كيف تغوص في الأعماق مثل خبراء الغوص والتصوير؟

البحر الأحمر... حيث تتنفس الشعاب المرجانية وتتكاثر الحياة البحرية في مشاهد تشد الأنفاس

العوم مع السلاحف المائية أو الدلافين من الأشياء التي يعشقها الغواصون والمصورون
العوم مع السلاحف المائية أو الدلافين من الأشياء التي يعشقها الغواصون والمصورون
TT

كيف تغوص في الأعماق مثل خبراء الغوص والتصوير؟

العوم مع السلاحف المائية أو الدلافين من الأشياء التي يعشقها الغواصون والمصورون
العوم مع السلاحف المائية أو الدلافين من الأشياء التي يعشقها الغواصون والمصورون

الغوص في شواطئ مصر تجربة فريدة من نوعها؛ لهذا ليس غريباً أن تتحول إلى وجهة من الوجهات المفضلة لهواة الغوص من كل أنحاء العالم. يجذبهم بمياهه اللازوردية وحياته المائية المتنوعة في كل الفصول، بما في ذلك فصل الشتاء. فدرجات حرارة المياه فيه نادراً ما تنخفض إلى أقل من 22 درجة مئوية، فضلاً عن صفاء مياهه وأسماكه المتنوعة متعددة الألوان، وشعابه المرجانية، التي تعمل في الوقت ذاته مصداتٍ طبيعية للأمواج.
يقول شريف فارس، وهو مدرب غوص: إن مصر «تتمتع بوجهات سياحية متفردة». ويتابع: «فهي تشهد تطوراً ملموساً في مجال سياحة الغوص؛ لذلك كان من البديهي أن تأتي منطقة البحر الأحمر في المركز الثالث ضمن أفضل وجهات الغوص هذا العام، بحسب تصويت أدلى به ما يزيد على 30 ألف غواص على مستوى العالم للاختيار ما بين 71 وجهة غوص سياحية، حسب ما نشرته مجلة الغوص البريطانية الدوليةdive magazine) ) في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي».
متعة الغوص لا تقتصر على هواة السباحة مع الأسماك وبين الشعاب المرجانية وغيرها من النباتات، فهي تستقطب أيضاً عشاق التصوير، حسب ما يؤكده المهندس محمود الشامي، وهو غواص ومصور محترف. حسب قوله: «فإن الغوص في المنطقة محفز لأي مصور يجيد الغطس؛ لأنه يعرف مسبقاً أنه سيلتقط مشاهد نادرة يزيد جمالها ومتعتها كلما نزل إلى الأعماق». ولم ينس أن يشير إلى ضرورة خوض مغامرة الغوص في الكهوف أو بين حطام السفن والآثار الغارقة، سواء في النهار أو الليل؛ لأن الغوص الليلي له نكهة لا تقل لذةً وجمالاً؛ إذ يمكن للغواص - برأيه - «أن يعيش الأساطير والحكايات في أعماق شواطئ مدينة الإسكندرية، فوق الآثار الرومانية، أو بين حطام سفن من الحربية العالمية الثانية، أو في المنطقة خلف قلعة قايتباي، حيث توجد آثار وأحجار وأعمدة وتيجان من العصر الروماني، إضافة إلى موقع حطام سفينة الإمداد الإنجليزية الغارقة (سيسل الجورم) شمال الغردقة».
بالنسبة للشامي، فإن أفضل أماكن الغوص في البحر الأحمر بمصر لعشاق البيئة البحرية هي:

{رأس محمد}
جاءت على رأس أفضل الأماكن التي أشار إليها التقرير السنوي الأخير في مجلة «دايف» البريطانية. والفضل يعود إلى تنوعها الشديد، سواء تعلق الأمر بعمق الغطس، الذي يتراوح ما بين أمتار عدة و800 متر، أو بأنواع الأسماك وأشكال الشعاب المرجانية، التي يعود الفضل فيها إلى موقع المنطقة بين مياه خليج العقبة والتقائه بخليج السويس، وبالتالي اختلاط المياه من المنطقتين بدرجات ملوحة مختلفة. كل هذا يُوفر التنوع المطلوب لعشاق الغوص، والعوم مع الأحياء المائية النادرة.
ومن أبرز المواقع في رأس محمد «مرصد القرش»، الذي يمكن الدخول إليه والخروج منه عبر كهف ضيق، لا يتسع سوى لغواص واحد فقط، ومنه إلى حائط صخري مليء بشعاب مراوح البحر الخلابة، وهو ما يتطلب بعض الخبرة.

جزيرتا الأخوين
قبلة السائحين في السنوات الأخيرة. فهما تقعان على مسافة 70 كيلومتراً جنوب مدينة القصير بالبحر الأحمر، وتتميزان بتفرد شعابهما المرجانية التي تتمتع بالكفاءة والكثافة العاليتين؛ ما يجذب هواة التصوير. في الجزيرتين يكون دائماً هواة رصد القروش على موعد استثنائي، بسبب كثافة الشعاب. ومن أهم أنواعها القرش التعلب، والقرش أبو مطرقة، والقرش أبو ريشة سوداء.
وكذلك، يمكن لهواة رصد الأسماك الخطيرة من المحترفين أن يلتقوا على عمق معين بأسماك «مانتا الأطلسي» المعروف باسم «سمك الشيطان» بسبب زعانفه.

جزيرة الزبرجد
جنوب البحر الأحمر ويطلق عليها أيضاً سانت جونز، وتعد جوهرة مواقع الغطس و«السنوركلينغ» رغم أنها غير معروفة للكثيرين. تمتاز بالمياه النقية الصافية التي تساعد على تكاثر الشعب المرجانية وأسماك مثل الموراي، الحبار والأخطبوط. وأمامها وعلى عمق نحو 24 متراً يوجد حطام سفينة روسية «الخانكة»، يقوم الغواصون بزيارتها، والتجول بين غرفها، إلى جانب الاستمتاع بالبيئة الخصبة للسلاحف الخضراء التي تضع بيضها في الجزيرة

محمية صمداي
تقع جنوب مدينة مرسى علم بنحو 2كم، وهي من أجمل بقاع البحر الأحمر، وتعد ثالث محمية من نوعها في العالم بعد جزر الهاواي والبرازيل. وهي اختيار مثالي للغوص الليلي، أو لاصطحاب الأطفال، حيث سيعيشون لحظات غير مسبوقة من السعادة مع الدلافين، التي تسبح بالمئات، وتقفز وسط المياه الفيروزية الشفافة. هنا يستطيع الغواصون رؤية الشعاب المرجانية بوضوح نظراً لطبيعتها البكر.

محمية وادي الجمال
تبعد عن مرسي علم نحو 50كيلو، ولأنها بعيدة إلى حد ما فإنها أكثر حميمية، وبالتالي لا تزال تحتفظ بطبيعتها البكر وبيئتها البحرية والبرية على حد سواء. وتوصف بأنها فردوس على الأرض؛ لما تتميز به من تنوع طبيعي. فهي تعد «بيت الدلافين الثاني» بالبحر الأحمر بعد «صمداي» إلى جانب احتضانها السلاحف البحرية وحيوان عروسة البحر. من أجمل ما يمكن أن تراقبه هنا أيضا أسراب «القريدس»، وهي تحمي صغارها من هجمات السلطعون المتكررة.

جزيرة الجفتون
تعد المقصد السياحي الأول بالغردقة، وتشتهر باسم «عذراء البحر الأحمر لاحتفاظها بطبيعتها الأصيلة ورمالها الناعمة ومياهها النقية المثالية للغوص. وحتى المنظر الذي يستقبل الغواصين بعد الخروج من المياه يشد الأنفاس من تحليق طيور النورس فوق شواطئها، حيث يسكنها نحو 50 في المائة من طيور النورس في العالم، إلى تراقص الدولفين.

{بلو هول} أو الحفرة الزرقاء
عبارة عن حفرة غوص على الساحل، تقع في مدينة دهب بسيناء، يبلغ عمقها نحو 130 متراً. وتعتبر من أشهر أماكن الغوص في مصر رغم خطورتها، إلى حد أنه يطلق عليه اسم «مقبرة الغواصين» أو «حديقة العظام» لكثرة من لقوا حتفهم فيه، ولا سيما أن لبعضهم أسماء معروفة عالمياً. تتميز بكثرة متاهاتها والشكل الخادع للكهف، فهو يبدو أقل عمقاً من حقيقته. ورغم ذلك، يقصده عشاق الغوص من جميع أنحاء العالم. فإلى جانب المغامرة والتحدي، يعتبر تجربة فريدة بمشاهدها، ولا سيما عند التقاء البحر والجبل، ومشهد القوس الذي يربط بين الثقب الأزرق والبحر المفتوح، حيث تتشكل تكوينات الضوء والحياة النباتية والحيوانية البحرية والمرجانية الرائعة.


مقالات ذات صلة

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

الاقتصاد سياح صينيون يزورون مسجد الحسن الثاني في الدار البيضاء (رويترز)

السياحة المغربية تشهد نمواً قوياً... 15.9 مليون سائح في 11 شهراً

أعلنت وزارة السياحة المغربية، الاثنين، أن عدد السياح الذين زاروا المغرب منذ بداية العام وحتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بلغ 15.9 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
سفر وسياحة من بين الأدوات التي استخدمها المجرمون في قتل ضحاياهم (متحف الجريمة)

«متحف الجريمة» في لندن... لأصحاب القلوب القوية

من براميل الأسيد التي استخدمها القاتل جون جورج هاي لتذويب ضحاياه والتي تعرف باسم Acid Bath «مغطس الأسيد» إلى الملابس الداخلية لـ«روز ويست».

عادل عبد الرحمن (لندن)
يوميات الشرق آلاف الحقائب التي خسرتها شركات الطيران في متجر الأمتعة بألاباما (سي إن إن)

المسافرون الأميركيون يفقدون ملايين الحقائب كل عام

داخل المساحة التي تبلغ 50 ألف قدم مربع، وإلى مدى لا ترى العين نهايته، تمتد صفوف من الملابس والأحذية والكتب والإلكترونيات، وغيرها من الأشياء المستخرجة من…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سفر وسياحة «ساحة تيفولي» في كوبنهاغن (الشرق الأوسط)

دليلك إلى أجمل أضواء وزينة أعياد الميلاد ورأس السنة حول العالم

زينة أعياد الميلاد ورأس السنة لها سحرها. يعشقها الصغار والكبار، ينتظرونها كل سنة بفارغ الصبر. البعض يسافر من بلد إلى آخر، فقط من أجل رؤية زينة العيد.

جوسلين إيليا (لندن)

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
TT

قرى مصرية تبتكر نوعاً جديداً من السياحة التقليدية

قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)
قرية النزلة بمحافظة الفيوم قبلة عالمية لصناعة الفخار اليدوي (رويترز)

في الخلف من البقع السياحية السحرية بأنحاء مصر، توجد قرى مصرية تجذب السائحين من باب آخر، حيث يقصدونها للتعرف على الحرف التقليدية العتيقة والصناعات المحلية التي تنتجها هذه القرى وتتخصص فيها منذ عشرات السنوات، وفاقت شهرتها حدود البلاد.

ويشتهر كثير من القرى المصرية بالصناعات اليدوية، ذات البعدين التراثي والثقافي، مثل صناعة أوراق البردي، والأواني الفخارية، والسجاد اليدوي وغيرها، وهي الصناعات التي تستهوي عدداً كبيراً من الزوار، ليس فقط لشراء الهدايا التذكارية من منبعها الأصلي للاحتفاظ بها لتذكرهم بالأيام التي قضوها في مصر؛ بل يمتد الأمر للتعرف عن قرب على فنون التصنيع التقليدية المتوارثة، التي تحافظ على الهوية المصرية.

«الشرق الأوسط» تستعرض عدداً من القرى التي تفتح أبوابها للسياحة الحرفية، والتي يمكن إضافتها إلى البرامج السياحية عند زيارة مصر.

السياحة الحرفية تزدهر في القرى المصرية وتجتذب السائحين (صفحة محافظة المنوفية)

ـ الحرانية

قرية نالت شهرتها من عالم صناعة السجاد والكليم اليدوي ذي الجودة العالية، والذي يتم عرضه في بعض المعارض الدولية، حيث يقوم أهالي القرية بنقش كثير من الأشكال على السجاد من وحي الطبيعة الخاصة بالقرية.

والسجاد الذي يصنعه أهالي القرية لا يُضاهيه أي سجاد آخر بسبب عدم استخدام أي مواد صناعية في نسجه؛ حيث يتم الاعتماد فقط على القطن، والصوف، بالإضافة إلى الأصباغ النباتية الطبيعية، من خلال استخدام نباتي الشاي والكركديه وغيرهما في تلوين السجاد، بدلاً من الأصباغ الكيميائية، ما يضفي جمالاً وتناسقاً يفوق ما ينتج عن استخدام الأجهزة الحديثة.

تتبع قرية الحرانية محافظة الجيزة، تحديداً على طريق «سقارة» السياحي، ما يسهل الوصول إليها، وأسهم في جعلها مقصداً لآلاف السائحين العرب والأجانب سنوياً، وذلك بسبب تميُزها، حيث تجتذبهم القرية ليس فقط لشراء السجاد والكليم، بل للتعرف على مراحل صناعتهما المتعددة، وكيف تتناقلها الأجيال عبر القرية، خصوصاً أن عملية صناعة المتر المربع الواحد من السجاد تستغرق ما يقرُب من شهر ونصف الشهر إلى شهرين تقريباً؛ حيث تختلف مدة صناعة السجادة الواحدة حسب أبعادها، كما يختلف سعر المتر الواحد باختلاف نوع السجادة والخامات المستخدمة في صناعتها.

فن النحت باستخدام أحجار الألباستر بمدينة القرنة بمحافظة الأقصر (هيئة تنشيط السياحة)

ـ القراموص

تعد قرية القراموص، التابعة لمحافظة الشرقية، أكبر مركز لصناعة ورق البردي في مصر، بما يُسهم بشكل مباشر في إعادة إحياء التراث الفرعوني، لا سيما أنه لا يوجد حتى الآن مكان بالعالم ينافس قرية القراموص في صناعة أوراق البردي، فهي القرية الوحيدة في العالم التي تعمل بهذه الحرفة من مرحلة الزراعة وحتى خروج المنتج بشكل نهائي، وقد اشتهرت القرية بزراعة نبات البردي والرسم عليه منذ سنوات كثيرة.

الرسوم التي ينقشها فلاحو القرية على ورق البردي لا تقتصر على النقوش الفرعونية فحسب، بل تشمل أيضاً موضوعات أخرى، من أبرزها الخط العربي، والمناظر الطبيعية، مستخدمين التقنيات القديمة التي استخدمها الفراعنة منذ آلاف السنين لصناعة أوراق البردي، حيث تمر صناعة أوراق البردي بعدة مراحل؛ تبدأ بجمع سيقان النبات من المزارع، ثم تقطيعها كي تتحول إلى كُتل، على أن تتحول هذه الكتل إلى مجموعة من الشرائح التي توضع طبقات بعضها فوق بعض، ثم تبدأ عملية تجفيف سيقان النباتات اعتماداً على أشعة الشمس للتخلص من المياه والرطوبة حتى تجف بشكل تام، ثم تتم الكتابة أو الرسم عليها.

وتقصد الأفواج السياحية القرية لمشاهدة حقول نبات البردي أثناء زراعته، وكذلك التعرف على فنون تصنيعه حتى يتحول لأوراق رسم عليها أجمل النقوش الفرعونية.

تبعد القرية نحو 80 كيلومتراً شمال شرقي القاهرة، وتتبع مدينة أبو كبير، ويمكن الوصول إليها بركوب سيارات الأجرة التي تقصد المدينة، ومنها التوجه إلى القرية.

قطع خزفية من انتاج قرية "تونس" بمحافظة الفيوم (هيئة تنشيط السياحة)

ـ النزلة

تُعد إحدى القرى التابعة لمركز يوسف الصديق بمحافظة الفيوم، وتشتهر بصناعة الفخار اليدوي، وقد أضحت قبلة عالمية لتلك الصناعة، ويُطلق على القرية لقب «أم القرى»، انطلاقاً من كونها أقدم القرى بالمحافظة، وتشتهر القرية بصناعة الأواني الفخارية الرائعة التي بدأت مع نشأتها، حيث تُعد هذه الصناعة بمثابة ممارسات عائلية قديمة توارثتها الأجيال منذ عقود طويلة.

يعتمد أهل القرية في صناعتهم لتلك التحف الفخارية النادرة على تجريف الطمي الأسود، ثم إضافة بعض المواد الأخرى عليه، من أبرزها الرماد، وقش الأرز، بالإضافة إلى نشارة الخشب، وبعد الانتهاء من عملية تشكيل الطمي يقوم العاملون بهذه الحرفة من أهالي القرية بوضع الطمي في أفران بدائية الصنع تعتمد في إشعالها بالأساس على الخوص والحطب، ما من شأنه أن يعطي القطع الفخارية الصلابة والمتانة اللازمة، وهي الطرق البدائية التي كان يستخدمها المصري القديم في تشكيل الفخار.

ومن أبرز المنتجات الفخارية بالقرية «الزلعة» التي تستخدم في تخزين الجبن أو المش أو العسل، و«البوكلة» و«الزير» (يستخدمان في تخزين المياه)، بالإضافة إلى «قدرة الفول»، ويتم تصدير المنتجات الفخارية المختلفة التي ينتجها أهالي القرية إلى كثير من الدول الأوروبية.

شهدت القرية قبل سنوات تشييد مركز زوار الحرف التراثية، الذي يضمّ عدداً من القاعات المتحفية، لإبراز أهم منتجات الأهالي من الأواني الفخارية، ومنفذاً للبيع، فضلاً عن توثيق الأعمال الفنية السينمائية التي اتخذت من القرية موقعاً للتصوير، وهو المركز الذي أصبح مزاراً سياحياً مهماً، ومقصداً لهواة الحرف اليدوية على مستوى العالم.

صناعة الصدف والمشغولات تذهر بقرية "ساقية المنقدي" في أحضان دلتا النيل (معرض ديارنا)

ـ تونس

ما زلنا في الفيوم، فمع الاتجاه جنوب غربي القاهرة بنحو 110 كيلومترات، نكون قد وصلنا إلى قرية تونس، تلك اللوحة الطبيعية في أحضان الريف المصري، التي أطلق عليها اسم «سويسرا الشرق»، كونها تعد رمزاً للجمال والفن.

تشتهر منازل القرية بصناعة الخزف، الذي أدخلته الفنانة السويسرية إيفلين بوريه إليها، وأسست مدرسة لتعليمه، تنتج شهرياً ما لا يقل عن 5 آلاف قطعة خزف. ويمكن لزائر القرية أن يشاهد مراحل صناعة الخزف وكذلك الفخار الملون؛ ابتداء من عجن الطينة الأسوانية المستخدمة في تصنيعه إلى مراحل الرسم والتلوين والحرق، سواء في المدرسة أو في منازل القرية، كما يقام في مهرجانات سنوية لمنتجات الخزف والأنواع الأخرى من الفنون اليدوية التي تميز القرية.

ولشهرة القرية أصبحت تجتذب إليها عشرات الزائرين شهرياً من جميع أنحاء العالم، وعلى رأسهم المشاهير والفنانون والكتاب والمبدعون، الذين يجدون فيها مناخاً صحياً للإبداع بفضل طقسها الهادئ البعيد عن صخب وضجيج المدينة، حيث تقع القرية على ربوة عالية ترى بحيرة قارون، مما يتيح متعة مراقبة الطيور على البحيرة، كما تتسم بيوتها بطراز معماري يستخدم الطين والقباب، مما يسمح بأن يظل جوها بارداً طول الصيف ودافئاً في الشتاء.

مشاهدة مراحل صناعة الفخار تجربة فريدة في القرى المصرية (الهيئة العامة للاستعلامات)

ـ ساقية المنقدي

تشتهر قرية ساقية المنقدي، الواقعة في أحضان دلتا النيل بمحافظة المنوفية، بأنها قلعة صناعة الصدف والمشغولات، حيث تكتسب المشغولات الصدفية التي تنتجها شهرة عالمية، بل تعد الممول الرئيسي لمحلات الأنتيكات في مصر، لا سيما في سوق خان الخليلي الشهيرة بالقاهرة التاريخية.

تخصصت القرية في هذه الحرفة قبل نحو 60 عاماً، وتقوم بتصدير منتجاتها من التحف والأنتيكات للخارج، فضلاً عن التوافد عليها من كل مكان لاحتوائها على ما يصل إلى 100 ورشة متخصصة في المشغولات الصدفية، كما تجتذب القرية السائحين لشراء المنتجات والأنتيكات والتحف، بفضل قربها من القاهرة (70 كم إلى الشمال)، ولرخص ثمن المنتجات عن نظيرتها المباعة بالأسواق، إلى جانب القيمة الفنية لها كونها تحظى بجماليات وتشكيلات فنية يغلب عليها الطابع الإسلامي والنباتي والهندسي، حيث يستهويهم التمتع بتشكيل قطعة فنية بشكل احترافي، حيث يأتي أبرزها علب الحفظ مختلفة الأحجام والأشكال، والقطع الفنية الأخرى التي تستخدم في التزيين والديكور.

الحرف التقليدية والصناعات المحلية في مصر تجتذب مختلف الجنسيات (معرض ديارنا)

ـ القرنة

إلى غرب مدينة الأقصر، التي تعد متحفاً مفتوحاً بما تحويه من آثار وكنوز الحضارة الفرعونية، تقبع مدينة القرنة التي تحمل ملمحاً من روح تلك الحضارة، حيث تتخصص في فن النحت باستخدام أحجار الألباستر، وتقديمها بالمستوى البديع نفسه الذي كان يتقنه الفراعنة.

بزيارة القرية فأنت على مشاهد حيّة لأهلها وهم يعكفون على الحفاظ على تراث أجدادهم القدماء، حيث تتوزع المهام فيما بينهم، فمع وصول أحجار الألباستر إليهم بألوانها الأبيض والأخضر والبني، تبدأ مهامهم مع مراحل صناعة القطع والمنحوتات، التي تبدأ بالتقطيع ثم الخراطة والتشطيف للقطع، ثم يمسكون آلات تشكيل الحجر، لتتشكل بين أيديهم القطع وتتحول إلى منحوتات فنية لشخصيات فرعونية شهيرة، مثل توت عنخ آمون، ونفرتيتي، وكذلك التماثيل والأنتيكات وغيرها من التحف الفنية المقلدة، ثم يتم وضع المنتج في الأفران لكي يصبح أكثر صلابة، والخطوة الأخيرة عملية التلميع، ليصبح المنتج جاهزاً للعرض.

ويحرص كثير من السائحين القادمين لزيارة المقاصد الأثرية والسياحية للأقصر على زيارة القرنة، سواء لشراء التماثيل والمنحوتات من المعارض والبازارات كهدايا تذكارية، أو التوجه إلى الورش المتخصصة التي تنتشر بالقرية، لمشاهدة مراحل التصنيع، ورؤية العمال المهرة الذين يشكلون هذه القطع باستخدام الشاكوش والأزميل والمبرد، إذ يعمل جلّ شباب القرية في هذه الحرفة اليدوية.