«اللواء الرئاسي» يتولى الأمن في كركوك

TT

«اللواء الرئاسي» يتولى الأمن في كركوك

قال ضابط كبير في «اللواء الرئاسي» التابع لرئاسة الوزراء إنه سيحل خلال الأسبوع الحالي محل «جهاز مكافحة الإرهاب» لحفظ الأمن في كركوك. وأكد الضابط، الذي فضّل عدم نشر اسمه في حديث لـ«الشرق الأوسط»، أن «القيادة العسكرية، وعلى رأسها القائد العام للقوات المسلحة عادل عبد المهدي، ارتأت استبدال اللواء الرئاسي بجهاز مكافحة الإرهاب، ليكون على ارتباط مباشر بالقائد العام وإبلاغه بتطورات الأوضاع في كركوك أولاً بأول».
ويرى الضابط الكبير أن «اللواء الرئاسي ربما يكون أكثر قدرة ومرونة في التعامل مع مشكلات كركوك ذات الطابع السياسي في مجملها، فضلاً عن قدراته القتالية العالية التي تضاهي قدرات جهاز مكافحة الإرهاب الذي سيعود إلى مقراته في قاعدة (سبايكر) بمحافظة صلاح الدين».
وأكد مصدر مطلع في كركوك لـ«الشرق الأوسط» استبدال اللواء الرئاسي بجهاز مكافحة الإرهاب في المحافظة، معتبراً أنها «خطوة في الاتجاه الصحيح وستبقى الأوضاع على ما كانت عليه، ولا عودة إلى الوراء» في إشارة إلى ما يتردد عن سعى القوى الكردية إلى إشراك بعض قواتها في إدارة ملف الأمن في المحافظة.
وحول هروب أحد السجناء من سجن في كركوك أول من أمس، ذكر المصدر أن «وزارة الداخلية قامت باعتقال 4 ضباط و19 منتسباً في مركز شرطة رحيم آوه، والتحقيقات جارية بشأن عملية الهروب». ولمح المصدر إلى «احتمال أن تكون عملية هروب السجين المتهم بقضايا قتل وسرقة مدبرة مع إدارة مركز الشرطة».
وسألت «الشرق الأوسط» عضو حزب الاتحاد الوطني الكردستاني، روند ملا محمود، عن رأيه بتسلم اللواء الرئاسي أمن المحافظة، فنفى علمه بالموضوع، وكذلك نفى «وجود تنسيق بين القوى الكردية والقيادات العسكرية في بغداد حول موضوع الاستبدال». وبشأن هروب السجين، قال: «هروب قاتل من السجن مسألة خطيرة يجب عدم تكرارها، لكني غير قادرة على رفض أو قبول مسألة التواطؤ مع الضباط في مسألة الهروب».
وفيما يتهم خصوم الأكراد السياسيون في كركوك من التركمان والعرب، الأكراد بالوقوف وراء عملية هروب السجين بسبب هيمنة ضباطهم ومنتسبيهم على مركز الشرطة، يرفض الأكراد ذلك، ويقولون إن المركز تديره قوة من الشرطة تضم بين صفوفها جميع مكونات كركوك.
وتعليقاً على حادث هروب السجين وأحداث أمنية أخرى، أكدت الجبهة التركمانية، أمس، أن ملف الشرطة المحلية في كركوك يمر بمنعطف خطير، ودعت الداخلية إلى «إسناد المناصب لكفاءات بدلاً من المشبوهين أو الذين لا يملكون شهادات حقيقية». وقال رئيس الجبهة أرشد الصالحي إن «ملف الشرطة المحلية بكركوك يمر بمنعطف خطير من خلال التدخلات السياسية»، مطالباً بـ«دعم الإدارة المهنية والتغيير في المناصب حسب الشهادات الصادرة من كليات الشرطة الحقيقية بخصوص إسناد المناصب الأمنية حسب التوازن القومي». واعتبر أن «هروب مجرمين خطرين من قبضة العدالة، وحصول قضايا رشى وتزوير تؤدي إلى ضعف العلاقة بين الشعب والأجهزة الأمنية».
من جهة أخرى، وصل سفير الصين في العراق، تشن وي تشينغ، إلى كركوك أمس، في زيارة هي الأولى من نوعها للمحافظة، وكان في استقباله المحافظ راكان الجبوري، وأعضاء مجلس المحافظة. وقال مكتب محافظ كركوك إن الجبوري «بحث التعاون الاقتصادي والاستثماري وإعمار المناطق المحررة مع سفير الصين بالعراق وسبل تعزيز التعاون التجاري والاستثماري بين العراق والصين، بما يسهم في النهوض بواقع محافظة كركوك». وتباحث الجانبان حول السبل الكفيلة بـ«استقطاب وجذب الشركات الصينية للعمل في كركوك».
وخلال المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقده مع السفير الصيني، قال محافظ كركوك راكان الجبوري: «نثمن زيارة السفير الصيني إلى كركوك، وهي فاتحة خير للتعاون المستقبلي بين العراق والصين، ونحن في كركوك بحاجة إلى الخبرات والدعم الصيني في ضوء الأطر الرسمية والقانونية». وأشار الجبوري إلى أن «كركوك تواجه نقصاً حاداً بالخدمات، خاصة في مجال الكهرباء والبلدية، ولدينا 130 قرية وناحية مهدمة، كذلك لدينا خطط لإعادة النازحين، كما أننا بحاجة لإعمار الجسور ودخول الشركات الاستثمارية الصينية».
بدوره، قال السفير الصيني إن بلاده والعراق «صديقان، وقبل أيام التقيت رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي، وأعلنا دعمنا لبرنامجه الحكومي والمساهمة في إعمار البنى التحتية، ولدينا رغبة في التعاون، في مجال النقل والمواصلات والكهرباء والصناعة والزراعة، وسنعمل بأكبر جهد لتسهيل حركة رجال الأعمال». وأعرب السفير عن استعداده «لاستقبال وفد من كركوك في مقر السفارة ببغداد لمواصلة المباحثات والوصول إلى تفاهمات مشتركة».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.