إعلام المستقبل أسقط حواجز الأجيال

إعلام المستقبل أسقط حواجز الأجيال
TT

إعلام المستقبل أسقط حواجز الأجيال

إعلام المستقبل أسقط حواجز الأجيال

تطوي «الشرق الأوسط» بنهاية 2013 ومطلع 2014 عاماً مهماً في مسيرتها الصحافية شوطاً مهماً في تعايشها مع تقنيات «الإعلام الجديد» مع احتفالها بالذكرى السنوية الخامسة والثلاثين لتأسيسها.
كذلك كان لافتا تسارع خطى هذا التعايش مع تولي قيادة الصحيفة رئيس تحرير شاب ثلاثيني من الجيل الذي نشأ مع هذا «الإعلام الجديد»، وتفاعل معه بسهولة ويسر، ومن ثم واستوعب إمكانياته، وإن كان هذا بالنسبة لنا كهيئة تحرير سيفا ذا حدين. إذ واجهنا، وبالأخص أبناء جيلي، بعض المصاعب في التأقلم مع الإيقاع السريع للعمل قبل أن نعتاد عليه والاستسلام لقدرنا. ومن ذلك أنني ما عدت أسأل الدكتور عادل الطريفي عن موعد تسليم مادة ما بعد اختيار الموضوع لأنني حفظت عن ظهر قلب رده المألوف: «أمس..!!».
هذا بما له من صلة مع تطوّر المهنة وتأقلم الأجيال، يذكّرني بواقعة حصلت لي عندما طلبت من أحد كبار كتاب «الشرق الأوسط» - وهو كاتب عربي مرموق ذو أسلوب رشيق متميز - إرسال مقالاته مطبوعة عن طريق الكومبيوتر.
لقد توقعت من الزميل والصديق الكبير ردة فعل مستنكرة من موقع دفاعي بحت. ذلك أنني وإياه من جيل صحافيي «الورقة والقلم»، الذي كان يستسيغ الكتابة بمزاج مع رشفة من فنجان قهوة و«نًفَس» سيجارة. وبالتالي، فالطلب منه الجلوس أمام كومبيوتر ونقر أزراره.. فيه الكثير من التجنّي على رومانسية المهنة. إنه أشبه ما يكون بالطلب من فارس مغوار اعتاد امتطاء صهوة فرسه الأصيلة و«الانتخاء» بسيفه متفاخرا أمام الجموع، أن يحشر نفسه داخل غواصة ذرية خلف أجهزة ذكية في أعماق المحيطات..
هذا هو الفارق بين تلك الرومانسية المودِّعة.. ونجاعة الحاضر وتفاعله مع طاقات المستقبل.
وبالفعل، لم يكذّب الزميل ظني، إذ ما إن بادرته بالكلام حتى انتفض صائحا «إذا كنتم قرّرتم الاستغناء عني، فقولوها بصراحة من دون لف ودوران.. أنا لا أملك كومبيوتر، ولست في وارد التعلم على الكتابة عليه!». وفوراً طمأنته إلى اعتزازنا المطلق به لكن ظروف الإنتاج قضت باعتماد الكومبيوتر في التحرير، وهذا يعني أنه سيتعذّر طباعة المقالات عند تلقيها بالفاكس». عندها فقط هدأت ثائرته، فناقشنا أفضل السبل لطبع المواد وإرسالها بالبريد الإلكتروني، وهكذا كان. وهو اليوم من أكثر كتاب الصحيفة التزاما.. حيثما كان في العالم.
قصة الزميل والصديق الكبير تنطبق عليَّ وعلى كثيرين ممن تهيّبوا الانخراط بسرعة في عصر الإعلام الإلكتروني التفاعلي، بما فيه المدوّنات ووسائل التواصل الاجتماعي وتقنيات النقل والتوثيق.
هذا عصر جديد رسالته لنا بسيطة، سبق لي أن سمعتها من جاك نصر، الرئيس السابق لشركة فورد، خلال لقاء معه، إذ قال «برمشة عين قد يسبقك منافسوك». وحقاً اختلاف الأجيال والعادات ما عاد عذراً للتخلف عن الرّكْب.

* مستشار هيئة التحرير



دعوة مستثمر مصري للعمل 12 ساعة يومياً تثير جدلاً

رجل الأعمال في أثناء حديثه بالبودكاست (يوتيوب)
رجل الأعمال في أثناء حديثه بالبودكاست (يوتيوب)
TT

دعوة مستثمر مصري للعمل 12 ساعة يومياً تثير جدلاً

رجل الأعمال في أثناء حديثه بالبودكاست (يوتيوب)
رجل الأعمال في أثناء حديثه بالبودكاست (يوتيوب)

في حين أوصت دراسة من جامعة كامبريدج بتقليص ساعات العمل وتطبيق «أربعة أيام عمل في الأسبوع» لتعزيز الإنتاجية والحفاظ على الصحة النفسية للموظفين والعاملين، صرّح محمد فاروق، المستثمر ورجل الأعمال المصري المعروف بـ«الشارك حمادة»، بضرورة زيادة ساعات العمل لتحقيق النجاح الاقتصادي وزيادة الإنتاجية.

وأثارت التصريحات جدلاً عبر «السوشيال ميديا» بمصر، فبينما عدّ البعض تلك التصريحات تضر بحقوق العمال، عدّها آخرون تستهدف الحماس والتفوق في العمل.

وقال رجل الأعمال المصري محمد فاروق، إنه من الضروري العمل 12 ساعة يومياً لمدة 6 أيام في الأسبوع، وأضاف في برنامج بودكاست بعنوان «حكاية مدير» أن الدول الناجحة والمتقدمة تطبق هذا الأمر، ضارباً المثل بالصين وأن الناس هناك تعمل من 9 صباحاً إلى 9 مساء لستة أيام في الأسبوع.

وانتقد فاروق ما يروجه البعض حول التوازن بين العمل والحياة الشخصية، عادّاً هذا الحديث الذي ظهر خلال «جائحة كورونا» نوعاً من «الدلع»، مؤكداً «عدم نجاح الدول التي اتبعت هذا الأسلوب»، وفق تقديره.

وعدّ عضو مجلس النواب المصري عن حزب التجمع، عاطف مغاوري، أن «هذا الكلام يذكرنا بعقلية بدايات النظام الرأسمالي الذي كان يستنزف العمال في أوقات عمل طويلة، إلى أن تمكنت حركات النضال العمالية من تنظيم عقد عمل وحقوق عمال ومواعيد للعمل، وهذا متعارف عليه عالمياً».

ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «التشريعات العمالية حين منحت العمال إجازات أو حددت لهم ساعات عمل كان هذا لمصلحة العمل وليس لصالح العامل، لأنك لو استنزفت العامل فلن تكون لديه قدرة على الاستمرار، كما أن منحه إجازات يجعله يجدد طاقته ونشاطه».

وأشار إلى أن «الاجتهاد يجب أن يكون في إطار الدستور والقوانين الموجودة لدينا، لكن المنطق الذي يطرح حالياً ربما يكون الهدف منه نبيلاً، وهو تحويل المجتمع إلى مجتمع منتج، ولكن ليس باستنزاف العامل».

وزارة القوى العاملة في مصر (فيسبوك)

ولفت إلى وجود «تشريعات حديثة تدعو لاحتساب الوقت المستغرق للوصول إلى العمل والعودة منه ضمن ساعات العمل».

وينظم ساعات العمل في القطاع الحكومي (العام) في مصر والقطاع الخاص، قانون العمل رقم 12 لسنة 2003 وما طرأ عليه من تعديلات، بالإضافة إلى اللوائح والقرارات التنفيذية الداخلية بكل مؤسسة أو شركة، وتقر المادة 85 من قانون العمل المصري بأنه «في جميع الأحوال لا يجوز أن تزيد ساعات العمل الفعلية على عشر ساعات في اليوم الواحد».

وعدّ الخبير في «السوشيال ميديا» محمد فتحي أن «البودكاست أصبح يتم استغلاله في الدعاية بشكل لافت»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «بعض رواد الأعمال يستغلون هذه المنصة لبناء صورتهم الشخصية وعلاماتهم التجارية».

وأشار الخبير «السوشيالي» إلى سعي العديد من رجال الأعمال إلى بناء صورة إيجابية لأنفسهم وعلاماتهم التجارية من خلال المشاركة في البودكاست، حيث يمكنهم الوصول إلى جمهور واسع والتأثير في آرائه، للبحث عن الشهرة»، وفق تعبيره.

لكنه عدّ نقل الخبرات والمعرفة من الجوانب الإيجابية لظهور رجال الأعمال في البودكاست، بما يساهم في تطوير المهارات الريادية لدى الشباب، وكذلك إلهام الآخرين وتحفيزهم على تحقيق أهدافهم.

ووفق فتحي فإن «الأمر لا يخلو من جوانب سلبية لظهور رجال الأعمال في البودكاست من أهمها التسويق الخفي، بالإضافة إلى التركيز على النجاح الفردي بشكل مبالغ فيه، مما قد يخلق انطباعاً خاطئاً لدى المستمعين حول سهولة تحقيق النجاح».

وتوالت التعليقات على «السوشيال ميديا» حول تصريحات فاروق، بين من يعدّونه نموذجاً ويطالبون بتركه يتحدث، وآخرين عَدُّوه يتحدث بمنطق رجال الأعمال الذين لا يراعون العمال. وعلقت متابعة على الحلقة في «يوتيوب»، وكتبت: «المفروض يتعمل نادي لرجال الأعمال علشان يتجمعوا ويطوروا ويفيدوا بعض... وعجبتني جداً رؤية محمد فاروق للتكنولوجيا وحماسه تجاهها».

في حين كتب متابع آخر: «من السهل أن يعمل 12 ساعة وأكثر لأنها أعمال مكتبية، لا يمكن مقارنتها بعامل يقف على قدميه طوال اليوم لمدة 12 ساعة».

ويرى استشاري الأعمال الدولي، محمد برطش، أن «ساعات العمل لها قانون يحددها في أي مجتمع، لكن هناك ظروف استثنائية يمكن أن يعمل فيها الشخص 12 و20 ساعة لو هناك ما يتطلب ذلك».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «أرفض المقارنة بين مصر ودول أخرى، خصوصاً أوروبا وأميركا وأستراليا، فهذه دول تحملت الكثير لكي تصل إلى ما هي عليه الآن، وظروفها لا تشبه ظروفنا».

وتابع: «فكرة 12 ساعة عموماً يمكن الموافقة عليها أو رفضها بعد الإجابة عن عدة أسئلة، مثل: في أية ظروف وبأي مقابل، في القطاع العام أو الخاص؟ فمثلاً لو قلنا إن مصر لديها مشروع قومي لتصبح دولة صناعية حقيقية وسنطبق 12 ساعة عمل لتنفيذ مشروع قومي في مجال إنتاج بعينه حتى يتحقق الهدف من المشروع فهذا مقبول، لكن في الظروف العادية فهذا يتنافى مع قانون العمل».

وتبلغ ساعات العمل الأسبوعية في القطاعات المختلفة بمصر نحو 55 ساعة عمل أسبوعياً، وفق إحصائية للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء صادرة عام 2022.