دعوة شيخي العقل إلى القمة الاقتصادية تشعل جدلاً في أوساط دروز لبنان

الجلسة العامة للقمة العربية التنموية في بيروت الأحد الماضي (إ.ب.أ)
الجلسة العامة للقمة العربية التنموية في بيروت الأحد الماضي (إ.ب.أ)
TT

دعوة شيخي العقل إلى القمة الاقتصادية تشعل جدلاً في أوساط دروز لبنان

الجلسة العامة للقمة العربية التنموية في بيروت الأحد الماضي (إ.ب.أ)
الجلسة العامة للقمة العربية التنموية في بيروت الأحد الماضي (إ.ب.أ)

أشعلت دعوة شيخي العقل في طائفة الموحدين الدروز لحضور القمة العربية التنموية الاقتصادية والاجتماعية في بيروت، يوم الأحد، جدلاً واسعاً في أوساط التيارات السياسية الدرزية، وأثارت استياء «الحزب التقدمي الاشتراكي»، في وقت رأت مشيخة العقل أن دعوة الشيخ الآخر المعين وليس المنتخب «يشكل انتهاكاً فاضحاً للقيم والمفاهيم الوطنية»، ما دفع رئاسة الجمهورية للرد، مؤكدة حرصها على احترام الدستور وصونه وتطبيق القوانين.
ويوجد في لبنان شيخا عقل لطائفة الموحدين الدروز، أولهما الشيخ نعيم حسن المقرب من «الحزب التقدمي الاشتراكي»، والمنتخب في المجلس المذهبي الدرزي، بينما يوجد الشيخ نصر الدين الغريب المقرب من الوزير طلال أرسلان والوزير الأسبق وئام وهاب، وتم تعيينه وليس انتخابه قبل سنوات، وأثار هذا التعيين حفيظة «الاشتراكي».
ورأى مصدر في «كتلة اللقاء الديمقراطي» لـ«الشرق الأوسط»، أن دعوة الشيخ الغريب غير المنتخب في طائفته «يأتي محاولة لكسب ودّ محور الممانعة»، واصفاً وجوده في القمة في الصف الأول «بالمستغرب». وقالت المصادر إن دعوته «هي أشبه ببيعة لكسب ود محور الممانعة ودمشق، كونه مقرباً منهم، علماً بأن لا صفة له لأنه غير منتخب»، علماً بأن شيخ العقل يتبع رئاسة مجلس الوزراء ويتقاضى راتباً من موازنة رئاسة مجلس الوزراء، مثل سائر رؤساء الطوائف الآخرين.
وتجدد السجال بالتزامن مع انقسام سياسي درزي؛ يمثل «الاشتراكي» جزءاً منه، بينما يتألف خصومه السياسيون من الوزير طلال أرسلان والوزير الأسبق وئام وهاب الذي كان لوح في وقت سابق بعد أحداث بلدة الجاهلية بتشكيل جبهة درزية لمواجهة النائب السابق وليد جنبلاط.
ورأت مشيخة عقل طائفة الموحدين الدروز، أمس، أن «ما حصل في القمة العربية الاقتصادية التي انعقدت في بيروت، لناحية تخطي الأعراف والتقاليد ومبادئ العمل البروتوكولي عبر عدم اقتصار الدعوة إلى جلسة القمة على الرئيس الروحي للطائفة التوحيدية حصراً، يشكل انتهاكاً فاضحاً للقيم والمفاهيم الوطنية، ويمثل مخالفة صارخة للدستور والقوانين والأنظمة، ويعدّ تدخُّلاً مشبوهاً في الشؤون الخاصة بطائفة الموحدين الدروز التي أولاها الدستور حق تنظيم وترتيب أمورها، وتكرّس ذلك بالقانون الصادر عن المجلس النيابي عام 2006، الذي حصر التمثيل الرسمي لطائفة الموحدين بالمجلس المذهبي المنتخب وبمشيخة العقل، كمرجع رسمي شرعي وحيد للطائفة». وأهابت مشيخة العقل بالمعنيين عدم أخذ الأمور إلى ما يتخطى أركان العقد الاجتماعي والوطني، مؤكدة أن ما حصل من خلل خطير يستدعي التصويب بشكل حازم.
ووضعت مشيخة العقل الأمر برسم رئيس الجمهورية، لافتة إلى أنها تقع على عاتقه مهمة احترام وصون الدستور وتطبيق القوانين وحماية العيش المشترك واحترام خصوصيات النسيج الروحي الذي يتشكل منه لبنان.
كما أكدت مشيخة عقل طائفة الموحدين الدروز أن ما بلغته «محاولات البعض لضرب ميثاق العقد الوطني الذي يجمع العائلات الروحية اللبنانية في بوتقة الوطن، من مستوى عالي الخطورة، لم يعد وارداً التغاضي عنه بأي شكل من الأشكال، ولا يجوز السكوت إطلاقاً حيال أي ممارسات تتعدى الإطار الدستوري والقانوني، وتضرب ركائز العيش المشترك، وتُخِلُّ بالثوابت والمسلمات الوطنية المعمول بها بين مكونات البلاد وخصوصيات عائلاتها الروحية التي كفلها الدستور وشرّعتها القوانين».
لكن مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية، قال: «منعاً لأي استثمار خاطئ، يهمّ مكتب الإعلام في رئاسة الجمهورية أن يؤكد أن دعوة أي شخصيّة دينيّة أو غير دينيّة إلى احتفالٍ رسميّ، لا يعني بأي شكل من الأشكال انتهاك رئاسة الجمهورية القيم والمفاهيم الوطنية»، ولا يمثّل استطراداً «مخالفة للدستور والقوانين والأنظمة». وأضاف: «بالتالي فإنّ الرئاسة حريصة على احترام الدستور وصونه وتطبيق القوانين، بقدر حرصها على وحدة الطوائف اللبنانية واحترام مرجعياتها، وتمثيلها في الاحتفالات والمناسبات الرسمية». وترى مصادر سياسية مقربة من «الاشتراكي» أن هذه الدعوة تمثل جزءاً من الملاحظات التي سجلتها على هامش البروتوكول في القمة العربية الاقتصادية في بيروت، مشيرة إلى أنه «لم توجه دعوات لأي وزير درزي لأن يكون في عداد الوفد الوزاري الممثل للبنان في القمة»، في إشارة إلى الوزراء الذين كانوا يجلسون خلف الرئيس سعد الحريري، واقتصرت الدعوة على الوزير مروان حمادة كونه رئيساً للجنة البيئة البرلمانية للمشاركة في صفوف الحاضرين. وقالت المصادر: «وزارة التربية التي يتسلم حقيبتها الوزير مروان حمادة تعتبر من الوزارات المعنية بالقمة الاقتصادية، ولذلك لم توجه الدعوة له»، مشيرة إلى غياب وزير درزي في الوفد الحكومي المشارك في القمة «يعني شيئاً واحداً أن الجهة الداعية تريد إنقاذ نفسها من الإحراج أمام حليفها أرسلان، إذا دعت (الاشتراكي) ولم تدعِ حليفها».
وقالت المصادر إن الملاحظة الأهم على القمة، لماذا جلس الوزير باسيل في موقع مستقل قرب موقع رئيس القمة وأمين عام الجامعة العربية، ولماذا لم يجلس مثل الوزراء الآخرين وراء الرئيس الحريري؟»، معتبرة أن ذلك «خرق للبروتوكول ويثير التساؤلات». وقالت: «لو كان رئيس مجلس النواب نبيه بري سيحضر، أين سيكون مقعد جلوسه في القمة؟»، معتبرة أن جلوس باسيل في موقعه «هو خطوة بروتوكولية غير مسبوقة ومدار تساؤلات كبيرة».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».