عشائر سورية تؤكد في مؤتمرها الأول رفض وجود الأميركيين والأتراك

TT

عشائر سورية تؤكد في مؤتمرها الأول رفض وجود الأميركيين والأتراك

طالب مؤتمر القبائل والعشائر السورية أمس، دمشق، بـ«إصدار عفو عام عن جميع السوريين في الداخل والخارج»، وتأكيد «وحدة التراب السوري ورفض وجود أي قوى أجنبية على الأراضي السورية».
المؤتمر الذي عقد أول من أمس (الجمعة)، في منطقة أثريا بريف حماة الشمالي الشرقي، حضره أكثر من 5 آلاف شخص من جميع المحافظات السورية ومن لبنان والعراق. وتضمن البيان التأسيسي الذي صدر عن المؤتمر «أن سوريا وطن لجميع أبنائها وهم متساوون بموجب القوانين في الحقوق والواجبات، وحدودها مصانة بموجب القوانين الشرعية الدولية ولن نسمح بتغييرها ورسم خرائط إصلاح أو تبديل لها أو مشروعات (مناطق آمنة) وغيرها من التسميات».
وقال الشيخ محمد الفارس شيخ قبيلة طي العربية في سوريا الذي عمل على عقد هذا المؤتمر لـ«الشرق الأوسط»، إن «المؤتمر عقد في منطقة أثريا التي تعتبر حلقة وصل بين المناطق الشرقية (دير الزور - الحسكة - الرقة) ووسط سوريا وجنوبها وغربها، والتجمع في هذه النقطة للتضامن مع المنطقة الشرقية التي تعتبر شريان الاقتصاد السوري، والذين تحدثوا في المؤتمر هم فقط أبناء المنطقة الشرقية، إضافة إلى ريف حلب التي تسيطر على أغلب مناطقها قوات أجنبية سواء كانت تركية أو أميركية والموالين لها، إذن هو دعم من كل الشعائر السورية لأبناء المنطقة الشرقية، هذه المنطقة لن يتغير لونها وهويتها ما دام الشرفاء من أبنائها يدافعون عنها».
وأكد الشيخ الفارس: «لست إلا خادماً لكل الشرفاء من أبناء العشائر والقبائل السورية».
وانتقد شيخ قبيلة طي منع «قوات سوريا الديمقراطية» وصول ممثلي العشائر إلى المؤتمر. وقال: «توجه أكثر من 500 شخص من أبناء ووجهاء العشائر السورية في محافظة الحسكة ومن كل أطيافها إلى المؤتمر، لكن قوات سوريا الديمقراطية ومجلس سوريا الديمقراطي منعا نحو 100 شخص من التوجه والمشاركة بالمؤتمر، في حين تم منع الباقي الذين قطعوا أكثر من 300 كلم وبقيت مسافة لا تتجاوز 100 كم عن مكان انعقاد المؤتمر، كنت أتمنى من قوات سوريا الديمقراطية أن تسمح للجميع بالوصول إلى المؤتمر ويعبرون عن رأيهم ما دامت تصريحاتهم تتحدث عن الحوار السوري - السوري واليوم كل الحضور هم من أبناء سوريا، عدا عدد من الضيوف من لبنان والعراق وهم ينتمون إلى عشائر عربية موجودة في كلا البلدين».
المؤتمر الذي قام بتنظيمه الشيخ بهاء قاطرجي من قبيلة النعيم يعتبر هو الأول في سوريا من حيث عدد الحضور والمشاركين، وقطع بعضهم مئات الكيلومترات للوصول إلى مكان المؤتمر. ويقول الشيخ رضوان الطحان أحد مشايخ قبيلة النعيم: «هدف المؤتمر هو إعلان العشائر العربية التي تمثل أكثر من 70 في المائة من الشعب السوري أنهم يرفضون تقسيم سوريا، وأنا القادم من الجولان جئت لأقول لأبناء المحافظات الشرقية إن كل السوريين معهم ولن يمر أي مشروع يتحدث عن التقسيم ومناطق آمنة، سوريا ستكون آمنة عندما تتخلص من كل محتل لأرضها، بعض منهم يتحدث عن مشاريع وتقسيم، ونحن نقول سوريا سوف تبقى بحدودها الطبيعية ولكل أبنائها الذين يتساوون بالحقوق والواجبات».
وأضاف الشيخ الطحان لـ«الشرق الأوسط»: «خلال المؤتمر طالب الجميع، الدولة، بصدور عفو عام عن كل من لم تلطخ يده بدماء السوريين، كل السوريين، من هم في الداخل والخارج، من هم تحت سيطرة الدولة السورية أو المناطق التي تسيطر عليها مجموعات أخرى، وكبادرة من الحكومة تم إطلاق سراح 85 شخصاً من أبناء المنطقة الشرقية، وقد عاد المفرج عنهم بصحبة وفود العشائر، وهذه أكبر فرحة لنا، ونعمل على طي ملف المعتقلين بشكل كامل إن شاء الله»، مشيراً إلى أن «لجاناً كثيرة شكلت عن المؤتمر لمتابعة كل القضايا التي طرحت في البيان الختامي؛ وأبرزها الشعب السوري مصمم على الدفاع عن نفسه وأرضه وسيادته بكل الوسائل ضد أي شكل من أشكال العدوان بما فيه الاحتلال الأميركي والتركي للأراضي السورية.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.