الجبهة الثورية وحزب الأمة يوقعان «إعلان باريس»

رئيس الجبهة الثورية مالك عقار لـ («الشرق الأوسط») : الاتفاق لتوحيد قوى التغيير ووقف الحرب

مابيور قرنق نجل الزعيم الراحل جون قرنق (يسار) والجنرال داو دينغ اهيسيول لدى حضورهما مؤتمرا صحافيا في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا أمس والذى أعلن فيه أنه سيلتحق بالجيش الشعبي لتحرير السودان (أ.ف.ب)
مابيور قرنق نجل الزعيم الراحل جون قرنق (يسار) والجنرال داو دينغ اهيسيول لدى حضورهما مؤتمرا صحافيا في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا أمس والذى أعلن فيه أنه سيلتحق بالجيش الشعبي لتحرير السودان (أ.ف.ب)
TT

الجبهة الثورية وحزب الأمة يوقعان «إعلان باريس»

مابيور قرنق نجل الزعيم الراحل جون قرنق (يسار) والجنرال داو دينغ اهيسيول لدى حضورهما مؤتمرا صحافيا في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا أمس والذى أعلن فيه أنه سيلتحق بالجيش الشعبي لتحرير السودان (أ.ف.ب)
مابيور قرنق نجل الزعيم الراحل جون قرنق (يسار) والجنرال داو دينغ اهيسيول لدى حضورهما مؤتمرا صحافيا في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا أمس والذى أعلن فيه أنه سيلتحق بالجيش الشعبي لتحرير السودان (أ.ف.ب)

وقع رئيس الجبهة الثورية السودانية مالك عقار مع زعيم حزب الأمة المعارض الصادق المهدي «إعلان باريس لتوحيد قوى التغيير ووقف الحرب وبناء دولة المواطنة»، وهو الأول من نوعه بين الطرفين، حيث أكدا على إنهاء الحروب في السودان وإحداث التغيير السلمي الشامل وتحقيق الحرية والديمقراطية وبناء دولة المواطنة بلا تمييز، وأعلنت الجبهة الثورية التي تقاتل في دارفور، النيل الأزرق وجنوب كردفان، على وقف إطلاق نار من جانبها لمدة شهرين، واتفقا الجانبان على منهاج عمل جديد بين كل القوى السياسية، وأكدا على ضرورة شرح الاتفاق للمجتمع الإقليمي والدولي.
وقال رئيس الجبهة الثورية رئيس الحركة الشعبية لتحرير السودان مالك عقار اير لـ«الشرق الأوسط» إن الاتفاق يعد خطوة كبيرة في إحداث التغيير في السودان، وأضاف أن أبرز ما في الاتفاق هو كيفية وقف الحروب في البلاد وتحقيق الحرية والديمقراطية للشعب السوداني وبناء دولة المواطنة بلا تمييز، مشددا على أن الضمانة الأساسية لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه يتوقف على إرادة الطرفين، مشيرا إلى أن اجتماعات الجبهة الثورية وقيادة حزب الأمة التي استمرت لأكثر من يومين في العاصمة الفرنسية باريس تناول فيها الطرفان كل القضايا الراهنة، وقال: «صحيح أن الاتفاق فيه عموميات ولكن تناول كل القضايا على أساس أن يجري توحيد بقية القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني». وأضاف: «لقد ركزنا على وحدة قوى التغيير حيث يوجد تباين بين القوى السياسية فيما يختص بعملية التغيير من العمل المسلح إلى الانتفاضة أو الحوار الوطني وقضايا الهوية». وأوضح أن الطرفين تناولا الموقف الدولي والإقليمي والحرب الدائرة في جنوب السودان، وقال إن هناك زيارات ستجري في المحيطين الإقليمي والدولي لشرح هذا الاتفاق، وتابع: «بالطبع هذا أول اتفاق بين الجبهة الثورية وحزب الأمة، والطرفان أكدا أنهما سيبذلان جهودهما لتنفيذه لتوحيد كل القوى السياسية التي تعمل على إحداث التغيير الشامل والتحول الديمقراطي».
وأعلنت الجبهة الثورية وقف إطلاق نار من طرف واحد لمدة شهرين، حيث تقاتل فصائلها المنضوية تحت لواء الجبهة من الحركة الشعبية في الشمال، حركتي تحرير السودان فصيلي مني أركو مناوي وعبد الواحد نور، والعدل والمساواة في مناطق دارفور، النيل الأزرق وجنوب كردفان.
وقال عقار إن تحقيق السلام شرط ضروري في أي تحول ديمقراطي في البلاد، وأضاف: «لن يكون هناك أي حوار جاد وحل حقيقي دون العمل على إنهاء النزاعات في السودان عبر سلام حقيقي وشامل وعادل». وعبر عن أمله في أن تجتمع القوى السياسية المعارضة في المرحلة القادمة ضمن توحيد قوى التغيير.
وعقدت قيادات الجبهة الثورية بقيادة رئيسها مالك عقار وحزب الأمة القومي بقيادة الصادق المهدي الذي وصل إلى العاصمة الفرنسية باريس اجتماعات لمدة يومين تناولا فيها مواضيع السلام والتغيير الديمقراطي في السودان.
ومن جانبه قال زعيم حزب الأمة الصادق المهدي إن اجتماعات حزبه مع الجبهة الثورية كانت تحت عنوان «التغيير الديمقراطي وبناء السلام ووقف الحرب»، وأضاف أن هذه هي الأهداف التي جمعت بينه وبين الجبهة الثورية، وأن الطرفين تناقشا بكل شفافية وصراحة وتصافٍ، مشيرا إلى أن ما تم الاتفاق عليه يمثل رؤية مشتركة تجمع حولها القوى السياسية الراغبة في التغيير وتحقيق السلام العادل والتحول الديمقراطي الحقيقي والكامل.
ومن جانبه قال مسؤول العمل الخارجي في الجبهة الثورية الأمين العام للحركة الشعبية ياسر عرمان لـ«الشرق الأوسط» إن اللقاء مع زعيم حزب الأمة الصادق المهدي مهم في سبيل توحيد قوى التغيير، وأضاف: «لقد وجد الإمام الصادق المهدي ترحيبا حارا منا في قيادة الجبهة الثورية، وقد التقى أهلا ونزل سهلا»، مشددا على أن «الاتفاق بين المهدي والجبهة الثورية لا صلة له ولا علاقة من قريب أو بعيد بالعمل المسلح»، وقال: «بل تم الاتفاق على قضايا التغيير والديمقراطية». وأضاف: «لقاءات الجبهة الثورية مع القوى السياسية يجب أن تجد الترحيب إذا كان حزب المؤتمر الوطني يعني ما يقوله بإقامة حوار وطني حقيقي». وتابع: «وما جدوى الحوار من دون التقاء القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني، بل يجب أن تتاح الفرصة للحوار مع الشعب السوداني في الريف والمدن حول مستقبل السودان»، مؤكدا أن تحالف الجبهة الثورية لا يسعى إلى حوار فوقي ومعزول لا يؤدي إلى التغيير، وقال: «لقد انتهى الوقت الذي يمكن فيه إعادة إنتاج النظام».
وقال عرمان إن النظام السوداني درج على التلاعب بين القوى السياسية السودانية ومنظمات المجتمع المدني، واستخدام القبائل بعضها ضد بعض، داعيا القوى السياسية ومنظمات المجتمع المدني إلى أن تلتقي في رؤية موحدة لإحداث التغيير الشامل في السودان، وقال إن اللقاء مع المهدي يأتي في إطار توحيد كل القوى المتضررة من نظام البشير والتي ترغب في التغيير الشامل والحقيقي، وأضاف: «هذا لا يتأتى إلا بالعمل المشترك، ومن واجب القوى السياسية السودانية أن تلتقي وأن تعمل»، مشيرا إلى أن اللقاء يأتي بعد مستجدات كثيرة شهدتها الساحة السياسية في البلاد، مؤكدا أن تحالف الجبهة الثورية سيواصل لقاءاته مع بقية القوى السياسية وعلى رأسها قوى الإجماع الوطني وحركات الشباب والنساء، وقال: «نحن نهدف إلى توحيد الرؤية الداخلية ورؤى المجتمع الإقليمي والدولي حول قضايا التغيير في السودان». وأضاف أن الضمانة الحقيقة لإحداث التغيير وإقامة حوار وطني دستوري، هي اتفاق القوى الراغبة في الحل الشامل ومنع أي محاولة للتلاعب بقضايا التغيير وإعادة إنتاج النظام، وتابع: «لا معنى لأي حوار وطني لا يؤدي إلى إنهاء الحروب الدائرة في البلاد أولا، وإقامة نظام ديمقراطي وترتيبات حكم انتقالية».



تونس: إيقاف متهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي»

وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)
وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)
TT

تونس: إيقاف متهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي»

وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)
وزير الدفاع التونسي خالد السهيلي بجلسة عمل مع ممثل البنتاغون في سياق التنسيق الأمني والعسكري بين سلطات البلدين (من موقع وزارة الدفاع التونسية)

كشفت مصادر أمنية رسمية تونسية عن أن قوات مكافحة الإرهاب والحرس الوطني أوقفت مؤخراً مجموعة من المتهمين بالانتماء إلى «تنظيم إرهابي» في محافظات تونسية عدة، دون توضيح هوية هذا التنظيم، وإن كان على علاقة بالموقوفين سابقاً في قضايا إرهابية نُسبت إلى فروع جماعتي «داعش» و«القاعدة» في شمال أفريقيا، مثل تنظيم «جند الخلافة» و«خلية عقبة بن نافع».

وحدات مكافحة الإرهاب التونسية ترفع حالة التأهب (صورة من مواقع وزارة الداخلية التونسية)

ووصف بلاغ الإدارة العامة للحرس الوطني في صفحته الرسمية الموقوفين الجدد بـ«التكفيريين»، وهي الصيغة التي تُعتمد منذ سنوات في وصف من يوصفون بـ«السلفيين المتشددين» و«أنصار» الجهاديين المسلحين.

من محافظات عدة

وأوضح المصادر أن قوات تابعة للحرس الوطني أوقفت مؤخراً في مدينة طبربة، 20 كلم غرب العاصمة تونس، عنصراً «تكفيرياً» صدرت ضده مناشير تفتيش صادرة عن محكمة الاستئناف بتونس بتهمة الانتماء إلى تنظيم إرهابي، ومحكوم غيابياً بالسجن لمدة 6 أعوام.

كما أعلن بلاغ ثانٍ صادر عن الإدارة العامة عن الحرس الوطني أن قواتها أوقفت مؤخراً في منطقة مدينة «مساكن»، التابعة لمحافظة سوسة الساحلية، 140 كلم جنوب شرقي العاصمة، متهماً بالانتماء إلى تنظيم إرهابي صدرت ضده أحكام غيابية بالسجن.

وحدات مكافحة الإرهاب التونسية ترفع حالة التأهب (صورة من مواقع وزارة الداخلية التونسية)

بالتوازي مع ذلك، أعلنت المصادر نفسها أن الحملات الأمنية التي قامت بها قوات النخبة ومصالح وزارة الداخلية مؤخراً براً وبحراً في محافظات عدة أسفرت عن إيقاف مئات المتهمين بالضلوع في جرائم ترويج المخدرات بأنواعها من «الحشيش» إلى «الحبوب» و«الكوكايين».

في السياق نفسه، أعلنت مصادر أمنية عن إيقاف ثلاثة متهمين آخرين بـ«الانتماء إلى تنظيم إرهابي» من محافظة تونس العاصمة وسوسة وبنزرت سبق أن صدرت ضدهم أحكام غيابية بالسجن في سياق «الجهود المتواصلة للتصدي للعناصر المتطرفة» وتحركات قوات مصالح مكافحة الإرهاب في وزارة الداخلية ووحدات من الحرس الوطني.

المخدرات والتهريب

وفي سياق تحركات خفر السواحل والوحدات الأمنية والعسكرية المختصة في مكافحة تهريب البشر والسلع ورؤوس الأموال، أعلنت المصادر نفسها عن إيقاف عدد كبير من المهربين والمشاركين في تهريب المهاجرين غير النظاميين، وغالبيتهم من بلدان أفريقيا جنوب الصحراء، وحجز عشرات مراكب التهريب ومحركاتها.

كما أسفرت هذه التدخلات عن إنقاذ نحو 83 مهاجراً غير نظامي من الموت بعد غرق مركبهم في السواحل القريبة في تونس؛ ما تسبب في موت 27 ممن كانوا على متنهما.

في الأثناء، استأنفت محاكم تونسية النظر في قضايا عشرات المتهمين في قضايا «فساد إداري ومالي» وفي قضايا أخرى عدّة، بينها «التآمر على أمن الدولة». وشملت هذه القضايا مجموعات من الموقوفين والمحالين في حالة فرار أو في حالة سراح، بينهم من تحمل مسؤوليات مركزية في الدولة خلال الأشهر والأعوام الماضية.

وفي سياق «الإجراءات الأمنية الوقائية» بعد سقوط حكم بشار الأسد في سوريا والمتغيرات المتوقعة في المنطقة، بما في ذلك ترحيل آلاف المساجين المغاربيين المتهمين بالانتماء إلى تنظيمات مسلحة بينها «داعش» و«القاعدة»، تحدثت وسائل الإعلام عن إجراءات «تنظيمية وأمنية جديدة» في المعابر.

في هذا السياق، أعلن عن قرار مبدئي بهبوط كل الرحلات القادمة من تركيا في مطار تونس قرطاج 2، الذي يستقبل غالباً رحلات «الشارتير» و«الحجيج والمعتمرين».

وكانت المصادر نفسها تحدثت قبل أيام عن أن وزارة الدفاع الأميركية أرجعت إلى تونس الاثنين الماضي سجيناً تونسياً كان معتقلاً في غوانتانامو «بعد التشاور مع الحكومة التونسية».

وأوردت وزارة الدفاع الأميركية أن 26 معتقلاً آخرين لا يزالون في غوانتانامو بينهم 14 قد يقع نقلهم، في سياق «تصفية» ملفات المعتقلين خلال العقدين الماضيين في علاقة بحروب أفغانستان والباكستان والصراعات مع التنظيمات التي لديها علاقة بحركات «القاعدة» و«داعش».

حلول أمنية وسياسية

بالتوازي مع ذلك، طالب عدد من الحقوقيين والنشطاء، بينهم المحامي أحمد نجيب الشابي، زعيم جبهة الخلاص الوطني التي تضم مستقلين ونحو 10 أحزاب معارضة، بأن تقوم السلطات بمعالجة الملفات الأمنية في البلاد معالجة سياسية، وأن تستفيد من المتغيرات في المنطقة للقيام بخطوات تكرّس الوحدة الوطنية بين كل الأطراف السياسية والاجتماعية تمهيداً لإصلاحات تساعد الدولة والمجتمع على معالجة الأسباب العميقة للازمات الحالية.