تركيا تؤكد مواصلة عملياتها ضد «العمال الكردستاني» في العراق

أنقرة أبلغت بغداد بأنها تستخدم «حقها في الدفاع عن النفس»

TT

تركيا تؤكد مواصلة عملياتها ضد «العمال الكردستاني» في العراق

أكدت تركيا أنها ستواصل عملياتها العسكرية ضد مسلحي حزب العمال الكردستاني (المحظور) شمال العراق، وأبلغت حكومة بغداد بذلك.
وقال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار إن القوات التركية مستمرة في عملياتها ضد مسلحي حزب العمال الكردستاني في شمال العراق، بعد أن قام بالتحريض على اقتحام معسكر القوات التركية في شيلادزي بمحافظة دهوك في كردستان السبت الماضي. وعدّ أكار أن «الجنود الأتراك أفشلوا الاستفزازات في شمال العراق، وسنواصل عملياتنا لتطهير شمال العراق من دون توقف».
وتأتي تصريحات أكار غداة استدعاء وزارة الخارجية العراقية السفير التركي في بغداد، فاتح يلديز، وتسليمه مذكرة احتجاج على قتل القوات التركية في معسكر شيلادزي أحد المحتجين الذين اقتحموا المعسكر. ونقلت وكالة «الأناضول» التركية الرسمية عن مصادر بالسفارة التركية في بغداد أن مسؤولي الخارجية العراقية أبلغوا يلديز انزعاج بغداد من الغارات التي تنفذها تركيا ضد «العمال الكردستاني» في الأراضي العراقية، وأن يلديز قال إن تركيا تنتظر من العراق «الصديق والشقيق»، وشعبه، اتخاذ الخطوات اللازمة ضد الخطر الذي يشكله «العمال الكردستاني» على تركيا انطلاقاً من الأراضي العراقية. وشدّد على أن «هذا الأمر ضرورة بالنسبة لأمن العراق وشعبه، وليس من أجل تركيا فحسب»، وأشار إلى أهمية تعزيز التنسيق والتعاون بين البلدين في مجال مكافحة الإرهاب.
وأكد يلديز، بحسب المصادر، أن تركيا ستواصل القيام بما في وسعها من أجل مكافحة «العمال الكردستاني» على أكمل وجه، عندما لا يلتزم العراق بمسؤولياته في هذا الإطار، وأن بلاده تستند في هذا الإطار إلى حق الدفاع المشروع عن النفس الذي يكفله القانون الدولي والمادة «51» من ميثاق الأمم المتحدة.
وكان وزير الدفاع التركي تفقد أول من أمس القوات التركية على الحدود الجنوبية بين تركيا والعراق وسوريا برفقة رئيس الأركان يشار جولار وقادة بالقوات المسلحة، وقال: «سنقوم بإحباط جميع الاستفزازات وتطهير المنطقة من الإرهابيين»، مشيرا إلى أن «جنودنا نجحوا في إفشال محاولة الإيقاع بين جيشنا وأهالي إقليم شمال العراق».
وأضاف أكار أن ما حدث في شمال العراق مخطط تماما من قبل «العمال الكردستاني»؛ «حيث حاول القيام بأعمال ضد القاعدة العسكرية التركية من خلال اندساس عناصره بين الأهالي، لكن عناصرنا هناك تحكموا في الوضع (بصبر وحكمة كبيرة)، ومنعوا تطور الأحداث على النحو الذي خطط له (الإرهابيون)»، وأن الأحداث «تسببت بأضرار في بعض المركبات التركية، لكنها انتهت دون خسائر في الأرواح، وفشلت محاولة (العمال الكردستاني) لافتعال مواجهة بين الأهالي والقوات التركية». وتابع: «هم يعلمون بأنه ليست لدينا أنشطة تستهدف أهالي المنطقة، ولجأوا إلى مثل هذا التحريض من أجل استغلال الوضع وتحريفه، لكنهم فشلوا في ذلك، والوضع بات تحت السيطرة هناك». وأكد أكار أنه تم اتخاذ جميع التدابير اللازمة لمنع تكرار مثل هذه التطورات في المنطقة، وتعهد بتطهير المنطقة من عناصر «العمال الكردستاني» وإفشال جميع محاولات التحريض، بهدف ضمان أمن تركيا ومواطنيها في إطار احترام سيادة العراق ووحدته.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».