رفيق الظل: شهيق الزرقة الأخيرة

رفيق الظل: شهيق الزرقة الأخيرة
TT

رفيق الظل: شهيق الزرقة الأخيرة

رفيق الظل: شهيق الزرقة الأخيرة

تشهقُ به الزرقة،
ولا تنقذ روحَه سوى الشجرة.
تمحو موتَ المشهد في عينيه،
تتراءى رويدا رويدا،
يراها وهي تعبرُ البرزخَ بساقين عاريتين،
يزحف الشهيق إلى صدره،
فيسقط على أغصانها جثةً حالمة.
لم يعد متاحا لنا التمييز،
أيُّتها الأشجار وأيُّتها الجثث،
التدافع ذاته، الغابة ذاتها، الوحوش تختلف.
لا تتغير، لكنها تختلف.
يبقى لنا شهيقٌ واحدٌ قبل كل شيء.
يبقى لنا الشهيق.
هل اقتربتَ من نهر الدم الذي سفكوه كي يجري تاريخهم،
هل تجرؤ على اغتراف قطرة واحدة؟
إنْ شربتها، يهتف بك الشيطان. هل تفعل ذلك لتصير سيدا في ليل الدخان، أم أنّك تفضّل انتظار مطر في سحابة كاذبة، أنها تأتي؟
هذا تاريخكَ يتلوى مثل ثعبان عملاق، يهشم مدنا كنت تظنها حصن ماضيك. وهذا يومك يتراجع ليصير أمسك الذي أشحتَ بوجهك عنه وقلت إن الحقيقة ملكك وحدك، وإن سرَّ ما جرى مدفون في بئرٍ عميقة لا قرار لها. وإن الذي يطمسه التاريخ لا يعود يظهر أبدا. لكن الحقيقة لا تموت، حتى لو ردموها بأطنان من الورق المزيّف. فالقاتل يظهر من جديد، ونسله الشيطاني يتغذى في العتمة منتظرا نار الإشارة.
كل ذلك يحدث لأن من كتبوا سيرة المجد، ورصّعوها بالبرد والزمرد، أغفلوا، وتغافلوا عن الخطأ باعتباره بقية الصواب، حتى ظنَّ الناس أن القتلة الذين حكموا التاريخ كانوا ملائكة، والناس هم من بقايا الرعية. ولا أحد يجرؤ اليوم، بعد مئات السنين، على قول: لا، لمن قالوا في ذلك الزمان: نعم.
شهيقٌ أخير في مواجهة ما بقي من زيت المصباح،
يعتلي اسمه بكل ضراوة،
ثم يختفي في جموع صلاة الجنازة.
وعلى هضبة بعيدة،
كان هناك قميصٌ مبقّع بضفائرَ من حِناء.



موزة مثبتة بشريط لاصق تباع بـ 6.2 مليون دولار في مزاد فني

TT

موزة مثبتة بشريط لاصق تباع بـ 6.2 مليون دولار في مزاد فني

رجل يشير إلى التكوين الفني «الكوميدي» في مزاد في ميامي بيتش الأميركية (رويترز)
رجل يشير إلى التكوين الفني «الكوميدي» في مزاد في ميامي بيتش الأميركية (رويترز)

بيعت لوحة تنتمي للفن التصوري تتكون من ثمرة موز مثبتة بشريط لاصق على الجدار، بنحو 6.2 مليون دولار في مزاد في نيويورك، يوم الأربعاء، حيث جاء العرض الأعلى من رجل أعمال بارز في مجال العملات الرقمية المشفرة.

تحول التكوين الذي يطلق عليه «الكوميدي»، من صناعة الفنان الإيطالي موريزيو كاتيلان، إلى ظاهرة عندما ظهر لأول مرة في عام 2019 في معرض أرت بازل في ميامي بيتش، حيث حاول زوار المهرجان أن يفهموا ما إذا كانت الموزة الملصقة بجدار أبيض بشريط لاصق فضي هي مزحة أو تعليق مثير على المعايير المشكوك فيها بين جامعي الفنون. قبل أن ينتزع فنان آخر الموزة عن الجدار ويأكلها.

جذبت القطعة الانتباه بشكل كبير، وفقاً لموقع إذاعة «إن بي آر»، لدرجة أنه تم سحبها من العرض. لكن ثلاث نسخ منها بيعت بأسعار تتراوح بين 120 ألف و150 ألف دولار، وفقاً للمعرض الذي كان يتولى المبيعات في ذلك الوقت.

بعد خمس سنوات، دفع جاستن صن، مؤسس منصة العملات الرقمية «ترون»، الآن نحو 40 ضعف ذلك السعر في مزاد «سوذبي». أو بشكل أكثر دقة، اشترى سون شهادة تمنحه السلطة للصق موزة بشريط لاصق على الجدار وتسميتها «الكوميدي».

امرأة تنظر لموزة مثبتة للحائط بشريط لاصق للفنان الإيطالي موريزيو كاتيلان في دار مزادات سوذبي في نيويورك (أ.ف.ب)

جذب العمل انتباه رواد مزاد «سوذبي»، حيث كان الحضور في الغرفة المزدحمة يرفعون هواتفهم لالتقاط الصور بينما كان هناك موظفان يرتديان قفازات بيضاء يقفان على جانبي الموزة.

بدأت المزايدة من 800 ألف دولار وخلال دقائق قفزت إلى 2 مليون دولار، ثم 3 ملايين، ثم 4 ملايين، وأعلى، بينما كان مدير جلسة المزايدة أوليفر باركر يمزح قائلاً: «لا تدعوها تفلت من بين أيديكم».

وتابع: «لا تفوت هذه الفرصة. هذه كلمات لم أظن يوماً أنني سأقولها: خمسة ملايين دولار لموزة».

تم الإعلان عن السعر النهائي الذي وصل إلى 5.2 مليون دولار، بالإضافة إلى نحو مليون دولار هي رسوم دار المزاد، وقد دفعها المشتري.

قال صن، في بيان، إن العمل «يمثل ظاهرة ثقافية تربط عوالم الفن والميمز (الصور الساخرة) ومجتمع العملات المشفرة»، ولكنه أضاف أن النسخة الأحدث من «الكوميدي» لن تدوم طويلاً.

وأضح: «في الأيام القادمة، سآكل الموزة كجزء من هذه التجربة الفنية الفريدة، تقديراً لمكانتها في تاريخ الفن والثقافة الشعبية».

ووصفت دار مزادات سوذبي كاتيلان بأنه «واحد من أكثر المحرضين اللامعين في الفن المعاصر».

وأضافت دار المزادات في وصفها لتكوين «الكوميدي»: «لقد هز باستمرار الوضع الراهن في عالم الفن بطرق ذات معنى وساخرة وغالباً ما تكون جدلية».