لبنان: حكومة نهاية الأسبوع... أو المجهول

الحريري عاد إلى بيروت و«سرّه في جيبه»

TT

لبنان: حكومة نهاية الأسبوع... أو المجهول

عاد الرئيس المكلف تشكيل الحكومة اللبنانية سعد الحريري إلى بيروت، مستكملاً اتصالات «الفرصة الأخيرة» التي حددها لنفسه بهذا الأسبوع لتأليف حكومته المتعثرة ولادتها منذ 9 أشهر.
ورفض الحريري البوح بخياراته الأخرى في حال فشلت عملية التأليف، رافضاً الحديث عن احتمال اجتماع حكومة تصريف الأعمال لإقرار الموازنة، عادّاً أن الأمر الملحّ الآن هو تأليف الحكومة وأنه لن يبحث سواه. وقال بعض من التقى الحريري، أمس، لـ«الشرق الأوسط» إن «سرّ الحريري في جيبه».
وقالت مصادر مواكبة لعملية تشكيل الحكومة، لـ«الشرق الأوسط» إن الحريري تحادث هاتفياً مع رئيس البرلمان نبيه بري لوضعه في أجواء تحركاته خصوصاً أنه التقى رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل 4 مرات. وكشفت أنه سيلتقي أيضاً رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
وقالت المصادر إن مشاورات تأليف الحكومة أمام خيارين؛ هما «التشكيل أو المجهول». ورأت أن عملية تبادل الحقائب «ثانوية» وغير مؤثرة، موضحة أن العقبة الأساسية لا تزال إيجاد وزير يمثل حلفاء «حزب الله» السنّة ويكون من حصة الرئيس عون من دون أن يشكل استفزازاً لأي طرف. وأخذت المصادر على فريق عون عدم القيام بمبادرات لحل المشكلة القائمة.
وعاد «حزب الله» للتصويب على الرئيس الحريري بتحميله مسؤولية عدم تشكيل الحكومة انطلاقا من رفضه تمثيل «سنّة 8 آذار»، في وقت حمّل فيه حليفه «حركة أمل» مسؤولية التعطيل لوزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، عادّاً أن من يريد الثلث المعطل هو من يعطّل تأليف الحكومة.
وقال النائب في كتلة «حزب الله» نواف الموسوي إن «المشكلة كانت ولا تزال أن رئيس الحكومة المكلف بدل أن يعمل على تلخيص نتائج الانتخابات النيابية في حكومة تمثل جميع من اختارهم الشعب، قرر أن يستثني فئة من اللبنانيين صوتت لمجموعة من النواب». وسأل: «لماذا يجب أن يكون هناك تمثيل متعدد عند المسيحيين والشيعة والدروز ولا يكون عند السنّة؟». ورأى أنه «من الطبيعي أن تتمثل (كتلة اللقاء التشاوري) في الحكومة.
بدوره؛ عدّ النائب في «اللقاء التشاوري» جهاد الصمد، أن «هناك خللا في عملية تشكيل الحكومة يتحمل مسؤوليته الحريري الذي يرفض التفاوض معنا وفضل الذهاب إلى باريس للتشاور»، مجدداً المطالبة بأن «يكون ممثل (اللقاء) من حصة التمثيل السنّي في حكومة الوحدة الوطنية، وليس من حصة الرئيس المكلف أو رئيس الجمهورية».
في المقابل، عدّ النائب في «كتلة التنمية والتحرير» هاني قبيسي أن «ما يعوق تشكيل الحكومة حتى الآن هو سعي البعض وإصراره على الحصول على الثلث المعطل، في إشارة إلى باسيل.
وقال قبيسي في احتفال تأبيني بالجنوب: «لا يجوز أن يبقى لبنان ضحية لهذه الدوامة من المراوحة وهدر الوقت والفرص وعدم الأخذ بعين الاعتبار والجدية ما يحدق بلبنان واللبنانيين من مخاطر؛ ليس أقلها خطر تفاقم الأزمة الاقتصادية، والخطر الصهيوني الماثل أمامنا عدواناً دائماً على حدودنا البرية وانتهاكاً يومياً لسيادة أجوائنا واستخدامها للعدوان على الشقيقة سوريا». واستغرب «الانتقال بالتفاوض بين الفرقاء المعنيين بتشكيل الحكومة من بيروت إلى كل مساحات العالم وعواصمه»، مؤكداً أن أي «تنازل هو تنازل من أجل لبنان، وأن (حركة أمل) قدمت كل التسهيلات من أجل ولادة حكومة وفاق وطني، وعلى الجميع الوعي بأنه لا قيمة لما يسميه البعض (الثلث الضامن) إذا ما تعطلت مؤسسات الدولة على النحو القائم حالياً».



حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).