حيث وصل عدد الطلاب إلى 17.215 ألف طالب، وسجلت البرازيل نسبة كبيرة من التراجع في عدد الطلاب الأميركيين الذين يأتون إليها، ووصلت نسبة هذا التراجع إلى 11.4 في المائة، ووصل عدد الطلاب إلى 3.400 ألف طالب. أما الهند فقد تراجع عدد الطلاب الأميركيين فيها خلال العامين الماضيين بنسبة 5.8 في المائة، ووصلت هذه النسبة إلى واحد في المائة في اليونان التي عادة ما تستقطب الطلاب المهتمين بالميثولوجيا اليونانية والراغبين بدراسة اللغة اليونانية نفسها.
مهما يكن، فإن عدد الطلاب الأميركيين الذين يدرسون في الخارج لا يزيدون بشكل عام على 10 في المائة من مجمل عدد الطلاب الأميركيين الباحثين عن جامعة جيدة لإنهاء تحصيلهم العلمي قبل دخول عالم العمل والوظيفة.