الأحزاب المسيحية في لبنان أسيرة الطموحات الشخصية لقادتها

في ذكرى مصالحة العونيين و«القوات» ومع انفجار الخلاف بين «المردة» و«التيار»

جبران باسيل - سليمان فرنجية
جبران باسيل - سليمان فرنجية
TT

الأحزاب المسيحية في لبنان أسيرة الطموحات الشخصية لقادتها

جبران باسيل - سليمان فرنجية
جبران باسيل - سليمان فرنجية

كشف توجيه رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية مؤخراً، ومن مقر البطريركية المارونية، أصابع الاتهام لرئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل بسعيه للحصول على الثلث الضامن بالحكومة، لاستخدامه في وجه باقي القوى المسيحية، انعدام الثقة بين الزعماء الموارنة الذين أطلقوا باكراً معركة رئاسة الجمهورية.
وليس الخلاف بين «المردة» و«التيار الوطني الحر» عاملاً مستجداً على الساحة المسيحية، إذ يعود لعام 2015 حين اختلف الحزبان على رئاسة الجمهورية التي آلت في نهاية المطاف للعماد ميشال عون. وظل الخلاف يتنامى بينهما عند كل استحقاق.
ولم يكن العونيون يتوقعون من فرنجية تصعيداً جديداً في اللقاء الماروني، إذ توجه باسيل لإلقاء التحية عليه قبل بدء الاجتماع. وقال النائب في تكتل «لبنان القوي» ماريو عون إنهم كنواب فوجئوا بما أدلى به رئيس «المردة»، خصوصاً أن الجو كان توافقياً بامتياز، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن أداء فرنجية وتياره يوحي وكأنهم لا يريدون أن يكون المسيحيون شركاء حقيقيين في السلطة، لذلك يقومون بالمستحيل ليسحبوا منا عناصر القوة.
بالمقابل، يضع قياديون في «المردة» ما قام به رئيس الحزب في خانة وضع النقاط على الحروف وتسمية الأمور بأسمائها. وقال مصدر في «المردة» لـ«الشرق الأوسط»: «بات واضحاً أن ما يسعى إليه الوزير باسيل من خلال إصراره على الحصول على الثلث المعطل ليس تأمين حقوق المسيحيين، إنما الاستحواذ عليه لمواجهة باقي القوى المسيحية، وهو أمر لن نسمح به».
واستدعى موقف فرنجية الأخير، الذي قرأ فيه العونيون محاولة لنقل كرة تعطيل الحكومة من الملعب السني - الشيعي مجدداً إلى الملعب المسيحي، موقفاً حاداً من باسيل الذي تحدث عن «فصل واضح بين الاستقلاليين والتبعيين»، لافتاً إلى أن هناك أناساً يقاتلون لتحصيل حقوق وأناساً مستسلمون على طول الخط». وذهب أبعد من ذلك بالتوجه غير المباشر إلى «المردة» واتهامه بـ«الطعن بالظهر والخواصر».
وإذا كانت علاقة «التيار» و«المردة» في انحدار مستمر منذ عام 2015، فإن علاقة «التيار» و«القوات» مرت بالكثير من «الطلعات والنزلات» في السنوات القليلة الماضية. وقد أحيا الطرفان مؤخراً الذكرى الثالثة لمصالحتهما التاريخية التي تم على أثرها توقيع ما عُرف بـ«اتفاق معراب»، فأكدا التمسك بالمصالحة مع الاستمرار بتجميد العمل بالاتفاق بعد اختلافهما العام الماضي على ترجمة بنوده، بعد رفض «التيار» تقاسم المقاعد الوزارية المسيحية مناصفة مع «القوات».
وفيما نشر رئيس «القوات» سمير جعجع، عبر صفحته على موقع «تويتر»، صورة تجمعه بالرئيس ميشال عون، وعرابي المصالحة وزير الإعلام ملحم الرياشي والنائب إبراهيم كنعان، كُتب عليها: «مصالحة تاريخية من أجل المستقبل». كتب باسيل على صفحته: «في السياسة الكثير يتبدّل، أما المصالحة فهي فعلٌ وجدانيٌ أنجزناه معاً نحن و(القوات اللبنانية)، وهو أسمى من كل الاتفاقات. تحية لأرواح كل الشهداء ولهم نقول إنه لا عودة عن المصالحة، بل للعودة إلى اتفاقنا وروحيّته... ويبقى أن التنافس الديمقراطي لازم، ولازم أن يقوّينا لا أن يُضعفنا».
وأشار ماريو عون إلى أن إمكانية تفعيل «اتفاق معراب» مجدداً تبقى قائمة، لكنها ليست أولوية في المرحلة الحالية. وقال: «النائب إبراهيم كنعان يتابع هذا الملف من طرفنا مع الوزير ملحم الرياشي. ولعل التنسيق بين الحزبين الذي سبق لقاء بكركي مؤخراً أكبر دليل على أن التلاقي ممكن دائماً، خصوصاً أن هناك تقارباً في وجهات النظر في التعامل مع أكثر من ملف».
من جهته، شدد عضو كتلة «القوات اللبنانية» أنيس نصّار، على أن حزبه «احترم توقيعه على (اتفاق معراب)، والتزم تنفيذ كل البنود التي وردت فيه، بخلاف (التيار) الذي ضمن تنفيذ البند الأول المرتبط بانتخاب العماد عون رئيساً، وضرب بباقي البنود عرض الحائط». وقال نصار لـ«الشرق الأوسط»: «ظنوا أنهم من خلال هذا الاتفاق قادرون على أن يجبرونا على السير معهم بصفقات البواخر والكهرباء التي تفوح منها روائح الفساد، أو بالوزير باسيل رئيساً مقبلاً للبلاد، لكنهم أخطأوا. وإذا أرادوا اليوم العودة عن الخطأ وإعادة العمل بـ(اتفاق معراب) وفق الروحية التي وقع على أساسها فنحن مستعدون لذلك اليوم قبل الغد، والكرة بالنهاية في ملعبهم».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.