موسكو تقترح على تركيا «اتفاق أضنة» بديلاً عن «المنطقة العازلة»

تضمنت 10 تنازلات متبادلة بين دمشق وأنقرة

«وحدات حماية الشعب» الكردية مع القوات الاميركية شمال شرقي سوريا ( رويترز)
«وحدات حماية الشعب» الكردية مع القوات الاميركية شمال شرقي سوريا ( رويترز)
TT

موسكو تقترح على تركيا «اتفاق أضنة» بديلاً عن «المنطقة العازلة»

«وحدات حماية الشعب» الكردية مع القوات الاميركية شمال شرقي سوريا ( رويترز)
«وحدات حماية الشعب» الكردية مع القوات الاميركية شمال شرقي سوريا ( رويترز)

في العام الماضي، اقترح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على نظيره الأميركي دونالد ترمب التخلي عن دعم المعارضة جنوب سوريا مقابل تفعيل العمل بـ«اتفاق فك الاشتباك» في الجولان السوري المحتل الذي يعود إلى العام 1974، بالفعل، انتشرت عناصر الشرطة الروسية لاحقاً في الجولان لضمان عودة «القوات الدولية لاتفاق فك الاشتباك» (اندوف) بموجب تفاهم روسي - أميركي لـ«ضمان أمن إسرائيل».
في بداية العام الجاري، يقترح بوتين على نظيره التركي رجب طيب إردوغان تفعيل «اتفاق أضنة» الذي يعود إلى العام 1998 ويسمح للجيش التركي بملاحقة «حزب العمال الكردستاني» بعمق خمسة كيلومترات شمال سوريا لـ«ضمان أمن تركيا». هدف بوتين، هو إغراء إردوغان لتنفيذ هذا الاتفاق بدلاً من خطة أميركية - تركية بإقامة «منطقة عازلة» شمال سوريا بعمق 32 كيلومتراً.
«اتفاق أضنة»، الذي تنشر «الشرق الأوسط» نصه وملحقاته، أُنجز بين الحكومتين التركية والسورية في يوليو (تموز) 1998 بمبادرة من الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك باعتباره رئيسا للقمة العربية وقتذاك، وأقرّ رسمياً بعد 3 أشهر، وجنّب أنقرة ودمشق حرباً كانت تركيا لوّحت بشنّها بعدما حشدت قواتها على الحدود السورية.
هذا الاتفاق، بدأ مسيرة التطبيع بين أنقرة ودمشق. بداية الانتقال من العداوة إلى البحث عن «إجراءات بناء الثقة». وقتذاك، أبلغت دمشق زعيم «حزب العمال الكردستاني» عبد الله أوجلان بضرورة مغادرة سوريا. بالفعل غادر إلى روسيا واليونان إلى أن حل بها المطاف في كينيا حيث خطفته الاستخبارات التركية في فبراير (شباط) 1999، ولايزال قيد الاعتقال في تركيا.
استمرت أنقرة ودمشق في ترميم العلاقات. وحصلت خطوة إضافية عندما شارك الرئيس التركي الأسبق أحمد نجدت سيزر جنازة الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد في يونيو (حزيران) 2000، فانتقل الطرفان إلى تعزيز العلاقات التجارية والسياسية، واعتقلت قياديين في «حزب العمال» وأغلقت معسكرات الحزب في سوريا ولبنان (قبل خروج سوريا من لبنان في 2005). وإذ أودعت السوريين من «حزب العمال» في السجن، فإنها سلمت الأتراك منهم، أكثر من خمسين قياديا، إلى السلطات التركية.
المرحلة الثالثة، بعد الأمنية والاقتصادية، في العلاقات السورية - التركية، كانت لدى زيارة الرئيس بشار الأسد تركيا في بداية 2004، وكانت أول زيارة لرئيس سوري منذ الاستقلال في 1946، وبعد اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري في بداية 2005 وتعرض سوريا إلى عزلة. وقتذاك، مدت تركيا يديها لفك العزلة عن دمشق. وانتقلت العلاقة بين إردوغان والرئيس بشار الأسد إلى «العلاقة الشخصية والدفء»، فانعكس ذلك سياسيا واقتصاديا.
جرت ترجمة ذلك، باتفاق البلدين على إزالة الحدود وإلغاء تأشيرات الدخول. كما توكلت تركيا، المسؤولة بموجب اتفاق ثنائي يعود إلى خمسينات القرن الماضي، عن أمن الحدود، بإزالة الألغام لإقامة مناطق تجارة حرة.
وكلما زادت العلاقات بين أنقرة ودمشق تحسنا تراجعت العلاقات بين دمشق ومناصري «حزب العمال»، إلى أن حصل انقلاب في الاتجاه المقابل بعد 2011، انقطت العلاقات بين دمشق وأنقرة وعادت الحرارة إلى الخط بين دمشق ومناصري «حزب العمال» وإلى الأكراد عموماً. وفي 2012، أخلت قوات الحكومة مناطقها وملأت «وحدات حماية الشعب» الكردية الفراغ وعزز ذراعها السياسي «حزب الاتحاد الديمقراطي» من وجودها.
في 2014، شكلت أميركا التحالف الدولي ضد «داعش»، ثم اعتبرت «قوات سوريا الديمقراطية» التي تشكل «الوحدات» جوهرها، حليفها على الأرض في قتال «داعش» إلى أن أصبح حلفاء واشنطن يسيطرون على ثلث مساحة سوريا ومعظم ثرواتها.
هذا التحالف أقلق أنقرة وموسكو. وفي نهاية 2016، حصل تفاهم سمحت موسكو لأنقرة بتأسيس مناطق «درع الفرات» بين الباب وجرابلس شمال حلب مقابل التخلي عن شرق حلب لدمشق. الهدف الحقيقي من ذلك كان منع التواصل بين مناطق الأكراد شرق الفرات وغربه. وفي بداية 2018، حصل تفاهم آخر سمحت موسكو لأنقرة بالدخول إلى عفرين في ريف حلب. الهدف الحقيقي كان منع وصول الأكراد إلى البحر المتوسط.
كان الحديث عن يجري عن بقاء أميركا والتحالف الدولي إلى 2020 كحد أدنى. لكن الرئيس ترمب فاجأ حلفاءه وأصدقاءه في 14 الشهر الماضي بقرار الانسحاب من سوريا. ثم اقترح على إردوغان إقامة «منطقة عازلة» بين جرابلس وحدود العراق شرقاً. وجرت اتصالات لوضع برنامج زمني لملء الفراغ الأميركي.
بعدا بلورت واشنطن وأنقرة خطة لـ«المنطقة العازلة» بعمق 32 كيلومترا شمال شرقي سوريا، طار إردوغان للقاء بوتين الأربعاء الماضي لعرض خطته، لكنه فوجئ بأن الرئيس الروسي قدم له عرضا بديلا، وهو تفعيل «اتفاق أضنة». لكن ماذا يعني إخراج هذا الاتفاق من الأرشيف؟
1 - إعطاء أنقرة الحق بملاحقة «حزب العمال الكردستاني» لعمق 5 كيلومترات شمال سوريا، بموجب الملحق رقم 4 لاتفاق أضنة.
2 - تتخلى دمشق عن أي مطالبة بحقوقها في لواء إسكندرون (إقليم هاتاي) الذي ضمّته تركيا في 1939، بموجب الملحق رقم 3.
3 - اعتبار «حزب العمال الكردستاني» «تنظيماً إرهابياً»، بموجب نصوص الاتفاق.
4 - أنقرة تفسر الاتفاق على أنه يعني أن «وحدات حماية الشعب» الكردية هي «تنظيم إرهابي»، باعتبار أن أنقرة تعتبرها ظلاً سورياً لـ«حزب العمال». تختلف موسكو ودمشق إزاء ذلك، إذ إنهما تعترفان بشرعية «الوحدات» وذراعها السياسي.
5 - يعني الاتفاق اعتراف أنقرة بشرعية الحكومة السورية؛ لأن تنفيذ الاتفاق يتطلب كثيراً من الإجراءات، بينها تشكيل لجنة مشتركة وتشغيل خط ساخن بين أجهزة الأمن.
6 - بدء اتصالات سياسية مباشرة، بدلاً من «اتصالات غير مباشرة» أقرّ بها وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، كانت تتم عبر الجانب الروسي.
7 - إعادة تشغيل السفارة التركية في دمشق، والسفارة السورية في أنقرة، علماً بأن لدمشق قنصلية في إسطنبول، باعتبار أن الاتفاق يتطلب تعيين ضابط ارتباط أمني في كل سفارة.
8 - انتشار القوات الحكومية السورية على الحدود، والاعتراف بالحدود القائمة، علماً بأن فصائل معارضة إسلامية تسيطر على الحدود من منطقة «درع الفرات» في جرابلس إلى باب الهوى في إدلب إلى حدود اللاذقية على البحر المتوسط، فيما تسيطر «قوات سوريا الديمقراطية» التي تضم «الوحدات» الكردية، على الحدود من جرابلس شمال حلب إلى فش خابور قرب حدود العراق شرقاً.
9 - يقدم بديلاً من التفاهم التركي - الأميركي حول عمق «المنطقة العازلة» البالغ 32 كيلومتراً شمال شرقي سوريا، إذ إنه يسمح لقوات تركية بالتوغل بعمق 5 كيلومترات فقط.
10 - يعني أيضاً دفع «وحدات حماية الشعب» الكردية من موقع الخصم مع دمشق، وفرملة المفاوضات الجارية بتقطع، والقضاء على مشروع «الإدارة الذاتية» الذي دعم الأميركيون والتحالف الدولي إقامته شرق نهر الفرات، علما بأن واشنطن تعتبر «الوحدات» شريكا في هزيمة «داعش». كما أن دمشق تقيم علاقات مساكنة معهم، فيما موسكو تقيم حوارا سياسيا وعسكريا رفيع المستوى معها.
إذ تنشر «الشرق الأوسط» أهم بنود «اتفاق أضنة» وملحقاته، فإن وضع على مائدة التفاوض يعني بدء عملية الخلاف بين أنقرة من جهة ودمشق وموسكو من جهة ثانية على تفسيره. لكنه لا شك أنه يعطي روسيا أولوية الهيمنة على مآلات ملء الفراغ الأميركي شرق البلاد.
كما ان مصير شرق الفرات سيكون مرتبطا بمصير ادلب والاتفاق بين روسيا وتركيا، ما يفتح الباب لمقايضة بين شمال شرقي سوريا وشمالها الغربي.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.