سليم عزّام... الأهداف إنسانية والتفاصيل نسوية

سليم عزام - مجموعة من تصاميمه - تطريزاته عصرية لا تعتمد على الشك والخرز - تصاميمه وتطريزاته عصرية
سليم عزام - مجموعة من تصاميمه - تطريزاته عصرية لا تعتمد على الشك والخرز - تصاميمه وتطريزاته عصرية
TT

سليم عزّام... الأهداف إنسانية والتفاصيل نسوية

سليم عزام - مجموعة من تصاميمه - تطريزاته عصرية لا تعتمد على الشك والخرز - تصاميمه وتطريزاته عصرية
سليم عزام - مجموعة من تصاميمه - تطريزاته عصرية لا تعتمد على الشك والخرز - تصاميمه وتطريزاته عصرية

حكاية سليم عزّام (28 سنة) لا تشبه غيرها. فابن بلدة باتر في قضاء الشوف في جبل لبنان أطلق مشروعاً تُرفع له القبّعات. فبطلاته نساء قرويات موهوبات في فن التطريز يوظفهن ليرسمن بأناملهن تصوراته وأفكاره على قطع أزياء مفعمة بالأناقة.
حكايات كثيرة ترويها تلك التصاميم، فيها تتنشق هواء الضيعة، تشّم رائحة ترابها ورحيق أزهارها، تلمس دفء أهلها وطيبتهم، والأهم تلمس مواهب نسائها.
يقول سليم عزام: «ما يميّزني عن غيري من المصممين الشباب الرسالة التي أريد أن أؤديها، والتي كانت دافعاً كبيراً لي أن أدخل مجال تصميم الأزياء أساساً. أنا لا أدّعي أنني مصمم أزياء بالمفهوم المتعارف عليه، كل ما في الأمر أني أملك رؤية معيّنة، تتلخّص في مساعدة نساء جبل لبنان، يملكن موهبة استثنائية في مجال التطريز وعملت معهن على هذا المشروع حتى أعرف بقدراتهن ويحصّلن في الوقت ذاته مصدر دخل».
ويتابع عزّام: «أطلقنا مؤخراً مجموعة بعنوان (صديقتي نجوى) وهي مجموعة خريف وشتاء 2018 - 2019 تتحدث عن العلاقات بين الناس والصداقات والأخوّة، مسلطةً الضوء على الكثير من الأمور التي أصبحنا نفتقدها في حياتنا. استوحيتها من كتاب صغير يخّص والدتي، يتضمن كتابات من أصدقائها حين كانت طالبة في المدرسة في عام 1975، وهو كل ما تبّقى لها من ذكريات الدراسة، ليتحول هذا الكتاب الصغير إلى مجموعة أزياء متميّزة بعد أكثر من أربعين عاماً».
كونه بعيداً عن عالم «الهوت كوتير»، أكّد عزّام أنّه ليس بصدد طرق باب هذا الخط، مفضلاً عليه الأزياء الجاهزة. وهذا ما يتضح من خلال أسلوبه البعيد عن التطريز الغني والتفاصيل التي ترافق الأزياء الراقية عادةً. يشرح: «أحب أن يرتدي الناس أزيائي في أيّامهم العادية، بطريقة بسيطة (كاجوال) مع بنطلون جينز وحذاء رياضي، أو بأسلوب أكثر رسمية نوعاً ما مع تنورة في عشاء متميز».
سبب ابتعاده عن هذا الأسلوب يُبعده أيضاً عن المنافسة مع باقي المصممين في لبنان، وهو أمر تعمده حسب قوله: إن المجال «يزخر بالمواهب الكثيرة، والإبداع لا يمكن لشيء أو شخص أن يوقفه، فقط رؤية المرء هي التي تجعله مختلفاً ومتميزاً عن غيره، فأنا لم أنتهج خط الـ(هوت كوتير) حتى أبعد نفسي عن المنافسة. فمشروعي نابع عن قناعة شخصية ورسالة أسعى بكل طاقاتي لإيصالها وتحقيقها، إضافة إلى هدف إنساني، لأننا فعلاً بحاجة ماسّة إلى مشاريع تسلّط الضوء على أمور تُؤثر على حياة الناس بالإيجاب».
وعن تحصيله الجامعي يشير: «أضاف التعليم الجامعي إليّ الكثير، فبعد دراستي الـGraphic Design في الجامعة اللبنانية شعرت أنّ ذلك ليس كافياً، لأني أردت أن أؤدي رسالة قوية، لهذا انتقيت جامعة ألبرتا في كندا، لدراسة الماجستير في التصميم التواصلي والبصري، هناك تعرّفت على فن التصميم للتغيير الاجتماعي، وهو الذي غيّر نظرتي تماماً». منذ ذلك الوقت، انحصر تركيزه على حاجات الناس معتبراً كل ما يقدمّه جزءاً من ذاته «ويعنيني من الداخل. فلكل قطعة حكايتها وعنوانها ومكانتها، لهذا من المستحيل أن أفضّل بينها. نعم أحب القول إنني أعيد مجد التطريز، خصوصاً أنّه موهبة أضحت نادرة في أيّامنا هذه، بعدما صار الناس يركزون على الإنتاج السريع، وبالتالي فقدوا حبّهم للقطع التي تستغرق وقتاً لتنفيذها، إضافة إلى كل ذلك لم تعد لهذه القطع أسواق لتصريفها. من هنا نتمنى تشجيع الناس على تقدير هذا النوع من الأعمال التي قد تكون متعبة لكنها جميلة. وأنا سعيدٌ بالقول إننا خلال عامين أعدنا أمجاد التطريز وحضوره بطريقة خاصة، ولا أزال اليوم أنظر إلى المزيد من النساء الذين يملكون هذه المَلَكة».
لا يحب عزّام أن يقول إنه غيّر حياة الناس، مؤكداً أنّه لا يزال في أول الطريق. فما يقوم به حتى الآن «واجب إنساني، يأتي مع كل عمل اجتماعي، مع كل وظيفة، اليوم الإنسان يتقدّم ويتطوّر لكي يفيد ويستفيد. منذ البداية رأيت في هؤلاء النساء الموهبة». الجميل أن علاقته بهن تعدت مع الوقت مجرد الإفادة والاستفادة. أصبحوا بمثابة عائلة.



«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)
حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)
TT

«لورو بيانا» تحتل واجهات «هارودز» لتحتفل بمئويتها وإرثها

حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)
حوَّلت «لورو بيانا» الواجهات إلى احتفالية بإرثها وحرفييها وأيضاً بالثقافة البريطانية التي تمثلها معلمة مثل «هارودز» (لورو بيانا)

مع اقتراب نهاية كل عام، تتسابق المتاجر والمحلات الكبيرة على التفنن في رسم وتزيين واجهاتها لجذب أكبر نسبة من المتسوقين إلى أحضانها. بيوت الأزياء الكبيرة هي الأخرى تتسابق على حجز مكان رئيسي لها على هذه الواجهات لتسليط الضوء عليها وعلى إبداعاتها. فما لا يختلف عليه اثنان أن هذه الواجهات والزينة، بما في ذلك الأنوار التي تُزين الشوارع والساحات، تعد نقطة جذب سياحي تعتمد عليه لندن كل سنة. عادةً ما تبدأ الحجوزات قبل فترة طويلة.

وبما أن محلات «هارودز» معلمة ووجهة سياحية، فإن فرصة العرض فيها لا تقدر بثمن، وبالتالي فهي لا تمنح الفرصة لأيٍّ كان لاحتلال واجهاتها. لكنَّ «لورو بيانا» ليست أياً كان؛ فهي من أهم بيوت الأزياء العالمية حالياً. تصاميمها المترفة تجذب النظر وتحفز حركة البيع في الوقت ذاته، بدليل أنها من بين بيوت أزياء تعد على أصابع اليد الواحدة لا تزال تحقق الأرباح رغم الأزمة التي ألمَت بكثير من الأسماء الشهيرة.

احتلت «لورو بيانا» كل واجهات محلات «هارودز» بمناسبة الأعياد والاحتفالات (لورو بيانا)

هذا العام، أُتيحت لها الفرصة لتجعل 36 نافذة عرض في «هارودز» ملكها الخاص. لم يكن الأمر سهلاً. بدأت العمل عليه منذ أكثر من عام تقريباً ليأتي بصورة تسلط الضوء على تاريخها وإرثها وأيضاً مهارات حرفييها بشكل جيد، وهو ما مثَّلته «ورشة العجائب» Workshop of Wonders. فكرتُها استعراضُ خبراتهم في غزْل الصوف وأساليبهن الخاصة في المزج بين الحرفية والفن. هنا سيستمتع الناظر بقصة تُسرد من زاوية مدهشة تتبع رحلتهم، من المراعي و طرق عيش الخرفان والغزلان الخرفان وكيفية الحصول على المواد الخام وصولاً إلى المنتج النهائي.

ورشة العجائب

تتميز بديكورات متحرّكة ميكانيكية تُجسّد فكرة مسرح الدمى من خلال الآليات التي تحركها وراء الكواليس. أغلبها من الخشب لتعزيز الطابع اليدوي التقليدي. فهذه الورشة تعكس فكرة مفادها أنّ الطبيعة نفسها ورشة من الجمال والتفرد والكمال.

الجنود المجهولون أو الحرفيون أخذوا نصيبهم من الاحتفال باستعراض مهاراتهم أمام الضيوف (لورو بيانا)

تأتي التصاميم هنا مستوحاة من روح عشرينات القرن الماضي، وهي الحقبة التي أبصرت فيها الدار النور، ممّا يعزز الشعور بالعراقة من خلال استخدام القوام الخشبي والألوان الدافئة الممزوجة بلمسات من الذهب المطفي. تملأ المشهد، دمى مرسومة ومحاطة بسحب من الصوف المنسوج يدوياً. هنا أيضاً يُكشف الستار عن مجتمعات الحرفيين الماهرين Masters of Fibers والأماكن الساحرة حول العالم، حيث يعيش الماعز، والألباكا، وحيوان الأيل، والغزال. هنا كل شيء يتأرجح بين الواقع والخيال،

وخلال هذه الفترة، ستفتتح الدار متجرَين جديدَين في «هارودز»؛ الأوّل مخصّص لأزياء الصغار، والآخر للديكور المنزلي، إلى جانب منتجات وتصاميم حصرية تحتفي بتاريخ الدار وبموسم الأعياد.

الواجهة والنوافذ

الجميل في تصميم الواجهات أن التركيز لم يقتصر على عرض تصاميمها بشكل يُغري المتسوقين، بقدر ما جرى التركيز على أخذهم في رحلة ممتعة إلى أماكن بعيدة، لتُعرفهم من أين تُستورد الألياف النادرة قبل أن تتحول إلى رزمٍ قطنية ثم إلى أقمشة فاخرة، يُزيِن بعضها شجرة عيد ميلاد بارتفاع 17 متراً .

... وطبعاً لا تكتمل الإطلالات من دون حقائب تعكس اهتمام الدار بالتفاصيل (لورو بيانا)

صُممت كل نافذة بدقة لتحاكي تحفة فنية تروي مرحلة من تاريخ «لورو بيانا» وقصةً نجمُها الرئيسي أليافٌ وأنسجة خفيفة على شكل رزم تتحرك على حزام ناقل، لتتحوّل إلى قماش من خلال آلية مذهلة، وفي النهاية تتّخذ شكل شجرة عيد ميلاد بطول 17 متراً مزينة بالأقمشة وحلة العيد الفريدة.

نوافذ أخرى، تسرد فصولاً تتناول مواقع ومجتمعات «الحرفيين الماهرين» Masters of Fibers من منغوليا وأستراليا وجبال الأنديز وما بعدها، وصولاً إلى إيطاليا حيث يتم تحويل الألياف والمواد الخام إلى قطع لا تقدر بثمن.

منها ما يحكي قصص صوف الفيكونيا، ونسيج بيبي كشمير، وصوف الملوك وقماش «بيكورا نيراPecora Nera® وغيرها. النوافذ المخصّصة لـصوف الملوك مثلا تركز على عملية البحث عن أفضل المراعي الخضراء لخراف المارينو، وهي عملية تعود بنا إلى أواخر القرن الثامن عشر، حين وصل القبطان جيمز كوك إلى نيوزيلندا وأستراليا، حاملاً معه خراف المارينو لأول مرة. لدهشة الجميع، وجدت هذه الخراف مكانها المثالي، حيث حظيت بعناية مكثفة على يد المربّين المحليين ومنحتهم هذه الخراف بدورها أجود أنواع الصوف في العالم. أمّا نافذة Pecora Nera® فتروي رؤية وإبداع المزارعة النيوزيلندية فيونا غاردنر التي ركّزت على الخراف ذات اللون الداكن تحديداً. صوفها الثمين يتحوّل إلى ألياف طبيعية لا تحتاج إلى صبغات.

قطع حصرية لـ«هارودز»

احتفالاً بالذكرى المئوية للدار وأسلوبها المتميز بالفخامة الهادئة، تم طرح مجموعة جاهزة للرجال والنساء، حصرياً في «هارودز». كان من الطبيعي أن تستمد إيحاءاتها من الأناقة البريطانية الكلاسيكية مطعَّمة بلمسات مستوحاة من الفروسية وأنماط المربعات، إضافةً إلى اللون الأخضر الأيقوني الخاص بـ«هارودز» و ألوان أخرى مستوحاة من أجواء العيد، مثل الأحمر والأبيض.

لم تستسهل «لورو بيانا» عملية تزيين 36 نافذة وكانت النتيجة مرآة لتاريخها وإرثها (لورو بيانا)

الإطلالات المسائية للمرأة في المقابل تتميز بفساتين طويلة من الحرير المطرّز يدوياً وفساتين محبوكة بقصات عمودية، إلى جانب قمصان ناعمة مصنوعة هي الأخرى من الحرير تم تنسيقها مع سراويل واسعة بسيطة بعيدة عن التكلّف. تضيف أحذية الباليه المسطحة المصنوعة من المخمل الأسود، والصنادل ذات الكعب العالي المطرزة بزهور الشوك الذهبية، لمسة نهائية راقية.

من جهته يتألق رجل «لورو بيانا» في كل المناسبات الرسمية والاحتفالات الموسمية، بفضل التشكيلة الواسعة من البدلات الرسمية.

متجران مؤقتان

سيجد زائر «هارودز» كل ما يطمح إليه من أزياء أو إكسسوارات مصنوعة من أجود أنواع الألياف (لورو بيانا)

بهذه المناسبة خصصت الدار متجرَين مؤقّتَين من وحي الأعياد. الأول في الباب 6، ويشمل عناصر مستوحاة من ورش العمل والأقمشة المطرّزة. تتوسطه طاولة عمل من الجلد مضاءة بمصباح علوي، بالإضافة إلى عجلة صناعية كبيرة تعرض المنتجات الجلدية والإكسسوارات. يمكن للزوّار هنا العثور على تشكيلة حصرية من ربطات العنق والقبّعات المصنوعة من الكشمير الفاخر للأطفال، والصوف، وقماش التويل الحريري بألوان هادئة أو مزيّنة بزخارف تحمل رموز الدب وزهرة الشوك وغيرها. أما للمنزل، فتتوفر تماثيل خشبية للماعز والألباكا، بالإضافة إلى نسخ محشوة منها على قواعد خشبية. وقد جرى تخصيص زاوية خاصة لإدخال اللمسات الشخصية على وشاح Grande Unita الأيقوني، حيث يمكن للعملاء تطريز الأحرف الأولى من أسمائهم.

استلهمت الدار الإيطالية كثيراً من التصاميم من الأجواء البريطانية العريقة... من الأشكال والقطع إلى الألوان (لورو بيانا)

أما المتجر الثاني بباب 9، فخُصّص لفنّ تقديم الهدايا وتجربة حصرية يمكن حجزها لمزيد من المتعة. تبدأ بتعريف الضيوف بعالم الحرف اليدوية، من خلال أشجار الأعياد المغلّفة بالصوف والكشمير، وحيوانات محشوة على شكل الماعز، والألباكا، وحيوان الأيل، والغزال، بالإضافة إلى رؤوس أقلام على شكل حيوانات. وتتجلّى بهجة موسم الأعياد في كرة الثلج المصنوعة من الخشب والزجاج التي تضم ماعز الكشمير محاطاً بحبّات الثلج المتطايرة. يستضيف هذا المتجر أيضاً ورشة عمل تُتيح للضيوف اختبار مهاراتهم في الحرف اليدوية أو تعلّم كيفية صنع زينة العيد وتغليف نماذج خشبية بالصوف.

تستمر فعاليّات Workshop of Wonders حتّى الثاني من يناير (كانون الثاني) 2025، وتُشكّل جزءاً مهماً وأساسياً من احتفالات الدار بعيدها المئة حول العالم، وبذكرى تأسيسها عام 1924 على يد بييترو لورو بيانا.