بعيدا عن نادي باريس سان جيرمان، يمكن القول بأن الدوري الفرنسي الممتاز يشهد عددا قليلا من الأهداف. لكن المهاجم الأرجنتيني إيميليانو سالا سجل أهدافا منذ انضمامه إلى نادي نانت أكثر من معظم لاعبي المسابقة. وقدم المهاجم الشاب أداء رائعا في النصف الأول من الموسم الجاري، وهو الأمر الذي جعله محط أنظار العديد من الأندية خارج فرنسا. وبعدما سافر سالا إلى ويلز مرتين من أجل إنهاء الأمور المتعلقة بانتقاله إلى كارديف سيتي، عاد مرة أخرى إلى نانت مساء الاثنين الماضي لكي يقول وداعا لزملائه في الفريق.
ونشر سالا على حسابه على مواقع التواصل الاجتماعي صورة لنفسه محاطا بلاعبي نانت في ملعب تدريب الفريق وكتب جملة «الوداع الأخير»، قبل أن يستقل الطائرة من أجل العودة إلى ويلز والمشاركة في الدوري الإنجليزي الممتاز. وكان من المفترض أن يصل سالا إلى كارديف في الساعة التاسعة مساء، لكنه لم يصل بعدما اختفت الطائرة التي كان يستقلها.
ولد سالا في مقاطعة سانتا في بالأرجنتين، لكنه عاش في فرنسا منذ سنوات المراهقة. وبعدما لعب لمدة خمس سنوات في نادي برويكتو كريسير الأرجنتيني، الذي يرتبط بشراكة مع نادي بوردو الفرنسي، انتقل المهاجم الشاب في نهاية المطاف إلى نادي بوردو في عام 2010. وسجل سالا 18 هدفا في موسم 2012-2013 عندما لعب لنادي أوليانز، الذي يلعب في دوري الدرجة الثالثة، على سبيل الإعارة، وهو الأمر الذي جذب أنظار مسؤولي نادي نيور، الذي يلعب في دوري الدرجة الثانية، والذين تعاقدوا معه على سبيل الإعارة أيضا. وبعدما سجل 18 هدفا مع النادي الجديد مرة أخرى، انضم سالا إلى بوردو في موسم 2014-2015.
كون سالا أسرة ثانية له في بوردو، إن جاز التعبير، حيث كان يقيم مع المدير الفني للناشئين بالنادي تحت 16 عاما، مارسيلو فادا، وهو أرجنتيني الجنسية أيضا، ونجله فالنتين، خلال الفترة التي لعبها في بوردو. ونشر فالنتين، الذي أصبح وكأنه شقيق لسالا، تغريدة على حسابه الخاص على موقع «تويتر» صباح الثلاثاء الماضي قال فيها: «هيا يا أخي، عد من فضلك».
وبدأ سالا موسم 2014-2015 مع نادي بوردو، لكن بعدما أحرز هدفا واحدا في 11 مباراة له في الدوري الفرنسي الممتاز، غادر النادي مرة أخرى على سبيل الإعارة، لكن هذه المرة إلى نادي كان، الذي قدم معه أداء أفضل. وسجل سالا خمسة أهداف في النصف الثاني من ذلك الموسم، بما في ذلك هدف في المباراة التي انتهت بالتعادل بهدفين لمثلهما أمام باريس سان جيرمان. ولفت هذا الأداء أنظار مسؤولي نادي نانت الذين قرروا التعاقد معه مقابل مليون يورو في ذلك الصيف.
لم يرتق أداء سالا لما هو متوقع خلال أول موسم له مع نانت، لكنه أنهى الموسم بتسجيل ستة أهداف ليكون بذلك هداف الفريق في ذلك الموسم بالدوري الفرنسي الممتاز. وسرعان ما تطور أداء سالا وأصبح هو المهاجم الأساسي للفريق تحت قيادة أكثر من مدير فني. وتميز سالا بالقوة البدنية الهائلة وقدرته على استخلاص الكرات الهوائية، كما نجح في تسجيل 12 هدفا في كل موسم من الموسمين الماضيين.
وخلال الموسم الجاري، تطور أداء سالا بشكل لافت للأنظار، بعدما سجل 12 هدفا في نصف عدد المباريات التي خاضها الموسم الماضي لتسجيل نفس العدد من الأهداف. وأصبح سالا أحد اللاعبين المحافظين على ثبات مستواهم مع نانت رغم تذبذب أداء الفريق بشكل واضح. ورغم أن سالا لم يتمكن من حجز مكانه بشكل دائم في التشكيلة الأساسية للفريق تحت قيادة مدرب سيلتا فيغو الحالي ميغيل كاردوزو، فإنه كان يسجل في كل مرة يشارك فيها، سواء كأساسي أو كاحتياطي. وفي مرحلة ما خلال الموسم الماضي، كان النجم الفرنسي كيليان مبابي هو الوحيد الذي يتفوق على سالا في الدوريات الخمسة الكبرى فيما يتعلق بمعدل الأهداف المسجلة بالنسبة لعدد الدقائق التي يلعبها اللاعب.
وفي أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تولى البوسني وحيد خليلوزيتش قيادة الفريق خلفا لكاردوزو، وفقد سالا مكانه في تشكيلة الفريق. لكنه بعد ذلك نجح في إحراز ثلاثة أهداف في مرمى تولوز ثم سجل هدفا في فوز فريقه على مارسيليا بثلاثة أهداف مقابل هدفين، وأصبح هو المهاجم الأساسي للفريق وأثبت أنه لاعب من طراز فريد.
وبفضل تسجيله لـ42 هدفا خلال ثلاثة مواسم ونصف، جذب سالا أنظار العديد من الأندية بالخارج، وتمكن كارديف سيتي من التوصل لاتفاق مع نادي نانت للحصول على خدمات اللاعب. وكان سالا يشعر بالسعادة في فرنسا ولم يكن يفكر في بداية الأمر سوى في الانتقال إلى ناد يساعده على اللعب في البطولات الأوروبية. ورفض عرضا للانتقال إلى أحد الأندية الصينية الذي كان سيمنحه راتبا يصل لثلاثة أضعاف الراتب الذي كان سيحصل عليه مع كارديف سيتي، لأنه كان قد وعد النادي الويلزي بالانتقال إليه.
وربما كان انتقال سالا للدوري الإنجليزي الممتاز بمثابة نقطة تحول كبرى في مسيرة اللاعب الكروية. وقد نشر اللاعب بالفعل صورة له على موقع «تويتر» وهو يبتسم ويرتدي قميص كارديف سيتي. وقال والده للتلفزيون الأرجنتيني: «بالنسبة له، وبالنسبة لنا جميعا، كان انتقاله إلى كارديف سيتي خطوة هامة. إنه فتى لا يتوقف عن القتال، ويتحلى بالتواضع الشديد، ولا أستطيع أن أصدق ما حدث. إنني أشعر باليأس، ولا أعرف ما سيحدث، وأتمنى أن تكون هناك أخبار جيدة. ولا تعلم عائلتي أي شيء عما حدث».
ورغم أن سالا كان يسبب الكثير من المتاعب والمشكلات لمدافعي الفرق المنافسة داخل المستطيل الأخضر، فإنه خارج الملعب كان يحظى بكل حب وتقدير واحترام من زملائه في الفريق ومن أصدقائه. وقال رئيس نادي نانت، فالديمار كيتا، يوم الثلاثاء الماضي: «لقد كان شخصا مهذبا ولطيفا ومحبوبا من الجميع». أمام باتريس غاراند، الذي تولى تدريبه في نادي كان، فقال: «أنا أتابع الأخبار منذ الصباح، وأنتظر ما سيحدث. إنني لا أصدق ما حدث، فهذا شيء مستحيل. لقد جعلني هذا اللاعب أشعر بالسعادة الغامرة داخل وخارج الملعب خلال الأشهر الستة الماضية».
وقال بامو إن سالا كان ينشر البهجة في كل مكان في نانت، وأضاف: «لقد كان الأكثر مزاحا في غرفة خلع الملابس وفي الحياة اليومية، وكان يلقي الكثير من النكات». ربما يكون من الصعب أن نعرف ما إذا كان سالا سيقدم أداء قويا في الدوري الإنجليزي الممتاز أم لا، لكن حماسه الكبير وتفاؤله الدائم داخل الملعب وخارجه، بالإضافة إلى خجله الكبير من وسائل الإعلام، قد أعطى انطباعا رائعا لدى كل من لعب إلى جانبه أو تولى تدريبه.
وقد ظهر الحب الذي يكنه الجميع للاعب من خلال الرسائل التي نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي والتصريحات والمقابلات التلفزيونية يوم الثلاثاء الماضي، سواء من قبل زملائه في الفريق أو مسؤولي الأندية التي لعب لها أو الجمهور أو المسؤولين في فرنسا وخارجها. لقد عمل سالا بكل قوة من أجل تحقيق أهدافه، وبدأت مسيرته الكروية في التطور بشكل لافت خلال الفترة الأخيرة، وسيظل نجمه يتلألأ بغض النظر عن أي شيء قد يحدث.
إيميليانو سالا... المهاجم الرائع الذي أثرى حياة الجميع
انتقال اللاعب إلى الدوري الإنجليزي القوي كان خطوة طبيعية في ظل سجله التهديفي الباهر
إيميليانو سالا... المهاجم الرائع الذي أثرى حياة الجميع
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة