تركيا تكثف اتصالاتها السياسية والعسكرية حول الوضع في سوريا

TT

تركيا تكثف اتصالاتها السياسية والعسكرية حول الوضع في سوريا

واصلت تركيا اتصالاتها حول التطورات في سوريا والانسحاب الأميركي والمنطقة الآمنة التي اقترح الرئيس دونالد ترمب إقامتها في شمال سوريا.
وبحث وزيرا خارجية تركيا مولود جاويش أوغلو والإيراني محمد جواد ظريف في اتصال هاتفي أمس آخر المستجدات في سوريا والقمة الثلاثية المرتقبة في موسكو في فبراير (شباط) المقبل بين الرؤساء الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب إردوغان والإيراني حسن روحاني. ومن المقرر أن تركز القمة الثلاثية على التطورات في إدلب والعملية السياسية في سوريا ولجنة الدستور والحفاظ على مسار أستانة الذي ترعاه الدول الثلاث.
في السياق ذاته، أجرى جاويش أوغلو اتصالا هاتفيا مع ممثلة الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية السياسة والأمنية فيديريكا موغيريني، ليل الجمعة - السبت، تناولا خلاله التطورات في سوريا بجميع أبعادها.
في الوقت ذاته تلقى رئيس الأركان التركي الجنرال يشار جولار اتصالا هاتفيا من رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة، الجنرال جوزيف دانفورد ناقشا فيه الوضع الأمني في سوريا وأهمية استمرار التعاون بين الولايات المتحدة وتركيا في جهود مكافحة الإرهاب لضمان الهزيمة الدائمة لتنظيم داعش الإرهابي.
وتعرضت القوات الأميركية في عفرين ومناطق أخرى الأسبوع الماضي لهجمات تبناها «داعش». وأكدت أنقرة أنها قادرة وحدها على محاربة التنظيم الإرهابي عقب إتمام الانسحاب الأميركي المزمع من سوريا. كما تناول رئيسا الأركان ما يتعلق بالانسحاب الأميركي ملف الانسحاب من سوريا. وقالت مصادر إن دانفورد أكد مجددا التزام الولايات المتحدة بأمن تركيا.
وجاءت المباحثات الهاتفية بين رئيسي الأركان التركي والأميركي في الوقت الذي أجرى فيه المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا والتحالف الدولي للحرب على «داعش» جيمس جيفري لتركيا حيث أجرى مباحثات مع وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، أول من أمس، حيث أعرب أكار عن تطلع أنقرة إلى إنهاء واشنطن علاقاتها مع وحدات الإرهابي، والإسراع في استكمال خريطة طريق منبج الموقعة بين الجانبين في يونيو (حزيران) الماضي والتي تنص من بين بنودها على سحب عناصر الوحدات الكردية إلى شرق الفرات.
وقالت وزارة الدفاع التركية، في بيان إن تركيا تنتظر من واشنطن إنهاء علاقاتها مع الوحدات الكردية مشيرة إلى أن أكار شدد على إمكانية حل المشاكل في المنطقة من خلال تعاون البلدين فيما بينهما.
وأشار البيان إلى أن اللقاء بحث التطورات الأخيرة في سوريا، وعلى رأسها الأوضاع في مدينة منبج ومنطقة شرق الفرات، ولفت أكار إلى عزم تركيا حماية حقوقها ومصالحها المترتبة عن القانون الدولي والاتفاقات الدولية، واهتمامها بوحدة الأراضي السورية.
وكان الرئيس التركي رجب طيب إردوغان حذر، أول من أمس، من أنه في حال لم يتم الوفاء بالوعود المقدمة لبلاده حول التنسيق بشأن الانسحاب الأميركي من سوريا فإنها ستقيم المنطقة الآمنة شمال سوريا بنفسها. واعتبر أن ما يجري في منطقة الحدود التركية مع سوريا «وراءه حسابات تتعلق بتركيا وليس بسوريا».



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.