التوتر السياسي يبلغ ذروته بين طرفي الأزمة في فنزويلا

مادورو يتمسك بالسلطة بدعم من الجيش وغوايدو يمنحه عفواً... والبرازيل «ممر إجلاء»

زعيم المعارضة ورئيس البرلمان خوان غوايدو بوسط كاراكاس أمس الجمعة طالب أمام آلاف المحتجين في النزول إلى الشوارع الأسبوع المقبل للمطالبة باستقالة مادورو (أ.ف.ب)
زعيم المعارضة ورئيس البرلمان خوان غوايدو بوسط كاراكاس أمس الجمعة طالب أمام آلاف المحتجين في النزول إلى الشوارع الأسبوع المقبل للمطالبة باستقالة مادورو (أ.ف.ب)
TT

التوتر السياسي يبلغ ذروته بين طرفي الأزمة في فنزويلا

زعيم المعارضة ورئيس البرلمان خوان غوايدو بوسط كاراكاس أمس الجمعة طالب أمام آلاف المحتجين في النزول إلى الشوارع الأسبوع المقبل للمطالبة باستقالة مادورو (أ.ف.ب)
زعيم المعارضة ورئيس البرلمان خوان غوايدو بوسط كاراكاس أمس الجمعة طالب أمام آلاف المحتجين في النزول إلى الشوارع الأسبوع المقبل للمطالبة باستقالة مادورو (أ.ف.ب)

يتفاقم التوتر بشدة بين أطراف الأزمة الفنزويلية. زعيم المعارضة ورئيس البرلمان خوان غوايدو، الذي أعلن نفسه الأربعاء «رئيسا» بالوكالة، قال لقناة «يونفيجن» إنه يستعد لإعلان إجراءات جديدة تتضمن احتمال إصدار عفو عن الرئيس نيكولاس مادورو، الذي تلقى بدوره دعما حاسما من قادة الجيش، وصرح بأنه لن يتخلى مطلقا عن الرئاسة، منددا في الوقت نفسه بواشنطن التي اتهمها بالتآمر مع غوايدو.
كما اقترح نائب الرئيس البرازيلي هاملتون موراو، الذي اعترفت بلاده مع دول أخرى بغوايدو، إقامة «ممر إجلاء» لخروج الرئيس نيكولاس مادورو و«توفير مخرج» له ولشعبه. وقال المحلل مايكل شيفتر، لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «وجود حكومتين متوازيتين أمر خطير».
وقال غوايدو (35 عاما) من مكان سري في كراكاس «مستمرون في العمل لإنهاء اغتصاب السلطة (وإقامة) حكومة انتقالية وانتخابات حرة». كما دعا غوايدو الفنزويليين إلى الاستمرار في التظاهر ضد نظام مادورو. وخلفت هذه المظاهرات منذ الاثنين بحسب «المرصد الفنزويلي للنزاعات الاجتماعية» 26 قتيلا. ووفق مفوضة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان ميشال باشليه فقد تم توقيف أكثر من 350 شخصا خلال هذا الأسبوع أثناء مظاهرات «بينهم 320 يوم الأربعاء وحده».
وتحدث غوايدو عن احتمال إصدار عفو. وردا على سؤال بشأن إمكانية عفو يشمل الرئيس مادورو، أجاب غوايدو: «في الفترات الانتقالية حدثت أمور من هذا النوع (...) لا يمكن أن نستبعد شيئا لكن علينا أن نكون حازمين جدا في المستقبل (...) لمواجهة الحالات الإنسانية الطارئة». وتابع: «يتعين أيضا إعادة النظر في ذلك (العفو) و(مادورو) هو أيضا موظف، للأسف ديكتاتور ومسؤول عن ضحايا الأمس في فنزويلا».
وكانت واشنطن اعترفت على الفور بغوايدو ولحقت بها عدة دول من أميركا اللاتينية وكندا. لكن مادورو يعول على دعم الجيش الذي أعاد تأكيده الخميس وزير الدفاع الجنرال فلاديمير بادرينو. وشكر مادورو الخميس الجيش على مواجهته «الانقلاب» الذي تقوده «الإمبراطورية الأميركية». وقال مادورو الذي يحظى بدعم روسيا والصين والمكسيك: «ما من شك في أن دونالد ترمب نفسه هو من يريد فرض حكومة أمر واقع».
وأعلن المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الروسية، ديمتري بيسكوف أمس الجمعة، أنه خلال المحادثة الهاتفية بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ونظيره الفنزويلي لم يطلب الأخير المساعدة فيما يتعلق بالأزمة السياسية في بلاده. جاء ذلك ردا على سؤال لصحافيين لبيسكوف عما إذا كانت فنزويلا قد طلبت مساعدة روسيا في ضوء الأحداث الأخيرة، بحسب وكالة «سبوتنيك» الروسية للأنباء. كما استنكرت روسيا قرار الولايات المتحدة الاعتراف بغوايدو رئيسا مؤقتا للبلاد.
وطالب الاتحاد الأوروبي الذي اعتبر الولاية الثانية لمادورو غير شرعية، بتنظيم «انتخابات حرة» دون أن يعترف بغوايدو. لكن ألمانيا قالت إنها على استعداد «في إطار مشاورات أوروبية» للاعتراف بغوايدو إذا تعذر تنظيم انتخابات حرة «في وقت قريب». أما وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان فقد دعا «بحزم» الرئيس مادورو إلى «الامتناع عن أي شكل من أشكال قمع المعارضة».
من جهته، قال وزير الخارجية الإسباني جوزيف بوريل إثر اجتماع لمجلس الوزراء الجمعة، إن مدريد تدفع في نطاق الاتحاد الأوروبي إلى الاعتراف بغوايدو «رئيسا بالوكالة»، وذلك «إذا لم تتوفر الإرادة من جانب نظام فنزويلا في الدعوة لانتخابات». ورأى بول هاري الجامعي في بوسطن في ردود الفعل «الدليل على أن هناك دبلوماسية لكل بلد في عالم يشهد انقساما متناميا حيال كثير من القضايا».
واستمرت الولايات المتحدة الخميس في ممارسة الضغوط وطلبت اجتماعا عاجلا لمجلس الأمن الدولي لبحث الوضع في فنزويلا وذلك رغم المعارضة المعلنة لروسيا لعقد لقاء بشأن ملف «داخلي» في فنزويلا.
ويأتي تفاقم الأزمة السياسية في أوج تدهور اقتصادي في هذا البلد النفطي الذي كان مزدهرا وبات اليوم يشهد نقصا كبيرا في الغذاء والأدوية وسط ارتفاع هائل في نسبة التضخم. ورأى خبير العلاقات الدولية ماريانو ألبا أن «ما يؤثر حقيقة على قدرة مادورو على الحكم، هي إجراءات التضييق الاقتصادي أو المالي». وتشتري واشنطن من كراكاس ثلث إنتاجها النفطي الذي تراجع إلى 1.4 مليون برميل يوميا ويمثل 96 في المائة من موارد الدولة من العملة الأجنبية. ويؤكد مادورو أن «الأعداء» يريدون الاستحواذ على احتياطي فنزويلا من الخام وهو الأكبر في العالم. أما مركز «أوراسيا غروب» فاعتبر أن «ترمب سيستطلع على الأرجح إمكانية تجميد أرصدة (فنزويليين) ويمكن أن يضيف إلى ذلك في المستقبل عقوبات نفطية».
فنزويلا تضررت من تراجع أسعار النفط منذ 2014، وهي تعتمد في 96 في المائة من عائداتها على النفط، وتعاني من نقص في العملات الأجنبية أغرقها في أزمة حادة ودفع مئات الآلاف من السكان إلى الرحيل نتيجة نقص الغذاء والأدوية، في خطوة سببت توترات مع الدول المجاورة. ويعيش ثلاثة ملايين فنزويلي خارج البلاد، غادر 2.3 مليون شخص منهم على الأقل منذ عام 2015 وفق الأمم المتحدة. وسيصعد هذا الرقم إلى 5.3 مليون شخص في عام 2019. وخلال خمس سنوات انخفض إجمالي الناتج الداخلي بنسبة 45 في المائة حسب صندوق النقد الدولي الذي يتوقع تراجعاً بنسبة 8 في المائة في 2019، مقابل 18 في المائة في 2018. وبمواجهة تضخم قد يبلع عشرة ملايين في المائة هذا العام، رفع مادورو في منتصف يناير (كانون الثاني) الحد الأدنى للأجور بأربعة أضعاف ليصل إلى 18 ألف بوليفار (20 دولارا)، أي ما يساوي ثمن كيلوغرامين من اللحم. وفي أغسطس (آب)، أطلق مادورو خطة تحفيز للاقتصاد، خفضت قيمة البوليفار بنسبة 96 في المائة. معدل الفقر، الذي كانت مكافحته محور معركة «الثورة البوليفارية»، فيبلغ 87 في المائة حسب تحقيق أجرته الجامعات الكبرى في البلاد.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».