بلجيكا تدعو للتنسيق لإيجاد أسواق بديلة بعد الحظر الروسي على المنتجات الزراعية من الاتحاد الأوروبي

قالت إن خسائرها ستصل إلى 200 مليون يورو وصادراتها إلى موسكو تمثل سبعة في المائة من إجمالي صادراتها

صادرات بلجيكا إلى روسيا سوف تتأثر من المنتجات الغذائية وخاصة من الكمثرى والتفاح والطماطم والألبان
صادرات بلجيكا إلى روسيا سوف تتأثر من المنتجات الغذائية وخاصة من الكمثرى والتفاح والطماطم والألبان
TT

بلجيكا تدعو للتنسيق لإيجاد أسواق بديلة بعد الحظر الروسي على المنتجات الزراعية من الاتحاد الأوروبي

صادرات بلجيكا إلى روسيا سوف تتأثر من المنتجات الغذائية وخاصة من الكمثرى والتفاح والطماطم والألبان
صادرات بلجيكا إلى روسيا سوف تتأثر من المنتجات الغذائية وخاصة من الكمثرى والتفاح والطماطم والألبان

دعت الحكومة البلجيكية باقي الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إلى التنسيق والتشاور لإيجاد أسواق بديلة للسوق الروسية في أعقاب ما أعلنت عنه موسكو من قرارات بحظر استيراد المنتجات الزراعية والغذائية القادمة من الاتحاد الأوروبي. وفي بيان للخارجية البلجيكية ببروكسل، قال ديديه رايندرس نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية، إن بلاده تدعم التدابير التي اتخذها الاتحاد الأوروبي ضد موسكو، وسيكون لها تأثير على الاقتصاد الروسي، وتشكل رسالة قوية للقيادة في روسيا، وفي الوقت نفسه فإن الجانب الأوروبي على استعداد للتعاون مع روسيا إذا ما أظهرت بشكل لا لبس فيه الاستعداد للعمل من أجل حل الأزمة الأوكرانية. وأشار البيان البلجيكي إلى أن صادرات بلجيكا إلى روسيا سوف تتأثر من المنتجات الغذائية وخاصة من الكمثرى والتفاح والطماطم والألبان، وتمثل المنتجات الغذائية سبعة في المائة من صادرات بلجيكا إلى روسيا بقيمة تزيد قليلا على 200 مليون يورو. وأقر ريندرس بأن أوروبا تعي أن عقوباتها التي اتخذتها ضد روسيا لها «ثمن وأثر»، وقال: «هذا ما بدأنا نراه اليوم، لذلك على المعنيين في الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء دراسة سبل وآليات دفع تعويضات للمتأثرين بالإجراءات الروسية من المزارعين والمنتجين الأوروبيين». ورأى ريندرس أن هدف الاتحاد الأوروبي من وراء عقوباته الاقتصادية على روسيا كان حثها على تعديل سياستها تجاه أوكرانيا والعمل بكل وضوح على خفض التوتر والمساهمة بحل سلمي للأزمة في هذا البلد، وقال: «على الروس أن يفهموا أنهم خاسرون أكثر منا في أوروبا».
إلى ذلك، أكد المفوض الأوروبي المكلف شؤون التجارة كارل دوغيشت، أن روسيا ستدفع ثمن الإجراءات التي اتخذتها ضد أوروبا. وكانت المفوضية الأوروبية أكدت أن قرار روسيا حظر استيراد المنتجات الزراعية والغذائية الأوروبية له دوافع سياسية انتقامية، وأعلنت أنها «تحتفظ بحق الرد بعد إجراء تقييم شامل لآثار القرار الروسي»، وفق فريدريك فانسان، المتحدث باسم الجهاز التنفيذي الأوروبي. ويذكر أن الإجراءات الروسية جاءت ردا على عقوبات أوروبية اقتصادية واسعة النطاق فرضتها بروكسل، كما الولايات المتحدة الأميركية وكندا وأستراليا، على موسكو سعيا لدفعها لوقف دعمها للانفصاليين الموالين لها في شرق أوكرانيا وتغيير كامل سياستها في هذا البلد.
ويتبادل الطرفان الأوروبي والروسي الاتهامات بالتدخل في شؤون أوكرانيا والمسؤولية عن تدهور الوضع فيها. وأعرب الاتحاد الأوروبي عن أسفه لإعلان روسيا عن مجموعة من التدابير تستهدف الواردات من الأغذية والمنتجات الزراعية. وقال بيان أوروبي صدر ببروكسل الخميس الماضي إن الدافع لهذا الإجراء من جانب موسكو كان واضحا، وهو دافع سياسي، وستقوم لجنة تابعة للمفوضية الأوروبية بتقييم تلك التدابير وتداعياتها. وجاء في البيان: «ويحتفظ الاتحاد الأوروبي بحقه في اتخاذ الإجراءات الضرورية حسب ما تقتضيه الأمور». وأشار البيان إلى أن التدابير التقييدية التي يتخذها الاتحاد الأوروبي ضد موسكو مرتبطة بشكل مباشر بضم غير شرعي لشبه جزيرة القرم وزعزعة الاستقرار في أوكرانيا، وسيظل الاتحاد الأوروبي ملتزما بالعمل من أجل وقف التصعيد في أوكرانيا، ولا بد من تضافر جهود الجميع في هذا الصدد. وجاء الموقف الأوروبي بعد أن فرضت الحكومة الروسية الخميس حظرا كليا لمدة عام كامل على واردات اللحوم والخضراوات والفواكه من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وأستراليا وكندا والنرويج. وقال رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف خلال اجتماع للحكومة الروسية، إن روسيا فرضت حظرا كليا ولمدة عام كامل على واردات لحوم الأبقار والخنازير والطيور، والأسماك، والحليب ومشتقاته، والخضراوات والفواكه من الدول المذكورة.
وإعلان الحكومة الروسية هذا جاء بعد أن وقع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قرارا الأربعاء الماضي لتطبيق بعض الإجراءات الاقتصادية الخاصة بغية ضمان أمن روسيا الاتحادية يقضي بفرض قيود على استيراد المنتجات الزراعية من الدول التي أيدت العقوبات ضد روسيا لمدة عام واحد. وكلف بوتين الحكومة الروسية بوضع قائمة تضم أنواع المنتجات الزراعية والمواد الخام والأغذية التي سيسري عليها مفعول القرار، وأيضا بوضع قائمة لأعمال محددة لتطبيق القرار. وقبل أيام أعلن المجلس الوزاري الأوروبي ببروكسل، اعتماد تدابير تقييدية في ضوء تصرفات روسيا التي تؤدي إلى زعزعة الاستقرار في شرق أوكرانيا، ومن بين تلك التدابير تقييد الوصول إلى أسواق رأس المال في الاتحاد الأوروبي، ووقف شراء أو بيع سندات جديدة أو أدوات مالية مماثلة صادرة عن البنوك الكبرى المملوكة للدولة في روسيا والمصارف الإنمائية وفروعها، أو من يعمل بالنيابة عنها في الخدمات ذات الصلة بإصدار مثل هذه الخدمات المالية مثل السماسرة. هذا بالإضافة إلى حظر استيراد وتصدير أسلحة ومعدات مرتبطة بها، وصادرات السلع والتكنولوجيا ذات الاستخدام المزدوج ومنها الاستخدام العسكري، وأيضا معدات ذات صلة بالطاقة والتكنولوجيا، ومنها معدات للتنقيب عن النفط في المياه العميقة وفي القطب الشمالي، أو مشروعات إنتاج النفط والصخر الزيتي في روسيا، وبدأت العقوبات الجديدة الأسبوع الماضي بعد نشرها في الجريدة الرسمية للاتحاد، كما جرى إضافة ثمانية شخصيات وثلاثة كيانات إلى قائمة العقوبات التي تتضمن حظر السفر إلى الاتحاد الأوروبي وتجميد الأرصدة في البنوك الأوروبية. وقالت المفوضية الأوروبية ببروكسل إن قادة دول مجموعة السبع انضموا في التعبير عن قلقهم الشديد إزاء تصرفات روسيا المستمرة لتقويض سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها واستقلالها، وأعلنوا خلال الأسبوع الجاري عن عقوبات منسقة إضافية على روسيا، بما في ذلك عقوبات على شركات محددة عاملة في القطاعات الرئيسة للاقتصاد الروسي، وهي خطوة ضرورية لإقناع روسيا بضرورة وقف دعمها للانفصاليين في شرق أوكرانيا، والمشاركة بشكل ملموس في خلق الظروف الضرورية للعملية السياسية، وشدد قادة مجموعة السبع على وجود قناعة بضرورة أن يكون هناك حل سياسي للصراع الحالي، وخاصة في ظل تزايد عدد الضحايا المدنيين، «ولهذا لا بد من تسوية سياسية سلمية للأزمة في أوكرانيا وتطبيق خطة السلام التي طرحها الرئيس الأوكراني».



من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
TT

من واحة الأحساء إلى المحميات الملكية... نموذج للسياحة المستدامة في السعودية

واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)
واحة الأحساء في السعودية (اليونسكو)

تعد السياحة المستدامة أحد المحاور الرئيسية في السعودية لتعزيز القطاع بما يتماشى مع «رؤية 2030»، وبفضل تنوعها الجغرافي والثقافي تعمل المملكة على إبراز مقوماتها السياحية بطريقة توازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة والتراث.

يأتي «ملتقى السياحة السعودي 2025» بنسخته الثالثة، الذي أُقيم في العاصمة الرياض من 7 إلى 9 يناير (كانون الثاني) الجاري، كمنصة لتسليط الضوء على الجهود الوطنية في هذا المجال، وتعزيز تعاون القطاع الخاص، وجذب المستثمرين والسياح لتطوير القطاع.

وقد أتاح الملتقى الفرصة لإبراز ما تتمتع به مناطق المملكة كافة، وترويج السياحة الثقافية والبيئية، وجذب المستثمرين، وتعزيز التوازن بين العوائد الاقتصادية من السياحة والحفاظ على المناطق الثقافية والتاريخية، وحماية التنوع البيئي.

وعلى سبيل المثال، تعد الأحساء، المدرجة ضمن قائمة التراث العالمي لـ«اليونسكو»، ببساتين النخيل وينابيع المياه والتقاليد العريقة التي تعود لآلاف السنين، نموذجاً للسياحة الثقافية والطبيعية.

أما المحميات الطبيعية التي تشكل 16 في المائة من مساحة المملكة، فتُجسد رؤية المملكة في حماية الموارد الطبيعية وتحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والحفاظ على البيئة.

جانب من «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» (واس)

«محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»

في هذا السياق، أكد رئيس إدارة السياحة البيئية في «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد»، المهندس عبد الرحمن فلمبان، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أهمية منظومة المحميات الملكية التي تمثل حالياً 16 في المائة من مساحة المملكة، والتي تم إطلاقها بموجب أمر ملكي في عام 2018، مع تفعيل إطارها التنظيمي في 2021.

وتحدث فلمبان عن أهداف الهيئة الاستراتيجية التي ترتبط بـ«رؤية 2030»، بما في ذلك الحفاظ على الطبيعة وإعادة تنميتها من خلال إطلاق الحيوانات المهددة بالانقراض مثل المها العربي وغزال الريم، بالإضافة إلى دعم التنمية المجتمعية وتعزيز القاعدة الاقتصادية للمجتمعات المحلية عبر توفير وظائف التدريب وغيرها. ولفت إلى الدور الكبير الذي تلعبه السياحة البيئية في تحقيق هذه الأهداف، حيث تسعى الهيئة إلى تحسين تجربة الزوار من خلال تقليل التأثيرات السلبية على البيئة.

وأضاف أن المحمية تحتضن 14 مقدم خدمات من القطاع الخاص، يوفرون أكثر من 130 نوعاً من الأنشطة السياحية البيئية، مثل التخييم ورياضات المشي الجبلي وركوب الدراجات. وأشار إلى أن الموسم السياحي الذي يمتد من نوفمبر (تشرين الثاني) إلى مايو (أيار) يستقطب أكثر من نصف مليون زائر سنوياً.

وفيما يخص الأهداف المستقبلية، أشار فلمبان إلى أن «محمية الإمام عبد العزيز بن محمد» تستهدف جذب مليون زائر سنوياً بحلول 2030، وذلك ضمن رؤية المحميات الملكية التي تستهدف 2.3 مليون زائر سنوياً بحلول العام نفسه. وأضاف أن الهيئة تسعى لتحقيق التوازن البيئي من خلال دراسة آثار الأنشطة السياحية وتطبيق حلول مبتكرة للحفاظ على البيئة.

أما فيما يخص أهداف عام 2025، فأشار إلى أن المحمية تهدف إلى استقطاب 150 ألف زائر في نطاق المحميتين، بالإضافة إلى تفعيل أكثر من 300 وحدة تخييم بيئية، و9 أنواع من الأنشطة المتعلقة بالحياة الفطرية. كما تستهدف إطلاق عدد من الكائنات المهددة بالانقراض، وفقاً للقائمة الحمراء للاتحاد الدولي لشؤون الطبيعة.

هيئة تطوير الأحساء

بدوره، سلّط مدير قطاع السياحة والثقافة في هيئة تطوير الأحساء، عمر الملحم، الضوء لـ«الشرق الأوسط» على جهود وزارة السياحة بالتعاون مع هيئة السياحة في وضع خطط استراتيجية لبناء منظومة سياحية متكاملة. وأكد أن الأحساء تتمتع بميزة تنافسية بفضل تنوعها الجغرافي والطبيعي، بالإضافة إلى تنوع الأنشطة التي تقدمها على مدار العام، بدءاً من الأنشطة البحرية في فصل الصيف، وصولاً إلى الرحلات الصحراوية في الشتاء.

وأشار الملحم إلى أن إدراج الأحساء ضمن قائمة التراث الإنساني العالمي التابعة لـ«اليونسكو» يعزز من جاذبيتها العالمية، مما يُسهم في جذب السياح الأجانب إلى المواقع التاريخية والثقافية.

ورحَّب الملحم بجميع الشركات السعودية المتخصصة في السياحة التي تسعى إلى تنظيم جولات سياحية في الأحساء، مؤكداً أن الهيئة تستهدف جذب أكبر عدد من الشركات في هذا المجال.

كما أعلن عن قرب إطلاق أول مشروع لشركة «دان» في المملكة، التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة»، والذي يتضمن نُزُلاً ريفية توفر تجربة بيئية وزراعية فريدة، حيث يمكنهم ليس فقط زيارة المزارع بل العيش فيها أيضاً.

وأشار إلى أن الأحساء منطقة يمتد تاريخها لأكثر من 6000 عام، وتضم بيوتاً وطرقاً تاريخية قديمة، إضافةً إلى وجود المزارع على طرق الوجهات السياحية، التي يصعب المساس بها تماشياً مع السياحة المستدامة.

يُذكر أنه يجمع بين الأحساء والمحميات الطبيعية هدف مشترك يتمثل في الحفاظ على الموارد الطبيعية والثقافية، مع تعزيز السياحة المستدامة بوصفها وسيلة لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية. وكلاهما تمثل رمزاً للتوازن بين الماضي والحاضر، وتبرزان جهود المملكة في تقديم تجربة سياحية مسؤولة تُحافظ على التراث والبيئة.