قائد «قوات سوريا الديمقراطية»: لا يمكن العودة إلى ما قبل 2011

مظلوم كوباني توقع تحرير مناطق «داعش» خلال شهر

TT

قائد «قوات سوريا الديمقراطية»: لا يمكن العودة إلى ما قبل 2011

أعلن القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم كوباني أن الوجود العسكري لـ«داعش» قبل سنوات سينتهي خلال مهلة شهر، مع اقتراب المعارك شرق سوريا من خواتيمها، وذلك في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية في الحسكة.
وتطرق القيادي، الذي نادراً ما يتحدث مع وسائل الإعلام، إلى المفاوضات الجارية مع دمشق حول مستقبل مناطق الإدارة الذاتية الكردية في شمال وشمال شرقي سوريا، مؤكداً ضرورة الحفاظ على «خصوصية» قواته وضمان بقائها كقوة عسكرية في أي اتفاق مستقبلي.
وقال كوباني، الذي يقود قوات سوريا الديمقراطية منذ تأسيسها في العام 2015: «أظن أننا خلال الشهر المقبل سنعلن بشكل رسمي انتهاء الوجود العسكري على الأرض»، موضحاً أنّ «عملية قواتنا ضد تنظيم داعش في جيبه الأخير وصلت إلى نهايتها (...) لكن نحتاج إلى شهر للقضاء على فلول داعش» في المنطقة.
ومنذ تأسيسها، خاضت هذه القوات، وعمودها الفقري وحدات حماية الشعب الكردية، وبدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن، معارك كبرى ضد التنظيم. وطردته من مناطق واسعة في شمال وشرق سوريا. وفي 10 سبتمبر (أيلول)، أطلقت آخر المعارك لطرد التنظيم من آخر جيب له في شرق سوريا قرب الحدود العراقية، وباتت سيطرته حالياً تقتصر على قريتين تشهدان آخر المعارك.
وأوضح كوباني، وهو يرتدي بزته العسكرية داخل أحد مقرات قوات سوريا الديمقراطية قرب مدينة الحسكة (شمال شرق)، الخميس أنه سيتخلل مهلة الشهر «الوصول إلى الحدود العراقية وتطهيرها وتطهير المنطقة من الألغام وملاحقة الخلايا المختبئة فيها».
ورغم خسائر «داعش» الفادحة، لا يزال التنظيم قادراً على شن هجمات ضد قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي، كان آخرها تفجير انتحاري استهدف الاثنين رتلاً أميركياً في ريف الحسكة الجنوبي، وأسفر عن مقتل خمسة مقاتلين أكراد كانوا يرافقون الرتل. وسبقه تفجير انتحاري الأسبوع الماضي استهدف دورية أميركية وسط مدينة منبج (شمال).
وحذر كوباني من أن «خطر «داعش» كتنظيم إرهابي سيستمر لفترة أخرى». وأوضح أنه بعد طرد التنظيم من مدينة الرقة، التي كانت معقله الأبرز في سوريا، في أكتوبر (تشرين الأول) 2017. أطلق استراتيجية جديدة بالتحول من «الولاية العسكرية إلى الولاية الأمنية»، وهذا ما يتضمن «تنظيم الخلايا النائمة في كل مكان وتجنيد الناس مجدداً بشكل خفي وتنفيذ عمليات انتحارية وتفجيرات واغتيالات» ضد المقاتلين والمدنيين على حد سواء.
وأضاف «نعتبر ذلك تهديداً حقيقياً، ونتوقع أن تزداد وتيرة عمليات «داعش» بعدما ينتهي وجوده العسكري»، موضحاً أن قواته في المقابل ستواصل «عمليات التمشيط لتطهير كافة المناطق من الخلايا النائمة». كما ستعتمد بشكل خاص على «تنظيماتها الأمنية والاستخباراتية... وتطوير قوات خاصة» لملاحقة تلك الخلايا.
وقال كوباني «سننتقل من عمليات عسكرية كبيرة مثل تلك التي كنا نقوم بها حتى الآن إلى عمليات أمنية دقيقة».
خلال سنوات النزاع السوري، شكل المقاتلون الأكراد شريكاً فعالاً لواشنطن في قتال المتطرفين. لكن إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب قراره بسحب قواته المؤلفة من نحو ألفي جندي من سوريا، شكل صدمة للأكراد. وقال كوباني «قرار الانسحاب كان خاطئاً، (أي) ترك جزء من القوات المحاربة في منتصف الطريق، وهذا ما أبلغناه للأميركيين».
وأبدى الأكراد خشيتهم من أن يسمح القرار الأميركي لتركيا بتنفيذ تهديداتها بشن هجوم ضد المقاتلين الأكراد، الذين تخشى من تأسيسهم حكماً ذاتياً قرب حدودها.

خلال سنوات النزاع الأولى وبعد معاناة طويلة مع التهميش، بنى الأكراد إدارتهم الذاتية في شمال وشمال شرقي سوريا، فأنشأوا مؤسساتهم الخاصة وبنوا قواتهم العسكرية والأمنية، والمتمثلة اليوم بقوات سوريا الديمقراطية.
وتعد تلك القوات ثاني قوة مسيطرة على الأرض بعد الجيش السوري، بسيطرتها على نحو 30 في المائة من مساحة البلاد، وهي منطقة غنية بحقول النقط والغاز والأراضي الزراعية.
وباشر الأكراد محادثات رسمية مع دمشق قبل أشهر حول مستقبل المنطقة، حددوا هدفها بوضع خارطة طريق تقود إلى حكم «لا مركزي» في البلاد.
وأكد كوباني وجوب أن «يضمن أي اتفاق سياسي خصوصية» قواته التي قاتلت التنظيم المتطرف «نيابة عن كل البشرية وحتى عن الجيش السوري»، مشدداً على أنها «حمت شمال شرقي سوريا... وحررت هذه المناطق ومن حقها أن تستمر في حماية المنطقة».
وأضاف «هذا هو خطنا الأحمر ولا يمكننا التنازل عن ذلك»، موضحاً أن «المفاوضات لا تزال جارية لكنها لم تصل حتى الآن إلى نتيجة إيجابية بعد» كون النظام «ما زال يؤمن أن بإمكانه العودة إلى ما قبل العام 2011». وتابع «ولهذا يحتاج (النظام) إلى مزيد من الوقت ليفهم أن ذلك مستحيل ولا يمكن حدوثه».
وكان الرئيس السوري بشار الأسد وضع الأكراد أمام خياري التفاوض أو الحسم العسكري. إلا أن الأكراد يودون الحفاظ على مكاسب حققوها من الإبقاء على المؤسسات التي بنوها إلى قواتهم العسكرية. وأشار كوباني إلى أن قوات سوريا الديمقراطية مستعدة للموافقة على نقاط عدة مثل «الحفاظ على الحدود السورية وعلى وحدة الأراضي السورية وعلى الرمز السوري وهو العلم السوري والقبول بنتائج الانتخابات المركزية في حال حدوثها». وأضاف «تقبل قوات سوريا الديمقراطية أن تكون جزءاً من الجيش الوطني لسوريا المستقبل بشرط الحفاظ على خصوصيتها».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.