نصر الحريري يتوقع بعد لقائه بيدرسون «خريطة» لتحريك التسوية السورية

رئيس «هيئة التفاوض} السورية المعارضة نصر الحريري مستقبلا بيدرسون في الرياض (هيئة التفاوض)
رئيس «هيئة التفاوض} السورية المعارضة نصر الحريري مستقبلا بيدرسون في الرياض (هيئة التفاوض)
TT

نصر الحريري يتوقع بعد لقائه بيدرسون «خريطة» لتحريك التسوية السورية

رئيس «هيئة التفاوض} السورية المعارضة نصر الحريري مستقبلا بيدرسون في الرياض (هيئة التفاوض)
رئيس «هيئة التفاوض} السورية المعارضة نصر الحريري مستقبلا بيدرسون في الرياض (هيئة التفاوض)

ركز لقاء رئيس «هيئة التفاوض السورية» المعارضة نصر الحريري مع المبعوث الأممي الجديد لسوريا غير بيدرسون في الرياض مساء أول من أمس، على عدة قضايا، منها إطلاق سراح المعتقلين، وتوفير البيئة الآمنة وتشكيل اللجنة الدستورية، ومعالجة الأوضاع المأساوية بمخيمات اللاجئين والنازحين، وسبل دفع العملية السياسية قدما نحو الأمام، إضافة إلى وضع «خريطة طريق» لتحريك المسار السياسي.
وقال الحريري في تصريحات صحافية في الرياض أمس «هذا اللقاء الأول وهو في طور الإصغاء لخلق شيء من المقاربة للقضية السورية، والعملية السياسية، حيث أكد المبعوث الأممي رغبته في اعتماد ما تم التوصل إليه سابقا في محاولات دفع العملية السياسية قدما نحو الأمام».
ووفق الحريري، فإن بيدرسون، أبدى رغبته في استمرار جهود تشكيل اللجنة الدستورية في الفترة المقبلة، ومحاولة إزالة العثرات التي تقف أمام تشكيلها، والانطلاق نحو تشكيل بدء ترتيبات تأسيس البيئة الآمنة والمحايدة، والتي وصفها بيان جنيف، والقرار الأممي 2254.
ويعتقد الحريري أن ذلك سيؤسس لـ«حلحلة العديد من الملفات، من أجل التأسيس لعودة اللاجئين وإخراج القوات الأجنبية وفي مقدمتها الإيرانية، ومن ثم التحضير لعملية الاستفتاء على الدستور الجديد والانتخابات»، مشيرا إلى أن التحديات تكمن في أن الوضع في سوريا معقد، بعد الدمار التي شلّ كل حركة العمل والحياة والأنظمة السياسية والمدنية والعسكرية والأمنية، فضلا عن التداخل مع القوات الأجنبية كالقوات الإيرانية.
وقال الحريري «المبعوث الأممي أبدى رغبته في الاهتمام بتلك الملفات، ومنها موضوعات المعتقلين، والمخيمات في ظل المعاناة التي تحاصر النازحين واللاجئين في فصل الشتاء، في مختلف المخيمات خاصة في لبنان، حيث لدينا قضية مخيم الركبان الذي يوجد في منطقة سيطرة النظام، والدول التي تدعم النظام تتحمل مسؤولية مباشرة، عن حياة المدنيين الموجودين، في هذا المخيم». ولفت الحريري، إلى أن الأهالي الموجودين في المخيم رفضوا العودة إلى المناطق التي جاءوا منها، لأنها محفوفة بالمخاطر المتمثلة في الانتقام والانتهاكات من قبل النظام مجددا، مشيرا إلى أن اللقاء، شدد على معالجة اللاجئين والدور المطلوب من الأمم المتحدة لحمايتهم.
وشدد على ضرورة، إيقاف الانتهاكات التي ترتكب في حق اللاجئين من قبل بعض الجهات، التابعة لحزب الله وإيران، فيما يتعلق باللاجئين في لبنان، بهدف دفعهم قسرا للعودة لداخل سوريا، مشيرا إلى أن موضوع المعتقلين استحوذ على حيز كبير من النقاش، لأن هذا الملف يكاد لم يحدث فيه أي اختراق حقيقي حتى هذه اللحظة.
وتابع الحريري «تطرقنا في اللقاء كذلك، إلى القضايا السياسية، التي شملت وضع اللجنة الدستورية، ومحاولة تجاوز العثرات التي تواجه عملية تشكيل اللجنة، وشددنا على أن القرار الأممي 2254 بالضرورة أن يتم تطبيقه بكلياته، ليس قابلا للتجزئة، ولن تكتفي بالدستور فقط لأنه هو فقط جزء من المشكلات، ومهما كان دستورا ديمقراطيا عصريا يرضي كل السوريين، فإنه إذا وضع بين نظام دمشق فلن يكن له أي قيمة».
ويعتقد الحريري، أن اللقاء كان من أجل وضع خطوات تأسيسية للانطلاق، منوها أن الطرفين متفقان على تنفيذ كامل القرار 2254. ودعا المبعوث الجديد إلى ضرورة حسم موضوع إطلاق سراح المعتقلين، مشددا على ضرورة أن تقوم الأمم المتحدة بدورها في ذلك، وإنشاء هيئة حكم ذات مصداقية شاملة للجميع غير طائفية، وتأسيس البيئة الآمنة وغيرها من القضايا.
وقال الحريري «حتى توصلنا إلى تحقيق هذه النقاط كان لا بد من التفكير بطريقة البداية حتى نصل إلى الأفضل، ولكن بشكل خاص ركزنا في اللقاء علي قضيتي البيئة الآمنة واللجنة الدستورية»، مشيرا إلى أنه يدرك أن المهمة صعبة خاصة وهو المبعوث الأمم الرابع.
وزاد «لمسنا من المبعوث الرغبة في العمل بجدية وإحداث شيء من الاختراق الفعال في هذه الملفات، مع ضرورة توفر إرادة لدى السوريين وتوفر إرادة لدى المجتمع الدولي، للدفع بالعملية السياسية نحو الأمام»، مشيرا إلى أن المبعوث حاليا في طور وضع أطر لخطواته المقبلة، لرسم خارطة طريق للعمل عليها.
ولفت الحريري إلى توافق حول ضرورة استثمار الوقت، وتطبيق القرار 2254 بكلياته، ولكن علينا التفكير في كيفية البدء في تنفيذ هذا القرار، مشيرا إلى أن دعوة الروس بعودة اللاجئين، يتخذها نظام الأسد لاستغلالها في جذب أموال إعادة الإعمار، ورفع العقوبات عن النظام.
إلى ذلك، قال الحريري «إن المناطق التي عملت فيها تسويات قسرية، عادت تتظاهر ضد النظام، غير أن اللاجئين والنازحين لا ينتظرون قرار عودتهم من أي جهة دولية أو محلية، لأنهم لا يأمنون شرّ النظام والانتقام منهم مجددا».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم