«الإسكان المشترك» أحدث الاتجاهات الناشئة في سوق العقارات الهندية

توقعات ببلوغه نحو 10 مليارات دولار خلال الفترة المقبلة

من المتوقع لسوق الإسكان المشترك في الهند النمو بمعدل سنوي مركب يبلغ 100 % حتى عام 2022 وصولاً إلى قيمة سوقية تبلغ 2.2 مليار دولار (الشرق الأوسط)
من المتوقع لسوق الإسكان المشترك في الهند النمو بمعدل سنوي مركب يبلغ 100 % حتى عام 2022 وصولاً إلى قيمة سوقية تبلغ 2.2 مليار دولار (الشرق الأوسط)
TT

«الإسكان المشترك» أحدث الاتجاهات الناشئة في سوق العقارات الهندية

من المتوقع لسوق الإسكان المشترك في الهند النمو بمعدل سنوي مركب يبلغ 100 % حتى عام 2022 وصولاً إلى قيمة سوقية تبلغ 2.2 مليار دولار (الشرق الأوسط)
من المتوقع لسوق الإسكان المشترك في الهند النمو بمعدل سنوي مركب يبلغ 100 % حتى عام 2022 وصولاً إلى قيمة سوقية تبلغ 2.2 مليار دولار (الشرق الأوسط)

أصبح الإسكان المشترك من الاتجاهات الناشئة في سوق العقارات الهندية، وصار يجذب بعض الاستثمارات ذات الأهمية في الآونة الأخيرة. ووفقاً لدراسة أعدتها مؤسسة «ريدسير» الاستشارية، فإنه من المتوقع لسوق الإسكان المشترك في الهند النمو بمعدل سنوي مركب يبلغ 100 في المائة خلال السنوات الأربع المقبلة حتى عام 2022 وصولاً إلى قيمة سوقية تبلغ 2.2 مليار دولار. ورغم ذلك، فإن شركة «كوهو» للإسكان المشترك الناشئة في نيودلهي تتوقع لهذه السوق النمو حتى تغطي 10 مليارات دولار.

ما هو الإسكان المشترك؟
تتعد أنماط الإسكان المشترك على النحو المعروف في المجتمع الهندي. ولكن في الآونة الأخيرة، صار معروفاً بأنه شكل من أشكال الإسكان المؤثث تحت إدارة الشركات العقارية التي توفر خدمات المساحات المعيشية المشتركة، وفق مجموعة معينة من المرافق ووسائل الإعاشة الأساسية. ويمكن للمساحات المعيشية أن تنضوي ضمن مجموعة من المباني السكنية، مثل الفيلات أو الشقق، ولكنها ترتكز جميعها على مساحات الإعاشة المشتركة مثل المطبخ، والصالة، ومساحة العمل، مع غرف النوم الخاصة أو المشتركة كذلك، ودورات المياه الداخلية.
وفي المعتاد، يغطي الإيجار الشهري خدمات تدبير شؤون المنزل، واستخدام الأجهزة الكهربائية، والاتصال بالإنترنت فائق السرعة، واللقاءات الأهلية، وخدمات الأمن، واشتراكات المرافق، ووجبة غذائية واحدة في اليوم على الأقل.
كما توفر بعض مساحات الإسكان المشترك أيضاً المناطق المزودة بالأجهزة الرياضية، وطاولات البلياردو، والمكتبات، واستخدام صالات الألعاب الرياضية، والمسابح. وفي العادة ما تكون القيمة الإيجارية التي يسددها العميل هي القيمة الأعلى مقارنة بخدمات الإسكان أو الإعاشة غير الخاضعة لتنظيم الشركات المختصة.
يقول مدثر زيدي، المدير التنفيذي لإقليم الشمال بشركة «نايت فرانك»، «إن القطاع المنظم يوفر المرافق المتعددة مثل خدمات الغسيل، والتنظيف، والصيانة، فإن الإعاشة والإقامة تبلغ قيمتها نحو 20 في المائة من قيمة الإيجار».
وفي الهند، استحدث مفهوم الإسكان المشترك اعتباراً من عام 2015. ووفقاً لدراسة أجرتها بوابة «ماجيك بريكس» العقارية، فإن قطاع الإسكان المشترك قد حقق نمواً كبيراً خلال السنوات الثلاث إلى الأربع الماضية. ومن بين أبرز اللاعبين العقاريين العاملين في هذا القطاع الناشئ في البلاد هناك شركات: «نيست أواي، وأويو ليفينغ، وزيفي هومز، وستاي أدوب، وسيمبلي غيست، وبلاشيو، ويور أون رووم، ورينت ماي ستاي، وكوهو، وكوليف، وستانزا ليفينغ، وكويكر، وزولو».
وقال إنوج بوري الرئيس التنفيذي لشركة «أناروك» للاستشارات العقارية، «يتجاوز مفهوم الإسكان المشترك الاتفاق المجرد على مشاركة المبيت والإفطار. فإن هذه المساحات الممنوحة توفر قدراً من الراحة وأسلوباً جديداً للغاية من الحياة للعاملين المحترفين من الشباب».
ومع ذلك، تعتبر خيارات الإسكان المشترك متاحة في المدن الهندية الرئيسية مثل بنغالورو، ومومباي، ودلهي، وغورغاون، وشيناني، وبيون، وغيرها. كما أن الطلب على الإسكان المشترك أصبح ينتقل على نحو تدريجي إلى مدن الصف الثاني الهندية.

أسباب نجاح تجربة الإسكان المشترك؟
وفقاً لتقرير مؤسسة «برايس ووتر هاوس كوبرز»، فإنه من المتوقع لسوق الإسكان الإيجاري في الهند أن تبلغ 20 مليار دولار، إذ تبلغ القيمة الإجمالية للمساحات الحضرية القابلة للإيجار المشترك نحو 13.5 مليار دولار. كما أن الهند تعتبر موطناً لأكبر عدد من الشباب في العالم، وواحد من كل ثلاثة منهم هو من المهاجرين.
ويمكن للمستأجرين سداد القيم الإيجارية عبر الإنترنت، وطلب الحصول على خدمات الصيانة والإصلاح من خلال تطبيقات الشركات العقارية الناشئة العاملة في هذا المجال. ولمواكبة المرونة الفائقة التي يتسم بها أسلوب الحياة في الألفية الحالية، سمحت الشركات العقارية الناشئة للمستأجرين بتحديد قوائم الوجبات الغذائية الأسبوعية كذلك.
انتقل راجا شيماسوخا إلى مدينة غورغاون الهندية مؤخراً، وعندما قاده بحثه على الإنترنت إلى موقع شركة «زولوستاي» العقارية التي توفر مساحات الإسكان الإيجاري المشترك للشباب انتابه ذهول ومفاجأة سارة للغاية.
وقال راجا عن تجربته تلك: «عندما دخلت المنزل للمرة الأولى ظننت أنه فندق. وكان المكان يوحي بجولة ثلاثية الأبعاد عبر الإنترنت مع إدخال بيانات بيومترية عن المدخل. ولم تكن غرفته مؤثثة بالكامل ومتصلة بشبكة الإنترنت فحسب، وإنما شمل الاتفاق أيضاً الاتصال المجاني بالإنترنت، وخدمات الإرسال المباشر، وتدبير شؤون المنزل، مع التغيير الأسبوعي لأغطية الأسرة، وفريق الإصلاح والصيانة الذي يمكن استدعاؤه عبر التطبيق الإلكتروني. كما تتاح هناك ماكينة القهوة والشاي المجانية في غرفة المؤن».
وأحرزت شركة «زولوستاي» للإسكان المشترك نمواً مطرداً بنسبة 800 في المائة؛ من 2000 سرير إلى 16 ألف سرير، ضمن 157 عقاراً خاضعاً لإدارة الشركة خلال العامين الماضيين، وتستهدف الشركة الوصول إلى 50 ألف سرير بحلول منتصف العام الحالي.
يقول نيخيل سيكري المؤسس المشارك والمدير التنفيذي لشركة «زولوستاي» الهندية، «لم يعد شراء المنازل هو الهدف الأساسي لشباب الألفية الحالية كما كانت الحال قديماً»، وهو يقدر لسوق الإسكان المشترك الهندي أن تصل إلى 40 أو 50 مليار دولار خلال السنوات المقبلة.
وفي واقع الأمر، وخلال الاثني عشر شهراً الماضية، تضاعفت عائدات شركة «كويكر» العقارية الهندية ثلاث مرات، وفقاً لتصريحات كوو أتول تيواري مدير الشركة، الذي أضاف: «في السنة المالية 2017 - 2018، كان إجمالي أعمال الشركة يحقق إيرادات بمعدل تشغيل سنوي يبلغ 50 مليون دولار، حيث بلغت نسبة الإشغالات العقارية نحو 35 في المائة. ومنح شباب الألفية الجديدة لفكرة الإسكان المشترك زخماً كبيراً، ونتيجة لذلك تمكنت شركة (كويكر هومز) من خلال الاستحواذ على شركة (غرابهاوس) من تطوير المنصة العقارية من 800 مستأجر إلى أكثر من 800 ألف مستأجر في غضون عامين فقط. وبصرف النظر عن الأفراد، فإننا نشهد أيضا تزايداً في الطلب من المؤسسات التعليمية والشركات لتوفير خدمات الإعاشة لموظفيهم في مدن دلهي، وبنغالورو، وبيون، وحيدر آباد».
ويعد نموذج الأعمال لشركات الإسكان المشترك الناشئة بسيطاً للغاية. إذ يمكن للشركة العقارية المعنية الاستحواذ على عقار بطريق الإيجار الفرعي (من الباطن)، وإدارته لتوفير خدمات الإعاشة للطلاب على سبيل المثال. ويمكن للشركة أيضاً بناء العقار وتشغيله بالكامل، أو يمكنها الاستحواذ عليه بأسلوب الإيجار طويل الأجل ومشاركة القيم الإيجارية المتحصل عليها مع المالك الأصلي للعقار. وفي غالب الأحيان، تستحوذ الشركة على المبنى المقصود بأكمله، ثم تعيد تأهيل وتأثيث المساحات الداخلية بالكامل بهدف إنشاء المساحات الخاصة والعامة لخدمة المستأجرين.
يقول أماريندرا ساهو، المؤسس المشارك والمدير التنفيذي لشركة «نيست أواي تكنولوجيز» لتأجير المنازل، «تهدف مساحات الإعاشة المشتركة إلى طرح الحلول لمشكلة تدفق الناس إلى المدن من أجل العمل، وتغطي الشركة سلسلة كاملة من احتياجات الإسكان من خلال تقديم منتجات ذات قيم إيجارية مختلفة بناء على مقدرة تحمل التكاليف والوضع الراهن لكل عميل. وتوجد عقارات الشركة في أماكن ملائمة أقرب ما تكون إلى أماكن العمل أو الدراسة للمستأجرين».
وفي الآونة الراهنة، هناك حافظة إيجار عقارية لدى شركة «نيست أواي تكنولوجيز» تقدر بنحو 16.8 مليون قدم مربع في مدن: بنغالورو، ودلهي، وغورغاون، وبيون، وحيدر آباد، وغازي آباد، ومومباي. وتحصل الشركة أكثر من 4 ملايين دولار من الإيجارات الشهرية.
وأشارت دراسة شركة «نايت فرانك» العقارية الهندية بشأن الإسكان المشترك إلى أن 72 في المائة من جيل الألفية (بين 18 على 23 عاماً) قد منحوا الإسكان المشترك أفضل التقييمات، وأعربت نسبة 55 في المائة ممن شملتهم الدراسة أنهم على استعداد للاستفادة من هذه الخدمات مراراً وتكراراً. وأجريت الدراسة المذكورة في المدن الهندية الكبرى مثل مومباي، وبنغالورو، وبيون، وحيدر آباد، وحصلت الدراسة على استجابات موسعة من شريحة كبيرة من الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و40 عاماً.
وراجع ديراج موهان، البالغ من العمر 23 عاماً، مختلف الخيارات المتاحة في مدينة غورغاون قبل أن يختار الاستفادة من خدمات شركة «كوهو»، وقال عن تجربته تلك: «لا داعي للقلق بشأن الطعام، فإن جميع الأجهزة الكهربائية تعمل بشكل جيد. وهناك ديكورات داخلية جميلة، ومرونة فائقة في التعامل. وعندما كان رفيق غرفتي السابق غير مرتاح بشأن مكيف الهواء ليلاً، تم ترتيب تغيير الغرفة له فوراً، ومن دون أي متاعب تذكر».
تتنوع الثقافات كثيراً داخل مساحات المعيشة المشتركة. ويقول أثيكونتي وبوكارنا، مؤسسي شركة «سيمبلي غيست» للخدمات العقارية، «لدينا مجموعة واسعة ومتنوعة من المستأجرين: من العزاب، والأمهات، ومتوسطي العمر، والأزواج. ويمكن للمقيمين لدينا الاعتماد على شبكة الطهاة في الشركة، ولقد ارتبطنا خدمياً مع شبكة توصيل الوجبات للمنازل، ويمكن لهم طلب أي وجبة في أي وقت والاستفادة من نظام تقاسم النفقات المدمج ومشاركة النفقات مع شركاء آخرين مقيمين في العقار نفسه».

الأثر العقاري والاستثمارات الضخمة
في حين أن الكثير من شركات الإسكان المشترك الناشئة تتفاوض مباشرة مع أصحاب المنازل من أجل إدارة ممتلكاتهم العقارية، هناك أيضاً بعض الشركات لديها ارتباطات أخرى مع شركات التطوير العقاري الكبيرة. يقول نيخيل سيكري المدير التنفيذي لشركة «زولوستاي» الهندية: «على الصعيد العالمي، توفر العقارات الإسكانية عائدات جيدة للغاية للشركات، ويجري استغلال نحو 60 في المائة من إجمالي الأصول في ترتيب الفرص الإيجارية تحت أنظمة مالية مختلفة ومتنوعة».
وبلغ متوسط العائد النموذجي للعقارات السكنية 1.5 إلى 3 نقاط مئوية، وتوفر مساحات الإسكان المشترك أعلى العائدات في هذا المجال وصولاً إلى نسبة 8 إلى 12 في المائة لصالح ملاك الأصول العقارية المستأجرة. وتمهد حقيقة كهذه الطريق لفئة الأصول الجديدة في الاستثمارات العقارية. ومن المثير للاهتمام، أنه يمكن لمساحات الإسكان المشترك أن تعمل على تخفيض متوسط تكلفة المعيشة السنوية للمستهلكين بنسبة تتراوح بين 10 و15 في المائة في ظل الاستفادة المثلى من العقارات ووفورات الحجم الاقتصادي. وجذبت العائدات المزيد من الاهتمام لدى المطورين العقاريين وكبار المستثمرين. وبعد انهيار صناعة الفنادق ذات الميزانية المحدودة، ترغب ثاني أكبر شركة ناشئة في الهند في الاستفادة القصوى من قطاع الإسكان المشترك.
وقالت شركة «أويو» للضيافة، التي حصلت على مليار دولار من «سوفت بنك» الياباني وغيره من المستثمرين الشهر الماضي إثر تقييمها الذي بلغ 5 مليارات دولار، إنها تعتزم تقديم مساحات إسكانية بنظام الإدارة الكاملة. وسوف تطلق الشركة على النظام الجديد اسم «أويو إيفينغ»، وسوف يستهدف بالأساس فئة الموظفين المحترفين والطلاب. وأعلنت شركة «زولو» لحلول الإسكان المشترك أنها أصبحت أكبر العلامات التجارية الهندية في ذلك القطاع في البلاد، مع 10 آلاف سرير «لايف» و50 ألف سرير «عادي» تحت الطلب لخدمات العام المقبل. وحققت شركة «زولو»، التي تقدم مساحات الإسكان المشترك للموظفين المحترفين والطلاب، 30 مليون دولار من جولة التمويل التي أشرفت عليها شركة «نيكزس فينتشر وشركاه» وشركة «آي دي إف سي» الاستشارية.



«المنازل الذكية»... طريق الحياة الجديدة باستخدام التقنية

المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)
المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)
TT

«المنازل الذكية»... طريق الحياة الجديدة باستخدام التقنية

المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)
المنازل الذكية تستعد للانضمام إلى القطاعات التي يمكن التحكم بها عن طريق الأجهزة الذكية (الشرق الأوسط)

تبرز المنازل الذكية خياراً جديداً في أسلوب الحياة مع التسارع الذي تشهده التقنيات المنزلية؛ مما يعتقد أنها تجعل الحياة أسهل من خلال التحكم في مرافق المنازل عبر الهاتف المحمول، الأمر الذي يضم هذا الاستخدام ضمن استخدامات كثيرة عبر تلك الأجهزة المحمولة.
ويمكن الآن التحكم بكل شيء في المنزل وفق طرق سهلة، سواء كان ذلك تشغيل الإضاءة أو فتح الستائر، أو تشغيل الواي فاي، أو تعديل درجة الحرارة، وفتح وإغلاق قفل الباب الأمامي، وحتى إشعال وإطفاء الموقد، حيث يقضي معظم الأفراد أغلب أوقاته في المنزل أكثر من أي مكان آخر، ومع ذلك التفكير بالتكنولوجيا عندما التواجد في المنزل يكون أقل مقارنة بالخارج فيما عدا تقنية الواي فاي.
غدت الصورة عن المنزل التي تتمثل بأنه مكان خالٍ من التكنولوجيا على وشك التغيير، فحان وقت النظر إلى الأجهزة الكثيرة المتناثرة في أنحاء المنزل، سواء كان التلفزيون في غرفة المعيشة، أو الثلاجة في المطبخ، أو المكيّف في غرف النوم، أو حتى جهاز تسخين المياه في الحمامات. وأصبح الأفراد محاطين بالإلكترونيات التي يتم وصفها بالأجهزة الذكية بشكل متزايد كل يوم، فهي تملك أجهزة استشعار تمكّنها من تسجيل البيانات ومشاركتها عبر الإنترنت. ويوجد اليوم نحو 31 مليار جهاز متصل بالإنترنت، ومن المفترض أن يرتفع هذا العدد إلى 75.4 مليار بحلول عام 2025، وفقاً لتقديرات وكالة الأبحاث «ستسيتا».
ولا شك بأن السؤال الذي يسيطر في الوقت الحالي هو، متى ستصبح المنازل أكثر ذكاءً عبر وصل جميع هذه الأجهزة بمركز واحد، ليتم التمكن من القياس والتحكم بكل شيء داخل المنازل. وتتجاوز رؤية المنزل الذكي مفهوم الراحة، حيث ستكون التقنيات الجديدة ذات تأثير عميق وإيجابي على الصحة من خلال مراقبة النظام الغذائي وظروف البيئة المحيطة في الأشخاص ورفاهيتهم بشكل عام. وسيتمكن الأطباء بفضل التكنولوجيا من معرفة حالة الأشخاص بالوقت الفعلي كما سيكون تاريخهم الطبي في متناول اليد قبل حتى إخبار الأطباء به. وعلاوة على ذلك، ستمكن المنازل الذكية العاملين في الرعاية الصحية من علاج الأمراض بشكل استباقي.
وسيمتد تأثير التكنولوجيا أيضاً إلى طريقة التعليم والتعلُّم عند وصل أجهزة التعلم الخاصة بالأطفال بأجهزة معلميهم، لتعزيز التفاعل والتعليم المخصص، وسيزداد التركيز على التدريس عبر الوسائط المتعددة، حيث سنتمكن من تحقيق فكرة غرف الدراسة الافتراضية على أرض الواقع، وسيتمكن البالغون أيضاً من إكمال دراستهم من النقطة التي توقفوا عندها، وذلك عبر الدورات التي تم تطويرها للتعلّم المنزلي والتي يمكن بثها على شاشات الأجهزة.
وتعد البيئة المحرك الأهم لتقنيات المنزل الذكي، وخاصة بما يتعلق بتأثير الأشخاص عليها، حيث تستطيع الأتمتة المنزلية الذكية أن تخفّض استهلاك الطاقة والمياه في المباني إلى حد كبير. وصحيح بأن المستهلك سيستخدم المزيد من الأجهزة التي تعمل بالطاقة الكهربائية، إلا أن حلول المنزل الذكي المدعمة بالذكاء الصناعي تستطيع أن تتعرف على سلوك من يعيشون في المنزل وتشغيل الأجهزة أو إيقافها استناداً إلى الروتين اليومي للمستخدم. وسنتمكن مع هذه الحلول الذكية عبر نظرة واحدة على الهواتف المحمولة من معرفة مقدار الطاقة والمياه المستهلكة وتكلفتها. وبالنظر إلى ارتفاع تكلفتهما بشكل مستمر، سيضطر أصحاب المنازل والمرافق والحكومات إلى البحث عن طرق أفضل وأكثر فاعلية للحد من التلوث البيئي، وجعل الحياة أكثر استدامة.
وقد تبدو هذه الأفكار التقنية بعيدة التحقيق، إلا أنها حالياً في مراحل التصميم في مشاريع مثل «نيوم»، المبادرة التي تبلغ تكلفتها 500 مليار دولار، والتي تعد حجر الأساس في «رؤية السعودية 2030»، كما أنها وصفت كأضخم مشروع حضري في العالم اليوم. وستعيد هذه المبادرة تعريف طريقة العيش وستركز في جزء كبير منها على المنازل.
وقال نجيب النعيم، رئيس مجلس إدارة العمليات في «شنايدر إلكتريك» السعودية: «سيكون لمبادرة (نيوم) تأثير غير مباشر على المنطقة بشكل عام، وينبغي أن تصبح المنازل الذكية القاعدة السائدة في الشرق الأوسط بحلول عام 2030. ويبدو لنا أن المنازل الذكية ستستمر في النمو مستقبلاً؛ مما يعني أن طريقة عيشنا اليومية ستتغير بشكل كبير». وبدأت الشركة الاستثمار في أتمتة المنزل الذكي منذ عقود من الزمن، ويعتقد النعيم بأن طريقة عيشنا «ستكون مختلفة بشكل جذري في المستقبل».

التطورات في تقنيات المنزل الذكي
تتطور التكنولوجيا اليوم بوتيرة متسارعة وتقنيات المنزل الذكي ليست استثناءً، والتساؤل يتمحور في معنى هذا التطور من حيث الأداء العملي، وكيف يمكن أن تؤثر البيوت الذكية على الحياة.
الذكاء الصناعي: سيكون الذكاء الصناعي في صميم التقنيات في المنازل المستقبلية، وستتمكن المنازل الذكية من تتبع موقع الأشخاص داخل المنزل، إما عن طريق جهاز استشعار إلكتروني يتم تركيبه على الملابس أو أجهزة استشعار إلكترونية داخل المنزل. وسيمتلك المنزل القدرة على تحديد هوية الأشخاص وأماكنهم، وسيستخدم هذه المعلومات لتلبية الاحتياجات وتوقعها أيضاً. وسيكون المنزل قادراً على ضبط كل شيء بدءاً من التدفئة والتبريد إلى الموسيقى والإضاءة، وكل ذلك حسب احتياجات الشخص الذي سيدخل من باب المنزل.
الإضاءة الذكية: ستُحدث الإضاءة الذكية ثورة في طريقة إضاءة المنازل، فهي تعمل على ضبط نفسها تلقائياً من خلال الكشف عن وجود الأشخاص في الغرفة، وحال خروجهم من هناك، تصبح الأنوار خافتة أو يتم إطفاؤها تماماً. كما يمكن أن تطبق الإضاءة الذكية على نشاطات الأشخاص؛ فعلى سبيل المثال، يمكن لأجهزة استشعار الضغط إطفاء الأنوار عند الاستلقاء في السرير بعد وقت معين، وستكتشف المستشعرات استيقاظ الأفراد لاستخدام الحمام وتقوم بتشغيل الإنارة. وتضبط الإضاءة درجة سطوعها تلقائياً وفقاً لفترات اليوم، وسيتذكر المنزل الذكي الروتين الخاص بالمستخدم ليتمكن من تخصيص كل جهاز في منزلك حسب الرغبة.
الأقفال الذكية: يمكن أيضاً برمجة الأقفال الذكية وفقاً لاحتياجات الأفراد، فيمكن السماح للزوار بالدخول أو منعهم بناءً على سمات تعريفية محددة. كما يمكنك السماح بالدخول لشخص ما، مثل حامل البريد عن بُعد. ويمكن إرسال رموز فتح الأقفال الافتراضية عبر تطبيق إلكتروني وفتح الباب عبر استخدام الهاتف المحمول.
مراقبة المنزل: تستطيع الأنظمة الأمنية الذكية مراقبة المنزل بشكل مستقل، والإبلاغ عن أي حوادث غير مسبوقة لمالك المنزل، وإبلاغ خدمات الطوارئ إذا لزم الأمر. وتستطيع المنازل الذكية أيضاً مراقبة كبار السن الذين يعيشون بمفردهم، فتقدم لهم يد المساعدة كتذكيرهم بتناول أدويتهم وضمان إتمامهم للمهام اليومية بنجاح وأمان. وفي حالات الطوارئ كالسقوط أو الحوادث، سيتمكن نظام المنزل الذكي من إخطار خدمات الطوارئ والسماح لهم بالدخول تلقائياً.
نظام التكييف: يعد التكييف من الضروريات الأساسية في دول الخليج، وعلى الرغم من ذلك لن يتغير قريباً، فإن الحلول المنزلية الذكية يمكن أن تقلل استهلاك الطاقة التي نستخدمها لتشغيل أنظمة التبريد لدينا في الصيف وأنظمة التدفئة في الشتاء بشكل كبير. فمن خلال التعلم الذاتي لسلوك واحتياجات الأسرة بالنسبة لتدفئة وتبريد المنزل مع مرور الوقت وإقران تلك المعلومات مع درجة الحرارة داخل المنزل وخارجه، يستطيع منظم الحرارة الذكي تقليص قيمة فواتير استهلاك الطاقة بنسبة 15 في المائة أو أكثر؛ مما سيختصر على الوالدين تأنيب الأطفال للتوقف عن العبث بمفتاح الطاقة.
طريقة دمج الأجهزة الذكية بنظام المنزل الذكي: يملك كل واحد منا الكثير من الأجهزة الذكية في المنزل والتي يمكن وصلها بشبكة الإنترنت. وما يحتاج إليه معظم الأشخاص هو وسيلة بسيطة بأسعار معقولة لإيصال جميع هذه الأجهزة بنظام واحد. ويؤمن نجيب النعيم من شركة «شنايدر إلكتريك» بأن تطبيق ويزر الذي أطلقته الشركة ومفهوم المنزل المتصل المتطور (سكوير دي) ربما يكون الحل المثالي لمن يبحثون عن تقنية المنزل الذكي الرائدة اليوم.
وقال النعيم «سيتطلب تحقيق ذلك شركة ذات خبرة بالطاقة والكهرباء والخدمات الرقمية والأجهزة والبرامج لتنشئ جهاز تحكم المنزل الذكي الذي نحتاج إليه جميعاً. ويعمل تطبيق (ويزر) من جهاز واحد نحمله بيدنا دائماً هو الهاتف المتحرك. ومن خلال وصل كل جهاز لدينا في المنزل بالإنترنت والتحكم به عبر (ويزر) سنتمكن من مراقبة كافة أجهزتنا والتحكم بها بطريقة آمنة ومن جهاز واحد».
وتهدف «شنايدر» على المدى الطويل إلى إضافة مستشعرات في جميع المعدات الكهربائية في المنزل لتتيح قياس استهلاك الطاقة والتحكم بالأجهزة، إما مباشرة أو من خلال الذكاء الصناعي، ومساعدة أصحاب المنازل والمباني على إنشاء «شبكات كهربائية صغيرة» من خلال دمج البطاريات وأجهزة الطاقة المتجددة مثل الألواح الشمسية. وبهذا قد تصبح الأسلاك الكهربائية والمقابس والقواطع الخاصة بك العمود الفقري الذكي لمنزلك المستقبلي.
«شنايدر» هي من المشاركين في مبادرة «موطن الابتكار» التابعة لشركة «سابك»، وهي مشروع يهدف إلى إنشاء منزل تجريبي متكامل بأثاثه لتوفير تجربة عيش حديثة ومريحة ومستدامة، وإلى رفد السعودية بالمشاريع المستدامة. ويعرض مشروع «موطن الابتكار» ما يمكن تحقيقه عندما تتعاون الشركات العالمية مع رواد الأبحاث مثل «سابك» لابتكار أفكار جديدة من شأنها أن تثير اهتمام السعوديين وتُطلعهم على ما ستبدو عليه منازلهم في المستقبل.
وقال النعيم: «لم تتغير منازلنا كثيراً على الرغم من كمية التقنيات المحيطة بنا. وأصبح ذلك على وشك التغيير، فسنستذكر مستقبلاً الماضي بعد عقد من الزمن، ونتساءل لماذا لم نختر مفهوم المنزل الذكي في وقت أبكر. وسيحدث ذلك ثورة في طريقة راحتنا وعملنا ولعبنا. وأعتقد أن السعودية ستقود مسيرة التطور التقني في المنازل الذكية بفضل مشاريعها الرائدة مثل (نيوم)».