«حركة الشباب» وهجوم نيروبي

سلاح رخيص وعمليات وحشية

ترفوسو نيبوكو إحدى ضحايا الهجوم الإرهابي على مجمع الفنادق الفخم في نيروبي منتصف الشهر (أ.ف.ب)
ترفوسو نيبوكو إحدى ضحايا الهجوم الإرهابي على مجمع الفنادق الفخم في نيروبي منتصف الشهر (أ.ف.ب)
TT

«حركة الشباب» وهجوم نيروبي

ترفوسو نيبوكو إحدى ضحايا الهجوم الإرهابي على مجمع الفنادق الفخم في نيروبي منتصف الشهر (أ.ف.ب)
ترفوسو نيبوكو إحدى ضحايا الهجوم الإرهابي على مجمع الفنادق الفخم في نيروبي منتصف الشهر (أ.ف.ب)

تواصل حركة الشباب الصومالية نشاطاتها الإرهابية في دول شرق القارة الأفريقية؛ حيث تمكنت من تنفيذ هجوم نوعي بالعاصمة الكينية، نيروبي يوم 15 و16 يناير (كانون الثاني) الجاري. وقد استهدف الهجوم مجمعا ضخما يضم مكاتب وفندق «دوسيت»؛ وأسفرت العملية التي نفذها أربعة من مقاتلي حركة الشباب، عن قتل 21 شخصا، من بينهم مواطنون، أجانب وغربيين. كما أصيب العديد في هذا الهجوم بجروح مختلفة.
تأتي العمليات الإرهابية في سياق يشهد فيه التنظيم الصومالي المتطرف الموالي للقاعدة، تناميا وتوسعا في نشاطاته الإجرامية، داخليا، وخارجيا.
كما أن استهداف هذه المنطقة بنيروبي، يشير إلى إصرار «حركة الشباب» على الاستمرار في حربها التي أعلنتها ضد كينيا منذ 2011؛ والتي بدأتها بالهجوم الوحشي في 2013. على مركز «ويستغيت» للتسوق بالعاصمة، وأدى إلى مقتل 67. وأتبعه التنظيم الإرهابي بهجوم في أبريل (نيسان) سنة 2015، على جامعة غارسيا شرقي كينيا قتل فيه 148 شخصا، أغلبهم طلبة.

أسلحة الإرهابيين
وبحسب تقرير نشر يوم 21 يناير 2019. بموقع «كاليبر اوبسكورا» المختص بالأسلحة. فإن الهجوم الذي تعرض له مجمع فنادق «دوسيت دي 2» في ويستلاندس بنيروبي؛ أثبت أن هناك تحسنا في التخطيط الأمني من القوات الحارسة للمجمع، مما قلل من عدد الضحايا، مقارنة مع هجومي سنة 2013 و2015. كما أن هذا التطور الأمني، للسلطات الكينية، تم بلوغه بمساهمة من المملكة المتحدة.
ويشير التقرير المشار إليه أعلاه؛ إلى أن المهاجمين، استعملوا بنادق هجومية من طراز «إيه. ك»، كما توضح ذلك بعض لقطات كاميرات المراقبة. وفي الواقع، فإن هذا النوع من البندقية الصينية يحمل رمز 56 - 2؛ وهو من عائلة نوع (نوع 56 - 1 مع مخزون جانبي قابل للطي، ونوع أصلي 56 مع مخزون خشبي ثابت)؛ هذه الأنواع مجتمعة، شائعة الاستعمال في جميع أنحاء الصومال، لأن هذا السلاح رخيص ومتوفر.
يشار إلى أن نوع 56 - 2 هي بنادق أرخص من «إيه ك إم»؛ وربما تم بيعها على نطاق أوسع في أفريقيا أكثر من النموذج الأصلي لها. ويتم تصنيعها في مصانع مختلفة من قبل شركة الأسلحة «نورينكو». ويستمر الإنتاج اليوم لكونه سلاحاً نارياً منخفض التكلفة وموثوقاً به. وليس من المستغرب أن تختار حركة الشباب استخدام هذا السلاح في هجومها. كما استعمل في الهجوم بندقية من نوع «إيه ك 63 دي» المجرية.
ومع ذلك، هذه البندقية وغيرها من الأسلحة لا يعرف كيف تصل للجماعات الإرهابية؛ ولا كيف يتم إجراء بعض التعديلات الطفيفة عليها، لتكون أكثر سهولة للاستعمال. ويمكن ملاحظة كون بنادق المهاجمين، أجريت لها تعديلات لتقصيرها، ربما لتسهيل التعامل مع البندقية في قتال عنيف، وسريع. ومن المثير للفضول أن هناك أمثلة على الإنترنت «إيه ك 63 دي» معدلة بنفس الطريقة التي تمت على بندقية الإرهابيين، في هجوم فندق «دوسيت»، يوم 15 يناير 2019.
في هذه العملية الإرهابية، استعملت كذلك 6 مخازن معيارية من طراز «إيه. ك». بجوار البنادق؛ ويمكن لكل منها حمل 30 طلقة من الذخيرة، ويتم تلصيقها معاً في أزواج. وتستخدم هذه التقنية في جميع أنحاء العالم، العديد من الجماعات المسلحة، وكذلك بعض الجيوش وقوات الشرطة. كما أن هذا الأسلوب شائع، ويستخدم لتغييرات مخزن البندقية السريعة، في القتال السريع، وبالمناطق الحضرية. إن استخدام هذا الأسلوب يوحي ببعض الخبرة في القتال. ولكن قد يكون أيضاً مجرد حالة من اتباع التقاليد العسكرية التي مارسها، المجاهدون في أفغانستان، واستمرت إلى يومنا هذا.
أما من ناحية اللباس العسكري الذي يستخدمه مقاتلو حركة الشباب الصومالية الإرهابية. فهو سلعة رخيصة الثمن، تشبه إلى حد كبير ما يمكن العثور عليه في مواقع التسوق؛ وهذا ما يجعلها قابلة لتصنيعها في الصومال، أو كينيا. ورغم ذلك وبصرف النظر عن نوعيته المنخفضة والتصميم البسيط عسكريا؛ يبدو أن هذا الزي العسكري، قادر على حمل ما لا يقل عن ستة مخازن للبندقية من طراز «إيه. ك»، وخمس قنابل يدوية.
وبحسب تقرير موقع «كاليبر اوبسكورا»، فإن هذا من شأنه أن يعطي كل مهاجم، على افتراض أن لديهم أيضا مخزنا، في بنادقهم؛ القدرة على حمل ما لا يقل عن 240 طلقة، فضلا عن القنابل اليدوية - دون عد أي ذخيرة أخرى حملت. ويبدو أن استعمال هذه الأدوات القتالية، والذخيرة؛ يدل على أن المهاجمين كانوا مستعدين لخوض معركة طويلة ومميتة، على غرار هجوم 2013.
وفيما يخص القنابل اليدوية، أشار التقرير أن مقاتلي حركة الشباب استعملوا قنابل من نوع «إف 1» التي أنتجها الاتحاد السوفياتي منذ 1941؛ لكنها أجرت عليها تعديلا، بإضافة صمامات تعود لقنابل يدوية. وهي قنابل يدوية بلجيكية حديثة وفعالة، تستخدم حاليا من قبل الجيش البلجيكي، وجيوش أخرى.

القتال ضد الإرهاب
ومن الواضح أن العملية الأخيرة في نيروبي، اختارت المكان بعناية، وقصد التنظيم الإرهابي، من ذلك توجيه رسائل محددة، لدول الجوار الصومالي، ولكينيا خاصة. كما أن هذا الاختيار المكاني، تريد من خلاله «حركة الشباب»، التأكيد على قدرتها على الوصول إلى واحدة من أهم المناطق بالعاصمة نيروبي. ويعتبر ديفيد غولدمان، وهو مدير مركز الاستخبارات الاستراتيجي، أن هذا «الاختراق»، الذي حققه التنظيم الإرهابي، نقطة سلبية، تستلزم بذل مزيد من الجهود الأمنية الكينية.
ذلك أن «دوسيت دي 2» الذي تسلل إليه أربعة من مقاتلي حركة الشباب؛ وهو مجمع فندقي فريد من نوعه في منطقة ريفرسايد في ويستلاندز في نيروبي، ويضم مكاتب عدة لشركات متعددة الجنسيات ومنظمات غير حكومية ومنظمات مرموقة أخرى... كما أنه قريب من فندق «كيمبنسكي» حيث يقيم العديد من رؤساء الدول الذين يزورون جمهورية كينيا. والأبرز من ذلك، هو أن «دوسِيت» يبعد نحو 4 كيلومترات عن القصر الرئاسي الكيني. من جانب آخر، يقع المجمع على بعد مسافة قصيرة سيراً على الأقدام من السفارة الأسترالية في نيروبي. مما يجعل فندق دوسيت 2 ومجمع المكاتب الراقي مكان عمل، وإقامة مناسب لعدد كبير من المغتربين والموظفين في هذه المؤسسات، المشار إليها.
ويبدو أن هذه العملية الوحشية لتنظيم «الشباب»، قد تساعد على تغيير جزء من السياسة الأميركية لمحاربة الإرهاب بأفريقيا؛ فقد أعلنت إدارة ترمب عن عزمها سحب 10 في المائة من قواتها العاملة في هذا المجال بالقارة. ففي الوقت الذي اعتبرت إدارة ترمب، أنه حان الوقت لخفض الوجود العسكري الأميركي بالصومال؛ بذريعة أن تنظيم «حركة الشباب» لم يعد يشكل خطرا حقيقيا، على الأمن القومي الأميركي، ولا على الدول المجاورة للصومال، وأن الهجمات الجوية الأميركية أضعفت التنظيم، بقتل العديد من قيادات التنظيم. جاءت عملية نيروبي، لتكشف خطورة تنظيم الشباب في المنطقة.
كما أن هذا الحادث الإرهابي، يعطي مصداقية، ودعما أكبر، لوجهة نظر لجنرالات بالجيش الأميركي، الذين رفضوا فكرة تخفيض القوات، الخاصة بالإرهاب. حيث اعتبروا أن سحب 700 جندي من أصل 7200 المنتشرين بالقارة السمراء، يضعف من قدرات الولايات المتحدة في مواجهة التنظيمات الإرهابية. في الوقت الذي تزداد قوة هذه التنظيمات الإرهابية الأفريقية، مع هزيمة «داعش» بالعراق، وسوريا، وفرار العديد من القيادات الإرهابية إلى مناطق التوتر بالقارة السمراء. وفي سياق مراجعة «واشنطن لسياستها المتعلقة بحركة الشباب وبتخفيض الوجود العسكري بالصومال والقارة الأفريقية؛ أعلنت الإدارة الأميركية بعد الهجوم على فندق دوسيت بنيروبي والذي خلف 21 قتيلا، أن أميركا سترسل قوات جديدة إلى الصومال للمشاركة في الحرب على حركة الشباب، في الأسبوع الأخير من يناير الجاري». ومن المرتقب أن يصل 130 جنديا أميركيا جديدا يتمركزون بولاية نيوجيرسي، إلى القاعدة العسكرية الأميركية بالصومال، لينضموا لنحو 500 من زملائهم، العاملين في مجال مكافحة التنظيمات الإرهابية بالصومال، وتدريب القوات المحلية والأفريقية هناك. يشار أن القوات الأميركية تتخذ من قاعدة «بلي دوغلي»، في إقليم شبيلي السفلى بجوار مقديشو العاصمة، قاعدة رئيسية، تنطلق منها. وهذا ما ساعدها على تنفيذ غارات جوية نوعية، وصلت لنحو 15 غارة عام 2016 وارتفعت إلى 35 غارة في 2017. لتصل إلى47 في 2018. أما الشهر الأول من 2019 فقد سجل أكثر من 6 هجمات جوية على تنظيم الشباب بالصومال.

مذبحة حقيقية
وفي الخلاصة يمكن القول بأن إرهابيي «حركة الشباب» الذين هاجموا مجمع «فندق دوسيت دي 2» قد تم تنظيمهم وإعدادهم لحدث مهم بالنسبة للتنظيم الإرهابي؛ وهو ما ترجمته طريقة التسلل للمكان، حيث لم تتمكن القوى الأمنية من رصد الخلية المهاجمة. والتي اجتازت الحواجز الأمنية دون رصد للمسدسات والبنادق والقنابل اليدوية المخزنة في سيارة أعدت للتفجير في حالة وجود مانع يحول دون اقتحام المجمع.
ومن الواضح أن رسائل الهجوم كانت متعددة، لذلك كانت الشباب تستهدف ارتكاب مذبحة حقيقية، انتقاما من كينيا ودورها في الصومال.
ومن الغريب أن المهاجمين من «حركة الشباب» اختاروا عدم ارتداء الدروع الواقية من الرصاص... ويمكن تفسير ذلك بطبيعة القناعات القتالية لأفراد الجماعات الإرهابية، والتي تمجد التضحية بالنفس؛ كما يمكن ربط ذلك بالاستعدادات والتدريبات القتالية للمهاجمين، والذين تدفعهم الثقة بالنفس، والرغبة في الانتحار، إلى الانغماس الكلي في أي معركة قتالية يخوضونها.
- أستاذ زائر للعلوم السياسية بجامعة محمد الخامس - الرباط



«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
TT

«داعش» يسعى بقوة إلى {إثبات وجوده} في 2020

تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)
تدريبات للقوات النيجيرية تحت إشراف القوات الخاصة البريطانية خلال مناورة مكافحة الإرهاب السنوية في السنغال فبراير الماضي (أ.ب)

ارت طموحات تنظيم «داعش» الإرهابي للتمدد مجدداً تساؤلات كثيرة تتعلق بطبيعة «مساعيه» في الدول خلال العام الجاري. واعتبر مراقبون أن «(أزمة كورونا) جددت طموحات التنظيم للقيام بعمليات إرهابية، واستقطاب (إرهابيين) عقب هزائم السنوات الماضية ومقتل زعيمه السابق أبو بكر البغدادي». ووفق خبراء ومتخصصين في الشأن الأصولي بمصر، فإن «التنظيم يبحث عن أي فرصة لإثبات الوجود»، مشيرين إلى «مساعي التنظيم في أفريقيا عبر (الذئاب المنفردة)، ومحاولاته لعودة نشاطه السابق في العراق وسوريا عبر تبني عمليات القتل»، موضحين أن «المخاوف من العناصر (الانفرادية) التي تنتشر في أوروبا وأميركا تتزايد، خاصة وأنها تتحرك بانسيابية شديدة داخل محيطهم الجغرافي».
وقال أحمد بان، الخبير في شؤون الحركات الأصولية، إن «(داعش) مثل تنظيمات الإرهاب تبحث عن فرصة مُناسبة للوجود، ومن الفُرص المُناسبة، وجود أي شكل من أشكال الفوضى أو الارتباك، وعندما تكون جهود الدول موجهة لمحاربة (كورونا المستجد)، فيبقى من الطبيعي أن يسعى التنظيم للحركة من جديد، وانتظار فرصة مناسبة لتنفيذ أهدافه، خاصة أن (داعش) في تعامله مع الفيروس روج لفكرة (أن كورونا عقاب إلهي لأعدائه، على حد زعم التنظيم)، خصوصاً أن (كورونا) كبد أوروبا خسائر كبيرة، وأوروبا في الدعايا الداعشية (هذا الغرب الذي يحارب الإسلام، على حد تصور الداعشيين)، لذا فـ(داعش) يستغل هذا، في مواجهة بعض الارتكازات الأمنية، أو الأكمنة، أو الاستهدافات بالشوارع، لإثارة فازعات، ومن الوارد تنفيذ بعض العمليات الإرهابية».
وأكد عمرو عبد المنعم، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) استغل (أزمة الفيروس) بالادعاء في بيان له مارس (آذار) الماضي، بأن الفيروس (عذاب مؤلم من الله للغرب، خاصة للدول المشاركة في العمليات العسكرية ضده، على حد زعمه)، ويحاول التنظيم نشر الخوف من الوباء، والبحث عن إيجاد مصارف لتمويل العمليات الإرهابية».
ووفق تقرير سابق لمجموعة «الأزمات الدولية» في نهاية مارس الماضي، أشار إلى أن «التنظيم أبدى مع ظهور الفيروس (نبرة شماتة)، وأخبر عناصره عبر افتتاحية جريدة (النبأ) التابعة له في نهاية مارس الماضي، بضرورة استمرار حربهم عبر أرجاء العالم حتى مع تفشي الوباء... وادعى أن الأنظمة الأمنية والدولية التي تسهم في كبح جماح التنظيم على وشك الغرق، على حد قول التنظيم».
ويشير عبد المنعم في هذا الصدد، إلى أنه «بالعودة لزاوية (حصاد الأجناد) في عدد (النبأ) الأخير، زعم التنظيم أنه شن 86 هجمة إرهابية في شهر واحد، هو مارس الماضي، وهو أعلى رقم منذ نهاية نوفمبر (تشرين ثاني) الماضي، الذي سجل 109 هجمات، فيما عُرف بـ(غزوة الثأر) للبغدادي وأبو الحسن المهاجر اللذين قُتلا في أكتوبر (تشرين أول) الماضي في غارة جوية».
ووفق تقارير إخبارية محلية ودولية فإن «(داعش) يسعى لاستعادة سيطرته على عدد من المناطق في سوريا والعراق من جديد، وأنه يحتفظ بنحو من 20 إلى 30 ألف عضو نشط، ولا ينقصه سوى توفر المال والسلاح». وأشارت التقارير ذاتها إلى أن «التنظيم يحاول استغلال انشغال سوريا والعراق بمكافحة الفيروس، لاستعادة سيطرته على مناطق من الصحراء السورية في الغرب، إلى وادي نهر الفرات شرقاً، مروراً بمحافظة دير الزور والمناطق ذات الأغلبية السنية في العراق، والتي لا يزال يوجد فيها بعض عناصره».
ويشار أنه في أبريل (نيسان) الماضي، هاجم التنظيم بلدة السخنة في صحراء حمص، وأسفر عن مقتل 18. وفي دير الزور أعلن التنظيم مقتل اثنين... وفي العراق، قتل ضابط شرطة عند نقطة تفتيش في الحويجة غرب كركوك على يد التنظيم، كما قتل اثنان من مقاتلي البيشمركة الكردية في هجوم للتنظيم أبريل الماضي، كما أسفر هجوم للتنظيم على مطار الصادق العسكري عن مقتل اثنين.
وفي هذا الصدد، قال عمرو عبد المنعم، إن «أكثر هجمات (داعش) كانت في العراق أخيراً، وشهد التنظيم نشاطاً مكثفاً هناك»، مضيفاً: «في نفس السياق دعت فتوى نشرها التنظيم على (تلغرام) للهروب من السجون السورية، وهذا ما حدث، فقد هرب 4 نهاية مارس الماضي، من سجن تديره قوات سوريا الديمقراطية، وفقاً لتقارير إخبارية».
وسبق أن طالب أبو حمزة القرشي، متحدث «داعش» في سبتمبر (أيلول) الماضي، «بتحرير أنصار التنظيم من السجون ...»، وسبقه البغدادي «وقد حرض بشكل مُباشر على مهاجمة السجون في سوريا والعراق».
وبحسب المراقبين «حاول (داعش) أخيراً زيادة حضوره الإعلامي على منصات التواصل الاجتماعي مجدداً، بعد انهيار إعلامه العام الماضي». ورصدت دراسة أخيرة لمرصد الأزهر لمكافحة التطرف في القاهرة «تداول التنظيم تعليمات لعناصره عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بالادعاء بأن الفيروس يمثل (عقاباً من الله، ويحتم اتخاذ خطوات لتكفير الذنوب)، وجعل التنظيم الإرهابي - على حد زعمه - السبيل الوحيد للخلاص من الفيروس، والقضاء عليه، هو (تنفيذ العمليات الإرهابية)، ولو بأبسط الوسائل المتاحة». اتسق الكلام السابق مع تقارير محلية ودولية أكدت «تنامي أعداد حسابات أعضاء التنظيم وأنصاره على مواقع التواصل خصوصاً (فيسبوك)، حيث تمكن التنظيم مجدداً من تصوير وإخراج مقاطع فيديو صغيرة الحجم حتى يسهل تحميلها، كما كثف من نشر أخباره الخاصة باستهداف المناطق التي طرد منها في العراق وسوريا، وتضمين رسائل بأبعاد عالمية، بما يتوافق مع أهداف وأفكار التنظيم».
ووفق عبد المنعم فإن «(داعش) يستغل التطبيقات الإلكترونية التي تم تطويرها في الفترة الأخيرة في المجتمع الأوروبي، والتي قدمتها شركات التكنولوجيا والذكاء الصناعي في أوروبا مثل تطبيق Corona-tracker لجمع البيانات عن المصابين، وتوجيه بعض الأسئلة لتحديد نسبة الخطورة، وفرض التنظيم على الأطباء والممرضين في الرقة الحضور اليومي الإجباري، ومن خالف تعرض لعقوبات شديدة».
وعن الواجهة التي يسعى «داعش» التمدد فيها خلال الفترة المقبلة. أكد الخبير أحمد بان، أن «أفريقيا هي الواجهة المفضلة لتنظيمي (داعش) و(القاعدة)، والفترة الأخيرة شهدت تصاعدا لعمليات في الغرب الأفريقي وداخل الساحل، وعمليات داخل موزمبيق، فـ(داعش) في حالة سباق لتصدر المشهد هناك، مع توفر آليات تساعده على ذلك من بينها، تهريب السلاح، وحركة العصابات». فيما أبدى عمرو عبد المنعم، تصوراً يتعلق بـ«زيادة العمليات الإرهابية في نيجيريا، وأنه طبقاً لبيانات صدرت أخيراً عما يُعرف باسم (ولاية غرب أفريقيا) أفادت بوجود أكثر من مائة مقاتل هاجروا لنيجيريا من سوريا والعراق».
وتجدد الحديث في فبراير (شباط) الماضي، عن مساعي «داعش» للوجود في شرق أفريقيا أيضاً، بعدما أظهرت صوراً نشرها التنظيم عبر إحدى منصاته تتعلق بتدريبات على أسلحة تلقاها عناصره في مرتفعات «غل غلا» الوعرة بولاية بونتلاند الواقعة شمال شرقي الصومال.
تعليقاً، على ذلك أكد أحمد زغلول، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، أن «(داعش) يهدف إلى السعي لمناطق بالقارة السمراء، بعيداً عن سوريا والعراق، لـ(تفريغ قدرات عناصره القتالية)، فضلاً عن تأكيد عبارة (أنه ما زال باقياً)».
تقديرات سابقة لمراكز بحثية غربية أشارت أيضاً إلى أن «عدد الذين انضموا لـ(داعش) من أفريقيا منذ عام 2014 في سوريا والعراق يزيد على 6 آلاف مقاتل». وقال المراقبون إن «عودة هؤلاء أو ما تبقى منهم إلى أفريقيا، ما زالت إشكالية كبيرة على أمن القارة، خصوصاً أن كثيراً منهم شباب صغير السن، وأغلبهم تم استقطابه عبر مواقع التواصل الاجتماعي».
فيما قال خالد الزعفراني، الباحث في شؤون الحركات الأصولية، إن «مساعي التنظيم للتمدد داخل أفريقيا سوف تتواصل عبر (الذئاب المنفردة)»، مضيفاً أن «ما يقوم به التنظيم في أفريقيا، والعراق وسوريا أخيراً، لإثبات أن لديه قدرة على تحقيق إنجازات، وأنه (عابر للحدود)، وأنه غير مُتأثر بهزائم سوريا والعراق».
وكان أبو محمد العدناني، الناطق الأسبق باسم «داعش» قد دعا في تسجيل صوتي عام 2014 المتعاطفين مع التنظيم، إلى القتل باستخدام أي سلاح متاح، حتى سكين المطبخ من دون العودة إلى قيادة «داعش»... ومن بعده دعا البغدادي إلى «استهداف المواطنين». وتوعد التنظيم عبر مؤسسة الإعلامية «دابق» بحرب تحت عنوان «الذئاب المنفردة».
في ذات السياق، لفت أحمد بان، إلى أن «التنظيم يسعى لاكتشاف أي ثغرة لإثبات الوجود أو تجنيد عناصر جُدد، خاصة وأن هناك عناصر (متشوقة للإرهاب)، وعندما يُنفذ (داعش) أي عمليات إرهابية، تبحث هذه العناصر عن التنظيم، نتيجة الانبهار».
من جانبه، قال الخبير الأمني اللواء فاروق المقرحي، مساعد وزير الداخلية المصري الأسبق، إن «تنظيمات الإرهاب خاصة (داعش) و(القاعدة) لن تتوانى عن سياسة التجنيد، ومن هنا تنبع فكرة الاعتماد على (الذئاب المنفردة) أو (العائدين) بشكل كبير».
وبينما رجح زغلول «حدوث بعض التغيرات داخل (داعش) عام 2020». قال اللواء المقرحي: «لا أظن عودة (داعش) بفائق قوته في 2020 والتي كان عليها خلال عامي 2014 و2015 نتيجة للحصار المتناهي؛ لكن الخوف من (حرب العصابات) التي قد يشنها التنظيم، لاستنزاف القوى الكبرى»، لافتاً إلى أن «كثيرا من العناصر (الانفرادية) تتحرك في أوروبا وأميركا بانسيابية داخل الدول، وهذا هو الخطر».