أكثر من 30 غارة إسرائيلية على غزة وارتفاع مجمل الضحايا إلى 1911

تصاعد التوتر في الضفة.. والسلطة تنفي سحب الشكوى المقدمة لـ«الجنائية الدولية»

طفلة فلسطينية تبكي خلال تشييع أحد أقربائها، أمس، كان قضى في غارة إسرائيلية في مخيم النصيرات بقطاع غزة (رويترز)
طفلة فلسطينية تبكي خلال تشييع أحد أقربائها، أمس، كان قضى في غارة إسرائيلية في مخيم النصيرات بقطاع غزة (رويترز)
TT

أكثر من 30 غارة إسرائيلية على غزة وارتفاع مجمل الضحايا إلى 1911

طفلة فلسطينية تبكي خلال تشييع أحد أقربائها، أمس، كان قضى في غارة إسرائيلية في مخيم النصيرات بقطاع غزة (رويترز)
طفلة فلسطينية تبكي خلال تشييع أحد أقربائها، أمس، كان قضى في غارة إسرائيلية في مخيم النصيرات بقطاع غزة (رويترز)

واصل الإسرائيليون والفلسطينيون، في اليوم الثاني لانتهاء الهدنة الإنسانية، القتال وتبادلوا الهجمات لكن على وتيرة منخفضة في ظل محاولة الأطراف العربية والدولية تحقيق هدنة ثانية. وشنت إسرائيل أكثر من 30 هجوما جويا على غزة، وقتلت ستة فلسطينيين، بينما أطلق مسلحون فلسطينيون صواريخ على مدن وتجمعات إسرائيلية في غلاف القطاع.
وقال الناطق باسم وزارة الصحة أشرف القدرة إن الطواقم الطبية «انتشلت جثامين 3 شهداء من تحت أنقاض مسجد القسام بالنصيرات الذي قصف فجرا، وشهيدين آخرين في قصف دراجة نارية بمخيم المغازي». وأضاف «الشهداء هم معاذ عزام أبو زيد (37 سنة)، وطارق زياد جاد الله (25 سنة)، ونضال محمد بدران (34 سنة)، من النصيرات، وعبد الحكيم سليمان المصدر (56 سنة)، ومؤمن أكرم المصدر (19 سنة) من المغازي». كما انتشلت طواقم الإسعاف والإنقاذ جثمان الطفل عثمان الجمال من تحت ركام منزل عائلته الذي دمر في قصف جيش الاحتلال حي الشجاعية شرق مدينة غزة. وارتفع عدد الضحايا الفلسطينيين منذ بدء العدوان قبل 33 يوما إلى «1911 شهيدا، ونحو 9861 جريحا» بحسب وزارة الصحة. ونشرت الوزارة أمس «تفصيل الشهداء والجرحى حسب الفئات العمرية»، وجاء فيه «الشهداء: 449 طفلا، و243 امرأة، و87 مسنا.. والجرحى: 3004 أطفال، و1907 نساء، و359 مسنا».
واستهدفت إسرائيل أمس ثلاثة مساجد في غزة ودمرتها وهي مسجدا «الشهداء» و«القسام» في مخيم النصيرات ومسجد «حسن البنا» في حي الزيتون، إضافة إلى تدمير ستة منازل في مناطق متفرقة. وأدانت وزارة الأوقاف الفلسطيني استمرار قصف المساجد، ورد الجيش الإسرائيلي باتهام حركة حماس باستخدام المساجد كقواعد صواريخ. وقال أفيخاي أدرعي، الناطق باسم الجيش الإسرائيلي «كفوا عن استعمال بيوت الله وساحاتها لإطلاق صواريخكم العبثية أو لتخزين وسائلكم القتالية أو لاختباء عناصركم التخريبية. عندئذ لن يكون هناك استهداف لأي مسجد لأن حربنا لم ولن تكون دينية، بل هي ضد الإرهاب الأعمى».
وكانت الأوقاف الإسلامية أكدت أن إسرائيل دمرت خلال حربها على قطاع غزة أكثر من 60 مسجدا بشكل كلي، إضافة إلى تضرر 150 مسجدا بشكل جزئي. وقالت الوزارة في بيان «إن 11 مسجدا من المساجد المدمرة تقع شمال قطاع غزة، و20 في مدينة غزة، و10 بالمحافظة الوسطى، و17 في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، ومسجدين في مدينة رفح جنوب قطاع غزة». واتهمت الوزارة إسرائيل بتعمد قصف المساجد، خلال عدوانها وتدميرها.
من جانبه، قال الجيش الإسرائيلي إنه هاجم منذ منتصف الليل أكثر من 20 موقعا في قطاع غزة. وردت الفصائل بإطلاق عشرات الصواريخ بقصف عسقلان وأشكول وشاعر هنيغيف وسدوت نيغيف وناحل عوز.
وجاء تواصل القصف المتبادل على الرغم من دعوة مصرية وأميركية إلى ضبط النفس ووقف القتال والقبول بهدنة جديدة. وأصدر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بيانا حث فيه الطرفين على «عدم اللجوء إلى المزيد من الأعمال العسكرية التي لم تؤد إلا إلى تفاقم الوضع الإنساني المروع بالفعل في غزة». وأدى القصف الإسرائيلي المتواصل إلى نزوح مزيد من الفلسطينيين الذين واصلوا مغادرة منازلهم واللجوء إلى مراكز إيواء تفتحها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» في عشرات المدارس في غزة.
ومن جانب آخر، غادر 380 مسافرا من حملة الإقامات عبر معبر رفح البري أمس على متن أربع حافلات باتجاه الأراضي المصرية. وأوضحت هيئة المعابر في تصريح مقتضب «أن 4 حافلات تحمل 380 مسافرا من أصحاب الإقامات تمكنت من مغادرة معبر رفح، فيما أعادت السلطات المصرية الحافلة الخامسة والتي كانت مجهزة من قبل إدارة المعبر». وبينت الهيئة أن «37 مسافرا تمكنوا من الوصول للصالة الفلسطينية من المعبر بالإضافة إلى شهيدين ارتقيا أثناء تلقي العلاج في المستشفيات المصرية، فيما أرجعت السلطات المصرية 25 مسافرا دون ذكر الأسباب».
يشار إلى أن معبر رفح يعمل بشكل استثنائي منذ خمسة أيام لسفر المسافرين من أصحاب الإقامات بواقع 500 مسافر كل يوم حسب المفترض. وفتح معبر رفح واحد من بين طلبات الفلسطينيين في مفاوضات القاهرة.
وفي هذا الوقت، تصاعد التوتر في الضفة الغربية بعد قتل إسرائيل فلسطينيين في رام الله والخليل. وقال مسؤولون طبيون إن فلسطينيا يبلغ من العمر 43 عاما توفي أمس متأثرا بإصابته بطلق ناري في الصدر خلال مواجهة مع الجنود الإسرائيليين في مدينة الخليل الجمعة. وكانت إسرائيل قتلت الجمعة كذلك، في مظاهرات غضب تنديدا بالعدوان على غزة، شابا فلسطينيا يبلغ من العمر 20 عاما بالرصاص قرب مستوطنة إسرائيلية خارج رام الله.
ومن جهة ثانية، نفى المستشار القانوني للرئيس الفلسطيني، حسن العوري، أمس، ما تداولته بعض المواقع التواصل الاجتماعي حول قيام وزير الخارجية رياض المالكي بسحب الشكوى المقدمة للمحكمة الجنائية الدولية من قبل وزير العدل سليم السقا ضد الجرائم الإسرائيلية في قطاع غزة. وقال العوري «إن هذه الأنباء عارية عن الصحة، حيث لم يقم وزير الخارجية بسحب الشكوى؛ لأنه ليس الشخص الذي تقدم بالشكوى أصلا، لذلك لا يجوز قانونا أن يقوم بسحبها». وأكد المستشار القانوني أن «الرئيس لم يطلب من وزير الخارجية سحب الشكوى الفلسطينية، ولو أراد ذلك لطلب من وزير العدل مباشرة القيام بسحب الشكوى».
وأوضح العوري أن «هذه الأنباء الملفقة تأتي في سياق الحرب التي تشنها بعض الأبواق الإعلامية ضد القيادة الفلسطينية الساعية لوقف العدوان وحماية أبناء شعبنا».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.