مطالبات بتولي أحد أبناء بغداد منصب أمينها

الكتل الإسمنتية تختفي تدريجياً من شوارع العاصمة العراقية

TT

مطالبات بتولي أحد أبناء بغداد منصب أمينها

يحتدم الجدل هذه الأيام بين البغداديين حول الشخصية الأنسب المؤهلة لشغل منصب أمين بغداد (عمدتها) خلفاً للأمينة الحالية ذكرى علوش، حيث تشير أقوى التوقعات إلى إمكانية عزلها عن منصبها واستبدالها بشخصية أخرى بعد أكثر من 4 سنوات على تسنمها المنصب.
وعزز من تلك التوقعات تقديم النائب عبد الحسين عبطان استقالته من عضوية مجلس النواب قبل أيام، تمهيداً لشغله منصب الأمين الذي يطمح إليه تيار «الحكمة الوطني» الذي ينتمي إليه ويتزعمه عمار الحكيم المتحالف مع تيار الصدر (سائرون) في تحالف «الإصلاح».
ورغم حصول عبد الحسين عبطان المنحدر من أصول نجفية (محافظة النجف) على أكثر من 33 ألف صوت في بغداد التي ترشح فيها في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، إلا أن رغبة «الحكمة» في توليه منصب «أمين العاصمة» يصطدم حتى الآن باعتراضات غير قليلة من توجهات بغدادية مختلفة وجدت لها من يساندها من شخصيات سياسية وأعضاء في البرلمان؛ تشدد على ضرورة أن يشغل منصب الأمين إحدى الشخصيات البغدادية بشكل حصري.
وكان عبطان أكد، أول من أمس، تقديم استقالته إلى رئاسة البرلمان، وعزا أسبابها إلى «فسح المجال أمام الشباب للدخول إلى السلطة التشريعية».
ورغم أن المادة 20 من الدستور العراقي لا تمنع تولي منصب أمانة بغداد وغيرها أي عراقي، حيث تنص على أن «للمواطنين رجالاً ونساءً، حق المشاركة في الشؤون العامة، والتمتع بالحقوق السياسية، بما فيها حق التصويت والانتخاب والترشيح»، إلا أن بعض الناشطين وعدداً من الشخصيات السياسية يصرون على تولي المنصب شخصية ولدت وعاشت في بغداد حصراً، نظراً لأنها - كما يقولون - أعرف ببغداد وأكثر مقدرة على إعادة الحياة لشوارعها ومعالجة بناها التحتية المتهالكة منذ سنوات.
وأعلنت مجموعة من النواب عن محافظة بغداد، عن توحيد موقفهم بشأن تشكيل «لجنة بغداد الخدمية»، وتولي منصب أمين بغداد من سكنة العاصمة حصراً. وقال النائب عن محافظة بغداد هشام السهيل في مؤتمر صحافي مشترك مع نواب العاصمة، عقده أمس في مبنى مجلس النواب، إن «نواب محافظة بغداد يعلنون توحيد موقفهم ويتفقون على تشكيل لجنة بغداد الخدمية، وهي كتلة خدمية بعيدة عن المحاصصة والطائفية»، مضيفاً: «إذا تم فرض أمين بغداد فيجب أن يكون حصراً من محافظة بغداد، والكتلة سوف تتابع جميع المشروعات لمحافظة بغداد».
اتجاهات بغدادية أخرى تتقاطع مع قضية حصر منصب أمانة العاصمة بشخصية بغدادية، وترى أن ذلك يتقاطع مع الدستور والمساواة بين الموطنين، فضلاً عن «أنها دعوات مغلفة بأطماع سياسية لشغل المنصب من قبل كتل أخرى». ويتفق مع ذلك عضو تيار «الحكمة» محمد حسام الحسيني، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «للأسف بعض الجهات تنظر لمنصب أمانة بغداد كمصدر للتمويل والكسب المالي، وتريد أن تعطيه لشخصية تخدم هذا الهدف، لذلك تراهم يشنون حملات منظمة ضد عبد الحسين عبطان»، مضيفاً: «لا يوجد قانون أو عرف يلزم بتولي منصب الأمين شخصية من بغداد بشكل حصري، وليس مهماً القضية المناطقية، إنما الأصل في الكفاءة والقدرة على الإنجاز، وعبطان تتوفر فيه هذه الشروط، وقد لمسنا منه ذلك خلال توليه منصب وزارة الشباب والرياضة في الحكومة الماضية». وتوقع الحسيني أن «يشغل عبطان منصب أمانة بغداد في مدة لا تتجاوز العشرة أيام المقبلة».
في غضون ذلك، وبعيداً عن الجدل على منصب الأمين، تسير عمليات فتح الطرق ورفع الحواجز الإسمنتية في بغداد بوتيرة متصاعدة منذ تولي عادل عبد المهدي رئاسة الوزراء في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، الذي أمر بفتح «جزئي» لشوارع المنطقة الرئاسية «الخضراء» المحصنة أمنياً منذ عقد ونصف العقد من الزمن.
ومثلما ارتبطت عملية وضع الحواجز الإسمنتية حول الدوائر والمؤسسات الحكومية، وقطع شوارع العاصمة المختلفة، بسوء الأوضاع الأمنية، فإنها ترتبط اليوم بتحسن الأوضاع الأمنية في العاصمة بغداد.
وتأتي جهود حكومة عادل عبد المهدي في إزالة الكتل الإسمنتية وفتح الشوارع استكمالاً لجهود بذلتها حكومة حيدر العبادي السابقة، وصار في وسع البغداديين رؤية الواجهات الرئيسية لوزارات الدفاع والداخلية ومبان رئيسية أخرى كانت تغطيها الحواجز الإسمنتية العالية منذ سنوات.
في هذا الاتجاه يقول المتحدث باسم أمانة بغداد حكيم عبد الزهرة لـ«الشرق الأوسط»، إن «عملية رفع الكتل الإسمنتية وفتح الشوارع في بغداد مرت بمراحل نشهد اليوم فصلاً أخيراً منها ربما، وقد تم بالفعل فتح المنطقة الخضراء وشوارع كثيرة في الكرخ والرصافة، ومنها إزالة الكتل الإسمنتية عن مبنى البنك المركزي وبعض المحاكم ووزارتي الدفاع والداخلية». ويضيف: «في عام 2017 قمنا برفع 95 ألف تجاوز؛ شملت فتح شوارع وأسواق مغلقة وسقائف وبسطيات ومشوهات، واستمر الأمر حتى عام 2018، وفي هذا العام تواصل عملنا باتجاه فتح جميع الشوارع ورفع الكتل الإسمنتية في بغداد».



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.