تعزيز الإجراءات اللبنانية الأمنية «الوقائية» في محيط إقامة السوريين

مواطنون يجبرون متشددين عبروا الحدود من سوريا على العودة في معركة محدودة

تعزيز الإجراءات اللبنانية الأمنية «الوقائية» في محيط إقامة السوريين
TT

تعزيز الإجراءات اللبنانية الأمنية «الوقائية» في محيط إقامة السوريين

تعزيز الإجراءات اللبنانية الأمنية «الوقائية» في محيط إقامة السوريين

عززت الأجهزة الرسمية اللبنانية إجراءاتها الأمنية الوقائية في مناطق شرق لبنان، بموازاة إعادة انتشار وحدات الجيش اللبناني في بلدة عرسال الحدودية مع سوريا التي شهدت معارك مع الجيش الأسبوع الماضي، في حين اتسعت دائرة التوقيفات الأمنية في مختلف المناطق اللبنانية «منعا لتنفيذ عمليات تخريب إرهابية».
في موازاة ذلك، توتر الوضع الأمني في المنطقة الحدودية مع سوريا في شرق لبنان أمس، مع عبور متشددين إسلاميين للحدود. ونقلت «رويترز» عن مصادر أمنية لبنانية قولها إن متشددين إسلاميين عبروا الحدود من سوريا إلى لبنان، مما أدى إلى اندلاع معركة مسلحة مع قرويين لبنانيين انتهت بإجبارهم على العودة. ولم يتضح على الفور ما إذا كان هناك قتلى أو مصابون في الحادث الذي وقع قرب بلدة راشيا التي تبعد نحو مائة كيلومتر إلى الجنوب من بلدة عرسال، حيث هاجم متشددون إسلاميون قوات الأمن اللبنانية السبت الماضي.
وواصل الجيش اللبناني توقيف مشتبه في انتمائهم إلى جماعات متشددة، أو أقرباء لهم، طوال الأسبوع الماضي، كان آخر ذلك توقيف مخابرات الجيش سوريا في بلدة النميرية في جنوب لبنان. وذكرت وكالة الأنباء الرسمية اللبنانية «الوطنية للإعلام» أمس أن السوري «تبين أنه قام بتصوير منزل أحد القيادات الأمنية اللبنانية الرفيعة، بواسطة هاتفين جوالين في حوزته، وقد صودرت المضبوطات وأحيل إلى مقر مخابرات الجيش».
وقالت مصادر عسكرية لـ«الشرق الأوسط» إن وحدات الجيش واستخباراته «شددت في تدابيرها الأمنية بعد أحداث عرسال، منعا لقيام أي عمليات تخريب محتملة»، موضحة أن التدابير تعززت في محيط مخيمات النازحين السوريين وتجمعات يسكنها سوريون ينتشرون على كامل مساحة لبنان. وقالت إن الإجراءات المشددة «وقائية»، وتهدف إلى «توقيف أفراد يشتبه في أن تكون لهم ميول متشددة، وقد يقدمون على تنفيذ عمليات تخريب»، مؤكدة أن المشتبه بهم «ليسوا مجموعات منظمة خارج بلدة عرسال». وشددت على أن الإجراءات التي تطال هؤلاء «لا تعني بالضرورة أن تكون هناك تحضيرات لعمليات تخريب في المناطق».
وتنشط جميع الأجهزة الأمنية الرسمية على خط توقيف السوريين المشتبه بهم، إذ أوقفت قوة من فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي، أمس، سبعة أشخاص في مداهمة في بلدة ددة في شمال لبنان، وأحالتهم إلى التحقيق.
وكان الجيش اللبناني عزز تدابيره بعد أحداث عرسال، منعا لامتدادها إلى مناطق لبنانية أخرى، إذ ألقت القبض استخبارات الجيش اللبناني، الخميس الماضي، على مجموعة يشتبه أنها تخطط لأعمال إرهابية في اللبوة المحاذية لعرسال قرب المدرسة الرسمية. كما أوقفت على مفترق بريتال في بعلبك (شرق لبنان) السوري مهند أحمد فظعم (مواليد 1994) الذي كان يحمل على هاتفه الجوال صورا لمسلحين من تنظيم «داعش» ومشاهد لقطع رؤوس.
ونفذت مخابرات الجيش في الكورة (شمال لبنان) حملة مداهمات لأماكن إقامة السوريين المشتبه بهم في بلدات عدة، كما اعتقلت في مداهمة شقة في مدينة النبطية (جنوب لبنان) شخصين سوريين على خلفية قتال ولديهما بصفوف تنظيم «داعش» في عرسال ضد الجيش اللبناني.
وداهمت قوة من الجيش اللبناني، أول من أمس، تجمعات اللاجئين السوريين في بلدة خربة داود في منطقة دريب عكار (شمال لبنان)، حيث أفيد بتوقيف عدد من المشتبه بهم. كما داهم الجيش مخيما للنازحين السوريين في طليا شرق بعلبك، وأوقف 7 سوريين لعدم حيازتهم أوراقا ثبوتية، كما دهم عين الجوزة وألقى القبض على سوريين للسبب نفسه.
في غضون ذلك، واكبت البلديات في البقاع في شرق لبنان تدابير الجيش اللبناني والقوى الأمنية باتخاذ إجراءات صارمة، بعد تفويض مجلس الأمن الفرعي في البقاع للبلديات بتنظيم وضع النازحين السوريين وتشددي الرقابة عليهم. وأكد محافظ بعلبك والهرمل (شرق لبنان) بشير خضر، لـ«الشرق الأوسط»، أن مجلس الأمن الفرعي في البقاع «كلّف البلديات بتشديد إجراءاتها الأمنية، وكذلك بتنفيذ إحصاءات النازحين السوريين في مناطقهم بالعدد والأسماء وأرقام الهواتف»، إضافة إلى «الاتصال المباشر مع الأجهزة الأمنية الرسمية، حين يلحظون أي عمل مشبوه أو أي تحرك، أو يساورهم الشك بأي تهديد أمني، وذلك كي تأخذ القوى الأمنية دورها للحفاظ على الاستقرار وعدم امتداد التوترات الأمنية إلى المناطق».
وقال المحافظ خضر إن هذه التدابير «تأتي في إطار تنفيذ خطة أمن استباقي في ظل وجود تهديدات محتملة»، لافتا إلى تكليف الشرطة البلدية المحلية «بتعزيز إجراءاتها وتنفيذ عمليات تفتيش في مواقع وجود السوريين».
وسارعت البلديات إلى اتخاذ إجراءاتها، إذ أكد رئيس بلدية بعلبك حمد حسن، لـ«الشرق الأوسط»، أن التدابير المتخذة «تهدف إلى حماية المنطقة من الخضات الأمنية»، مشددا على أن الإجراءات «لا تمسّ بحرية النازح السوري المقيم بيننا، ولا تحد من حركته». وقال إن التعليمات «تصب في خانة مضاعفة الجهود الأمنية وزيادة الرقابة لحماية السوريين وحماية السكان من أي تهديد أمني، فضلا عن اتخاذ الحيطة والحذر من جماعات متشددة». وقال إن دوريات الشرطة البلدية «تتواصل على مدى النهار والليل في محيط تجمع السوريين ومواقعهم، التزاما بالتعليمات الأمنية الصادرة عن الأجهزة الرسمية».



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.