السودان: «تجمع المهنيين» يصعّد احتجاجاته بالدعوة إلى «موكب الزحف الأكبر»

المهدي يلقي بثقله خلف الانتفاضة... ويطالب بـ«إصلاحات»

جانب من الاحتجاجات في شوارع أم درمان عقب صلاة الجمعة أمس (أ.ف.ب)
جانب من الاحتجاجات في شوارع أم درمان عقب صلاة الجمعة أمس (أ.ف.ب)
TT

السودان: «تجمع المهنيين» يصعّد احتجاجاته بالدعوة إلى «موكب الزحف الأكبر»

جانب من الاحتجاجات في شوارع أم درمان عقب صلاة الجمعة أمس (أ.ف.ب)
جانب من الاحتجاجات في شوارع أم درمان عقب صلاة الجمعة أمس (أ.ف.ب)

ألقى المعارض والزعيم الديني السوداني الأبرز الصادق المهدي، بثقله خلف الحراك الذي تشهده البلاد منذ أكثر من شهر، وأعلن تأييده غير المشروط له، وطالب بتكوين «حكومة انتقالية» تخرج البلاد من أزماتها، وفي غضون ذلك استجاب أمس الآلاف لدعوة «تجمع المهنيين السودانيين» للتظاهر عقب صلاة الجمعة، بهدف جدولة الحراك للأسبوع المقبل، غير أن حضور قوات الأمن لم يكن بالكثافة التي كان عليها طوال الشهر الماضي.
وقال المهدي، الذي يتزعم تحالف نداء السودان المعارض وحزب الأمة القومي، أحد أعرق الأحزاب السودانية، في خطبة الجمعة أمس، «نحن نؤيد هذا التحرك الشعبي»، داعيا إلى «تجنب أي مظاهر للعنف المادي واللفظي».
وندد المهدي باستخدام العنف المفرط ضد المحتجين، وقدم حصيلة جديدة لقتلى وجرحى الانتفاضة، بقوله «لقد بلغ عدد الشهداء حتى الآن 50 شهيداً، والجرحى أضعاف ذلك»، فيما ذكرت لجنة أطباء السودان المركزية، المنضوية تحت لواء «تجمع المهنيين السودانيين»، الذي يقود المظاهرات، أن شخصين قتلا في احتجاجات أول من أمس، وهو ما رفع حصيلة القتلى المعترف بها رسمياً إلى 30 قتيلاً، بيد أن منظمة العفو الدولية ذكرت في وقت سابق أن العدد بلغ أكثر من 40 قتيلاً.
وطالب المهدي بإطلاق سراح المعتقلين، وتكوين لجنة تحقيق ذات مصداقية تشرف عليها الأمم المتحدة، للتحقق في الممارسات التي وصفها بـ«الباطشة» لقوات الأمن، وكشف الحقائق ومساءلة الجناة.
في سياق ذلك، أعلن المهدي توقيع حزبه وتجمع المهنيين وآخرين على «ميثاق الحرية والتغيير»، واتفاقهم على ما سماه «ميثاق الخلاص والحرية والمواطنة»، الذي ينتظر أن توقعه أكثر من 20 جهة سياسية ومدنية ومطلبية، وإعلانه «أمام مؤتمر صحافي دولي». كما اقترح المهدي انتداب مائة شخصية مجتمعية لتقدم الميثاق بعد توقيعه عبر المجلس الوطني، تساندها في ذلك مواكب صامتة مكونة من «الشباب الثائر»، رموز المجتمع وقادة تكويناته السياسية والمدنية في العاصمة والولايات وسفارات السودان.
ويتضمن الميثاق المزمع المطالبة بكفالة الحريات وحقوق الإنسان، وتنفيذ برنامج اقتصادي إسعافي، وتنظيم مؤتمر قومي لكتابة الدستور الدائم للبلاد.
ووجه المهدي حديثه لمن أطلق عليهم «العناصر العاقلة في النظام»، ودعاهم للتفاهم لتحقيق المصلحة الوطنية، وفي ذات الوقت حث «القوى العسكرية والنظامية» لرفض ما سماه «استغلالها في سفك دماء الأبرياء» باعتباره مناقضاً لـ«شرفهم المهني، وحقوق المواطنة».
واستجابة لدعوة «تجمع المهنيين السودانيين» والقوى الموقعة على إعلان الحرية والتغيير، خرج أمس المئات من أنصار المهدي في مظاهرة حاشدة، جابت الطرق المحيطة بـ«مسجد السيد عبد الرحمن»، وأحياء «ود نوباوي، الدومة» قبل أن تفرقها الشرطة بالغاز المسيل للدموع، والسيارات المندفعة باتجاه المحتجين، ما أدى لانقلاب واحدة منها وإصابة أفرادها، وقاطع المصلون الخطبة بالهتافات المطالبة بالإصلاح.
كما شهدت أحياء العاصمة الخرطوم، ومدن أم درمان والخرطوم بحري، احتجاجات أعقبت صلاة الجمعة، وقال شهود إن أحياء جبرة، الصحافة، وعدد آخر من الأحياء في أم درمان والخرطوم بحري، أقام فيها الشباب الثائر «المتاريس» في الطرقات الداخلية، وأحرقوا الإطارات على الشوارع الرئيسية لوقف تقدم آليات الأجهزة الأمنية والشرطة، من أجل المظاهرات الليلية.
وبحسب متابعات الصحيفة، فإن أعداد سيارات الشرطة والأمن والقوات الأخرى، بما في ذلك المدنيون الملثمون، ليست بالكثافة التي كانت عليها طوال الشهر الماضي، فيما لجأ أفرادها لإلقاء قنابل الغاز المدمع على أي تجمع مهما كان حجمه، بل واصلوا إلقاءها من أماكن بعيدة على المنازل والساحات.
وأعلن تجمع المهنيين وقوى التغيير، أمس، عن برنامج الاحتجاجات والمظاهرات الأسبوعي، والذي جاء متواصلاً زمانياً وشاملاً مكانياً دون انقطاع أو توقف، ما يعد تطويراً لبرامجه السابقة، التي كان يعلن فيها عن مظاهرات واحتجاجات في مكان وزمان محددين، تتخللها انقطاعات قد تمتد لأكثر من يوم.
وتضمن جدول المقاومة دعوات تتضمن ما أطلق عليه «التوقيع على دفتر الحضور الثوري»، وتسجل خلاله المدن والمناطق الراغبة في المشاركة أسماءها ابتداءً من اليوم السبت. كما دعا لتواصل المظاهرات الليلية طوال أيام الأسبوع، ترافقها اعتصامات في الميادين، ووقفات احتجاجية أمام سفارات السودان ومقرات الأمم المتحدة والجاليات، ومواكب متواصلة في «الريف السوداني»، واستمرار «مواكب الشهداء» بالتزامن مع ذكرى شهداء مذبحة بورتسودان 29 يناير (كانون الثاني) الجاري.
كما دعا التجمع إلى ما سماه «موكب الزحف الأكبر» يوم الخميس المقبل، الذي ستشارك فيه كل مدن وقرى السودان، والذي ينتظر أن تلقى فيه دعوات التجمع قبولاً واسعاً من المواطنين، وذلك بالاستناد إلى تجربة الدعوات السابقة، وتواصل الاحتجاجات والمظاهرات الملتزمة ببرنامجه المستمر منذ أكثر من شهر.



مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
TT

مصر تؤكد تمسكها باحترام سيادة الصومال ووحدة وسلامة أراضيه

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)
الرئيس التركي رجب طيب إردوغان متوسطاً الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود ورئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد في أنقرة بعيد انتهاء المحادثات (رويترز)

قالت وزارة الخارجية المصرية، في بيان اليوم (الأحد)، إن الوزير بدر عبد العاطي تلقّى اتصالاً هاتفياً من نظيره الصومالي أحمد معلم فقي؛ لإطلاعه على نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت مؤخراً في العاصمة التركية، أنقرة، بين الصومال وإثيوبيا وتركيا؛ لحل نزاع بين مقديشو وأديس أبابا.

ووفقاً لـ«رويترز»، جاء الاتصال، الذي جرى مساء أمس (السبت)، بعد أيام من إعلان مقديشو وإثيوبيا أنهما ستعملان معاً لحل نزاع حول خطة أديس أبابا لبناء ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية، التي استقطبت قوى إقليمية وهدَّدت بزيادة زعزعة استقرار منطقة القرن الأفريقي.

وجاء في بيان وزارة الخارجية المصرية: «أكد السيد وزير خارجية الصومال على تمسُّك بلاده باحترام السيادة الصومالية ووحدة وسلامة أراضيها، وهو ما أمَّن عليه الوزير عبد العاطي مؤكداً على دعم مصر الكامل للحكومة الفيدرالية (الاتحادية) في الصومال الشقيق، وفي مكافحة الإرهاب وتحقيق الأمن والاستقرار».

وقال زعيما الصومال وإثيوبيا إنهما اتفقا على إيجاد ترتيبات تجارية للسماح لإثيوبيا، التي لا تطل على أي مسطح مائي، «بالوصول الموثوق والآمن والمستدام من وإلى البحر» بعد محادثات عُقدت يوم الأربعاء، بوساطة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.

وهذا الاجتماع هو الأول منذ يناير (كانون الثاني) عندما قالت إثيوبيا إنها ستؤجر ميناء في منطقة أرض الصومال الانفصالية بشمال الصومال مقابل الاعتراف باستقلال المنطقة.

ورفضت مقديشو الاتفاق، وهدَّدت بطرد القوات الإثيوبية المتمركزة في الصومال لمحاربة المتشددين الإسلاميين.

ويعارض الصومال الاعتراف الدولي بأرض الصومال ذاتية الحكم، والتي تتمتع بسلام واستقرار نسبيَّين منذ إعلانها الاستقلال في عام 1991.

وأدى الخلاف إلى تقارب بين الصومال ومصر، التي يوجد خلافٌ بينها وبين إثيوبيا منذ سنوات حول بناء أديس أبابا سداً مائيّاً ضخماً على نهر النيل، وإريتريا، وهي دولة أخرى من خصوم إثيوبيا القدامى.

وتتمتع تركيا بعلاقات وثيقة مع كل من إثيوبيا والصومال، حيث تُدرِّب قوات الأمن الصومالية، وتُقدِّم مساعدةً إنمائيةً مقابل موطئ قدم على طريق شحن عالمي رئيسي.

وأعلنت مصر وإريتريا والصومال، في بيان مشترك، في أكتوبر (تشرين الأول) أن رؤساء البلاد الثلاثة اتفقوا على تعزيز التعاون من أجل «تمكين الجيش الفيدرالي الصومالي الوطني من التصدي للإرهاب بصوره كافة، وحماية حدوده البرية والبحرية»، وذلك في خطوة من شأنها فيما يبدو زيادة عزلة إثيوبيا في المنطقة.

وذكر بيان وزارة الخارجية المصرية، اليوم (الأحد)، أن الاتصال بين الوزيرين تطرَّق أيضاً إلى متابعة نتائج القمة الثلاثية التي عُقدت في أسمرة في العاشر من أكتوبر.

وأضاف: «اتفق الوزيران على مواصلة التنسيق المشترك، والتحضير لعقد الاجتماع الوزاري الثلاثي بين وزراء خارجية مصر والصومال وإريتريا؛ تنفيذاً لتوجيهات القيادات السياسية في الدول الثلاث؛ لدعم التنسيق والتشاور بشأن القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك».

وفي سبتمبر (أيلول)، قال مسؤولون عسكريون واثنان من عمال المواني في الصومال إن سفينةً حربيةً مصريةً سلَّمت شحنةً كبيرةً ثانيةً من الأسلحة إلى مقديشو، تضمَّنت مدافع مضادة للطائرات، وأسلحة مدفعية، في خطوة من المرجح أن تفاقم التوتر بين البلدين من جانب، وإثيوبيا من جانب آخر.

وأرسلت القاهرة طائرات عدة محملة بالأسلحة إلى مقديشو بعد أن وقَّع البلدان اتفاقيةً أمنيةً مشتركةً في أغسطس (آب).

وقد يمثل الاتفاق الأمني مصدر إزعاج لأديس أبابا التي لديها آلاف الجنود في الصومال، يشاركون في مواجهة متشددين على صلة بتنظيم «القاعدة».