هل يكتب القراء الصحف؟

تجربة صحافية جديدة.. ليقرأ الناس ما يكتبون

هل يكتب القراء الصحف؟
TT

هل يكتب القراء الصحف؟

هل يكتب القراء الصحف؟

في منتصف هذا الشهر، ستبدأ في الولايات المتحدة تجربة صحافية جديدة، ربما ستكون خطوة أولى نحو تحويل القراء إلى صحافيين. وليقرأ الناس ما يكتبون هم. لا ما يكتب الصحافيون. كانت شركة «كوندي ناست»، أكبر دار نشر مجلات في الولايات المتحدة، أعلنت أنها تخطط للسماح لنخبة من الكتاب بنشر إسهاماتهم في موقع مجلة «ترافيلار» (السائح) في الإنترنت، وأن التجربة ستبدأ منتصف الشهر الحالي. وذلك كجزء من سلسلة من التجارب التي تهدف إلى أن تكون مجلات «كوندي ناست» خليطا من مساهمات من صحافييها، ومن قرائها، خاصة مجلة «ترافيلار»، التي تنشر كثيرا انطباعات صحافييها بعد أن يزورا مناطق مختلفة في العالم. يعني هذا أن المجلة ستوفر كثيرا إذا دفعت لقراء اشتروا تذاكر سفرهم، ودفعوا تكاليف نزولهم في فنادق، وتكاليف أكلهم وشرابهم، بدلا من أن تشتري هي تذاكر سفر صحافييها، وتدفع تكاليف نزولهم في فنادق، وتكاليف أكلهم وشرابهم.
وقبل ثلاثة أشهر، وافقت شركة «تايم انك» التي تصدر مجلة «تايم» ومجلة «إنترتينمنت» (الترفيه)، للأخيرة بالسماح لعدد معين من قرائها بنشر تعليقاتهم على الأفلام الجديدة، والمسلسلات الجديدة، في موقع المجلة في الإنترنت. وبنفس منطق شركة «كوندي ناست»، لماذا لا تدفع لقراء مبالغ قليلة بدلا من تحمل تكاليف صحافيين متفرغين؟
ومن قبل ستة أشهر، سمح موقع «غوكر» للقراء، ليس فقط بنشر آرائهم وأخبارهم. ولكن، أيضا، بالاشتراك مع صحافيي الموقع، ومع بقية القراء، في مناقشات، من دون أي رقابة. يعني هذا أن «غوكر» ستوفر جزءا من رواتب صحافييها، وفي نفس الوقت، تزيد الإقبال على موقعها.
عن هذه الظاهرة الجديدة، قال توم روزنستيل، مدير معهد الصحافة الأميركي: «إذا نفذت هذه الخطط جيدا، فستكون النتيجة رائعة، وستكون لا بد منها. صارت التكنولوجيا توفر إمكانات هائلة للصحافة. وصارت تثري الصحافة أكثر من ذي قبل. هذه الصحافة هي ما أسميها الصحافة التعاونية».
وهكذا، لا يتهدد مستقبل الصحافيين في الصحف الورقية فقط، ولكن، أيضا، في صحف الإنترنت، خاصة أن الصحافة الورقية لا تقدر على منافسة التكنولوجيا الحديثة. وفي الإنترنت، توجد مختلف المواقع للقراءة، وللتواصل.
لم يعد التواصل فقط عن طريق خطاب إلى رئيس التحرير. وصار كل واحد صحافيا. وصار الناس يتابعون بعضهم بعضا في المدونات، وفي «تويتر» وفي «فيسبوك». لهذا، كما قال مسؤول في شركة «كوندي نسيت»: «نحن أولى بآراء الناس من «تويتر» و«فيسبوك»، بل يمكن أن يدفعوا لهم مبالغ رمزية. أو كبيرة.



تساؤلات بشأن دور التلفزيون في «استعادة الثقة» بالأخبار

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)
TT

تساؤلات بشأن دور التلفزيون في «استعادة الثقة» بالأخبار

شعار «غوغل» (رويترز)
شعار «غوغل» (رويترز)

أثارت نتائج دراسة حديثة تساؤلات عدة بشأن دور التلفزيون في استعادة الثقة بالأخبار، وبينما أكد خبراء وجود تراجع للثقة في الإعلام بشكل عام، فإنهم اختلفوا حول الأسباب.

الدراسة، التي نشرها معهد «نيمان لاب» المتخصص في دراسات الإعلام مطلع الشهر الحالي، أشارت إلى أن «الثقة في الأخبار انخفضت بشكل أكبر في البلدان التي انخفضت فيها متابعة الأخبار التلفزيونية، وكذلك في البلدان التي يتجه فيها مزيد من الناس إلى وسائل التواصل الاجتماعي للحصول على الأخبار».

لم تتمكَّن الدراسة، التي حلَّلت بيانات في 46 دولة، من تحديد السبب الرئيس في «تراجع الثقة»... وهل كان العزوف عن التلفزيون تحديداً أم الاتجاه إلى منصات التواصل الاجتماعي؟ إلا أنها ذكرت أن «الرابط بين استخدام وسائل الإعلام والثقة واضح، لكن من الصعب استخدام البيانات لتحديد التغييرات التي تحدث أولاً، وهل يؤدي انخفاض الثقة إلى دفع الناس إلى تغيير طريقة استخدامهم لوسائل الإعلام، أم أن تغيير عادات استخدام ومتابعة وسائل الإعلام يؤدي إلى انخفاض الثقة».

ومن ثم، رجّحت الدراسة أن يكون سبب تراجع الثقة «مزيجاً من الاثنين معاً: العزوف عن التلفزيون، والاعتماد على منصات التواصل الاجتماعي».

مهران كيالي، الخبير في إدارة وتحليل بيانات «السوشيال ميديا» في دولة الإمارات العربية المتحدة، يتفق جزئياً مع نتائج الدراسة، إذ أوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «التلفزيون أصبح في ذيل مصادر الأخبار؛ بسبب طول عملية إنتاج الأخبار وتدقيقها، مقارنة بسرعة مواقع التواصل الاجتماعي وقدرتها على الوصول إلى شرائح متعددة من المتابعين».

وأضاف أن «عدد المحطات التلفزيونية، مهما ازداد، لا يستطيع منافسة الأعداد الهائلة التي تقوم بصناعة ونشر الأخبار في الفضاء الرقمي، وعلى مواقع التواصل الاجتماعي». إلا أنه شدَّد في الوقت نفسه على أن «الصدقية هي العامل الأساسي الذي يبقي القنوات التلفزيونية على قيد الحياة».

كيالي أعرب عن اعتقاده بأن السبب الرئيس في تراجع الثقة يرجع إلى «زيادة الاعتماد على السوشيال ميديا بشكل أكبر من تراجع متابعة التلفزيون». وقال إن ذلك يرجع لأسباب عدة من بينها «غياب الموثوقية والصدقية عن غالبية الناشرين على السوشيال ميديا الذين يسعون إلى زيادة المتابعين والتفاعل من دون التركيز على التدقيق». وأردف: «كثير من المحطات التلفزيونية أصبحت تأتي بأخبارها عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي، فتقع بدورها في فخ الصدقية والموثوقية، ناهيك عن صعوبة الوصول إلى التلفزيون وإيجاد الوقت لمشاهدته في الوقت الحالي مقارنة بمواقع التواصل التي باتت في متناول كل إنسان».

وحمَّل كيالي، الهيئات التنظيمية للإعلام مسؤولية استعادة الثقة، قائلاً إن «دور الهيئات هو متابعة ورصد كل الجهات الإعلامية وتنظيمها ضمن قوانين وأطر محددة... وثمة ضرورة لأن تُغيِّر وسائل الإعلام من طريقة عملها وخططها بما يتناسب مع الواقع الحالي».

بالتوازي، أشارت دراسات عدة إلى تراجع الثقة بالإعلام، وقال معهد «رويترز لدراسات الصحافة»، التابع لجامعة أكسفورد البريطانية في أحد تقاريره، إن «معدلات الثقة في الأخبار تراجعت خلال العقود الأخيرة في أجزاء متعددة من العالم». وعلّق خالد البرماوي، الصحافي المصري المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، من جهته بأن نتائج الدراسة «غير مفاجئة»، لكنه في الوقت نفسه أشار إلى السؤال «الشائك»، وهو: هل كان عزوف الجمهور عن التلفزيون، السبب في تراجع الصدقية، أم أن تراجع صدقية الإعلام التلفزيوني دفع الجمهور إلى منصات التواصل الاجتماعي؟

البرماوي رأى في لقاء مع «الشرق الأوسط» أن «تخلّي التلفزيون عن كثير من المعايير المهنية ومعاناته من أزمات اقتصادية، دفعا الجمهور للابتعاد عنه؛ بحثاً عن مصادر بديلة، ووجد الجمهور ضالته في منصات التواصل الاجتماعي». وتابع أن «تراجع الثقة في الإعلام أصبح إشكاليةً واضحةً منذ مدة، وإحدى الأزمات التي تواجه الإعلام... لا سيما مع انتشار الأخبار الزائفة والمضلّلة على منصات التواصل الاجتماعي».