لغز مقتل أيمن طه: ملفه كان لدى أمن {القسام}

مصادر أمنية: ملفه بقي عند أمن «القسام» الخاص وحماس تقول إنه مات متأثرا بجراحه جراء القصف

لغز مقتل أيمن طه: ملفه كان لدى أمن {القسام}
TT

لغز مقتل أيمن طه: ملفه كان لدى أمن {القسام}

لغز مقتل أيمن طه: ملفه كان لدى أمن {القسام}

بقيت قضية مقتل القيادي السابق في حماس أيمن طه، محل لغز كبير، بعدما امتنعت كتائب القسام التابعة للحركة، التي كانت تعتقله منذ شهور، وعائلته كذلك، عن التعقيب على ظروف وفاته، التي تشير إلى أنه أُعدم رميا بالرصاص.
وكان شهود عيان أكدوا، أول من أمس (الخميس)، أنهم شاهدوا مجهولين يلقون بجثة طه، أمام مستشفى الشفاء في قطاع غزة، بعد نحو سبعة أشهر على احتجازه من قبل كتائب القسام التابعة للحركة.
وقالت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط» إنه جرى إعدام طه بعدة رصاصات في الرأس والصدر، بعد عدة شهور على اعتقاله عند «القسام».
وأكدت المصادر أن جهاز أمن «القسام» هو الذي تولى اعتقال طه والتحقيق معه، من دون أن يكشف عن نتائج التحقيق، وقد بقي ملفه هناك.
وكان طه اختطف بشكل مفاجئ في 23 يناير (كانون الثاني) الماضي، قبل أن تقر حماس في 22 فبراير (شباط)، أي بعد نحو شهر، بشكل رسمي، باعتقال القيادي في الحركة والناطق باسمها أيمن طه (44 عاما)، قائلة إنه يخضع لتحقيق داخلي حول «سلوكه واستغلال النفوذ والتربح من دون وجه حق، وعدم حفظ الأمانة».
ونفت الحركة، في بيان، آنذاك، أن تكون لطه أي علاقة بجوانب أمنية مع «الجهات المعادية». وجاء موقف حماس التوضيحي بعد جدل واسع حول اختفائه، وضغط من أبيه محمد طه (أبو أيمن)، وهو أحد مؤسسي حركة حماس، للكشف عن مصير ابنه.
وكان شقيق أيمن ظهر في شريط مصور نُشر على مواقع التواصل الاجتماعي، منددا بما يتعرض له أيمن «من تشهير وتجريح»، مضيفا: «لم نجد أحدا في حماس يرد على ذلك، أيمن بشر، ربما له أخطاء، ولكن ليس بحجم ما يشاع».
وتابع: «أُشيع أن أيمن محتجز عند حماس في مكان سري، وأنه جرى التواصل مع أهله للتغطية على هذا الأمر، وهذا غير صحيح وغير منطقي».
وتحدث شقيق أيمن عن دور بارز لعبه شقيقه في إدخال ملايين الدولارات لصالح حركة حماس، مطالبا الحركة بالخروج عن صمتها.
وبعدها، خرجت حماس وأعلنت التحقيق معه، ثم زار القيادي في حماس إسماعيل هنية، مع وفد من الحركة، منزل أبو أيمن في الثامن من مارس (آذار) الماضي، وناقش معه الأمر وطلب من العائلة عدم الخوض في مصير ابنهم لحين انتهاء التحقيق، وقد وصلت رسالة من «القسام» تحمل اللغة نفسها تقريبا، وهو الأمر الذي نفذته العائلة لاحقا.
وحرصت حماس على تحييد عائلة أيمن بإصدار بيان قالت فيه: «إن اعتقال أيمن لا يمس بمكانة العائلة وشيخنا أبو أيمن وما قدمه لدينه وشعبه وقضيته من جهد وجهاد وشهداء».
لكن حماس كانت حازمة في قولها إن أيمن لن يعود إلى موقعه، وإنه لم يعد عنصرا في حماس، في إشارة إلى فصله من الحركة: «أيمن طه لم يعد متحدثا باسم حماس، ولن يعود إلى الموقع ذاته، وليس عنصرا فيها».
وتعد «القسام»، الذراع العسكرية لحماس، صاحبة اليد الطولى داخل الحركة، وهي جهاز عسكري مستقل بذاته عن الأجهزة الشرطية والحكومية الأخرى، وجانبها مهيب من الجميع حتى في حماس.
وأخضعت «القسام» في أوقات سابقة غير طه بعضا من الناشطين وقياديي الصف الثاني لتحقيقات ومراقبة.
ويبدو أن حماس السياسية لم تكن تملك معلومات عن طه عند اعتقاله.
وقالت المصادر إنه قبل اعتقال طه كانت تدور حوله شبهات فساد مالية، ومعلومات عن مشاركته في استثمارات ضخمة داخل وخارج القطاع.
وكان طه المسؤول عن إدخال أموال وتحويلات حماس من الخارج وقناة الاتصال مع مصر.
وفي فبراير 2009، أوقف الأمن المصري طه على معبر رفح بتهمة حيازته أكثر من عشرة ملايين دولار.
وشنت حماس هجوما على الأمن المصري آنذاك، لتوقيف القيادي فيها أيمن طه، الذي نفى لاحقا أن يكون هذا الاحتجاز لشخصه، مؤكدا أن الأمر كان متعلقا بإجراءات إيداع الأموال في بنوك القاهرة.
وقال طه آنذاك: «إدخال الأموال عبر المعبر ليس تهريبا، إن المهرب هو من يهرب الذهب والأموال من الداخل إلى الخارج وليس من يدخلها لرفع المعاناة عن الشعب الفلسطيني في الوقت الذي يتعرض فيه لحصار بري وبحري وجوي».
وأكد طه أن حركته ستسعى بشتى السبل للتخفيف من معاناة الشعب الفلسطيني، والتخفيف من حدة الحصار الصهيوني.
ويعد أيمن من الشخصيات البارزة في الحركة، وتقلد مناصب، من بينها ممثل الحركة في لجنة القوى الوطنية والإسلامية، قبل أن يجري اختياره مستشارا للشؤون الأمنية لرئيس الوزراء في الحكومة المقالة، إسماعيل هنية. واعتقل أيمن في سجون إسرائيل والسلطة الفلسطينية لأكثر من 13 عاما، وأبعد لمرج الزهور في الجنوب اللبناني مطلع التسعينات مع 412 كادرا من التنظيمات الإسلامية، قبل أن يعود للقطاع.
وأصدرت حماس بيانا مقتضبا أمس قالت فيه إن المتحدث السابق باسمها قضى متأثرا بجراح أصيب بها قبل أيام، جراء قصف إسرائيلي استهدف إحدى الشقق التي كان موجودا فيها بمدينة غزة.
وقالت حركة حماس في تصريح صحافي: «تنعى حماس ابنها الشهيد أيمن محمد طه، الذي جاء استشهاده خلال استهداف الاحتلال له ولبعض الإخوة معه، أثناء وجودهم في إحدى الشقق بمدينة غزة، الأمر الذي أدى لإصابته إصابة بالغة استشهد على أثرها مساء اليوم (أول من أمس )الخميس».
وأضافت: «إننا وإذ ننعى أخا عزيزا قدم لحركته ولشعبه الكثير لتأتي شهادته قبولا له عند ربه واصطفاء بعد حياة حافلة بالعطاء والتضحيات».



جبايات حوثية من بوابة «المولد النبوي» رغم نفي زعيم الجماعة

مئات الفعاليات التحضيرية التي ينظمها الحوثيون للاحتفال بـ«المولد النبوي» (إعلام حوثي)
مئات الفعاليات التحضيرية التي ينظمها الحوثيون للاحتفال بـ«المولد النبوي» (إعلام حوثي)
TT

جبايات حوثية من بوابة «المولد النبوي» رغم نفي زعيم الجماعة

مئات الفعاليات التحضيرية التي ينظمها الحوثيون للاحتفال بـ«المولد النبوي» (إعلام حوثي)
مئات الفعاليات التحضيرية التي ينظمها الحوثيون للاحتفال بـ«المولد النبوي» (إعلام حوثي)

بينما نفى زعيم الجماعة الحوثية عبد الملك الحوثي فرض أي جبايات مالية لدعم الاحتفالات بمناسبة «المولد النبوي»، واصلت الجماعة إجبار السكان، بمختلف فئاتهم ومهنهم، على التبرع لهذه الاحتفالات، وفرضت إجراءات عقابية على من يرفض التبرع، وتوعَّدت بمحاسبة مسؤولي المنشآت العمومية في حال عدم المشاركة، بالتزامن مع إقرار جبايات مرتفعة على الملابس المستوردة.

وكان الحوثي قد نفى في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن تكون جماعته قد فرضت ضرائب وجبايات مالية جديدة على التجار في مناطق سيطرتها، لتمويل الاحتفال بـ«المولد النبوي» الذي تنظمه سنوياً، وتحشد لصالحه كل الإمكانات والموارد البشرية والمالية، وتعمم بالقوة مظاهر الاحتفال في كافة الشوارع والطرقات والمباني في مناطق سيطرتها.

العبارات غير المفهومة التي ينشرها الحوثيون للاحتفال بـ«المولد النبوي» تثير تهكم السكان (إكس)

وانتشرت الزينات والأضواء الخضراء في سائر مناطق سيطرة الجماعة، مع نصب مئات اللوحات الإعلانية التي تحمل شعارات الجماعة الحوثية، ومقتطفات من خطابات زعيمها، أو مقولات مؤسسها حسين الحوثي.

وتسود المجتمع اليمني حالة من السخط بسبب هذه المظاهر الاحتفالية التي تستفز مشاعرهم، بسبب الأوضاع المعيشية التي يقاسونها تحت سيطرة الجماعة. ويمتزج السخط بالتهكم على تلك المظاهر، وعلى مقولات قائد ومؤسس الجماعة؛ خصوصاً أن كثيراً منها يُكتب بلغة ركيكة أو بصياغة غير مفهومة.

وأصدرت الجماعة توجيهات بزيادة جمركية على البضائع المستوردة الخاصة بالملابس والأحذية والحقائب، تحت مبرر دعم منتجات الملابس المحلية.

ووفقاً لتجار في مناطق سيطرة الجماعة، فإن التوجيهات الجديدة تضمنت رفع الجبايات المحصلة كجمارك، عن كل حاوية محملة بالملابس المستوردة أو مستلزماتها إلى نحو 56 ألف دولار (30 مليون ريال يمني).

السكان الذين يرفضون حضور الفعاليات الحوثية عرضة للعقوبة (إعلام حوثي)

واستغرب «نذير قادري» -وهو اسم مستعار لرجل أعمال- ادعاءات الجماعة تشجيع المنتجات المحلية من الملابس، رغم عدم وجود مصانع محلية لصناعة الملابس إلا على نطاق محدود جداً، وفي محال مملوكة لأفراد، وتعمل أغلبها على تجهيزات الأزياء للمدارس والشركات، وبخامات مستوردة أساساً.

وأوضح «قادري» لـ«الشرق الأوسط» أن مالكي هذه المحال يتعرضون بدورهم للابتزاز وفرض الجبايات بشكل يرهق ميزانيتهم ويحد من إيراداتهم، إضافة إلى كونهم يستخدمون الأقمشة ومواد الخياطة المستوردة، والتي تفرض الجماعة عليها جبايات طائلة.

تخضير المدن

وشددت الجماعة الحوثية على مشرفي التحصيل لديها، لإلزام التجار والباعة والشركات التجارية بدفع الأموال المقدرة من القادة المسؤولين عن الموارد المالية، كتبرعات للاحتفال بـ«المولد النبوي»، حسب طبيعة وحجم أنشطتهم وأعمالهم التجارية والخدمية.

وتقول المصادر إن الجماعة فرضت على كبريات المجموعات التجارية اليمنية، مثل «هائل سعيد أنعم وشركاه»، و«إخوان ثابت»، وشركة «درهم»، ومجموعة «الكبوس»، مبالغ كبيرة تصل إلى مليار ريال يمني، أي نحو مليون و900 ألف دولار؛ حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار عند 536 ريالاً.

لقطة جوية لمدينة صنعاء نشرتها الجماعة الحوثية لاستعراض قدراتها على فرض طابعها الطائفي (إعلام حوثي)

وفرضت الجماعة على مالكي المباني الكبيرة والبارزة في المدن والأرياف، وعلى المحال التجارية في عموم الشوارع، استخدام الزينات والأضواء الخضراء، واستخدام الطلاء الأخضر في تلوين الأبواب والنوافذ.

كما ألزمت المدارس والمنشآت العمومية بالاستعداد للاحتفال بـ«المولد النبوي» من خلال مظاهر الزينة والأضواء، وتخصيص جزء من إيراداتها لشرائها.

وكشفت مصادر تربوية أن قادة حوثيين في قطاع التربية والتعليم وجَّهوا مديري المدارس العمومية والخاصة، من خلال تطبيقات المراسلة في وسائل التواصل الاجتماعي، بضرورة رفع تقارير عن استعداداتهم للاحتفالات، وإرفاقها ببيانات التجهيزات والمواد المستخدمة، مع تهديد من يتخلف عن مواكبة الاحتفالات والاستعداد لها بتحمل عواقب ذلك.

جبايات من الطلاب

وأجبر عدد من مديري المدارس الموالين للجماعة الحوثية الطلاب على التبرع للاحتفالات بـ«المولد النبوي»، إما نقداً وإما عيناً.

وحسب المصادر، فإن هؤلاء المديرين سعوا إلى إثبات ولائهم وتفانيهم للاحتفال بـ«المولد النبوي» من خلال إلزام الطلبة بتقديم التبرعات من مصاريفهم اليومية، وبسبب أن غالبية الطلبة لا يحصلون على مصاريف للمدرسة من عائلاتهم بسبب تردي الأوضاع المعيشية، يطلب المديرون منهم التبرع العيني، كجلب مواد غذائية أو أقمشة ومستلزمات خضراء من منازلهم.

الحوثيون ضاعفوا الجبايات للمشاركة في الاحتفالات (إعلام حوثي)

وفي إحدى المدارس في حي سعوان شرق العاصمة المختطفة صنعاء، أُجبر الطلاب على إنفاق مبالغ مالية لشراء وزراعة شتلات أشجار، للمساهمة في تزيين المدرسة والتحضير للاحتفال بـ«المولد النبوي».

وفي كثير من أحياء صنعاء والمدن الأخرى والأرياف، تُجبر العائلات على دفع مبالغ تتراوح بين 10 و20 دولاراً (بين 5 آلاف و10 آلاف ريال يمني)، حسب عدد أفرادها، لدعم الاحتفال بذكرى المولد النبوي.

وبطريقة التعامل مع طلاب المدارس نفسها، يطلب المشرفون الحوثيون المسؤولون عن الجبايات، من كل عائلة تبدي عجزها عن دفع المبلغ المفروض عليها بسبب ظروفها المعيشية، التبرع العيني من غذاء أو أي مستلزمات منزلية.

ويشير علوان الجماعي -وهو من سكان إب النازحين في محافظة مأرب- إلى أن عائلة والده أُجبرت على التبرع بشاشة التلفزيون ليتم استخدامها في إحدى القاعات التي خصصتها الجماعة للاحتفالات بـ«المولد النبوي» في الحي الذي تسكن فيه.

ويضيف الجماعي لـ«الشرق الأوسط» أن والده شعر بالندم بعد أن أجبره القيادي الحوثي على التبرع بالشاشة، بسبب رده عليه بأنه لا يمتلك المال للتبرع، ورغم أنه تلقى وعداً بإعادتها إليه حال الانتهاء من الاحتفال؛ فإنه لا يثق بحدوث ذلك، ويتوقع أنه خسرها تماماً.