فرنسا وألمانيا توقعان معاهدة «تعاون واندماج»

تريدان إنشاء جيش أوروبي... ولا إشارة إلى تقاسم مقعد باريس في مجلس الأمن

ماكرون وميركل ورئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك بعد توقيع المعاهدة في ألمانيا أمس (أ.ب)
ماكرون وميركل ورئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك بعد توقيع المعاهدة في ألمانيا أمس (أ.ب)
TT

فرنسا وألمانيا توقعان معاهدة «تعاون واندماج»

ماكرون وميركل ورئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك بعد توقيع المعاهدة في ألمانيا أمس (أ.ب)
ماكرون وميركل ورئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك بعد توقيع المعاهدة في ألمانيا أمس (أ.ب)

استبق قصر الإليزيه التوقيع على معاهدة جديدة فرنسية - ألمانية حول «التعاون والاندماج» بين باريس وبرلين التي تكمل معاهدة الإليزيه المبرمة بين البلدين في عام 1963، ببيان يدحض الانتقادات، وخصوصاً محاولات التضليل التي راجت في الأسابيع الأخيرة حول مضمون المعاهدة، وحول ما يقال إنه يمسّ بسيادة فرنسا وهويتها.
ورد البيان بداية على دعوى أن الرئيس ماكرون قد تخلى عن منطقتي الألزاس واللورين الفرنسيتين لألمانيا التي ستتولى بموجب المعاهدة إدارتهما أو أن سكانهما سيجبرون على تعلم اللغة الألمانية. كذلك، دحض البيان المقولة التي تم تناقلها والقائلة: إن فرنسا سوف تتقاسم المقعد الدائم الذي تشغله في مجلس الأمن الدولي مع ألمانيا. وأخيراً، أكد البيان الرئاسي، أن المعاهدة الجديدة لن تحل محل معاهدة الإليزيه، بل إنها «ستكملها أخذاً بعين الاعتبار تحديات القرن الحادي والعشرين».
ورغم توضيحات الرئاسة للمعاهدة التي تتشكل من 7 فصول و28 مادة، ونشرها بالكامل على الموقع الإلكتروني للإليزيه، فإن حملة التشكيك الآتية من طرفي الخريطة السياسية، أي اليسار المتشدد واليمين المتطرف، لم تتوقف. وآخر ما جاءت به هو مطالبة مارين لوبن، رئيسة حزب «التجمع الوطني» «الجبهة الوطنية سابقاً» ومنافسة ماكرون في الانتخابات الرئاسية الماضية، بعرض المعاهدة على المجلس الدستوري للنظر في مدى ملاءمتها للنصوص الدستورية. والحال، أن الطرفين، الفرنسي والألماني، كما تشير أوساط الرئاسة الفرنسية، اتخذا الاحتياطات كافة، وما كانا يعمدان إلى توقيع معاهدة قد تتضمن مخالفات دستورية في هذا الجانب من الحدود أو ذاك.
ولم تفاجأ هذه الأوساط بإثارة موضوع منطقتي الألزاس واللورين اللتين كانتا خلال قرون موضوع تنازع بين فرنسا وألمانيا، وقد استعادتهما فرنسا عقب الحرب العالمية الأولى بعد أن انتزعهما الزعيم الألماني وصانع الوحدة الألمانية عام 1870 بفضل انتصارات قواته على جيش الإمبراطور نابوليون الثالث. وكانت معاهدة الإليزيه التي جاءت بعد 18 عاماً على انتهاء الحرب العالمية الثانية وما عرفته من احتلال وتدمير ومجازر، قد صيغت لترسي السلام بين البلدين وتدفعهما للتعاون. ومنذ تلك الفترة ومع بداية مسيرة الاتحاد الأوروبي الذي تبدلت أسماؤه مع مرور الوقت، شكل الثنائي الفرنسي - الألماني اللبنة الأساسية للبناء الأوروبي.
وأهم ما جاء في المعاهدة يتناول المجال الدفاعي والسياسة الخارجية والأمن الداخلي والخارجي والتضامن والتكافل بين البلدين. ويلتزم الطرفان بالتشاور لتحديد مواقف مشتركة «حول كل القرارات المهمة التي تمسّ مصالحهما المشتركة والعمل معاً، حيث كان ذلك ممكناً». من هذه الزاوية، فإن الفصل الثاني من المعاهدة المسمى «السلام والأمن والتنمية» الذي يتضمن ست مواد رئيسية، يرسم صورة التعاون المستقبلي بين البلدين.
وينص البند الخاص بالتعاون الدفاعي على أن البلدين «يمدان يد المساعدة أحدهما للآخر بكل الوسائل التي يمتلكانها، بما في ذلك القوة المسلحة في حال الاعتداء على أراضيهما». ويشمل ذلك أيضاً العمليات الإرهابية التي عانى منها الطرفان في السنوات القليلة الماضية.
في السياق عينه، تنص المعاهدة على إنشاء «المجلس الفرنسي - الألماني للدفاع والأمن» وعلى إمكانية نشر مشترك لقواتهما خارج حدودهما. كذلك، تدعو المعاهدة إلى تعزيز «تجانس وفاعلية أوروبا في المجال الدفاعي» وسد الفراغ في المجالات الضعيفة بما يعزز الاتحاد الأوروبي والحلف الأطلسي. ويلتزم البلدان أيضاً بتعزيز تعاون قواتهما المسلحة وبلورة برامج دفاعية مشتركة وتوسيع التعاون بضم شركاء آخرين وتعزيز التعاون الصناعي الدفاعي والتكنولوجي وتوحيد مقاربتهما في ميدان تصدير المعدات الدفاعية الناتجة من تعاونهما.
وفيما خص الأمن، تنص المعاهدة على الارتقاء بالتعاون في ميدان الأمن الداخلي، والحرب على الإرهاب، والجريمة المنظمة، والتعاون الاستخباري والقضائي. أما في الميدان الدبلوماسي والسياسي، فإن الطرفين عازمان على تعزيز التعاون بين وزراتي الخارجية وتبادل الكادرات عالية المستوى، وتعزيز التشاور في الأمم المتحدة ومجلس الأمن والحلف الأطلسي والاتحاد الأوروبي. ولا يتضمن النص أي إشارة إلى تقاسم مقعد باريس في مجلس الأمن، بل إن ما تسعى إليه فرنسا التي تدعو منذ سنوات إلى «إصلاح» مجلس الأمن وإدخال اليابان، والهند، والبرازيل، ودولة أفريقية هو تخصيص مقعد لألمانيا في المجلس المذكور وليس اقتسام مقعدها. وجاء في ملحوظة، في هامش المعاهدة، أن قبول ألمانيا عضواً دائماً في مجلس الأمن يعد «أولوية» لدبلوماسية البلدين.
ترى المستشارة الألمانية، أن التعاون الدفاعي المشترك المعزز، كما تنص عليه المعاهدة الجديدة، يمكن اعتباره «مساهمة من أجل إنشاء الجيش الأوروبي» الذي أثير قبل أشهر عدة ونتج منه تبادل للاتهامات مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب. وجاء كلام ميركل قبل التوقيع على المعاهدة. ولم يتأخر الرئيس ماكرون من الدفع في الاتجاه عينه، خصوصاً أن باريس هي الأكثر حماسة في هذا المجال. وجاءت ردود ترمب السابقة والعنيفة تعليقاً على تصريحات لماكرون اعتبر فيها أن إحدى مهام الجيش الأوروبي هو بالطبع الدفاع عن أوروبا «بما في ذلك بوجه الولايات المتحدة». ودعا ماكرون أمس مجدداً إلى «إنشاء جيش أوروبي حقيقي لنحمي أنفسنا، ولتكن لنا سياسة خارجية حقيقية» بمعنى موحدة، وهو ما يفتقر إليه البلدان وكذلك الاتحاد الأوروبي.
لكن رغم تقارب المواقف في موضوع الجيش الأوروبي، فإنه من الصعب المقارنة دفاعياً وسياسياً، بين فرنسا القوة النووية الشرعية والمعترف بها هكذا والعضو الدائم في مجلس الأمن وبين ألمانيا التي ما زالت تستضيف قاعدة عسكرية أميركية، وتعتمد إلى حد كبير على حماية المظلة النووية الأميركية. كذلك، فإن الدستور الألماني يحد إلى درجة كبيرة انتشار قوات ألمانية خارج الحدود، كما أن لألمانيا معايير أكثر تشدداً فيما خصص الصادرات الدفاعية. وجاء تعليق أمين عام الحلف الأطلسي يان ستولتنبرغ لافتاً؛ لجهة ترحيبه بالمعاهدة الجديدة واعتباره أن التعاون الفرنسي - الألماني كان «منذ عقود لأمن واستقرار أوروبا» في حين كانت تعليقاته الخريف الماضي، فيما خص إنشاء جيش أوروبي أكثر تحفظاً؛ إذ نبّه وقتها إلى أنه «ليس من بديل عن الحلف الأطلسي.



حالة تأهب مع وصول الإعصار «شيدو» إلى أرخبيل مايوت الفرنسي

بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
TT

حالة تأهب مع وصول الإعصار «شيدو» إلى أرخبيل مايوت الفرنسي

بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)
بلدة ساحلية في مايوت تترقب وصول الإعصار (أ.ف.ب)

ضرب الإعصار «شيدو» صباح اليوم السبت أرخبيل مايوت الفرنسي في المحيط الهندي حيث أُعلنت حالة التأهب القصوى مع توقع اشتداد الرياح المصاحبة له والتي تجاوزت سرعتها 180 كيلومترا في الساعة.

وضرب الإعصار جزيرة بوتيت تير في شرق الأرخبيل حيث يخشى أن تصل سرعة الرياح «إلى 200 و230 كلم/ساعة»، بحسب آخر نشرة للأرصاد الجوية الفرنسية، متوقعة رياحا مدمرة أشد من تلك التي صاحبت الإعصار «كاميسي» عام 1984.

وتسببت الرياح بانقطاع الكهرباء مع سقوط أعمدة كهرباء واقتلاع أشجار وتطاير أسقف منازل مصنوعة من الصفيح.

غيوم في سماء مايوت (أ.ف.ب)

وفي مدينة أوانغاني، قال رئيس البلدية يوسف أمبدي إنه يخشى «الأسوأ... لا يمكننا الخروج ولكن ما نشاهده يفوق الوصف».

ومنذ الصباح الباكر، أصدرت السلطات تحذيرا أرجوانيا وهو ما يعني لزوم جميع السكان منازلهم وعدم الخروج بما يشمل أجهزة الطوارئ والأمن وجميع عناصر الإنقاذ.

وقالت فاطمة التي تعيش في ماجيكافو-كوروبا وما زالت تذكر الإعصار الذي ضرب جزر القمر المجاورة عندما كانت طفلة «نحن خائفون جدا».

وتوقعت هيئة الأرصاد الجوية الفرنسية أمطارا شديدة الغزارة مع خطر تشكل السيول والفيضانات وارتفاع أمواج البحر التي يمكن أن يكون لها آثار كبيرة على الساحل.

وحُظرت حركة المرور على الطرق العامة في جزيرتي غراند تير وبوتيت تير، وأغلق مطار دزاوودزي منذ مساء الجمعة.

ويتوقع خبراء الأرصاد الجوية الفرنسية تحسنا في الأحوال الجوية خلال اليوم، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.