مواجهة إسرائيلية ـ إيرانية تختبر «قواعد روسيا» في سوريا

9 إشارات جديدة في «اعنف غارات» منذ تفاهمات تل أبيب وموسكو وقرار ترمب الانسحاب

مضادات جوية سورية تعترض صواريخ إسرائيلية فوق دمشق فجر أمس (إ.ب.أ)
مضادات جوية سورية تعترض صواريخ إسرائيلية فوق دمشق فجر أمس (إ.ب.أ)
TT

مواجهة إسرائيلية ـ إيرانية تختبر «قواعد روسيا» في سوريا

مضادات جوية سورية تعترض صواريخ إسرائيلية فوق دمشق فجر أمس (إ.ب.أ)
مضادات جوية سورية تعترض صواريخ إسرائيلية فوق دمشق فجر أمس (إ.ب.أ)

خرجت المواجهة الإسرائيلية - الإيرانية في سوريا إلى العلن، في وقت أشارت فيه موسكو إلى وجود قتلى في صفوف الجيش السوري خلال الغارات التي شنتها تل أبيب على ريف دمشق الأحد وليل الأحد - الاثنين.
ومنذ الإعلان عن أول قصف إسرائيلي قرب دمشق في 30 يناير (كانون الثاني) 2013، كانت الغارات في 10 فبراير (شباط) العام الماضي «الأكثر عنفاً وشمولاً وعمقاً».
لكن الغارات الإسرائيلية، فجر أمس، تحمل معاني جديدة بين تل أبيب ودمشق وطهران وموسكو، وإشارات إلى سعي الأطراف المتصارعة لفرض «قواعد لعب جديدة» تختلف عما كان يجري في السنوات الخمس الماضية. كما أنها دلت إلى اختبار تل أبيب وطهران «القواعد الروسية» في سوريا.
وهنا 9 أسباب ونقاط تجعل التصعيد الحالي مختلفاً عن غيره:
1- الاعتراف الإسرائيلي: قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس (الاثنين) في حفل تدشين مطار جديد في جنوب إسرائيل مساء أول من أمس (الأحد): «وجَّه سلاح الجو ضربة قوية ضد أهداف إيرانية في سوريا، بعدما أطلقت إيران صاروخاً من هناك في اتجاه إسرائيل». وأضاف: «لن نسمح بمثل هذه الأعمال العدوانية. نحن نعمل ضد إيران وضد القوات السورية التي هي أدوات العدوان الإيراني».
كان نتنياهو قد صرح قبل أسبوع خلال الجلسة الأسبوعية لمجلس الوزراء، الأحد الماضي: «منذ 36 ساعة فقط، هاجم سلاحنا الجوي مستودعات إيرانية، تحتوي على أسلحة إيرانية في مطار دمشق الدولي». وأضاف: «تكثيف الهجمات الأخيرة يُثبت أننا أكثر تصميماً من أي وقت مضى على التحرّك ضد إيران في سوريا، كما تعهدنا». وتابع: «حققنا نجاحات مذهلة بهدف عرقلة التجذر العسكري الإيراني (...) الجيش الإسرائيلي هاجم أهدافاً إيرانية وتابعة لـ(حزب الله) مئات المرات».
وقال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، الجنرال غادي آيسنكوت، الذي انتهت ولايته في مقابلة مع صحيفة «نيويورك تايمز»: «ضربنا آلاف الأهداف من دون إعلان مسؤوليتنا عن ذلك، أو طلب شكر من أحد».
ويعتقد أن إعلان نتنياهو المتكرر عن الضربات، مرتبط بالانتخابات، لتعزيز فرصه للفوز بفترة خامسة في الانتخابات المقررة في التاسع من أبريل (نيسان) المقبل.
2- الانسحاب الأميركي: عكست الغارات رغبة إسرائيل في إرسال إشارة برغبتها الاستمرار في فرض «الخطوط الحمر» المتعلقة بـ«منع تموضع إيران وإيصال السلاح النوعي إلى (حزب الله) ومنع إقامة قواعد إيرانية»، وذلك بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب الانسحاب من سوريا.
وكان مسؤولون أميركيون قد أكدوا نيتهم تقديم الدعم لـ«ضمان أمن إسرائيل». وكان هذا ضمن الأمور التي بحثت خلال زيارة مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون، ورئيس الأركان الأميركي جون دونفور، إلى تل أبيب في 7 الشهر الجاري.
وعلم ان اميركا تدرس امكانية الابقاء على قاعدة التنف شرق سوريا لـ «مراقبة» ايران ودعم اسرائيل.
3- الرد السوري: أعلنت «وكالة الأنباء السورية الرسمية» (سانا)، أن الدفاعات الجوّية السورية تصدت ليل الأحد - الإثنين «لأهداف معادية».
وقالت «سانا» ليل الأحد – الاثنين، إنّ «العدوان الإسرائيلي تم من فوق الأراضي اللبنانية، ومن فوق الأراضي الفلسطينية المحتلة، ومن فوق بحيرة طبريا، واستخدم مختلف أنواع الأسلحة لديه، وتمكنت الدفاعات الجوية من التصدي لمعظم الأهداف المعادية». وأضافت: «الدفاعات الجوية السورية أسقطت عشرات الأهداف المعادية التي أطلقها العدو الإسرائيلي باتجاه الأراضي السورية، ووسائط دفاعنا الجوي تصدت بكفاءة عالية للعدوان ومنعته من تحقيق أي من أهدافه».
وبعدما كانت دمشق تلتزم الصمت إزاء القصف، انتقلت إلى الإعلان عنه، وعن جهود للرد على الغارات، بما في ذلك إسقاط طائرة روسية من طريق الخطأ في سبتمبر (أيلول) الماضي.
4- الموقف الروسي: انتقلت موسكو من الصمت إلى الإعلان. وأفادت وزارة الدفاع الروسية أمس (الاثنين) بأن الغارات التي شنتها إسرائيل في ساعة مبكرة من صباح الاثنين على الأراضي السورية، أسفرت عن مقتل أربعة عسكريين سوريين، إضافة إلى إصابة ستة آخرين.
ونقلت وكالة «إنترفاكس» الروسية عن بيان صادر عن الوزارة، أن الدفاعات الجوية السورية تمكنت من تدمير أكثر من 30 هدفاً، بين صواريخ كروز وقنابل موجهة إسرائيلية. ولفت البيان إلى أن البنية التحتية في مطار دمشق الدولي تعرضت لضرر جزئي. وأوضح أن سلاح الجو الإسرائيلي شن ثلاث غارات على سوريا من ثلاثة اتجاهات.
5- التنسيق الروسي - الإسرائيلي: جاءت الغارات بعد الاجتماعات الروسية - الإسرائيلية في تل أبيب الأسبوع الماضي، إذ أعلن الناطق باسم الجيش الإسرائيلي: «اللقاءات جرت في أجواء جيدة ومهنية، وشملت مباحثات حول دفع نظام عدم الاحتكاك بين الجيشين في الجبهة الشمالية، وعمليات الجيش الإسرائيلي ضد التموضع الإيراني، وتسلح (حزب الله) في سوريا». وأضاف البيان الرسمي أنه «تم التوصل إلى تفاهمات بين الجانبين، وجرى الاتفاق على استمرار العمل المشترك».
ولخصت مصادر إسرائيلية هذه اللقاءات بالقول، إن بالإمكان الحديث الآن عن انتهاء الأزمة في العلاقات بين موسكو وتل أبيب، التي نجمت منذ إسقاط طائرة التجسس الروسية بصواريخ سورية، ومقتل ركابها في منتصف سبتمبر الماضي.
6- إعلان إيراني: أعلن قائد القوات الجوية الإيرانية عزيز نصير زادة، أمس (الاثنين) عن استعداد قوات بلاده لـ«خوض المعركة مع إسرائيل وإزالتها من الوجود». ونقلت وكالة «سبوتنيك» عن زادة قوله: «العدو لا يجرؤ على شن عدوان على إيران... نحن مستعدون للرد على أي تهديدات إسرائيلية. إيران مستعدة لحرب ساحقة مع إسرائيل. قواتنا المسلحة مستعدة لليوم الذي نرى فيه تدمير إسرائيل».
وأفادت «سبوتنيك» بأن تصريحات قائد سلاح الجو الإيراني «جاءت رداً على سلسلة الغارات التي نفذها سلاح الجو الإسرائيلي في سوريا». ونقلت عن مصدر أمني أن «أكثر من 15 صاروخ دفاع جوي تم إطلاقها، للتصدي لأهداف معادية فوق العاصمة دمشق وريفها».
7- استهداف الجيش السوري: قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، على صفحته على موقع «تويتر»، إن الجيش «سيواصل العمل بشكل قوي وصارم ضد التموضع الإيراني في سوريا، ونعتبر النظام السوري مسؤولاً عما يحدث داخل أراضيه، ونحذره من العمل أو السماح بالعمل ضدنا».
وقال المتحدث إن من بين أهداف «فيلق القدس» الإيراني التي استهدفت في سوريا فجر أمس (الاثنين)، هي «مواقع تخزين وسائل قتالية، وموقع تخزين في مطار دمشق الدولي، وموقع استخبارات إيراني، ومعسكر تدريب إيراني».
وذكر أن استهداف وسائط الدفاع الجوي السورية جاء «في أعقاب إطلاقها صواريخ أرض - جو ضد مقاتلات الجيش الحربية، أثناء ضربها أهداف (فيلق القدس)، رغم التحذير الذي نقل بعدم إطلاقها» وأن استهداف المواقع الإيرانية جاء رداً على «إطلاق صاروخ أرض - أرض من قبل قوة إيرانية من داخل سوريا أمس، مستهدفاً الأراضي الإسرائيلية».
واعتبر أن «الهجوم الإيراني ضد إسرائيل أمس يعتبر دليلاً آخر حول النوايا وراء التموضع الإيراني في سوريا، وخطره على الاستقرار الإقليمي».
8- البعد الإقليمي: تزامنت الغارات مع إعلان نتنياهو الأحد، أن إسرائيل «تصنع التاريخ»، وذلك بعد إعلان استئناف العلاقات الدبلوماسية بين بلاده وجمهورية تشاد. كما تزامنت مع انعقاد القمة الاقتصادية العربية في بيروت، وسط غياب معظم القادة العرب عنها، وسط استمرار الانقسام السياسي اللبناني وجمود تشكيل الحكومة.
9- فك الاشتباك: طرحت الغارات الإسرائيلية وردود روسيا عليها أسئلة حول مستقبل «اتفاق فك الاشتباك» لعام 1974؛ إذ إن روسيا نجحت في منتصف العام الماضي في إعادة العمل به، ونشرت «القوات الدولية لفك الاشتباك» (أندوف) في الجولان، برفقة قوات الشرطة الروسية، وذلك بعد استعادة قوات الحكومة السورية السيطرة على جنوب البلاد وجنوبها الغربي.



وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

زار وفد إسرائيلي رفيع المستوى القاهرة، الثلاثاء، لبحث التوصل لتهدئة في قطاع غزة، وسط حراك يتواصل منذ فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنجاز صفقة لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار بالقطاع المستمر منذ أكثر من عام.

وأفاد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» بأن «وفداً إسرائيلياً رفيع المستوى زار القاهرة في إطار سعي مصر للوصول إلى تهدئة في قطاع غزة، ودعم دخول المساعدات، ومتابعة تدهور الأوضاع في المنطقة».

وأكد مصدر فلسطيني مطلع، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن لقاء الوفد الإسرائيلي «دام لعدة ساعات» بالقاهرة، وشمل تسلم قائمة بأسماء الرهائن الأحياء تضم 30 حالة، لافتاً إلى أن «هذه الزيارة تعني أننا اقتربنا أكثر من إبرام هدنة قريبة»، وقد نسمع عن قبول المقترح المصري، نهاية الأسبوع الحالي، أو بحد أقصى منتصف الشهر الحالي.

ووفق المصدر، فإن هناك حديثاً عن هدنة تصل إلى 60 يوماً، بمعدل يومين لكل أسير إسرائيلي، فيما ستبقي «حماس» على الضباط والأسرى الأكثر أهمية لجولات أخرى.

ويأتي وصول الوفد الإسرائيلي غداة حديث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في كلمة، الاثنين، عن وجود «تقدم (بمفاوضات غزة) فيها لكنها لم تنضج بعد».

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، الثلاثاء، عن عودة وفد إسرائيل ضم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، ورئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» رونين بار، من القاهرة.

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأنه عادت طائرة من القاهرة، الثلاثاء، تقلّ رئيس الأركان هرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك رونين بار، لافتة إلى أن ذلك على «خلفية تقارير عن تقدم في المحادثات حول اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في غزة».

وكشف موقع «واللا» الإخباري الإسرائيلي عن أن هاليفي وبار التقيا رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، وكبار المسؤولين العسكريين المصريين.

وبحسب المصدر ذاته، فإن «إسرائيل متفائلة بحذر بشأن قدرتها على المضي قدماً في صفقة جزئية للإفراج عن الرهائن، النساء والرجال فوق سن الخمسين، والرهائن الذين يعانون من حالة طبية خطيرة».

كما أفادت القناة الـ12 الإسرائيلية بأنه جرت مناقشات حول أسماء الأسرى التي يتوقع إدراجها في المرحلة الأولى من الاتفاقية والبنود المدرجة على جدول الأعمال، بما في ذلك المرور عبر معبر رفح خلال فترة الاتفاق والترتيبات الأمنية على الحدود بين مصر وقطاع غزة.

والأسبوع الماضي، قال ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، إن الشرق الأوسط سيواجه «مشكلة خطيرة» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكد مبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الاثنين، أنه «لن يكون من الجيد عدم إطلاق سراح» الرهائن المحتجزين في غزة قبل المهلة التي كررها، آملاً في التوصل إلى اتفاق قبل ذلك الموعد، وفق «رويترز».

ويتوقع أن تستضيف القاهرة، الأسبوع المقبل، جولة جديدة من المفاوضات سعياً للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر مقرّب من الحركة، السبت.

وقال المصدر: «بناء على الاتصالات مع الوسطاء، نتوقع بدء جولة من المفاوضات على الأغلب خلال الأسبوع... للبحث في أفكار واقتراحات بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى». وأضاف أنّ «الوسطاء المصريين والقطريين والأتراك وأطرافاً أخرى يبذلون جهوداً مثمّنة من أجل وقف الحرب».

وخلال الأشهر الماضية، قادت قطر ومصر والولايات المتحدة مفاوضات لم تكلّل بالنجاح للتوصل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن في الحرب المتواصلة منذ 14 شهراً.

وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، السبت، إن الزخم عاد إلى هذه المحادثات بعد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، الشهر الماضي. وأوضح أنّه في حين كانت هناك «بعض الاختلافات» في النهج المتبع في التعامل مع الاتفاق بين الإدارتين الأميركية المنتهية ولايتها والمقبلة، «لم نر أو ندرك أي خلاف حول الهدف ذاته لإنهاء الحرب».

وثمنت حركة «فتح» الفلسطينية، في بيان صحافي، الاثنين، بـ«الحوار الإيجابي والمثمر الجاري مع الأشقاء في مصر حول حشد الجهود الإقليمية والدولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والإسراع بإدخال الإغاثة الإنسانية إلى القطاع».

وأشار المصدر الفلسطيني إلى زيارة مرتقبة لحركة «فتح» إلى القاهرة ستكون معنية بمناقشات حول «لجنة الإسناد المجتمعي» لإدارة قطاع غزة التي أعلنت «حماس» موافقتها عليها.