السلطة الفلسطينية تبلغ واشنطن تخليها عن المساعدات الأمنية

تجنباً لمحاكمات ومطالبات مالية محتملة على خلفية تعديل قانون الإرهاب

السلطة الفلسطينية تبلغ واشنطن تخليها عن المساعدات الأمنية
TT

السلطة الفلسطينية تبلغ واشنطن تخليها عن المساعدات الأمنية

السلطة الفلسطينية تبلغ واشنطن تخليها عن المساعدات الأمنية

أبلغت السلطة الفلسطينية الإدارة الأميركية، بشكل رسمي، أنها ستمتنع عن الحصول على أي دعم مالي أميركي للأجهزة الأمنية الفلسطينية، ابتداء من الشهر المقبل، رداً على تعديل الكونغرس الأميركي قانوناً للإرهاب، بشكل يتيح للمواطنين الأميركيين مقاضاة السلطة الفلسطينية.
وأرسل رئيس الوزراء الفلسطيني ووزير الداخلية رامي الحمد الله، رسالة إلى وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، أخبره فيها بقرار السلطة وقف تلقي المساعدات، منذ الأول من الشهر القادم.
وقالت مصادر فلسطينية لـ«الشرق الأوسط»، إن السلطة تريد تجنب ملاحقة قانونية ومالية. وأضافت أن القانون يستهدف السلطة الفلسطينية: «وجاء في سياق الحرب التي تشنها الإدارة الأميركية على القيادة الفلسطينية».
وجرت تعديلات على قانون الميزانية الأميركي، بما يسمح للمحاكم الأميركية بالبت في دعاوى ضد كيانات تحصل على مساعدات أمنية.
وبحسب المصادر، فإن محاكمات بدأت لبنوك فلسطينية، وسيتطور الأمر حتى يطال السلطة والمنظمة.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترمب، قد صادق في أكتوبر (تشرين الأول) على «القانون التعريفي لمحاربة الإرهاب» الذي يتيح لأي مواطن أميركي محاكمة أي جهة تتلقى الدعم من الولايات المتحدة بتهمة الإرهاب.
ويتيح القانون الأميركي المعدل للمواطنين الأميركيين الذين أصيبوا أو لحقت بهم أضرار أو قُتل أحد أقاربهم في عمليات، أن يقدموا شكوى ضد أي دولة أو منظمة تحصل على مساعدات أمنية من الولايات المتحدة.
ويجعل القانون الجديد السلطة الفلسطينية معرضة لمواجهة دعاوى ضدها في المحاكم الأميركية، على خلفية عمليات نفذت خلال السنوات الأخيرة.
وقد وضع هذا القانون السلطة أمام خيارين، إما التخلي عن المساعدات الأميركية الأمنية، وإما مواجهة الإفلاس في حالة محاكمتها. وتفادياً لأي أزمات، قررت السلطة التخلي عن المساعدات الأمنية الأميركية، ويأتي هذا كذلك رداً على قطع باقي المساعدات.
وكانت إدارة ترمب قد أوقفت جميع المساعدات المقدمة للفلسطينيين، بما في ذلك وقف التمويل بشكل كامل عن وكالة تشغيل وغوث اللاجئين «أونروا»، إضافة إلى وقف المساعدات لمشروعات فلسطينية ومستشفيات في مدينة القدس، ومنظمات أهلية تعنى بالتعايش المشترك، وأبقت على المساعدات التي تقدمها للأجهزة الأمنية الفلسطينية، وتقدر بـ60 مليون دولار.
وحاولت إدارة ترمب نهاية العام الماضي ممارسة ضغوط على الكونغرس الأميركي، للالتفاف على القانون فيما يخص المساعدات الأميركية المقدمة للأجهزة الأمنية الفلسطينية. وانتدبت الإدارة ضابطاً كبيراً في الجيش الأميركي، وهو المسؤول عن التنسيق الأمني مع قوات الأمن الفلسطينية، لإطلاع أعضاء الكونغرس على الآثار المترتبة على وقف الدعم للأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية، بما في ذلك السياسة المتعلقة بالخطة الأميركية للسلام، أو على صعيد التنسيق الأمني مع إسرائيل، وأثر ذلك على الأمن الإسرائيلي.
وطلبت الإدارة الأميركية من الجنرال إريك واندت، المنسق الأمني الأميركي مع السلطة الفلسطينية، إقناع أعضاء الكونغرس بالمخاطر والأضرار التي سيجلبها تطبيق القانون على أجهزة الأمن التابعة للسلطة. وسعت الإدارة الأميركية إلى تعديل القانون بطريقة تسمح بتجنب الإضرار بالعمليات المشتركة مع قوات الأمن الفلسطينية. والعام الماضي باءت الجهود بالفشل.
وقال مصدر في الكونغرس على صلة بمحاولات تعديل القانون، إن مسؤولين في الإدارة الأميركية سيحاولون «إنقاذ» جزء من المساعدات الأميركية، عبر «الالتفاف على الميزانية».
وأضاف بحسب ما نقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية، أمس: «من غير الواضح كيف سيطبق ذلك بشكل عملي. وأحد الاحتمالات الممكنة هو تحويل جزء من الدعم الأميركي للأجهزة الأمنية الفلسطينية عبر وكالة الاستخبارات المركزية. قد يتيح ذلك تجاوز مسألة مقاضاة السلطة».
وكانت السلطة قد واجهت قضايا في السابق في الولايات المتحدة؛ لكن المحكمة العليا الأميركية أسقطتها بسبب عدم الاختصاص بمحاكمة جهة أجنبية.
وفي أبريل (نيسان) الماضي فقط، حققت السلطة الفلسطينية نصراً قضائياً في المحكمة العليا الأميركية، بعد أن أيد قضاتها إسقاط حكم بتعويض قيمته 655.5 مليون دولار كانت هيئة محلفين أميركية سابقة ألزمت السلطة بدفعه، في قضية رفعتها 11 عائلة أميركية فيما يتصل بهجمات لنشطاء في إسرائيل.
وسعت أسر قتلى في عمليات جرت في الضفة، إلى تحميل السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير المسؤولية عن ست وقائع إطلاق نار وتفجير، بين عامي 2002 و2004 في منطقة القدس. وقتل في الهجمات 33 شخصاً، بينهم عدد من الأميركيين، وأصيب أكثر من 450. وفي أعقاب القرار القضائي، عمل عدد من المشرعين الجمهوريين على تصحيح القانون الأميركي للإرهاب، عن طريق سلسلة بنود في قانون الميزانية الأميركي، بما يسمح للمحاكم الأميركية بالبت في دعاوى ضد كيانات تحصل على مساعدات أمنية.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.