توافق لبناني على مخرج قانوني يضمن دفع الدولة التزاماتها

غياب الحكومة يهدد بعرقلة الإنفاق بعد نهاية الشهر

TT

توافق لبناني على مخرج قانوني يضمن دفع الدولة التزاماتها

يبحث الفرقاء اللبنانيون خيارين يتيحان الاستمرار في الإنفاق المالي، وفق القاعدة الاثني عشرية، في حال لم يتم التوافق على حكومة جديدة قبل نهاية الشهر الحالي، تقر موازنة عام 2019، بالنظر إلى أن الدستور اللبناني يمنع الإنفاق في غياب موازنة جديدة في مهلة تتعدى الشهر الأول من العام، وذلك لمواصلة دفع الرواتب والأجور والاستحقاقات والالتزامات المالية.
ويهدد غياب حكومة جديدة بعرقلة الإنفاق المالي بعد انقضاء شهر يناير (كانون الثاني) من العام الجديد، حسب المادة 86 من الدستور، بالنظر إلى أن الحكومة السابقة لم تقر موازنة عام 2019 تمهيداً لإحالتها إلى مجلس النواب لإقرارها، علماً بأن القاعدة الاثني عشرية هي قاعدة قانونية للصرف من خارج الموازنة في الشهر الأول من العام الجديد فقط، وبعده يتوجب الإنفاق وفق موازنة العام الجديد لضبط الإنفاق.
وقالت مصادر وزارية مواكبة لـ«الشرق الأوسط»، إن هناك توافقاً على إيجاد مخرج قانوني لضمان استمرار الإنفاق المالي ودفع رواتب وأجور الموظفين، ودفع الاستحقاقات المالية، في حال لم تشكل حكومة جديدة تقر الموازنة قبل نهاية الشهر.
واجتمع وزير المال في حكومة تصريف الأعمال علي حسن خليل ورئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان، أول من أمس، مع الرئيس اللبناني العماد ميشال عون للبحث في المخارج القانونية في حال لم تشكل الحكومة الجديدة قبل نهاية الشهر. وقالت مصادر قصر بعبدا لـ«الشرق الأوسط» إن هناك اقتراحين جرى بحثهما في الاجتماع لدراستهما؛ يتمثل الأول في إصدار قرار موافقة استثنائية يوقعها رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، يطلب فيه من وزير المال الاستمرار بصرف الموجبات المالية المترتبة على الدولة بموجب القاعدة الاثني عشرية إلى حين إقرار الموازنة الجديدة (2019) وصدورها. أما الاقتراح الثاني فيتمثل في تقديم اقتراح قانون معجل مكرر إلى مجلس النواب، يتضمن إتاحة تمديد الصرف وفق القاعدة الاثني عشرية إلى حين إقرار الموازنة، ويتطلب ذلك انعقاد جلسة لمجلس النواب لاقتراح القانون.
وأكدت المصادر أن هناك تريثاً حتى نهاية الشهر الحالي، وهي نهاية المهلة القانونية للصرف وفق القاعدة الاثني عشرية، لمواكبة المستجدات، فإذا تشكلت الحكومة ستقر الموازنة ويبدأ الإنفاق وفق الموازنة الجديدة حكماً.
ويمثل هذا الجانب أبرز تداعيات التأخير في تشكيل حكومة جديدة، علماً بأن البلاد عادت إلى الانتظام المالي خلال فترة وجود الحكومة السابقة بعد 12 عاماً من الانقطاع عن إقرار موازنات المالية العامة للدولة منذ عام 2005. وأقرت الحكومة السابقة موازنتي 2017 و2018. وأعدت وزارة المالية موازنة عام 2019 تمهيداً لإقرارها في الحكومة قبل إحالتها إلى مجلس النواب لإقرارها، وتأخر ذلك بسبب غياب الحكومة.
وفي ظل الإجماع اللبناني على الالتزام بالدستور، والمادة 86 منه، لفت الخبير القانوني الدكتور وسيم منصوري إلى أن هناك «توافقاً عاماً على أن الوضع يحتاج إلى استقرار مالي إلى جانب الاستقرار السياسي»، مشدداً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على أن الجميع ينتبه لذلك «فإذا لم تشكل الحكومة، هناك توافق على إيجاد مخرج دستوري، حتى لا يقع الجميع في مخالفة الدستور». وقال: «وزارة المال تؤكد الالتزام بتنفيذ المطلوب منها لتأمين استقرار المواطن والوطن»، مشدداً على أن «الصرف خارج القانون والدستور غير مقبول في ظل وجود بدائل».
وكان وزير المال علي حسن خليل أشار بعد اجتماع بعبدا أول من أمس، إلى أن النقاش جرى في الأمور المتصلة بانتظام عمل المالية العامة، مؤكداً انتظام الدفع، خصوصاً فيما يتعلق بالرواتب والأجور والسندات. كما أكد كنعان أن موضوع الإنفاق جرت حلحلته، لافتاً إلى أن «مشروع الموازنة سيكون المشروع الأول بعد تشكيل الحكومة». وأضاف كنعان في حديث إذاعي أمس: «إننا بحثنا في اجتماع بعبدا في إمكان الإنفاق والجباية بعد نهاية هذا الشهر، انطلاقاً من استمرارية المرفق العام، ووجدنا مخارج قانونية، لا سيما أن هناك مصلحة باستمرار الدولة بالقيام بواجباتها، خصوصاً أن القاعدة الاثني عشرية تطبق حتى شهر يناير (كانون الثاني) فقط، وفقاً للمادة 86 من الدستور. ومن الطبيعي أن يكون المخرج الأفضل هو الموازنة، ولكن في ضوء أزمة التشكيل، وبعد إقرار موازنتي 2017 و2018، فالإمكانية القانونية متوافرة وستعتمد إلى أن تقر موازنة عام 2019 مع الإصلاحات».
وتصدّر الملف المالي قائمة التحذيرات من غياب الحكومة، إذ نبه النائب نقولا نحاس، أمس، من ذهاب البلد إلى الانكماش في حال عدم تشكيل الحكومة، فيما أكد النائب هادي أبو الحسن أن «لبنان أمام وضع اقتصادي ومالي ونقدي صعب لا يحتمل أي مماطلة أو تسويف».
وتضاعفت مؤشرات المخاطر المالية والاقتصادية إثر التصنيف الأخير للبنان في تقرير وكالة «موديز». وعبرت الهيئات الاقتصادية أمس عن قلقها الشديد «حيال ما آلت إليه أوضاع البلاد الاقتصادية والمالية، خصوصاً بعد خفض وكالة (موديز) في تقريرها الأخير التصنيف الائتماني للبنان، والضرر الشديد الذي يُلحقه ذلك بالوضع المالي للدولة». واعتبرت الهيئات أن «لجم هذا التدهور ووضع البلد على الطريق الصحيحة، يبدأ بتشكيل الحكومة». وأكدت أن «كل الظروف التي نعيشها لم تَعد تسمح بأي تأخير في تشكيل الحكومة، لأن الأضرار ستكون مضاعفة ومؤلمة على الجميع من دون استثناء»، آملة في أن تقود الجهود المبذولة حالياً إلى ولادة الحكومة.
وناقشت الهيئات الاقتصادية «الإصلاحات والإجراءات المطلوبة لمعالجة الوضع المالي وتحفيز الاقتصاد الوطني، التي سيتم طرحها على وزير المال علي حسن خليل للتوافق حولها».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.