قلق فرنسي من خطة تركيا شمال سوريا

TT

قلق فرنسي من خطة تركيا شمال سوريا

بين تركيا التي تسعى لأن تكون لها اليد الطولى والإشراف على المنطقة الأمنية على طول الحدود الشمالية بينها وبين سوريا وروسيا التي تصر على أحقية النظام بأن يفرض سيطرته عليها، والولايات المتحدة الساعية لإخراج قواتها من كامل مناطق تواجدها شمال شرقي سوريا، تجد باريس نفسها في وضع بالغ الحرج. فقد وعدت الأكراد بتوفير الحماية لهم وعدم التخلي عنهم بعد أن أسرعوا في طلب مساعدتها عقب إعلان الرئيس ترمب الشهر الماضي عزمه على سحب قواته.
وبرزت الحيرة مرة أخرى في شهادة وزير الخارجية جان إيف لودريان عصر أول من أمس أمام لجنة الشؤون الخارجية في مجلس الشيوخ، حيث عبر عن قلق حكومته من المسار الذي تسلكه الأحداث: فهو، من جهة، تلمّ به «التساؤلات» بشأن «المنطقة الآمنة» ومن جهة أخرى يعول على اجتماع لدول التحالف الدولي لمحاربة «داعش» الذي سيجتمع، كما أفاد في واشنطن يوم 6 الشهر المقبل.
تسعى باريس للتعرف على تفاصيل الخطة الأميركية - التركية لجهة «محيطها والجهات الضامنة لها، وتلك التي ستتولى الإشراف عليها». يضاف إلى ذلك كله، أن لباريس تخوفات من المعلومات الخاصة بـ«عمق» هذه المنطقة التي ستكون بحسب الرئيس الأميركي من 30 كلم. وقال لودريان: إن هذا العمق «يثير مشكلة»، والمقصود بذلك - بحسب مصادر فرنسية رسمية - أنها «ستضم تجمعات سكنية كبيرة»، إضافة إلى أنها سوف تتسبب بهجرات آلاف السكان كما حصل في عفرين التي استولت عليها القوات التركية الخريف الماضي بدعم من وحدات سورية معارضة ترعاها أنقره.
في 14 الحالي وبمناسبة زيارته إلى عمان، أعلن لودريان، أن فرنسا لن تسحب قواتها من سوريا «قبل العثور على حل سياسي». وهذا الكلام أعاد الرئيس ماكرون التأكيد عليه في 17 الحالي بإعلانه أن بلاده ستبقى «ملتزمة عسكرياً في بلدان المشرق (التي تشمل سوريا) في عام 2019». ولذا؛ فالسؤال المطروح على الدوائر الفرنسية يتناول، من جهة، مصير القوة الفرنسية في شمال وشرق البلاد بعد أن تسحب واشنطن قواتها.
يبقى أن باريس التي سعت لثني ترمب عن سحب قواته في هذه المرحلة بحجة أن القضاء على «داعش» لم ينجز بعد، تعتبر أن قرار الرئيس الأميركي يضعف موقف الغربيين ويسحب منهم ورقة ضاغطة كانت ستمكنهم من أن يكون لهم رأيهم في تقرير مصير سوريا التي لا يريدونها بأيدي الروس والإيرانيين. من هنا، وحسب لودريان، لم يعد بمتناولهم سوى ورقة المشاركة في إعادة إعمار ما دمرته الحرب في سوريا، التي «لا يمكن أن تتم بتمويل روسي وإيراني وبغياب الأوروبيين ودول أخرى، فإن إعادة الإعمار لن تحصل».



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».