انفراج في أزمة تشكيل حكومة كردستان بعد تنازل حزب طالباني عن رئاسة البرلمان

قيادي كردي: المرشد الإيراني أوفد مبعوثا لكن وساطته جاءت في الوقت الضائع

نائبتان في البرلمان الكردستاني المنتخب تقفان أمام مبنى البرلمان في أربيل بعد أداء اليمين القانونية في 6 نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)
نائبتان في البرلمان الكردستاني المنتخب تقفان أمام مبنى البرلمان في أربيل بعد أداء اليمين القانونية في 6 نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)
TT

انفراج في أزمة تشكيل حكومة كردستان بعد تنازل حزب طالباني عن رئاسة البرلمان

نائبتان في البرلمان الكردستاني المنتخب تقفان أمام مبنى البرلمان في أربيل بعد أداء اليمين القانونية في 6 نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)
نائبتان في البرلمان الكردستاني المنتخب تقفان أمام مبنى البرلمان في أربيل بعد أداء اليمين القانونية في 6 نوفمبر الماضي (أ.ف.ب)

بدد قيادي كردي مخاوف الشارع الكردي من تأخر تشكيل الحكومة التي تعثرت مفاوضاتها بسبب بعض الشروط التي تقدمت بها قيادة الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة الرئيس العراقي جلال طالباني حول تقاسم المناصب، وقال في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن الأزمة تتجه نحو حل يتوقع أن يرضي جميع الأطراف». وتوقع القيادي، أن «تنطلق الجولة الجديدة من المفاوضات بعد انتهاء عطلة أعياد الميلاد وستكون الجولة النهائية والحاسمة».
وحول الصيغة التي جرى التوصل إليها كشف القيادي الكردي، الذي طلب التكتم عن اسمه لحساسية الوضع الحالي، عن أنه «كانت هناك مطالب محددة من قيادة الاتحاد الوطني تتعلق بالمناصب السيادية، منها منحه منصبي رئاسة البرلمان ونائب رئيس الحكومة ووزارتين سياديتين وأربع وزارات خدمية أخرى، لكن هذه المطالب رأى الكثيرون أنها غير واقعية، وعدها آخرون تعجيزية تعرقل تشكيل الحكومة، لذلك وانطلاقا من حرصها على المصلحة العامة أبدت قيادة الاتحاد الوطني المرونة المطلوبة في هذا المجال، واكتفت بمنصب نائب رئيس الحكومة مقابل التخلي عن رئاسة البرلمان لصالح حركة التغيير». وأضاف: «الآن أثبت الاتحاد الوطني أنه لم يكن معرقلا لتشكيل الحكومة كما اتهمته بعض الأطراف السياسية الأخرى».
وتوقع القيادي الكردي أن يقر الاجتماع المقبل الذي سيعقد بعد انتهاء عطلة أعياد الميلاد هذه الصيغة التوافقية، وتبقى بعض الأمور الثانوية مثل توزيع الوزارات الأخرى المتبقية على الأحزاب الصغيرة، وهناك أيضا مشكلة الحصص، إذ إن البعض يرى أنه لا تجوز معاملة الحزب الذي حصل على ستة مقاعد برلمانية مثل الحزب أو المكون الذي حصل على مقعد واحد، فبحسب الخطة التي انكشفت ملامحها، فإن من المتوقع إسناد حقيبة وزراية واحدة إلى الجماعة الإسلامية في حين أن المكونين التركماني والمسيحي سيحصلان أيضا على حقيبة وزارية واحدة، وهذه الأمور ستحسم في الاجتماع المقبل بعد الاتفاق على الأمور الأساسية والصعبة.
وحول ما تردد عن وصول موفد إيراني، مبعوثا من المرشد الإيراني الأعلى علي خامنئي، لتقريب وجهات النظر والضغط على الأطراف الكردية للإسراع بتشكيل الحكومة، قال المصدر القيادي: «نعم، تدخلت إيران بهذا الاتجاه، والتقى محمد جعفر السهروردي بعدد من قيادات الإقليم، لكن وساطته جاءت متأخرة وفي الوقت الضائع، فالمفاوضات قطعت شوطا مهما والانفراج حصل من دون تدخل المبعوث الإيراني، وجرى التفاهم حول توزيع المناصب الذي كان العقدة المستعصية أمام المفاوضين، بعد أن أبدت قيادة الاتحاد المرونة المطلوبة بتنازلها عن رئاسة البرلمان لصالح حركة التغيير، وتمسكت بالمقابل بمنصب نائب رئيس الحكومة لأن هناك الكثير من الاتفاقات السابقة بين الاتحاد والحزب الديمقراطي الكردستاني وأرادت قيادة الاتحاد أن تبقى تلك الاتفاقات دون المس بها حتى لا يحدث أي خلل داخل الحكومة المقبلة».
حركة التغيير التي كانت مصادر فيها قد أشارت إلى سعيها لدخول الحكومة وأبدت رغبتها بالحصول على منصب نائب رئيس الحكومة، غلبت عليها آراء الأغلبية من القيادات والكوادر بالحصول على منصب رئاسة البرلمان بدلا من نيابة رئيس الحكومة. وستحصل الحركة وفق التفاهم الجديد على أربع وزارات بينها وزارة سيادية مع احتلال موقع رئاسة البرلمان.
وبحسب القيادي الكردي المذكور آنفا فمن المتوقع أن يجري التوقيع على اتفاق بشأن تقاسم المناصب والحقائب على ضوء التفاهم والتوافق الذي حصل، خلال الجولة المقبلة من المباحثات على أن تسمى الهيئة الرئاسية للبرلمان في الاجتماع الأول ثم دعوة البرلمان إلى الانعقاد ليصدر التكليف الرسمي لنيجيرفان بارزاني، نائب رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني الذي يتزعمه رئيس الإقليم مسعود بارزاني، لتشكيل الحكومة المقبلة التي ستكون التشكيلة الثامنة منذ الإعلان عن أول حكومة إقليمية في إقليم كردستان العراق عام 1992.
من ناحية ثانية، ومع أن جلساته الرسمية لم تبدأ بعد بسبب تعثر المفاوضات الحالية بين الأطراف السياسية لانتخاب الهيئة الرئاسية، دخل برلمان كردستان في عطلته الشتوية التي ستبدأ من اليوم وحتى الأول من مارس (آذار) المقبل. وكان البرلمان قد عقد جلسته الوحيدة إثر انتخابه في 21 سبتمبر (أيلول) 2013 وترأسها العضو الأكبر سنا وهو من قائمة الحزب الديمقراطي الكردستاني، ثم علق جلساته إلى حين تفاهم الكتل والأطراف السياسية على تسمية الهيئة الرئاسية للبرلمان.
وبسؤال عوني البزاز، رئيس اللجنة القانونية السابق لبرلمان كردستان، أوضح لـ« الشرق الأوسط» أن الإجراء «قانوني تماما، لأن البرلمان عقد جلسته الأولى وأدى الأعضاء اليمين القانونية وعليه فإن البرلمان اكتمل من الناحية القانونية رغم غياب هيئته الرئاسية، ودخوله في عطلته الشتوية أيضا أمر قانوني، ولكن ذلك لا يمنع دعوة البرلمان للانعقاد في حال تطلبت الضرورة ذلك، مثل وصول الموازنة السنوية للمناقشة داخل البرلمان، أو في حال حدوث تفاهم وتوافق على الهيئة الرئاسية وما يترتب عليه من دعوة البرلمان لانتخابها داخل جلسة طارئة». وأضاف: «كان الخلل حدث منذ الجلسة الأولى، إذ كان يفترض أن تسبق تسمية أعضاء الهيئة الرئاسية انعقاد الجلسة لكي تنتخب الهيئة الرئاسية في أول جلسة وفقا للأصول المتبعة، لكن أعضاء البرلمان تقدموا بطلب إلى الرئيس المؤقت لتعليق الجلسة ريثما تجري تسمية الهيئة الرئاسية وهكذا كان».



العليمي للسفراء: تحركات «الانتقالي» الأحادية تهدد مسار الاستقرار في اليمن

العليمي انتقد ما وصفه بالتحركات الأحادية للمجلس الانتقالي الجنوبي (سبأ)
العليمي انتقد ما وصفه بالتحركات الأحادية للمجلس الانتقالي الجنوبي (سبأ)
TT

العليمي للسفراء: تحركات «الانتقالي» الأحادية تهدد مسار الاستقرار في اليمن

العليمي انتقد ما وصفه بالتحركات الأحادية للمجلس الانتقالي الجنوبي (سبأ)
العليمي انتقد ما وصفه بالتحركات الأحادية للمجلس الانتقالي الجنوبي (سبأ)

وضع رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، الاثنين، سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في بلاده أمام آخر الأحداث السياسية، والميدانية، بخاصة ما شهدته المحافظات الشرقية في الأيام الماضية من تطورات وصفها بأنها تشكل تقويضاً للحكومة الشرعية، وتهديداً لوحدة القرار الأمني، والعسكري، وخرقاً لمرجعيات العملية الانتقالية.

وذكر الإعلام الرسمي أن العليمي التقى في الرياض سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن، وذلك بحضور رئيس مجلس الوزراء سالم صالح بن بريك.

وفي الوقت الذي تواصل فيه السعودية جهودها المكثفة من أجل التهدئة، أشاد العليمي بدور الرياض المسؤول في رعاية جهود التهدئة بمحافظة حضرموت، بما في ذلك التوصل إلى اتفاق يضمن عمل المنشآت النفطية، ومنع انزلاق المحافظة إلى مواجهات مفتوحة.

لكنه أعرب عن أسفه لتعرض هذه الجهود لتهديد مستمر نتيجة تحركات عسكرية أحادية الجانب، أبقت مناخ التوتر وعدم الثقة قائماً على نطاق أوسع. بحسب ما أورده الإعلام الرسمي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وطبقاً لوكالة «سبأ»، وضع العليمي السفراء في صورة التطورات الأخيرة في المحافظات الشرقية، مشيراً إلى أن الإجراءات الأحادية التي اتخذها المجلس الانتقالي الجنوبي تمثل خرقاً صريحاً لمرجعيات المرحلة الانتقالية، وتهديداً مباشرا لوحدة القرار الأمني، والعسكري، وتقويضاً لسلطة الحكومة الشرعية، وتهديداً خطيراً للاستقرار، ومستقبل العملية السياسية برمتها.

وأكد العليمي للسفراء أن الشراكة مع المجتمع الدولي ليست شراكة مساعدات فقط، بل مسؤولية مشتركة في حماية فكرة الدولة، ودعم مؤسساتها الشرعية، والحيلولة دون تكريس منطق السلطات الموازية.

تحذير من التداعيات

حذر رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، خلال اجتماعه مع السفراء، من التداعيات الاقتصادية، والمعيشية الخطيرة لأي اضطراب، خصوصاً في محافظتي حضرموت، والمهرة، وأضاف أن ذلك قد يعني تعثر دفع مرتبات الموظفين، ونقص الوقود لمحطات الكهرباء، وتفاقم الأزمة الإنسانية، ونسف كل ما تحقق من إصلاحات اقتصادية، وإضعاف ثقة المانحين بالحكومة الشرعية.

وأكد العليمي أن أحد المسارات الفعالة للتهدئة يتمثل في موقف دولي موحد، واضح وصريح، يرفض الإجراءات الأحادية، ويؤكد الالتزام الكامل بمرجعيات المرحلة الانتقالية، ويدعم الحكومة الشرعية باعتبارها الجهة التنفيذية الوحيدة لحماية المصالح العليا للبلاد.

كما جدد التأكيد على أن موقف مجلس القيادة الرئاسي واضح من تجاربه السابقة بعدم توفير الغطاء السياسي لأي إجراءات أحادية خارج الإطار المؤسسي للدولة، متى ما توفرت الإرادة الوطنية، والإقليمية، والدولية الصادقة.

المجلس الانتقالي الجنوبي يطالب باستعادة الدولة التي كانت قائمة في جنوب اليمن قبل 1990 (أ.ف.ب)

وشدد رئيس مجلس القيادة الرئاسي على أهمية تكامل مواقف دول التحالف في دعم الحكومة الشرعية، وبما يحمي وحدة مؤسسات الدولة، ويحول دون زعزعة الأمن، والاستقرار في المحافظات المحررة. وفق ما أورده الإعلام الرسمي.

وقال العليمي إن البلاد والأوضاع المعيشية للمواطنين لا تحتمل فتح المزيد من جبهات الاستنزاف، وإن المعركة الحقيقية ستبقى مركزة على استعادة مؤسسات الدولة، وإنهاء انقلاب الميليشيات الحوثية الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني.

كما أكد حرص مجلس القيادة الرئاسي والحكومة على استمرار الوفاء بالالتزامات الحتمية للدولة تجاه مواطنيها، وشركائها الإقليميين، والدوليين، وفي المقدمة السعودية، التي ثمن استجاباتها الفورية المستمرة لاحتياجات الشعب اليمني في مختلف المجالات.

مطالبة بموقف موحد

دعا العليمي خلال الاجتماع مع السفراء المجتمع الدولي إلى اتخاذ موقف موحد يرفض منازعة الحكومة لسلطاتها الحصرية، وممارسة ضغط علني لعودة القوات الوافدة من خارج محافظتي حضرموت، والمهرة، ودعم جهود الدولة والسلطات المحلية للقيام بواجباتها الدستورية في حماية المنشآت السيادية، وتعزيز جهود التهدئة، ومنع تكرار التصعيد.

جانب من اجتماع العليمي في الرياض بالسفراء الراعين للعملية السياسية في اليمن (سبأ)

ونقلت وكالة «سبأ» الحكومية عن العليمي قوله إن الشعب اليمني وحكومته قادران على ردع أي تهديد، وحماية المركز القانوني للدولة، وأنه حذر من أن سقوط منطق الدولة في اليمن لن يترك استقراراً يمكن الاستثمار فيه، لا في الجنوب، ولا في الشمال، مجدداً دعوته إلى تحمل المسؤولية الجماعية، لمنع انزلاق البلاد إلى مزيد من التفكك، والفوضى.

ونسب الإعلام الرسمي إلى سفراء الدول الراعية للعملية السياسية في اليمن أنهم جددوا التزامهم الكامل بدعم مجلس القيادة الرئاسي، والحكومة، ووحدة اليمن، واستقراره، وسلامة أراضيه.


«أطباء بلا حدود»: وضع الأطباء في غزة «لا يزال صعباً جداً» رغم الهدنة

رئيس منظمة أطباء بلا حدود جاويد عبد المنعم (أ.ف.ب)
رئيس منظمة أطباء بلا حدود جاويد عبد المنعم (أ.ف.ب)
TT

«أطباء بلا حدود»: وضع الأطباء في غزة «لا يزال صعباً جداً» رغم الهدنة

رئيس منظمة أطباء بلا حدود جاويد عبد المنعم (أ.ف.ب)
رئيس منظمة أطباء بلا حدود جاويد عبد المنعم (أ.ف.ب)

أكَّد رئيس منظمة أطباء بلا حدود جاويد عبد المنعم، في مقابلة مع «وكالة الصحافة الفرنسية»، أن ظروف المسعفين والمرضى في غزة لا تزال على حالها رغم الهدنة الهشة التي تسري منذ نحو شهرين في القطاع.

وقال عبد المنعم، الأحد، متحدثاً عن ظروف الطواقم الطبية العاملة بمستشفيات غزة إن الوضع «لا يزال صعباً جداً كما كان دائماً»، مضيفاً أن «الرعاية المقدمة للمرضى دون المستوى المطلوب» وأن المساعدات التي تدخل الأراضي الفلسطينية غير كافية.

ودعت المنظمة طرفي النزاع في السودان إلى ضمان حماية العاملين في المجالين الإنساني والطبي.

وقال عبد المنعم: «على كلا الطرفين منح العاملين في المجالين الإنساني والطبي الحرية والحماية وتمكينهم من الوصول إلى السكان»، موضحاً أن طرفي النزاع يواصلان هجماتهما على منشآت الرعاية الصحية.


ما نعرفه عن المعارك الضارية في منطقة كردفان السودانية

نازحون من شمال كردفان يجلسون في الظل بمدينة أم درمان التابعة لولاية الخرطوم يوم الاثنين (أ.ف.ب)
نازحون من شمال كردفان يجلسون في الظل بمدينة أم درمان التابعة لولاية الخرطوم يوم الاثنين (أ.ف.ب)
TT

ما نعرفه عن المعارك الضارية في منطقة كردفان السودانية

نازحون من شمال كردفان يجلسون في الظل بمدينة أم درمان التابعة لولاية الخرطوم يوم الاثنين (أ.ف.ب)
نازحون من شمال كردفان يجلسون في الظل بمدينة أم درمان التابعة لولاية الخرطوم يوم الاثنين (أ.ف.ب)

تشهد منطقة كردفان الاستراتيجية في السودان قتالاً عنيفاً بين الجيش و«قوات الدعم السريع» التي شجعها تقدّمها في إقليم دارفور، وسيطرتها الكاملة عليه.

وحشدت «قوات الدعم السريع» وحداتها في هذه المنطقة الخصبة، والغنية بالنفط، والذهب الواقعة في وسط السودان، وصعّدت هجماتها فيها مع الميليشيات المتحالفة معها بعد سيطرتها على الفاشر، آخر معاقل الجيش في دارفور.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، يرى المحللون أن تركيز «قوات الدعم السريع» على هذه المنطقة يرمي إلى كسر القوس الدفاعي الأخير للجيش حول وسط السودان، سعياً إلى استعادة العاصمة الخرطوم، وسواها من المدن الكبرى.

وفي ظل تَناقُض تصريحات الأطراف المتحاربة، يتعذر التحقق بدقة من المعلومات الواردة من منطقة كردفان، بسبب صعوبة الوصول إليها، وانقطاع الاتصالات.

لكنّ مسؤولين محليين وعاملين في المجال الإنساني، إضافة إلى الأمم المتحدة، يشيرون إلى تكثيف القصف، والضربات بالطائرات المسيّرة، ويتحدثون عن نزوح للسكان، وخطر وقوع فظائع.

لماذا كردفان؟

يشكّل إقليم كردفان الشاسع المقسّم إلى ثلاث ولايات، والمعروف بالزراعة، وتربية الماشية، صلة وصل استراتيجية لحركة الوحدات العسكرية، وعلى المستوى اللوجستي، إذ يقع بين المناطق التي يسيطر عليها الجيش في الشمال، والشرق، والوسط، ومنطقة دارفور في الغرب، والتي باتت «قوات الدعم السريع» تسيطر عليها.

ويشتهر كردفان اقتصادياً بإنتاج الصمغ العربي، وزراعة السمسم، والذرة الرفيعة، وحبوب أخرى، تُسهم، إلى جانب الماشية، في الثروة الزراعية للسودان.

وتضم المنطقة مناجم ذهب، ومنشآت نفطية حيوية، تُشكّل مصادر دخل مهمة للمجهود الحربي.

وسيطرت «قوات الدعم السريع» الاثنين على حقل هجليج الذي يُعَدّ المنشأة الرئيسة لمعالجة صادرات جنوب السودان النفطية، وفقاً لتأكيدات متقاطعة من «قوات الدعم السريع»، ومصدر في الجيش، ومهندس اتصلت به «وكالة الصحافة الفرنسية».

من هي الأطراف المتقاتلة؟

يمتلك الجيش السوداني الذي يقوده عبد الفتاح البرهان، دبابات صينية، وطائرات سوفياتية، ومسيّرات تركية، أو إيرانية الصنع، بحسب موقع «أفريكان سيكيورتي أناليسيس» المستقل في ستوكهولم.

أما «قوات الدعم السريع»، بقيادة حليفه السابق وخصمه الحالي محمد حمدان دقلو، فانبثقت من ميليشيات الجنجويد العربية التي استعان بها الرئيس المخلوع عمر البشير لسحق تمرّد لمجموعات عرقية غير عربية في دارفور.

وتحالفت «قوات الدعم السريع» في الآونة الأخيرة مع الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال بقيادة عبد العزيز الحلو. ومكّنها هذا التقارب من تعزيز عددها، ومواقعها في جبال النوبة، وفي بعض مناطق ولاية النيل الأزرق الواقعة بالقرب من إثيوبيا، والتي تقع منذ مدة طويلة تحت سيطرة هذا الفصيل المتمرد.

على أية جبهات تدور المعارك؟

يتركز القتال على جبهات مدن الأبيض، وكادوقلي، والدلنج، وبابنوسة التي يتمركز فيها الجيش بكثافة.

وتقع الأبيض، المحاصرة منذ أشهر، وهي عاصمة ولاية شمال كردفان، على طريق استراتيجي يربط دارفور بالخرطوم، وتضم مطاراً استُخدم مدة طويلة لأغراض لوجستية عسكرية.

واستعاد الجيش أخيراً مدينة بارا، الواقعة على بُعد 60 كيلومتراً شمالاً على الطريق نفسه.

وأكدت «قوات الدعم السريع» الأسبوع الفائت أنها «حررت» بابنوسة، في ولاية غرب كردفان، لكنّ الجيش نفى ذلك.

وفي جنوب كردفان، يحرم الحصار المطول لكادوقلي والدلنج آلاف المدنيين من الغذاء، والدواء.

وإلى الجنوب، تتعرض جبال النوبة لضغط متزايد حول كاودا، معقل الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال، إذ يسعى الجيش إلى إضعاف هذا الفصيل المتحالف مع «قوات الدعم السريع».

وضع المدنيين

أكدت الأمم المتحدة في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي حال المجاعة في كادوقلي، وصنفت الدلنج على أنها معرضة لخطر المجاعة. ومنذ عام 2024، أُعلِنَت أجزاء من جبال النوبة مُعرّضة للمجاعة.

ويدفع المدنيون العالقون وسط المعارك ثمناً باهظاً.

وأعلنت منظمة الصحة العالمية الاثنين أنّ 114 شخصاً، بينهم 63 طفلاً، قُتلوا الخميس بضربات مسيّرات نُسبت إلى «قوات الدعم السريع» على روضة أطفال، ومستشفى في كلوقي، على بُعد نحو 70 كيلومتراً شرقي كادوقلي.

والأربعاء، قُتِل ستة أشخاص على الأقل في ناما بولاية غرب كردفان جرّاء هجوم بطائرة مُسيّرة نُسب إلى الجيش.

وفي 29 نوفمبر، أسفر هجوم بطائرة مُسيّرة أطلقها الجيش على كاودا عن مقتل 45 شخصاً، بينهم طلاب، في جنوب كردفان.

وفي 3 نوفمبر، أدى هجوم بطائرة مُسيّرة نُسب إلى «قوات الدعم السريع» عن مقتل 45 شخصاً في جنازة بمدينة الأبيض، وفقاً للأمم المتحدة.

وأشارت المنظمة الدولية إلى أن أكثر من 45 ألف شخص نزحوا من كردفان منذ نهاية أكتوبر (تشرين الأول) المنصرم.