عبد الله السعداوي.. أجمل غريق في بحر المسرح

أسس خروجا على نمط «مسرح العلبة» الإيطالي السائد باتجاه مسرح مفتوح

السعداوي في أحد أدواره
السعداوي في أحد أدواره
TT

عبد الله السعداوي.. أجمل غريق في بحر المسرح

السعداوي في أحد أدواره
السعداوي في أحد أدواره

«أذكر في سنين طويلة مرت ما زالت في ذاكرتي، في يوم ما وجدت أن لا معنى للحياة، لا معنى لهذا الوجود، وفجأة (شعرت) أن كل شيء صار مظلما.. (حيث) لا مسرح.. بحثت، وبحثت، وبحثت، لعلي أجد مسرحا، فلم أجد.. فكرت أين أذهب؟
فلم يكن أمامي إلا جسر المحرق.. وقفت عند هذا الجسر.. ونظرت إلى البحر، فوجدته المكان الوحيد الذي يمكنه أن (يضمني)..
لم أكن أعرف السباحة، وكانت مغامرة (بالطبع).. لم أكن أحب الموت.. لكن في لحظة ما قررت أن أنتحر.. فقذفت بنفسي في البحر.
فجأة فتحت (بصري).. رأيت نفسي على الشاطئ، وإذا بوجوه تحلق حولي.. وبعضها أراه في صالة المسرح، انتشلتني من هذا الغرق.. فصرت أجمل غريق في هذا العالم، وصار هؤلاء أجمل منقذين في هذا العالم.. فكيف يمكن للغريق أن يقدم هؤلاء المنقذين؟!
كل ما أقوله لهم: حين وضعتم شفاهكم على فمي لتمنحوني قبلة الحياة ونفختم الهواء في رئتي.. شعرت أن لهذه الحياة معنى.. وأعتقد أن الحياة من دون مسرح، ليس لها معنى..!».
بهذه الكلمات يعبر الفنان والمخرج المسرحي البحريني عن شغفه بالمسرح. علاقة تقترب من «الفانتازيا» تجمع بين السحر والخيال، وبهذا الوصف الذي تحدث عنه في فيلم ختام مهرجان الصواري التاسع أكتوبر (تشرين الأول) 2013، يعكس المكانة التي يحتلها المسرح في المنظومة الثقافية للمجتمع البحريني.
السعداوي، الذي يعد من أهم المسرحيين الخليجيين (مواليد البحرين 1948) هو مخرج وكاتب سيناريوهات مسرحية، وناقد في مجال السينما والمسرح والأدب والقضايا الفكرية المتنوعة، بدأ حياته الفنية في العام 1964 من خلال الانفتاح على المؤلفات المسرحية العالمية، وحصل على جائزة الإخراج في مهرجان القاهرة التجريبي عن مسرحيته (الكمامة). وهو عضو مؤسس في مسرح الصواري. وكانت التجربة الأولى للفنان عبد الله السعداوي هي مسرحية قام بتأليفها وهي مسرحية «الحمار ومقصلة الإعدام» وقام بإخراجها الفنان جمال الصقر تحت عنوان: «مؤلف ضاع في نفسه»، وفي العام 1970 شارك في تمثيل أول مسرحية على نطاق المسارح الأهلية البحرينية، وهي مسرحية «أنتيجونا».
سافر إلى قطر، وشارك في تأسيس مسرح السد مع الفنان القطري غانم السليطي وعدد من الفنانين، وفي العام 1975 سافر إلى دولة الإمارات، وشارك في تأسيس مسرح الشارقة مع عدد من الفنانين الإماراتيين، والتقى حينها الفنان العراقي إبراهيم جلال، الذي أثر في مسيرة السعداوي الفنية.
أخرج الكثير من الأعمال المسرحية منها: «الرجال والبحر» لعوني كرومي 1986، «الصديقان» لمحيي الدين زنكنة 1987، «الجاثوم» ليوسف الحمدان 1989، «الرهائن» لعصام محفوظ 1990، «اسكوريال» لميشيل دي غيلدرود 1993، «الكمامة» لألفونسو ساستري 1994، «القربان» لصلاح عبد الصبور 1996، «الطفل البريء» لبريم تشند 1999، «الكارثة» لعبد الله السعداوي 2002، «الستارة المغلقة» لمحمد عبد الملك 2003، «ابني المتعصب» لحنيف قريشي 2003، «بورتريه» لغالية قباني 2003، «الحياة ليست جادة» لخوان رولفو 2003، «الساعة 12 ليلا» لعبد الله السعداوي 2004.
«الشرق الأوسط» تستعرض آراء عدد من النقاد المسرحيين الخليجيين عن مسيرة وتجربة الفنان المسرحي البحريني عبد الله السعداوي، في التحقيق التالي:
د. حسن رشيد : ريادة مسرحية
تجربة المبدع المسرحي البحريني تجربة ثرية، وإذا كنا نتحدت عن تأثير عدد من المسرحيين في الحراك المسرحي الخليجي، فإن تجربة هذا الرائد تجربة لم تتوقف عند نقطة محددة، وإذا كان التاريخ المسرحي في دول الخليج يتذكر على، سبيل المثال لا الحصر، تجارب صقر الرشود، وعبد الرحمن المناعي، وناجي الحاي، وعبد الكريم جواد، وغيرهم.. فإن ما يميز تجربة السعداوي استمراريته حتى الآن، ولم تقتصر تجربته على خوض غمار التجريب حتى حصد فرس الرهان وسط دهشة العالم ذات يوم في قاهرة المعز عبر فعاليات المسرح التجريبي، ومن هنا كان ثراء التجربة لديه:
أولا: في التنوع والابتكار وعدم الجمود عند نقطة محددة، أو شكل ممسرح واحد.
ثانيا: إن ثراء هذه التجربة لهذا الفنان تكمن في أنه يحمل عصا الترحال ويلبي الدعوة عبر كل المدن الخليجية محاضرا ومدربا ومحفزا للأجيال.
السعداوي مخرج خليجي، عربي، ذو نزعة عالمية، وما يميزه قدرته على إعادة صياغة الأعمال حسب رؤيته، وهو بهذا يبتعد عن النماذج التي لا تخلق إطارا إبداعيا مع النص، أما عن كونه يحمل روح الفنان فيتجلى في الإيثار والارتماء في حضن المسرح، بل إن السعداوي جزء من حراكنا المسرحي، وهو الجندي المجهول الذي يحمل عصاه في كل معركة مسرحية، ممثلا، مخرجا، معدا، ناقدا، باحثا، وفي إطار الإيثار دعمه لكل الأجيال المتعاقبة.
أما فيما يخص تجربته وتنوعها، فمن المؤسف أنه لم تقدم في دول الخليج دراسة حقيقية عن ثراء تجربته، فعلى الرغم من أنه منذ السبعينات قد حمل عصا الترحال إلى قطر وساهم مساهمة فعالة في خلق مسرح السد، بل ساهم في بلورة أفكار عدد من المنتمين إلى حركة المسرح القطري مثل غانم السليطي، محمد البلم، فالح فايز وغيرهم، ولم يتوقف قطار الحركة عند هذا المبدع في قطر، بل ساهم بدوره في الحراك المسرحي في دولة الإمارات.
أما في البحرين فإن التأثر به واضح وجلي عبر إسهامه في ترسيخ مدرسته ورؤيته وتجاربه المسرحية، ليس فقط عبر الدراسات والبحوث والدورات والورش أو كما يفعل في المنطقة الشرقية في المملكة، بل إن أعماله علامات فارقة في مسار المسرح البحريني مع قلة الدعم المادي.
ولذا، فإن السعداوي جزء من حراكنا المسرحي، بل هو جزء مهم، لأن دوره واضح الملامح بلا ادعاء، وهو بجانب ذلك لم يتوقف عن تجارب معينة، بل إن إنجازاته الأهم كما يقول لم تأت بعد، وهذا ما يشعرنا بأننا أمام فيلسوف خليجي في مجال اللعبة المسرحية، وقد يؤخذ عليه أن نجاح تجاربه في إطار التجريب قد أغرى من لم يقرأ بخوض غمار التجارب دون وعي. وهنا نقول وما ذنب السعداوي المسرحي المثقف الذي خلق طوال ما يقارب من نصف قرن تاريخا مشرفا لمعنى المخرج في المسرح، وفي تأكيد هوية لمسرحنا عبر الكثير من الفعاليات عبر كل المدن والعواصم.

(*) ناقد ومؤلف مسرحي قطري

* عبد العزيز السماعيل: مسرح مفتوح
* أستطيع القول بكل ثقة إن عبد الله السعداوي أكثر المسرحيين الخليجيين شغفا بالمسرح وإيمانا برسالته وأهميته.. منذ أن عرفته في مسرح الصواري في تسعينات القرن الماضي وهو يعمل ويتعامل مع كل تجربة مسرحية له كحالة جديدة منفتحة بقوة على كل الاحتمالات الفنية، حتى يمكن أن نصف مسرحياته بأنها تعد ولادات جديدة في حياة المسرح البحريني، فكنا نحضر ونتابع تجاربه في كل مرة لاكتشاف المسرح والسعداوي معا.
لقد أسس السعداوي خروجا قويا على نمط «مسرح العلبة» الإيطالي السائد، باتجاه مسرح مفتوح بلا حدود، واستلهم نصوصا وروايات عالمية لم نعهدها في المسرح من قبل، فقدم السعداوي مسرحا خليجيا جديدا وجريئا في الطرح وفي أسلوب العرض، إلا أن تجربة مسرح الصواري لم تستمر للأسف بالإيقاع والحماس نفسيهما التي بدأت بهما في بداية التسعينات، وتراجع عطاء السعداوي في الإخراج والتمثيل تبعا لذلك.. ولا أعرف الأسباب.. إلا أن عبد الله السعداوي ظل المسرحي الأكثر حبا للمسرح في الخليج.

(*) مؤلف ومخرج مسرحي سعودي، مدير عام الجمعية العربية للثقافة والفنون

* أثير السادة: اللغة كمسرح
* بقدر ما يقترب الفنان البحريني عبد الله السعداوي من المسرح نجده يحرض على الافتراق عنه في تجارب ونصوص مسرحية تجادل كل شيء حتى خصوصيتها الفنية، فهي حبلى بمغامرات اللغة ومغامرات البناء الفني التي تصيبها مرات حالة من حالات التشظي، فيما يبدو هاجسا مشتركا يدفع بالسعداوي إلى فسحة من التحولات الجمالية المستمرة.
هذه الرغبة للمغايرة، للخروج عن لحظة التوازن الشكلي، تمثل مفتاحا لتبيان أحوال النص المسرحي عنده، هذا النص الذي تحتشد فيه الكثير من هواجس السعداوي التي تستدرجنا غالبا لمواجهة اليومي والسياسي في صور مفرطة في سيرياليتها؛ حيث لا نهايات تقليدية، ولا إحساس بتلازم الأفعال والمشاهد، ولا حتى ردات الفعل أحيانا، كل شيء ينطلق باتجاه إحداث انتباه مشبعة بالأسئلة عن درامية الأشياء من حولنا، وعن قيمتها.
من يقرأ السعداوي نصا يمكنه أن يلحظ توقه الدائم للتواصل روحيا، وصورة العبث «البيكيتي»، ذلك الذي حرك في لغة المسرح كل إشكالاتها، وراح يلعب على حافة اللغة، لتصبح اللغة ذاتها مسرحا محتملا، يتهدد يقين المسرح السائد وسحرية الطقوس فيه. السعداوي الذي تنبه باكرا لفاعلية اللغة حتى وهو يختبر وعينا الجمالي بالصورة بصفته مخرجا، يتواطأ هنا مع اللغة لفضح الواقع، لاستثمار الحضور المستفز للغة في الكشف عن هزيمة الواقع أمام استحقاقات الحلم، جاذبية النص «السعداواتي» هو في تلذذه بالتدوير اللغوي الذي يكفي لمضاعفة الإحساس بقبح الأحداث وعبثيتها، كأنها المقابل لقدرية الأشياء، وسيرها الأعمى باتجاه النهايات الموجعة.
نصوص السعداوي تبدو منحازة إلى الإنسان في هواجسه اليومية، في أحلامه المؤجلة، في هزائمه السياسية، وفي أسئلته الوجودية، وحتى في لغة النص التي ترتدي عباءة المحكي واليومي، لتصبح أكثر امتلاكا للقدرة على التعبير عن مزاج الفرد العادي، وفي خياراته الفنية التي تجعل كثيرا من نصوصه قابلة للتنفيذ في أي مكان.
سنقرأ (مثلا) عن العلاقة بين السيد والعبد في نص «حد الموال»، علاقة سيقرر السعداوي فيها أن أمل السيد أقوى من يأس العبد، في سياق لعبة مسرحية تعاود اكتشاف المسرح داخل المسرح، والشخصية داخل الشخصية.. وسنقف عند حدود العلاقة بين الوطن والاستعمار، والحرب والسلام، والحياة والموت في نص «الضفة الأخرى من الجنة»، النص الذي يركض بنا مع شيخوخة الشخوص بلا فواصل إلا فاصلة الحرب وصفارات الإنذار، صفارات الخوف التي تشبه القيامة، كما سيستدعي نداءات المناضل الهندي الأحمر في «روح جرينمو»، لا نعرف شيئا في هذا النص أكثر من الحوارات التي تمسك بأنفاس الحدث، تنخفض كل احتمالات الدراما لصالح إضاءة الطريق إلى تاريخ مظلم من المفارقات الإنسانية التي تحفل بها السياسة الأميركية، هنا نطالع المناضل هنري ديفيد ثورو، الجنرال سمولي بتلر، نورمان فنكلستين المفكر اليهودي المدافع عن القضية الفلسطينية، درايتون، هنري كيسنجر، وقائمة من الأسماء التي سترفع بمرافعاتها من سردية النص الذي بحسب الإرشادات الإخراجية يحفل بالكثير من التوظيف لمشاهد فيلمية وشرائح عرض وصور فوتوغرافية.
السياسة تلتهم كل شيء..! هذا ما يقرره السعداوي في مفتتح نص «المعرض»، الذي يؤكد فيه انغماسه في هذا الشاغل الذي يصبح طبقا لكل شيء، التاريخ هنا يصبح كطواحين الهواء في سيرة حب لعجوزين، يصعد وينزل بذات النول، نذهب إلى الأمام والخلف، نستدعي ماضي سيرة حب مؤجل، وفي دفاتر الانتظار حكايا عن الهواجس اليومية، والطائفية والديمقراطية وبقية مفردات الطحن السياسي.
ينجح السعداوي غالبا في خلق نهايات ترمي بنا في أتون الصدمة، فمن بين زحام الاحتمالات يباغتنا السعداوي بمواعيد مع الموت، مع الفقد، مع اللاجدوى، ومع المفارقات المضحكة، سنعرف معها ذلك الحس السيريالي الذي يغلف روحه المسرحية، وفي نص «المعرض» تصبح صدفة اللقاء بين الاثنين في معرض للصور صدفة مضاعفة، أشبه بمبالغات الأفلام الهندية، نكتشف في نهاية النص أنهما العشيقان نفساهما اللذان افترقا في هامش معرض للصور قبل 30 سنة، وأن الأبوين اللذين حالا دون اكتمال قصة الحب ماتا في ظروف مشابهة، وهي الانزلاق بقشرة موز!.
نص «فجأة لم يهطل المطر» كبقية نصوص السعداوي لا يخلو من مقاربة لقضايا السياسة، هو مأخوذ دائما بنقد تلونات المال والإعلام والسياسة، هنا نطالع في النقطة 16، والنص مجزأ إلى 19 نقطة، هي بحسب السعداوي نوافذ النص، نطالع حديثا عن الفقر في العالم وعن الاحتكار وعن المطاردات، وذلك ضمن حوارات لا تنتمي إلى لحظة، ولا تجهد إلى بناء حدث، تشيخ ببوحها حتى تصل إلى النهاية، نهاية يغفو فيها الأمل بالنهايات الجميلة، نهاية كالحة، يقتل فيها الواحد منهم الآخر بالرصاص، مع لوحة خاتمة يظهر فيها جسد امرأة جميلة داخل صندوق زجاجي مليء بالماء، يترك فيها السعداوي سقف الدلالة مفتوحا للمتلقي كي يقرر إن كانت في وضع استحمام أو غرق!.
يحرضك النص على الانتظار من أول لازمة «خمسون سنة»، إلى أكثرها قدحا لشرارة التأويل في قوله «خل الغيمة تمر»، مرات كثيرة شاهدنا الغيمة وهي تمر فوق رأس الشاب الوسيم، صورة كثيفة نعاينها كمفتاح أول من مفاتيح النص الذي يشتهي البوح ولا يشتهيه، يومئ إلى خواطر من أحداث دون أن يكمل بناؤها، إلى دقائق من العمر التي ابتلع نصفها النسيان في لحظات ألزهايمر.
كما يتصاعد الجدل حول الحب والخيانة في نص «قهوة ساخنة» الذي يرسم إيقاعه من خلال أغنية البداية، أغنية بها حديث عن الموت والحب، الأمر الذي سيدفع بالحوار بين شخوص النص: رجل وامرأة إلى الوقوف على أطراف السؤال عن ماهية الحب والإنسان، حب سنعرف مبكرا أنه تولد عن لحظة حوار إلكترونية، ليصبح معها النص قراءة نفسية في أحوال التواصل الإلكتروني، محاولة لاختبار فاعلية الإنترنت في توليد فضاءات عاطفية متوهمة.
هذه النصوص لا تختصر كل شيء عن السعداوي، خصوصا أنها تحملنا إلى صورته بوصفه مؤلفا فقط، لكنها تأخذنا إلى أكثر الأسئلة الجمالية والفلسفية وطأة على ذاكرته، إلى مزاجه الفني مباشرة، تطوف بنا في مساحة من الوعي المسرحي المختلف، وعي شديد التعالق بالحياة، وبالرغبة في الاختلاف.

(*) ناقد مسرحي سعودي

* عباس الحايك: رمز المسرح الخليجي
* بعد سنوات من العمل والإخلاص والبحث في عوالم المسرح، تحول عبد الله السعداوي إلى رمز بل أيقونة للمسرح الخليجي، فالرجل الذي قدم للمسرح الخليجي تجارب مسرحية مثل «القربان»، و«الكارثة»، و«الكمامة» التي حقق بها جائزة الإخراج في مهرجان القاهرة للمسرح التجريبي، «اسكوريال»، و«متروشكا»، و«الصفحة الأولى من الجريدة»، وغيرها من عروض مسرحية تحولت إلى علامات بارزة، يمتلك مهارة التنقيب في خبايا المسرح، يكتشف من ذاكرة المسرح ليستشرف مستقبله، فتأتي أعماله المسرحية على تماس مع الواقع الذي نعيشه بكل تفاصيله، إحباطاته، أوجاعه.. فعيناه تريان بوضوح ما يدور في هذا العالم.
ما يميز السعداوي هو تجاوزه للتقاليد المسرحية الكلاسيكية وخروجه عنها، وهي ما تشكل مفهومه للتجريب، فالتجريب هو حالة هدم وبناء، ففي مجمل مسرحياته يتجاوز السعداوي العلبة الإيطالية، ليؤثث مكانه المسرحي؛ مما لا يخطر ببال؛ حيث قدم مسرحياته في قلعة البحرين، أو في بيت قديم، أو مدخل معرض الكتاب، أو في صالة فنون تشكيلية، أو تتعدد الأمكنة في مسرحية واحدة كما في «الصفحة الأولى من الجريدة» من مواقف الصالة الثقافية، البحر المحاذي للصالة، بهو الصالة ثم الصالة نفسها؛ حيث حرك المتفرجين مع مشاهد مسرحيته. السعداوي لم يتميز فقط كمخرج، بل تميز بنصوصه الإشكالية التي نبشت في قضايا إنسانية واجتماعية وسياسية، وفضحت الزيف الذي نعيشه بكل جرأة. السعداوي أيقونة للمسرح الخليجي، ليس بملامحه ولحيته الكثة وبساطة هيئته، ولكن بإخلاصه للمسرح وانشغاله الدائم بهذا العالم الخصب، وأيضا بقربه لكل المسرحيين، خصوصا المسرحيين الشباب الذين كسر معهم كل الحواجز، صادقهم واقترب منهم، رغم سنوات عمره إلا أن له قلبا شابا وعنفوان شاب؛ لذا تجده يضج طاقة مسرحية تتجدد.

(*) كاتب مسرحي سعودي



وفاة الملحن المصري محمد رحيم تصدم الوسط الفني

الملحن المصري محمد رحيم (إكس)
الملحن المصري محمد رحيم (إكس)
TT

وفاة الملحن المصري محمد رحيم تصدم الوسط الفني

الملحن المصري محمد رحيم (إكس)
الملحن المصري محمد رحيم (إكس)

تُوفي الملحن المصري محمد رحيم، في ساعات الصباح الأولى من اليوم السبت، عن عمر يناهز 45 عاماً، إثر وعكة صحية.

وكان رحيم تعرض لذبحة صدرية منذ أشهر، تحديداً في يوليو (تموز) الماضي، دخل على أثرها إلى العناية المركزة، حسبما أعلنت زوجته أنوسة كوتة، مدربة الأسود.

وكان رحيم قد أعلن اعتزاله مهنة الفن والتلحين في فبراير (شباط) الماضي، وتعليق أنشطته الفنية، وبعدها تراجع عن قراره ونشر مقطع لفيديو عبر حسابه الرسمي على «فيسبوك»، قال فيه حينها: «أنا مش هقولكم غير إني بكيت بالدموع من كتر الإحساس اللي في الرسائل اللي بعتوهالي وهتشوفوا ده بعينكم في ندوة، خلاص يا جماعة أنا هرجع تاني علشان خاطركم إنتوا بس يا أعظم جمهور وعائلة في العالم، وربنا ميحرمناش من بعض أبداً».

ونعى تركي آل الشيخ، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه في السعودية، رحيم، وكتب عبر موقع «فيسبوك»، اليوم السبت: «رحم الله الملحن محمد رحيم وغفر الله له، عزائي لأهله ومحبيه، خبر حزين».

ورحيم من مواليد ديسمبر (كانون الأول) 1979. درس في كلية التربية الموسيقية، وبدأ مسيرته بالتعاون مع الفنان حميد الشاعري، وأطلق أول أغانيه مع الفنان المصري عمرو دياب «وغلاوتك»، ثم قدم معه ألحاناً بارزة منها أغنية «حبيبي ولا على باله». كما تعاون رحيم مع العديد من الفنانين، ومنهم: محمد منير، وأصالة، وإليسا، ونوال الزغبي، وأنغام، وآمال ماهر، ونانسي عجرم، وروبي، وشيرين عبد الوهاب، ومحمد حماقي، وتامر حسني، وغيرهم.

كما نعى رحيم عدد من نجوم الفن والطرب، وكتب الفنان تامر حسني عبر خاصية «ستوري» بموقع «إنستغرام»: «رحل اليوم صاحب أعظم موهبة موسيقية في التلحين في آخر 25 سنة الموسيقار محمد رحیم. نسألكم الدعاء له بالرحمة والفاتحة»، وأضاف: «صلاة الجنازة على المغفور له بإذن الله، صديقي وأخي محمد رحيم، عقب صلاة الظهر، بمسجد الشرطة بالشيخ زايد، إنا لله وإنا إليه راجعون».

منشور الفنان تامر حسني في نعي رحيم

وكتب الفنان عمرو دياب عبر حسابه الرسمي على «إكس»، اليوم السبت: «أنعى ببالغ الحزن والأسى رحيل الملحن المبدع محمد رحيم».

وكتبت الفنانة أنغام عبر موقع «إكس»: «خبر صادم جداً رحيل #محمد_رحيم العزيز المحترم الزميل والأخ والفنان الكبير، لا حول ولا قوة إلا بالله، نعزي أنفسنا وخالص العزاء لعائلته».

وكتبت الفنانة أصالة عبر موقع «إكس»: «يا حبيبي يا رحيم يا صديقي وأخي، ومعك كان أحلى وأهم أعمال عملتهم بمنتهى الأمانة بموهبة فذّة الله يرحمك يا رحيم».

كما كتب الشاعر المصري تامر حسين معبراً عن صدمته بوفاة رحيم: «خبر مؤلم جداً جداً جداً، وصدمة كبيرة لينا كلنا، لحد دلوقتي مش قادر أستوعبها وفاة أخي وصديقي المُلحن الكبير محمد رحيم، لا حول ولا قوة إلا بالله».

كما نعته المطربة آمال ماهر وكتبت عبر موقع «إكس»: «لا حول ولا قوة إلا بالله. صديقي وأخي الغالي الملحن محمد رحيم في ذمة الله. نسألكم الدعاء».

وعبرت الفنانة اللبنانية إليسا عن صدمتها بكلمة: «?what»، تعليقاً على نبأ وفاة رحيم، في منشور عبر موقع «إكس»، من خلال إعادة تغريد نبأ رحيله من الشاعر المصري أمير طعيمة.

ونعته إليسا في تغريدة لاحقة، ووصفته بالصديق الإنسان وشريك النجاح بمحطات خلال مسيرتها ومسيرة كثير من زملائها.

ونشرت الفنانة اللبنانية نوال الزغبي مقطع فيديو به أبرز الأعمال التي لحنها لها رحيم، منها أول تعاون فني بينهما وهي أغنية «الليالي»، بالإضافة لأغنية «ياما قالوا»، وأغنية «صوت الهدوء»، التي كتب كلماتها رحيم. وكتبت الزغبي عبر «إكس»: «الكبار والمبدعون بيرحلوا بس ما بيموتوا».

ونشرت الفنانة اللبنانية نانسي عجرم صورة تجمعها برحيم، وكتبت عبر موقع «إكس»: «ما عم صدق الخبر». وكتبت لاحقا: «آخر مرة ضحكنا وغنّينا سوا بس ما كنت عارفة رح تكون آخر مرة». رحيم قدم لنانسي عدة أعمال من بينها «فيه حاجات» و«عيني عليك»، و«الدنيا حلوة»، و«أنا ليه».

ونشرت المطربة التونسية لطيفة عدة صور جمعتها برحيم عبر حسابها بموقع «إكس»، وكتبت: «وجعت قلبي والله يا رحيم... ده أنا لسه مكلماك ومتفقين على شغل... ربنا يرحمك ويصبر أهلك ويصبر كل محبينك على فراقك».

وكتبت الفنانة أحلام الشامسي: «إنا لله وإنا إليه راجعون، فعلاً خبر صادم ربي يرحمه ويغفر له».

كما نعته الفنانة اللبنانية هيفاء وهبي وكتبت عبر «إكس»: «وداعاً الفنان الخلوق والصديق العزيز الملحن المبدع #محمد_رحيم».

وشارك الفنان رامي صبري في نعي رحيم وكتب عبر حسابه الرسمي بموقع «إكس»: «خبر حزين وصدمة كبيرة لينا».

وشاركت الفنانة بشرى في نعي رحيم، وكتبت على «إنستغرام»: «وداعاً محمد رحيم أحد أهم ملحني مصر الموهوبين في العصر الحديث... هتوحشنا وشغلك هيوحشنا».

وكان رحيم اتجه إلى الغناء في عام 2008، وأصدر أول ألبوماته بعنوان: «كام سنة»، كما أنه شارك بالغناء والتلحين في عدد من الأعمال الدرامية منها «سيرة حب»، و«حكاية حياة».