آلاف من سكان غزة يجدون أنفسهم في مدارس «الأونروا» ثانية مع تجدد الغارات

نازحون لـ («الشرق الأوسط»): قصف منزل واحد لا يعني تشريد عائلة بل ست أو سبع عوائل

فلسطينيون قرب مسجد القسام في النصيرات وسط قطاع غزة، أمس، بعدما دمرته غارات ليلية لم تبق إلا على مئذنته (إ.ب.أ)
فلسطينيون قرب مسجد القسام في النصيرات وسط قطاع غزة، أمس، بعدما دمرته غارات ليلية لم تبق إلا على مئذنته (إ.ب.أ)
TT

آلاف من سكان غزة يجدون أنفسهم في مدارس «الأونروا» ثانية مع تجدد الغارات

فلسطينيون قرب مسجد القسام في النصيرات وسط قطاع غزة، أمس، بعدما دمرته غارات ليلية لم تبق إلا على مئذنته (إ.ب.أ)
فلسطينيون قرب مسجد القسام في النصيرات وسط قطاع غزة، أمس، بعدما دمرته غارات ليلية لم تبق إلا على مئذنته (إ.ب.أ)

عاد الآلاف من سكان غزة إلى مدارس «الأونروا» بعد يومين فقط من الهدنة الإنسانية التي امتدت لـ72 ساعة متواصلة، وذلك مع تجدد الغارات الإسرائيلية على مناطق مختلفة من القطاع عقب انتهاء تلك الهدنة التي جرى التوافق عليه برعاية مصرية وحاول خلالها سكان القطاع استعادة حياتهم بعودة الآلاف منهم إلى منازلهم التي تضررت، فيما حاول من هدمت بيوتهم البحث عن سكن آخر غير المدارس، وبقي آخرون في تلك المدارس التي لجئوا إليها خلال الحرب.
«الشرق الأوسط» التقت عددا من النازحين مجددا إلى مدارس «الأونروا»، وكانت من بينهم المسنة «حليمة محيسن» التي تحدثت إبان مجزرة الشجاعية لمراسلها عن نزوحها من الحي تحت القصف إلى مدرسة الرمال للبنين التابعة لـ«الأونروا» في حي النصر بمدينة غزة. وقالت حليمة، إنها عادت صباح يوم الأربعاء الماضي إلى منزلها الذي تضرر جزئيا في القصف العنيف الذي تعرض له الحي في بداية الحرب البرية على غزة. وأشارت إلى أنها لم تعد في اليوم الأول من الهدنة تخوفا من أن تفشل ويتواصل إطلاق النار، لكن حين مر اليوم الأول بسلام عادت إلى منزلها وبدأ أبناؤها بإغلاق الثغرات الكبيرة التي خلفها القصف السابق في جدران المنزل، لافتة إلى أنها توقعت أن تبقى الأوضاع هادئة وأن يجري تمديد الهدنة، لكنها فوجئت عند الثامنة من صباح الجمعة بغارات شديدة في الحي، فأسرع أبناؤها لنقلها إلى المدارس مجددا.
وأضافت حليمة: «فوجئت بعودة الآلاف من الناس للمدارس، وحين خرجنا من حي الشجاعية كان المئات من المواطنين أيضا يخرجون تحت القصف العنيف ويفرون إلى المدارس وإلى منازل أقربائهم التي خرجوا منها على أمل أن يتواصل الهدوء ويستعيدون حياتهم».
ووفقا لمسؤولين ميدانيين في «الأونروا» يتابعون أوضاع النازحين إلى المدارس، فإن أعدادا هائلة عادت إلى المدارس وإنها ضعف الأعداد الأولى ويتجاوز العدد في بعض المدارس ألفي شخص، مشيرين في أحاديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن ذلك يعود لتوسع رقعة القصف الإسرائيلي والاستهداف المتواصل لمنازل المدنيين التي يجري تدميرها وإحداث أضرار كبيرة فيها، مما يضطرهم إلى اللجوء إلى المدارس.
وأشار المسؤولون إلى أنهم يواجهون ظروفا صعبة للغاية في توفير الاحتياجات للعوائل النازحة إلى المدارس، موضحين أن الكثير من تلك العوائل فرت بملابسها وأن هناك أطفالا حفاة ولم يستطع ذووهم أخذ أحذيتهم وحتى أي أمتعة تساعدهم على الحياة في المدارس التي يتكدس فيها النازحون. وقال أحد أولئك المسؤولين، إن المئات من النازحين إلى مستشفى الشفاء جرى نقلهم إلى مدرستين فتحتا لإيوائهم فيها، وإن الأعداد تتزايد يوميا لدى «الأونروا» مع تواصل الغارات الإسرائيلية وتصاعدها ضد المنازل والأهداف المختلفة بجوار منازل المدنيين، مشيرا إلى أن مهمتهم تتعقد بشكل كبير وأنهم لا يستطيعون حتى توفير الخبز بشكل كاف لتلك العوائل.
ويقول المواطن مالك عبد الرحمن، من مخيم جباليا الذي خرج منه أمس نازحا إلى مدارس «الأونروا» في مخيم الشاطئ، إن كل منزل أو مسجد أو أي هدف يجري تدميره لا يتضرر وحده، بل يتسبب في ضرر كبير بمنازل أخرى، مما يعني أن قصف منزل واحد لا يعني تشريد عائلة واحدة، بل إن ذلك يعني تشريد ست أو سبع عوائل مجاورة للمنزل المستهدف، وكل منزل يتكون من عدة طوابق وكل طابق يسكن فيه ما لا يقل عن خمسة أشخاص، وبذلك يجري تشريد أكثر من 100 شخص مع كل منزل يتم استهدافه. وأضاف: «بالأمس، في منطقة نادي مخيم جباليا الذي أسكن بالقرب منه، دمر الاحتلال أربعة منازل بشكل كلي في غارة واحدة فقط، ألقى خلاله برميلا متفجرا، مما أدى إلى تدمير تلك المنازل وإحداث أضرار بأكثر من 14 منزلا آخر بسبب حجم المتفجرات التي ألقيت في ثوان معدودة»، مشيرا إلى أن منزله تضرر بشكل كبير ولم يعد صالحا للسكن، ولذلك اضطر إلى اللجوء إلى مدارس بمنطقة آمنة.
وتابع وقد ظهرت عليه حالة من الغضب والامتعاض الشديد بسبب الأوضاع التي يعيشها: «في كل مكان، هناك غارات وقصف على المنازل والمساجد وأهداف أخرى، ولا نعرف أين نذهب؟ نريد أن تتوقف هذه الحرب وأن تعلن تهدئة تستمر سنوات، لا نريد أن نخسر عوائلنا ومزيدا من منازلنا، نريد لحياتنا أن تعود كما كانت، لا نريد أن نبقى هنا في المدارس نشتكي أوجاعنا للصحافيين وللمسؤولين ونطلب منهم أن يعيدوا لنا كرامتنا، نحن شعب كرامتنا نحفظها بأنفسنا ولا نحتاج لمعلباتهم وطعامهم، بل نريد أن نعود إلى منازلنا ونسكن فيها آمنين بعيدا عن القتل والدمار».
وتقول السيدة إلهام ضاهر، (38 سنة)، التي كانت تتألم لما آلت إليه أحوالها، إن أطفالها يعانون قلة الغذاء المناسب لأعمارهم من قبل إدارة المدارس، مشيرة إلى أن جميع وجبات الطعام تشمل فقط المعلبات وأن أطفالها سئموا ذاك الطعام وبحاجة لوجبات صحية أفضل تساعدهم صحيا على استعادة بنية أجسادهم الضعيفة. وأشارت إلى أن هناك تقليصا كبيرا للمساعدات الغذائية والإنسانية المختلفة المقدمة للنازحين إلى المدارس، معربة عن أملها أن تتوقف الحرب لكي تستطيع العودة إلى منزلها في أقرب فرصة ممكنة لكي تستعيد حياتها وحياة أطفالها الذين باتوا يشتهون الطبخ المنزلي بدل المعلبات.
ويرجع المسؤولون في «الأونروا» ذلك إلى التضخم الكبير الذي تشهده المدارس وعدم قدرتهم على توفير مساعدات غذائية غير المعلبات وبعض الأغذية التي يمكن توفيرها بين فترة وأخرى، مشيرين إلى القدرات المادية المحدودة لدى «الأونروا» التي كانت تولي اهتماما أكبر للاجئين الفلسطينيين في سوريا الذين تعرضوا للقتل والدمار أيضا.



السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)
اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي، وبين مصر والمملكة خصيصاً. وأضاف: «كما يعد المشروع نموذجاً يحتذى به في تنفيذ مشروعات مماثلة مستقبلاً للربط الكهربائي»، موجهاً بإجراء متابعة دقيقة لكافة تفاصيل مشروع الربط الكهربائي مع السعودية.

جاءت تأكيدات السيسي خلال اجتماع مع رئيس مجلس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، ووزيري الكهرباء والطاقة المتجددة، محمود عصمت، والبترول والثروة المعدنية، كريم بدوي. وحسب إفادة لـ«الرئاسة المصرية»، الأحد، تناول الاجتماع الموقف الخاص بمشروعات الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، في ظل ما تكتسبه مثل تلك المشروعات من أهمية لتعزيز فاعلية الشبكات الكهربائية ودعم استقرارها، والاستفادة من قدرات التوليد المتاحة خلال فترات ذروة الأحمال الكهربائية.

وكانت مصر والسعودية قد وقعتا اتفاق تعاون لإنشاء مشروع الربط الكهربائي في عام 2012، بتكلفة مليار و800 مليون دولار، يخصّ الجانب المصري منها 600 مليون دولار (الدولار يساوي 49.65 جنيه في البنوك المصرية). وقال رئيس مجلس الوزراء المصري، خلال اجتماع للحكومة، منتصف أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن خط الربط الكهربائي بين مصر والسعودية سيدخل الخدمة في مايو (أيار) أو يونيو (حزيران) المقبلين. وأضاف أنه من المقرر أن تكون قدرة المرحلة الأولى 1500 ميغاواط.

ويعد المشروع الأول من نوعه لتبادل تيار الجهد العالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، من مدينة بدر في مصر إلى المدينة المنورة مروراً بمدينة تبوك في السعودية. كما أكد مدبولي، في تصريحات، نهاية الشهر الماضي، أن مشروع الربط الكهربائي مع السعودية، الذي يستهدف إنتاج 3000 ميغاواط من الكهرباء على مرحلتين، يعد أبرز ما توصلت إليه بلاده في مجال الطاقة.

وزير الطاقة السعودي يتوسط وزيري الكهرباء والبترول المصريين في الرياض يوليو الماضي (الشرق الأوسط)

فريق عمل

وفي يوليو (تموز) الماضي، قال وزير الكهرباء والطاقة المتجددة المصري، خلال لقائه وزير الطاقة السعودي، الأمير عبد العزيز بن سلمان، في الرياض، إن «هناك جهوداً كبيرة من جميع الأطراف للانتهاء من مشروع الربط الكهربائي المصري - السعودي، وبدء التشغيل والربط على الشبكة الموحدة قبل بداية فصل الصيف المقبل، وفي سبيل تحقيق ذلك فإن هناك فريق عمل تم تشكيله لإنهاء أي مشكلة أو عقبة قد تطرأ».

وأوضحت وزارة الكهرباء المصرية حينها أن اللقاء الذي حضره أيضاً وزير البترول المصري ناقش عدة جوانب، من بينها مشروع الربط الكهربائي بين شبكتي الكهرباء في البلدين بهدف التبادل المشترك للطاقة في إطار الاستفادة من اختلاف أوقات الذروة وزيادة الأحمال في الدولتين، وكذلك تعظيم العوائد وحسن إدارة واستخدام الفائض الكهربائي وزيادة استقرار الشبكة الكهربائية في مصر والسعودية.

ووفق المتحدث الرسمي باسم الرئاسة المصرية، محمد الشناوي، الأحد، فإن اجتماع السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول تضمن متابعة مستجدات الموقف التنفيذي لمحطة «الضبعة النووية»، في ظل ما يمثله المشروع من أهمية قصوى لعملية التنمية الشاملة بمصر، خصوصاً مع تبنى الدولة استراتيجية متكاملة ومستدامة للطاقة تهدف إلى تنويع مصادرها من الطاقة المتجددة والجديدة، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين.

وأكد السيسي أهمية العمل على ضمان سرعة التنفيذ الفعال لمشروعات الطاقة المختلفة باعتبارها ركيزة ومحركاً أساسياً للتنمية في مصر، مشدداً على أهمية الالتزام بتنفيذ الأعمال في محطة «الضبعة النووية» وفقاً للخطة الزمنية المُحددة، مع ضمان أعلى درجات الكفاءة في التنفيذ، فضلاً عن الالتزام بأفضل مستوى من التدريب وتأهيل الكوادر البشرية للتشغيل والصيانة.

وتضم محطة الضبعة، التي تقام شمال مصر، 4 مفاعلات نووية، بقدرة إجمالية تبلغ 4800 ميغاوات، بواقع 1200 ميغاوات لكل مفاعل. ومن المقرّر أن يبدأ تشغيل المفاعل النووي الأول عام 2028، ثم تشغيل المفاعلات الأخرى تباعاً.

جانب من اجتماع حكومي سابق برئاسة مصطفى مدبولي (مجلس الوزراء المصري)

تنويع مصادر الطاقة

وتعهدت الحكومة المصرية في وقت سابق بـ«تنفيذ التزاماتها الخاصة بالمشروع لإنجازه وفق مخططه الزمني»، وتستهدف مصر من المشروع تنويع مصادرها من الطاقة، وإنتاج الكهرباء، لسد العجز في الاستهلاك المحلي، وتوفير قيمة واردات الغاز والطاقة المستهلكة في تشغيل المحطات الكهربائية.

وعانت مصر من أزمة انقطاع للكهرباء خلال أشهر الصيف، توقفت في نهاية يوليو الماضي بعد توفير الوقود اللازم لتشغيل المحطات الكهربائية. واطلع السيسي خلال الاجتماع، الأحد، على خطة العمل الحكومية لضمان توفير احتياجات قطاع الكهرباء من المنتجات البترولية، وانتظام ضخ إمدادات الغاز للشبكة القومية للكهرباء، بما يحقق استدامة واستقرار التغذية الكهربائية على مستوى الجمهورية وخفض الفاقد.

ووجه بتكثيف الجهود الحكومية لتعزيز فرص جذب الاستثمارات لقطاع الطاقة، وتطوير منظومة إدارة وتشغيل الشبكة القومية للغاز، بما يضمن استدامة الإمدادات للشبكة القومية للكهرباء والقطاعات الصناعية والخدمية، وبتكثيف العمل بالمشروعات الجاري تنفيذها في مجال الطاقة المتجددة، بهدف تنويع مصادر إمدادات الطاقة، وإضافة قدرات جديدة للشبكة الكهربائية، بالإضافة إلى تطوير الشبكة من خلال العمل بأحدث التقنيات لاستيعاب ونقل الطاقة بأعلى كفاءة وأقل فقد.