واحة فنية تحيط بمواقع مهرجان «شتاء طنطورة»

من موقعها في شمال السعودية، تعتبر محافظة العلا عروس الآثار والحضارات القديمة على مر العصور، وأحد المواقع الأثرية العالمية، كما تعد وجهة سياحية من الطراز الأول لما تتمتع به من بيئة خلابة بتنوع غطائها النباتي، فضلاً عن مجتمعها الزراعي المستند إلى إرث عريق، يعود إلى 8 آلاف عام.
حولت الحضارات المتتالية موقع العلا، إلى متحف مفتوح ووقفت شاهدة على تاريخ الحضارات ومهدت الطريق لحضارة البلاد الحالية ومستقبلها.
وخلال «شتاء طنطورة» الذي تنظمه الهيئة الملكية السعودية لتطوير المحافظة للمرة الأولى هذا العام، شاركت نخبة من الفنانين السعوديين بمجموعة من الأعمال الفنية المعروضة في المخيم الشتوي، حيث جمعوا بين الفن المعاصر وعراقة التاريخ.
وشارك كل من عبد الله العثمان وعبد الرحمن النغيمشي والدكتورة زهرة الغامدي وراشد الشعشاعي وناصر السالم، إضافة إلى الأمير سلطان بن فهد، مستلهمين أفكار وعناصر هذه الأعمال الفنية من طبيعة وآثار وتراث العلا بهدف تسليط الضوء على شعوب المنطقة لإبراز الهوية الوطنية والكشف عن عمق ملامحها.
من تلك الأعمال ما أطلق عليه الفنان عبد الله العثمان اسم «الصخرة»، وهي صندوق زجاجي يحتوي على صخرة كبيرة مزود بمؤثرات صوتية تم تسجيلها على فترات زمنية بين جبال العلا، أما الفنانة زهرة الغامدي فشاركت بـ«نمو يتسارع» مصنوع من الجلد الطبيعي مستوحى من الآثار الحجرية في منطقة العلا وما تحمله من نقوش، ليجسد النمو والتطور الحاصل في المناطق الأثرية التاريخية في العلا. واستخدم الفنان أسلوب الرمزية التعبيرية لنمو الأحجار بفعل العوامل والمؤثرات المختلفة سواء الاقتصادية أو الثقافية أو الاجتماعية والتاريخية المحيطة بالمنطقة.
أما العمل الذي يحمل اسم «الطفل العملاق يصنع المدينة»، فقد استخدم الفنان راشد الشعشعي في تجهيزه مواد مختلفة وصوراً مخصصة ليخدم المعاني المفاهيمية لتعريف الإشارات المتلقاة يومياً، ويبتكر ما يصفه بـ«الحقل الدلالي» من خلال ما يطرحه من تساؤلات فلسفية.
ومدينة الطفل العملاق للفنان راشد الشعشعي فعبارة عن عمل فني معاصر يحاكي مجسمات الرمل التي يصنعها الأطفال ويجمع فيها بين النمط المعماري المعاصر وروح الآثار الخالدة في العلا، هذا العمل لا يثبت وجود الطفل العملاق ولكنه يؤكد على ضخامة أحلامنا.
أما الفنان ناصر السالم، فيقدم عملاً فنياً يحمل اسم «يتباهون في البنيان»، وهو عمل فني مبني أساساً على الكلمة العربية المكتوبة، حيث يعتبر الفنان نفسه خطاطاً، وتهدف ممارساته الفنية لدفع حدود الفن الإسلامي القديم عبر إعادة اختراعه وتطبيقه بأساليب ووسائل غير تقليدية، وأيضاً عبر استكشاف إمكانياته ونواحيه المفاهيمية.