مصر تعزز من تأمين الميادين في ذكرى {ثورة 25 يناير}

تشدد وحسم ازاء محاولات الخروج عن القانون

عناصر من قوات الأمن المصرية في ميدان التحرير بالقاهرة أمس في الذكرى الثامنة لانتفاضة 11 فبراير 2011 (إ.ب.أ)
عناصر من قوات الأمن المصرية في ميدان التحرير بالقاهرة أمس في الذكرى الثامنة لانتفاضة 11 فبراير 2011 (إ.ب.أ)
TT

مصر تعزز من تأمين الميادين في ذكرى {ثورة 25 يناير}

عناصر من قوات الأمن المصرية في ميدان التحرير بالقاهرة أمس في الذكرى الثامنة لانتفاضة 11 فبراير 2011 (إ.ب.أ)
عناصر من قوات الأمن المصرية في ميدان التحرير بالقاهرة أمس في الذكرى الثامنة لانتفاضة 11 فبراير 2011 (إ.ب.أ)

عززت الأجهزة الأمنية في مصر أمس من وجودها بمحيط مؤسسات الدولة والمنشآت الحيوية أمس، تزامناً مع الذكرى الثامنة لثورة 25 يناير (كانون الثاني) التي أطاحت نظام حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك عام 2001، وبمناسبة احتفالات عيد الشرطة. ونشرت وزارة الداخلية مجموعات أمنية في الشوارع، وقوات التدخل والانتشار السريع، وكثفت انتشار الارتكازات المسلحة بجميع المحاور المرورية والمناطق المهمة والحيوية للحفاظ على الأمن.
وشهدت الشوارع انتشاراً أمنياً مكثفاً. ورصدت «الشرق الأوسط» عشية ذكرى الثورة وجودا لقوات التدخل السريع في ميدان التحرير (الذي شهد شرارة الثورة)، بينما لم يتم غلق الميدان الذي شهد سيولة مرورية. وقال مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط» إنه «تم مراجعة خطط التأمين، والدفع بدوريات أمنية للتصدي لأي محاولة للخروج على القانون، والتعامل بحسم مع أي عناصر تحاول إفساد فرحة المصريين بعيد الشرطة والثورة». مضيفاً أن «الأجهزة الأمنية تواصل جهودها أيضاً لتوجيه الضربات الاستباقية للعناصر والتنظيمات الإرهابية، واستهداف البؤر الإجرامية والتشكيلات العصابية وضبط عناصرها بجميع محافظات مصر وتنفيذ الأحكام القضائية».
وخيم الهدوء أمس على جميع الميادين الرئيسية في القاهرة والمحافظات، ووجه اللواء محمود توفيق وزير الداخلية، التهنئة إلى جميع أعضاء هيئة الشرطة بمناسبة عيد الشرطة الـ67. كما وجه التحية إلى أسر شهداء الشرطة الأبطال. وقال وزير الداخلية في تصريحات صحافية أمس، إن «عيد الشرطة مناسبة ملحمة بطولية خالدة، قادها رجال الشرطة في وجه المحتل»، مُعتبراً أنها «رسخت معاني عطاء لا ينقطع من رجال الشرطة الأوفياء الذين يحملون رسالة الأمن، ويسطرون بدمائهم بطولات مشرفة، حفاظاً على أمن الوطن والمواطنين، لتحيا مصر دائماً آمنة مستقرة. بينما احتفل رجال الشرطة في ربوع البلاد أمس بالنزول إلى الشوارع وتقديم الهدايا للمواطنين بمناسبة تلك الذكرى».
في غضون ذلك، أكدت دار الإفتاء المصرية أن أحد أهم إنجازات الثورة المصرية في 25 يناير تتمثل في كشف حقيقة الجماعات الوصولية التي تنتهز الفرصة لتتسلق على أكتاف الآخرين لتحقيق مصالحها وأهدافها الضيقة الشخصية، بعيداً عن المصالح الأوسع للوطن.
كما كشفت الثورة أن الشعب المصري بفطرته السليمة ووعيه التاريخي يلفظ جماعات الظلام مهما حاولت خداعه والتلبيس عليه باسم الدين والوطنية.
وأضافت الدار أن الثورة جسدت التلاحم الحقيقي بين الجيش المصري وجموع جماهير الشعب المصري بمختلف فئاته وطبقاته، لافتة إلى أن المواقف الوطنية للجيش المصري وميراثه التاريخي برزت في اصطفافه إلى جانب الشعب المصري، موضحة أن وعي الشعب والجيش في ثورة 25 يناير وأد مخطط حمامات الدماء، وأن هذا التلاحم بين قطاعات الشعب المصري وقف حائط صد قوياً أمام قوى الظلام التي حاولت جر مختلف الأطراف إلى بحور الدم وإيقاع الوطن في حرب أهلية لا تنتهي.
وأكدت الإفتاء أن الوطن هو الحاضنة الأم التي تمنع تنظيمات الظلام والعنف من السيطرة على رقاب العباد، وهو صمام الأمان للشعوب والأفراد، وأن رفعة الوطن هي رفعة لكل فرد فيه، غير أن نصوص الجماعات الظلامية المتطرفة تحض حضاً على كره الأوطان والانتقام منها والنيل من استقرارها؛ بل يعتبرون الأوطان نوعاً من الأصنام التي يجب أن تهدم كي يصل الفرد إلى التوحيد وفق منهجهم السقيم، الذي يعتبر أن من يؤمن بهذا الوطن فقد كفر بالله، ويستحق القتل.
ودعت الإفتاء إلى ضرورة الحفاظ على مكتسبات الثورة والوقوف صفاً واحداً في مواجهة أعمال التخريب وبث الفتنة بكل أشكالها، التي تحاول التنظيمات الإرهابية إشعالها في كل مكان على أرض مصر.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.