سكان غزة يعودون لحياتهم العادية

الأسواق والأسعار عادت لما كانت عليه قبل أيام الحرب.. والمساجد امتلأت في صلاة الجمعة

فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة أمام أحد المساجد الذي كان تعرض للقصف الإسرائيلي الأسبوع الماضي في غزة (أ.ب)
فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة أمام أحد المساجد الذي كان تعرض للقصف الإسرائيلي الأسبوع الماضي في غزة (أ.ب)
TT

سكان غزة يعودون لحياتهم العادية

فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة أمام أحد المساجد الذي كان تعرض للقصف الإسرائيلي الأسبوع الماضي في غزة (أ.ب)
فلسطينيون يؤدون صلاة الجمعة أمام أحد المساجد الذي كان تعرض للقصف الإسرائيلي الأسبوع الماضي في غزة (أ.ب)

لم تثن الغارات الإسرائيلية التي تجددت على قطاع غزة صباح أمس الجمعة بعد انتهاء الهدنة الإنسانية المعلنة لمدة 72 ساعة، الغزيين عن ممارسة نشاطاتهم الحياتية بشكل طبيعي والتوجه للأسواق التي عادت للانتعاش في الأيام الثلاثة الأخيرة مع تصاعد حركة البيع والشراء وتوفر الخضراوات والفواكه واللحوم وغيرها من البضائع.
فيما اجتهد آخرون لمزاولة أعمالهم وإنجازها في أقرب وقت ممكن تخوفا من تصاعد الغارات الإسرائيلية التي أدت حتى كتابة التقرير إلى مقتل طفل وإصابة 15 آخرين في سلسلة غارات على قطاع غزة. وقالت المواطنة سهيلة أبو جهل «48 عاما» لـ«الشرق الأوسط»، بأن القصف الإسرائيلي الذي تجدد عند الثامنة لم يوقف الحركة في الأسواق أو الشوارع واستمرت الحياة بشكل طبيعي رغم سماع الانفجارات في مناطق مختلفة من مدينة غزة ومختلف أنحاء القطاع، مشيرة إلى أن المواطنين واصلوا التسوق والتزود باحتياجاتهم كما يجري ذلك كل يوم جمعة قبيل الحرب الأخيرة.
وأوضحت أن المواطنين في غزة يستغلون يوم الجمعة الذي يصادف يوم الإجازة الأسبوعي للتسوق بكل الاحتياجات الهامة لمنازلهم على مدار الأسبوع وخاصة الدواجن واللحوم والفواكه التي يسعد السكان بوجودها على موائد طعامهم خصوصا لاجتماع كامل أفراد العائلة عليها، لافتة إلى أن الأسواق كانت تعمل اليوم بشكل طبيعي وأن الأسعار عادت إلى طبيعتها كما توفرت كافة البضائع التي فقدت من الأسواق خلال الحرب.
وأضافت: «الجميع هنا في غزة يأمل في أن تنتهي مرحلة العدوان الإسرائيلي وأن تتحقق المطالب الفلسطينية التي يؤيدها الجميع بإعلان إنهاء الحصار الذي أنهك الحياة في غزة ويحولها من فترة إلى أخرى إلى حياة لا تطاق لأسباب منها شخصية ومنها عامة تتعلق بالحياة الاجتماعية أو الاقتصادية وحتى السياسية».
وحاول بعض المتضررين من الغارات الإسرائيلية السابقة إنجاز بعض الأعمال داخل منازلهم حتى يستطيعوا الاستقرار فيها قبيل تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة. وقال المواطن جاسر أبو سليم بأنه استغل فتح المحال لشراء كميات كبيرة من النايلون المخمل غير الشفاف لاستكمال إغلاق الثغرات في جدران منزله بعد أن تضرر جزئيا جراء الغارات التي استهدفت منطقة سكناه.
وأشار إلى أنه وجد صعوبات خلال الأيام الماضية في توفر مثل هذه المواد في الأسواق واضطر لتسلمها من مؤسسات خيرية قدمتها كتبرعات للمتضررين لكنها كانت غير كافية فاستغل الحركة الكبيرة في الأسواق للتوجه لشراء ما يلزمه لاستكمال إغلاق تلك الثغرات.
وشهدت غزة اليوم حركة غير اعتيادية لم تشهدها حتى في الأيام الثلاثة الأخيرة من الهدنة التي كانت محددة حتى على صعيد الحركة في التوجه لأداء صلاة الجمعة.
وقال المواطن عبد الرحمن النجار «40 عاما» بأن الناس في غزة ملت من القصف المتواصل.. ولم يعد هناك شيء يخيف الناس، نحن شعب نحب الحياة ونريد أن نعيش.
ولفت إلى أنه خلال الحرب وقبل الإعلان عن الهدنة كان المواطنون يتخوفون من الخروج من منازلهم وقضاء حوائجهم خوفا من استهدافهم خاصة أن الطائرات لم تكن تفرق بين مدني ومقاوم وتستهدف الجميع، مشيرا إلى أنه لاحظ أن صلاة هذه الجمعة امتلأت فيها المساجد بشكل كامل ومنها المساجد التي تضررت جزئيا بسبب القصف في صورة مغايرة تماما لما كان يجري خلال الحرب من مخاوف المواطنين من الاقتراب من المساجد المتضررة أو التي قد تتعرض للقصف واكتفاء الكثير بأداء الصلاة في المنازل.
وتسبب الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع بتعطل عشرات الآلاف من العمال بسبب توقف مصانعهم عن العمل لعدم توفر مواد الخام كما تعطلت مشاريع البناء بسبب عدم السماح بإدخال مواد البناء.
وقال العامل أكرم الجمل «29 عاما» لـ«الشرق الأوسط»، بأنه منذ 5 سنوات مع اشتداد الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة لم يعد بإمكانه الحصول على فرصة عمل واحدة يعتاش منها ويوفر قوت أطفاله يوميا، مشيرا إلى أنه يعمل في البناء مقابل ما يعادل 25 دولارا يوميا وأنه كان يهيئ حياته في المنزل على هذا المبلغ القليل.
ولفت إلى أنه يترقب باستمرار نتائج الحوارات التي تجري في القاهرة لعل وعسى – كما يقول - أن تأتي بثمرة اتفاق ينهي معاناته ومعاناة عشرات آلاف العمال بالسماح بإدخال مواد البناء على أمل أيضا أن يتيح ذلك له زيادة يوميته خاصة أن عمله يمتد لنحو 13 ساعة متواصلة في عمل شاق جدا.
ولم تسعف الهدنة الصيادين الذين خرجوا عند الرابعة من فجر الجمعة بمراكبهم للصيد في عرض البحر على مساحة محدودة مزيدا من الوقت لكي يستطيعوا زيادة حصيلتهم من الأسماك الصغيرة التي قد ينجحون في بيعها. ويقول الصياد محمد الصعيدي لـ«الشرق الأوسط» بأن المواطنين يعزفون عن شراء الأسماك التي يتم اصطيادها خلال الأيام الأخيرة لأنها أسماك صغيرة ذات جودة أقل وغير مفضلة لدى السكان الذين يحبذون أسماكا أفضل، مرجعا ذلك لمنعهم من الصيد بحرية في مساحات بحرية أكبر.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.