وسط مؤشرات اقتصادية أوروبية مثيرة للقلق، أبقى البنك المركزي الأوروبي على سياسته النقدية دون تغيير كما كان متوقعاً، أمس، محافظاً على خيار زيادة أسعار الفائدة في وقت لاحق من العام الجاري، في الوقت الذي يعاني فيه اقتصاد منطقة اليورو من أكبر تباطؤ في نصف عقد.
وبعد أن أنهى برنامجاً مهماً لشراء السندات بقيمة 2.6 تريليون يورو (3 تريليونات دولار) قبل أسابيع، قال «المركزي» الأوروبي إنه ما زال يتوقع الإبقاء على أسعار الفائدة عند مستويات قياسية منخفضة حتى الصيف، متمسكاً بتوقعاته القائمة منذ فترة طويلة؛ على الرغم من أن الأسواق تتوقع حالياً أن تكون تلك الخطوة في وقت لاحق.
لكن رئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي، ربما يقر لاحقاً بحدوث تباطؤ حاد في النمو الاقتصادي، مما سيثير احتمال تأجيل أي تطبيع آخر للسياسة النقدية، وبما قد يشير إلى أن الخطوة القادمة للبنك ربما تتمثل في تيسير السياسة النقدية أكثر من تشديدها.
وبقرار أمس، ظلت الفائدة على الودائع لدى البنك المركزي الأوروبي (سعر الفائدة القياسي الرئيسي له حالياً) عند «سالب 0.40»%، في حين بقي سعر إعادة التمويل الرئيسي (سعر الفائدة الرئيسي في الأوقات العادية) عند «صفر»%.
وفي غضون ذلك، أظهر مسح أمس (الخميس)، نمواً ضعيفاً جداً لأنشطة الشركات بمنطقة اليورو في بداية 2019، إذ أدى تراجع المشاريع الجديدة إلى تدني النمو لمستوى غير مسبوق منذ منتصف 2013.
وهبطت القراءة الأولية لمؤشر «آي إتش إس ماركت» المجمع لمديري المشتريات إلى 50.7 نقطة، مسجلاً بذلك أدنى مستوياته منذ يوليو (تموز) 2013، مقارنةً مع قراءة نهائية عند 51.1 في ديسمبر (كانون الأول). ويقل هذا المستوى عن متوسط التوقعات في استطلاع أجرته «رويترز» والذي كان لارتفاع طفيف إلى 51.4 نقطة. لكن أي قراءة فوق الخمسين تظل تشير إلى نمو.
وهبط مؤشر يقيس الأنشطة الجديدة إلى 49.3 نقطة من 50.7 نقطة في أول هبوط له إلى ما دون الخط الفاصل منذ أواخر 2014. وانخفض مؤشر لمديري المشتريات في قطاع الخدمات المهيمن على اقتصاد المنطقة إلى 50.8 نقطة مقارنةً مع قراءة نهائية 51.2 نقطة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وهو ما يقترب من أدنى مستوى في خمس سنوات ونصف السنة، ومنخفضاً عن توقعات بلغت 51.5 نقطة.
ودفع ذلك الشركات إلى خفض التوظيف ليهبط مؤشره إلى 51.9 نقطة من 53.6 نقطة، وهو معدل منخفض لم يسجَّل في ما يقرب من ثلاث سنوات. وهبط مؤشر مديري المشتريات الخاص بالمصانع إلى أدنى مستوى في أكثر من أربع سنوات في يناير (كانون الثاني) مسجلاً 50.5 نقطة، من مستوى 51.4 نقطة في الشهر السابق. وجاء ذلك أيضاً منخفضاً عن كل التوقعات في استطلاع «رويترز» الذي أشار إلى استقرار على معدل ديسمبر. وانخفض مؤشر يقيس الإنتاج إلى 50.4 نقطة، من 51 نقطة في ديسمبر، وهو أدنى معدل منذ يونيو (حزيران) 2013.
ومع صدور البيانات، وقبل انتهاء اجتماع «المركزي» الأوروبي وتوقُّع حذر صناع السياسات إزاء تباطؤ النمو الاقتصادي، تراجع اليورو، أمس (الخميس)، إلى أدنى مستوى في ثلاثة أسابيع، حيث فقد نحو 1.6% من قيمته على مدى الأسبوعين الأخيرين، مع مراهنة المستثمرين على أن البنك المركزي الأوروبي سيواصل سياسة التيسير النقدي لفترة أطول.
وبحلول الساعة 12:00 بتوقيت غرينتش هبط اليورو 0.3% مسجلاً 1.133 دولار، وهو أدنى مستوى له منذ الثالث من يناير... ولم تشهد ألمانيا وفرنسا وإيطاليا، أكبر اقتصادات منطقة اليورو، نمواً يُذكر في الربع الأخير من العام الماضي. وأظهر مسح أمس تراجع نشاط الشركات الفرنسية على غير المتوقع هذا الشهر.
وتراجع الجنيه الإسترليني بنسبة 0.4% إلى 1.3022 دولار، لينزل عن أعلى مستوياته في شهرين، المسجل يوم الاثنين، مع مراهنة المتعاملين على أن تتحاشى بريطانيا خروجاً غير منظم من الاتحاد الأوروبي.
وارتفع مؤشر الدولار، الذي يقيس قوة العملة الأميركية مقابل ست عملات رئيسية أخرى، بنسبة 0.3% إلى 96.406. وتواصل المخاوف بشأن نمو الاقتصاد العالمي، وإغلاق الحكومة الأميركية، والخلاف التجاري بين واشنطن وبكين، الضغط على الدولار.
وشهد الدولار الأسترالي حركة كبيرة، أمس، حيث نزل 0.6% إلى 0.7104 دولار أميركي، بعد أن قال بنك أستراليا الوطني إنه سيرفع فائدة الرهون العقارية بمقدار 12 إلى 16 نقطة أساس. وكانت العملة مرتفعة في وقت سابق بدعم بيانات وظائف قوية.
«المركزي» الأوروبي يفضل الحذر في ظل التباطؤ
أنشطة الشركات تثير القلق مع بداية 2019
«المركزي» الأوروبي يفضل الحذر في ظل التباطؤ
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة