تراجعت الحكومة الباكستانية عن مطالبة الدعاة ورجال الدين في البلاد بإصدار فتوى ضد حركة «طالبان» الأفغانية وحملتها الداعية إلى إثارة العنف في البلاد خشية أن تتسبب تلك الفتوى في تراجع نفوذ أجهزة الأمن الباكستانية في مواجهة «طالبان».
وقد شرعت الحكومة الباكستانية منذ أيام في محاولة لإشراك حركة «طالبان» في المفاوضات الجارية مع المسؤولين الأميركيين. ويخشى المسؤولون الباكستانيون من أن تتسبب الفتوى في تراجع نفوذهم أمام «طالبان»، مما يجعل من جلوسها على طاولة المفاوضات أمرا مستحيلا.
وفي ذات السياق، قال مسؤول رفيع، «تخشى حدوث حركة ارتجاعية حال صدرت فتوى كهذه من قبل رجال الدين الباكستانيين». ومنذ أطاحت بها القوات الأميركية من السلطة عام 2001. دأبت حركة «طالبان» على شن علميات مسلحة ضد حكومة كابل والقوات الدولية في أفغانستان بدعم من رجال الدين المتشددين. وساهمت الفتاوى الدينية المتطرفة في تعزيز فكرة أن الدين يحث على القتال ضد قوات الاحتلال، مما دفع الكثيرين إلى حمل السلاح في مواجهة الدولة. وبعد 17 عاما من بداية الغزو الأميركي لأفغانستان، بدأت الحكومة الأميركية في السعي للوصول إلى تسوية مع خصمها اللدود، بيد أن الغالبية من العلماء يرون أن استصدار فتوى دينية من كبار رجال الدين في باكستان لن يساهم في إنجاح المفاوضات.
وفي يناير (كانون الثاني) الماضي، أصدر رجال الدين في باكستان فتوى تدين العمليات الإرهابية في البلاد واعتبارها تتنافى مع تعاليم الدين. وحظي القرار بمساندة 1800 داعية ورجل دين من مختلف المذاهب واعتبر خطوة هامة في طريق القضاء على التطرف والإرهاب.
وتكتسب الفتوى أهمية خاصة في مواجهة الدعاة الذين دأبوا على مساندة حركة «طالبان» الأفغانية في الماضي والذين كثيرا ما انتقدوا الليبرالية والغرب.
وخلال زيارته إلى كابل في الشهور التي سبقت إصدار الفتوى، وعد رئيس أركان الجيش الباكستاني الجنرال قمر جواد باجوا، الحكومة الأفغانية بمواصلة الضغط لاستصدار قرار قضائي بتجريم العنف الذي تمارسه «طالبان» الأفغانية. وفي هذا الصدد، أفاد محمد أمير رنا، مدير «مركز إسلام آباد البحثي لدراسات السلام» أن «كابل تعتقد أن طالبان ستخسر نفوذها حال أصدر رجال الدين الباكستانيون فتوى تحرم المقاومة المسلحة في أفغانستان».
وبعد نقاش دار خلال اجتماع عقد بمدينة كراتشي بعد شهر من زيارة الجنرال باجوا لكابل، رفض أئمة الدين الباكستانيون تأييد المقترح، حيث «قرروا بالإجماع عدم التدخل في الشأن الداخلي الأفغاني»، بحسب المفتي محمد نعيم، مستشار جمعية «بنوريا الدولية» الدينية الباكستانية ومقرها كراتشي، فيما عبر رجال دين آخرون عن مخاوفهم من أن تتسبب تلك الفتوى في قلب مسلحي «طالبان» على باكستان. واستطرد نعيم، «فعلنا ذلك من أجل بلادنا في السابق، لكننا لا نستطيع فعل الشيء ذاته لأفغانستان. إذا كان رجال الدين في أفغانستان لم يفعلوا ذلك في مواجهة دعاة التشدد، فكيف لنا أن نفعل؟».
باكستان تتراجع عن استصدار فتوى تدين «طالبان» الأفغانية
باكستان تتراجع عن استصدار فتوى تدين «طالبان» الأفغانية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة