حدد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان هدف بلاده من إقامة مناطق آمنة في شمال سوريا باستيعاب نحو 4 ملايين لاجئ سوري تستضيفهم تركيا، وتمكينهم من العودة إلى ديارهم، قائلاً: «سنحقق السلام والاستقرار والأمن في منطقة شرق الفرات قريباً، تماماً كما حققناه في مناطق أخرى».
وذكر إردوغان في كلمة أمام مؤتمر في إسطنبول، أمس، أن نحو 300 ألف سوري عادوا بالفعل إلى ديارهم، وأنه يتوقع عودة ملايين السوريين إلى المناطق الآمنة.
وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أنه سيتم سحب كل القوات الأميركية من سوريا واقترح إقامة منطقة آمنة بعمق 20 ميلاً داخل سوريا على الحدود مع تركيا.
وقال إردوغان: «سنطهّر المنطقة من عناصر تنظيم داعش الإرهابي وبقاياه التي يتم تدريبها ضد تركيا»، مضيفاً أن الدول الغربية «سعت إلى مكافحة التنظيم الإرهابي من خلال تسليح تنظيم إرهابي آخر (في إشارة إلى تعاون الولايات المتحدة مع «وحدات حماية الشعب» الكردية أكبر مكونات تحالف قوات سوريا الديمقراطية «قسد» والتي تعدها تركيا «تنظيماً إرهابياً»).
في السياق ذاته، قالت صحيفة «يني شفق» التركية، القريبة من حكومة إردوغان، إن أولوية تركيا في تشكيل المنطقة الآمنة شمال سوريا تتمحور أولاً حول إعلان مدن منبج وتل أبيض ورأس العين مناطق آمنة، والتحقق من سكان هذه المدن، وتوفير البنية التحتية الطبية والأمنية فيها وتدريب قوات الأمن بها وتشكيل فريق لتأمين الحدود التركية. ونقلت الصحيفة عن مصادر أمنية أن المنطقة الآمنة التي تسعى إليها تركيا بالتعاون مع الولايات المتحدة ستنفّذ على مراحل متعددة، وأن البدء في التنفيذ بات وشيكاً جداً.
وأضافت أن احتمال شن عملية عسكرية في منبج وشرق الفرات لا يزال قائماً حتى الآن، حيث ستبدأ خطة المنطقة الآمنة من مدينة منبج، وبعدها تنفَّذ تباعاً في تل أبيض ورأس العين، حيث سيتم تطهير المنطقة من «الوحدات» الكردية وحزب العمال الكردستاني، والسيطرة عليها وبدء تنفيذ البنية التحتية للخدمات فيها.
وأشارت الصحيفة إلى أن من أولويات تركيا طرد المقاتلين الأجانب الذين جاءوا للقتال في سوريا إلى جانب تنظيم داعش الإرهابي أو إلى جانب الوحدات الكردية، وإعادتهم إلى بلدانهم التي أتوا منها. ولفتت إلى أن قوات نظام الأسد وزّعت أكثر من 20 ألف زي عسكري خاص بها في مناطق الدرباسية ورأس العين ومنبج والحسكة، وأن النظام سيعمل على تسويق ما سمتها «كذبة تسلم الأراضي من الوحدات الكردية» من خلال العناصر الذين سيرتدون هذه الملابس.
وذكرت الصحيفة أن تركيا قدمت تقريراً لروسيا بشأن هذه المعلومات واستعدادات النظام، وقالت إنها ستقوم باللازم في حال محاولة إفشال العملية التركية.
في سياق متصل، ذكرت وكالة «الأناضول» التركية، أمس، أن 600 جندي أميركي إضافيين وصلوا إلى قاعدتين شرق نهر الفرات، بهدف تأمين انسحاب القوات الأميركية من سوريا. ونقلت الوكالة عن مصدر قوله، إن «الجنود وصلوا إلى قاعدتي خراب عشق وصرين شرق نهر الفرات، وتوزعوا بين القاعدتين اللتين ستُستخدمان من أجل عمليات إخلاء الجنود، أما القاعدتان الأميركيتان في رميلان وتل بيدر في محافظة الحسكة، فستُستخدمان من أجل نقل العتاد الثقيل عبر الجو».
وكان مصدر في وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون) قد أبلغ شبكة «سي إن إن»، يوم الخميس الماضي، بأن الوزارة سترسل قوات إضافية إلى سوريا بهدف تأمين عملية انسحاب القوات الأميركية من هناك.
من جانبه قال وزير الدفاع التركي، خلوصي أكار، إن بلاده ستقضي على «وحدات حماية الشعب» الكردية التابعة لحزب العمال الكردستاني، الذي تعده أنقرة «تنظيماً إرهابياً»، ولن تسمح بإقامة «ممر إرهابي» شمال سوريا. وقام أكار بجولة على الوحدات العسكرية التركية في ولاية ماردين جنوب البلاد، رفقة رئيس الأركان التركي يشار جولار، وقائد القوات البرية أوميت دوندار، وقال، خلال الجولة، إن بلاده تذكِّر الجانب الأميركي بضرورة الالتزام بتعهداته بشأن خريطة الطريق في منبج التي تتضمن سحب عناصر الوحدات الكردية من المدينة، وتنتظر اتخاذ الخطوات اللازمة في هذا الصدد. وأضاف أن تركيا تمارس الضغوط وتُجري مباحثات مع واشنطن على مستويات متعددة من أجل إخراج عناصر الوحدات الكردية والأسلحة الثقيلة من منبج. وأكد أن «الجيش التركي قام بالاستعدادات اللازمة في هذا الإطار، ولا نريد أي إرهابي هناك». وشدد على أن تركيا تحارب مَن سماهم «الإرهابيين» فقط، وليست لديها مشكلات على الإطلاق مع أشقائها العرب والأكراد في المنطقة، ولا تقوم بأي عمل ضدهم.
وفي ما يتعلق بالوضع في محافظة إدلب، أشار أكار إلى أهمية مواصلة وقف إطلاق النار والاستقرار في هذه المنطقة. وقال: «جنودنا يواصلون أعمالهم ليل نهار، بعزيمة وإصرار، ويبذلون كل الجهود من أجل ضمان استمرار وقف إطلاق النار بإدلب وتحقيق الاستقرار فيها».
وأرسل الجيش التركي، مساء أول من أمس، تعزيزات جديدة من القوات الخاصة إلى المناطق الحدودية مع سوريا قادمة من ولايات تركية عدة انضمت إلى الوحدات الموجودة على الحدود في محافظة هطاي جنوب البلاد.
وكان الجيش التركي قد أرسل قبل أيام تعزيزات إلى منطقة التن أوزو في ولاية هطاي، تضمنت وحدات من القوات الخاصة وشاحنات محملة بمركبات عسكرية مدرعة، لتوزيعها على الوحدات المنتشرة على الحدود مع سوريا.
وأجرى الجيش التركي، قبل أسبوعين، مناورات عسكرية في هطاي، على الحدود مع إدلب، شاركت فيها مدرعات مزودة بصواريخ، بالإضافة إلى وحدات الرصد والبحث عن الألغام، كما أرسلت تعزيزات إلى الجهة المقابلة لمدينتي جسر الشغور وحارم.
إردوغان: نريد إقامة المناطق الآمنة لتستوعب 4 ملايين سوري
إردوغان: نريد إقامة المناطق الآمنة لتستوعب 4 ملايين سوري
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة